تفسير ابن كثر - سورة الفاتحة - الآية 4

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) (الفاتحة) mp3
قَرَأَ بَعْض الْقُرَّاء " مَلِك يَوْم الدِّين" وَقَرَأَ آخَرُونَ " مَالِك " وَكِلَاهُمَا صَحِيح مُتَوَاتِر فِي السَّبْع وَيُقَال مَلِك بِكَسْرِ اللَّام وَبِإِسْكَانِهَا وَيُقَال مَلِيك أَيْضًا وَأَشْبَعَ نَافِع كَسْرَة الْكَاف فَقَرَأَ " مَلِكِي يَوْم الدِّين " وَقَدْ رَجَّحَ كُلًّا مِنْ الْقِرَاءَتَيْنِ مُرَجِّحُونَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَكِلَاهُمَا صَحِيحَة حَسَنَة وَرَجَّحَ الزَّمَخْشَرِيُّ مَلِك لِأَنَّهَا قِرَاءَة أَهْل الْحَرَمَيْنِ وَلِقَوْلِهِ " لِمَنْ الْمُلْك الْيَوْم " وَ " قَوْله الْحَقّ وَلَهُ الْمُلْك " وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَة أَنَّهُ قَرَأَ " مَلَكَ يَوْمَ الدِّينِ " عَلَى أَنَّهُ فِعْل وَفَاعِل وَمَفْعُول وَهَذَا شَاذّ غَرِيب جِدًّا وَقَدْ رَوَى أَبُو بَكْر بْن أَبِي دَاوُدَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا غَرِيبًا حَيْثُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الْأَزْدِيّ حَدَّثَنَا عَبْد الْوَهَّاب بْن عَدِيّ بْن الْفَضْل عَنْ أَبِي الْمُطَرِّف عَنْ اِبْن شِهَاب أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْر وَعُمَر وَعُثْمَان وَمُعَاوِيَة وَابْنه يَزِيد بْن مُعَاوِيَة كَانُوا يَقْرَءُونَ " مَالِك يَوْم الدِّين " قَالَ اِبْن شِهَاب وَأَوَّل مَنْ أَحْدَث " مَلِك " مَرْوَان " قُلْت " مَرْوَان عِنْدَهُ عِلْم بِصِحَّةِ مَا قَرَأَهُ لَمْ يَطَّلِع عَلَيْهِ اِبْن شِهَاب وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طُرُق مُتَعَدِّدَة أَوْرَدَهَا اِبْن مَرْدَوَيْهِ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَؤُهَا " مَالِك يَوْم الدِّين " وَمَالِك مَأْخُوذ مِنْ الْمُلْك كَمَا قَالَ تَعَالَى : " إِنَّا نَحْنُ نَرِث الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ " وَقَالَ : " قُلْ أَعُوذ بِرَبِّ النَّاس مَلِك النَّاس " وَمَلِك مَأْخُوذ مِنْ الْمُلْك كَمَا قَالَ تَعَالَى : " لِمَنْ الْمُلْك الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِد الْقَهَّار" وَقَالَ : " قَوْله الْحَقّ وَلَهُ الْمُلْك " وَقَالَ : " الْمُلْك يَوْمَئِذٍ الْحَقّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا " وَتَخْصِيص الْمُلْك بِيَوْمِ الدِّين لَا يَنْفِيه عَمَّا عَدَاهُ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ الْإِخْبَار بِأَنَّهُ رَبّ الْعَالَمِينَ وَذَلِكَ عَامّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَإِنَّمَا أُضِيف إِلَى يَوْم الدِّين لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي أَحَد هُنَالِكَ شَيْئًا وَلَا يَتَكَلَّم أَحَد إِلَّا بِإِذْنِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : " يَوْم يَقُوم الرُّوح وَالْمَلَائِكَة صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَن وَقَالَ صَوَابًا " وَقَالَ تَعَالَى : " وَخَشَعَتْ الْأَصْوَات لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَع إِلَّا هَمْسًا " وَقَالَ تَعَالَى : " يَوْم يَأْتِي لَا تَكَلَّمُ نَفْس إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيد " وَقَالَ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس " مَالِك يَوْم الدِّين " يَقُول لَا يَمْلِك أَحَد مَعَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْم حُكْمًا كَمُلْكِهِمْ فِي الدُّنْيَا قَالَ وَيَوْم الدِّين يَوْم الْحِسَاب لِلْخَلَائِقِ وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة يَدِينهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ إِنْ خَيْرًا فَخَيْر وَإِنْ شَرًّا فَشَرّ إِلَّا مَنْ عَفَا عَنْهُ وَكَذَلِكَ قَالَ غَيْره مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَالسَّلَف وَهُوَ ظَاهِر وَحَكَى اِبْن جَرِير عَنْ بَعْضهمْ أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى تَفْسِير " مَالِك يَوْم الدِّين " أَنَّهُ الْقَادِر عَلَى إِقَامَته ثُمَّ شَرَعَ يُضَعِّفهُ وَالظَّاهِر أَنَّهُ لَا مُنَافَاة بَيْنَ هَذَا الْقَوْل وَمَا تَقَدَّمَ وَأَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَائِلِينَ هَذَا الْقَوْل وَبِمَا قَبْله يَعْتَرِف بِصِحَّةِ الْقَوْل الْآخَر وَلَا يُنْكِرهُ وَلَكِنَّ السِّيَاقَ أَدَلّ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّل مِنْ هَذَا كَمَا قَالَ تَعَالَى : " الْمُلْك يَوْمَئِذٍ الْحَقّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا " وَالْقَوْل الثَّانِي يُشْبِه قَوْله تَعَالَى : " وَيَوْمَ يَقُول كُنْ فَيَكُون " وَاَللَّه أَعْلَم . وَالْمَلِك فِي الْحَقِيقَة هُوَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قَالَ اللَّه تَعَالَى " هُوَ اللَّه الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِك الْقُدُّوس السَّلَام " وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مَرْفُوعًا " أَخْنَع اِسْم عِنْد اللَّه رَجُل تَسَمَّى بِمَلِكِ الْأَمْلَاك وَلَا مَالِك إِلَّا اللَّه " وَفِيهِمَا عَنْهُ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يَقْبِض اللَّه الْأَرْضَ وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقُول أَنَا الْمَلِك أَيْنَ مُلُوك الْأَرْض ؟ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ ؟ " وَفِي الْقُرْآن الْعَظِيم " لِمَنْ الْمُلْك الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِد الْقَهَّار " فَأَمَّا تَسْمِيَة غَيْره فِي الدُّنْيَا بِمَلِكٍ فَعَلَى سَبِيل الْمَجَاز كَمَا قَالَ تَعَالَى : " إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوت مَلِكًا " " وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِك " " إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا " وَفِي الصَّحِيحَيْنِ" مِثْل الْمُلُوك عَلَى الْأَسِرَّة " . وَالدِّين الْجَزَاء وَالْحِسَاب كَمَا قَالَ تَعَالَى : " يَوْمَئِذٍ يُوفِيهِمْ اللَّه دِينَهُمْ الْحَقّ" وَقَالَ : " أَئِنَّا لَمَدِينُونَ " أَيْ مَجْزِيُّونَ مُحَاسَبُونَ وَفِي الْحَدِيث " الْكَيِّس مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْد الْمَوْت " أَيْ حَاسَبَ نَفْسَهُ لِنَفْسِهِ كَمَا قَالَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا وَتَأَهَّبُوا لِلْعَرْضِ الْأَكْبَر عَلَى مَنْ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ أَعْمَالُكُمْ " يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَة " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • مفاتيح العربية على متن الآجرومية

    متن الآجرومية لأبي عبدالله محمد بن محمد بن داود الصنهاجي المعروف بـابن آجروم متن مشهور في علم النحو، وقد تلقاه العلماء بالقبول، وتتابعوا على شرحه، ومن هذه الشروح: شرح فضيلة الشيخ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك - رحمه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2539

    التحميل:

  • هل العهد الجديد كلمة الله؟

    هل العهد الجديد كلمة الله؟ : المسيحية تؤمن أن أسفار العهد الجديد هي كلمة الله التي كتبها رجال الله القديسون بإلهام من الروح القدس، وفي هذه الرسالة إجابة على هذا السؤال هل تؤيد الشواهد العلمية والأدلة التاريخية بل والنصوص الكتابية، ما قاله القرآن عن تحريف هذه الكتب وزور نسبتها إلى الله أم أن العهد الجديد سلم من التحريف والتبديل والعبث البشري كما يؤمن النصارى؟

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/228824

    التحميل:

  • عدة الطلب بنظم منهج التلقي والأدب [ أرجوزة الآداب ]

    عُدَّة الطلب بنظم منهج التلقي والأدب : في هذه الأرجوزة تكلم الشيخ عبد الله بن محمد سفيان الحكمي - أثابه الله - عن فضل العلم وأهله، وتـقسيم العلوم، وأسس التحصيل العلميّ، وشروط هذا التحصيل، وبيان أهمية الحفظ المقترن بالفهم، وبيان أنـهما أمران لا ينفكان، وإبطال الدعوة إلى ترك الحفظ، ودعوى أن الفهم هو الأساس، وعقد فصلاً خاصاً بعوائق الطلب. * الأرجوزة في مجملها وأكثر أبوابها نظم لـ (( تذكرة السامع والمتكلم في آداب العالم والمتعلم )) للإمام ابن جماعة الكنانيّ - رحمه الله تعالى -، وزاد الناظم فيها بعض الأبواب التي رأى أهميتها كأسس التحصيل العلميّ، وأهمية الحفظ وبيان شروطه، وذكر عوائق الطلب، وغيرها. * من أهم ما يـميزها: تضمينها طائفة من الأراجيز المتعلقة بآداب طالب العلم، جمعها من كتب العلماء المتقدمين كـ (( جامع بيان العلم وفضله )) للإمام ابن عبد البـر ، و(( الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع )) للحافظ الخطيب، وغيرهما من التصانيف، وأورد أرجوزة اللؤلئيّ التي تعد من أوائل الأراجيز في تاريخ التدوين، وبعض هذه المقاطع لطائفة من علماء المالكية في المغرب وإقليم شنقيط، وغيرهم. * بلغ عدد أبيات هذه الأرجوزة 1071 بيتاً بما تضمنته من أراجيز طائفة من العلماء. * تضمنت الأرجوزة طائفة من الأحاديث والآثار الثابتة والنقول المشهورة عن أهل العلم رحمهم الله تعالى. * تقريظ: الشيخ / محمد سالم الشنقيطي. * تقديم: الشيخ الدكتور / صالح بن حميد، و الشيخ الدكتور / عبد الله المطلق.

    الناشر: موقع المتون العلمية http://www.almtoon.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/303694

    التحميل:

  • جبل إلال بعرفات تحقيقات تاريخية شرعية

    جبل إلال بعرفات تحقيقات تاريخية شرعية : كتيب في 77 صفحة متوسطة الحجم طبع عام 1419هـ سبب التأليف أن المؤلف لم ير من أفرد الكتابة عن هذا الجبل مع ما للكتابة عنه من أهمية لما علق به في قلوب العامة من البدع والضلالات فلابد من دلالتهم على الهدى وقد وضعه المؤلف في خمسة أبحاث هي: الأول: بيان صفة الجبل وتعيين موقعه وذرعه والمعالم الباقية لما أحدث فيه. الثاني: أسمائه. الثالث: أنه لا ذكر له في الرواية بعد التتبع ولا يتعلق به نسك. الرابع: تعيين موقف النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفات وحكمه للحجاج. الخامس: أنواع ما أُحدث في الجبل والموقف من الأبنية والأقوال والأفعال وتاريخها. ثم خاتمة فيها خلاصة ما تقدم من أنه ليس له اسم إلا جبل إلال بالكسر على وزن هلال وبالفتح على وزن سَحاب. وجبل عرفات وما سواها محدث وأقدم نص وقف عليه المؤلف في تسميته بجبل الرحمة هو في رحلة ناصر خسرو ت 444هـ المسماة (سفر نامه) وأنه لا ذكر له في الرواية ولا يتعلق به نسك وما ذكر بعض العلماء من استحباب صعوده لا يعول عليه وأنه يجب رفع وسائل الإغراء بالجبل من المحدثات وهي أربعة عشر محدثاً من الأبنية. واثنان وثلاثون محدثاً من الأقوال والأفعال المبتدعة.

    الناشر: دار العاصمة للنشر والتوزيع بالرياض

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/169191

    التحميل:

  • المولد النبوي تاريخه، حكمه، آثاره، أقوال العلماء فيه على اختلاف البلدان والمذاهب

    قال الحافظ السخاوي في فتاويه: « عمل المولد الشريف لم ينقل عن أحد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة وإنما حدث بعد ». اهـ. إذًا السؤال المهم: متى حدث هذا الأمر- المولد النبوي - وهل الذي أحدثه علماء أو حكام وملوك وخلفاء أهل السنة ومن يوثق بهم أم غيرهم؟ والجواب على هذا السؤال عند المؤرخ السني (الإمام المقريزي) - رحمه الله - يقول في كتابه الخطط ( 1/ ص 490 وما بعدها).

    الناشر: موقع رسول الله http://www.rasoulallah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2594

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة