تفسير ابن كثر - سورة البقرة - الآية 168

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (168) (البقرة) mp3
لَمَّا بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُ لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَأَنَّهُ الْمُسْتَقِلّ بِالْخَلْقِ شَرَعَ يُبَيِّن أَنَّهُ الرَّزَّاق لِجَمِيعِ خَلْقه فَذَكَرَ فِي مَقَام الِامْتِنَان أَنَّهُ أَبَاحَ لَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْض فِي حَال كَوْنه حَلَالًا مِنْ اللَّه طَيِّبًا أَيْ مُسْتَطَابًا فِي نَفْسه غَيْر ضَارٍ لِلْأَبْدَانِ وَلَا لِلْعُقُولِ وَنَهَاهُمْ عَنْ اِتِّبَاع خُطُوَات الشَّيْطَان وَهِيَ طَرَائِقه وَمَسَالِكه فِيمَا أَضَلَّ أَتْبَاعه فِيهِ مِنْ تَحْرِيم الْبَحَائِر وَالسَّوَائِب وَالْوَصَائِل وَنَحْوهَا مِمَّا كَانَ زِينَة لَهُمْ فِي جَاهِلِيَّتهمْ كَمَا فِي حَدِيث عِيَاض بْن حِمَار الَّذِي فِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " يَقُول اللَّه تَعَالَى إِنَّ كُلّ مَال مَنَحْته عِبَادِي فَهُوَ لَهُمْ حَلَال - وَفِيهِ - وَإِنِّي خَلَقْت عِبَادِي حُنَفَاء فَجَاءَتْهُمْ الشَّيَاطِين فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينهمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْت لَهُمْ " وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو بَكْر بْن مَرْدَوَيْهِ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن أَحْمَد حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عِيسَى بْن شَيْبَة الْمِصْرِيّ حَدَّثَنَا الْمِصْرِيّ بْن عَبْد الرَّحْمَن الِاحْتِيَاطِيّ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّه الْجَوْزَجَانِيّ رَفِيق إِبْرَاهِيم بْن أَدْهَم حَدَّثَنَا اِبْن جُرَيْج عَنْ عَطَاء عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : تُلِيَتْ هَذِهِ الْآيَة عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْض حَلَالًا طَيِّبًا " فَقَامَ سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه اُدْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلنِي مُسْتَجَاب الدَّعْوَة فَقَالَ " يَا سَعْد أَطِبْ مَطْعَمك تَكُنْ مُسْتَجَاب الدَّعْوَة وَاَلَّذِي نَفْس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِنَّ الرَّجُل لِيَقْذِف اللُّقْمَة الْحَرَام فِي جَوْفه مَا يُتَقَبَّل مِنْهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَيّمَا عَبْد نَبَتَ لَحْمه مِنْ السُّحْت وَالرِّبَا فَالنَّار أَوْلَى بِهِ " . وَقَوْله " إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ " تَنْفِير عَنْهُ وَتَحْذِير مِنْهُ كَمَا قَالَ " إِنَّ الشَّيْطَان لَكُمْ عَدُوٌّ فَاِتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَاب السَّعِير" وَقَالَ تَعَالَى " أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّته أَوْلِيَاء مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا " وَقَالَ قَتَادَة وَالسُّدِّيّ فِي قَوْله " وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَات الشَّيْطَان كُلّ مَعْصِيَة لِلَّهِ فَهِيَ مِنْ خُطُوَات الشَّيْطَان " وَقَالَ عِكْرِمَة : هِيَ نَزَغَات الشَّيْطَان وَقَالَ مُجَاهِد خَطَؤُهُ أَوْ قَالَ خَطَايَاهُ : وَقَالَ أَبُو مِجْلَز هِيَ النُّذُور فِي الْمَعَاصِي وَقَالَ الشَّعْبِيّ نَذَرَ رَجُل أَنْ يَنْحَر اِبْنه فَأَفْتَاهُ مَسْرُوق بِذَبْحِ كَبْش وَقَالَ هَذَا مِنْ خُطُوَات الشَّيْطَان وَقَالَ أَبُو الضُّحَى عَنْ مَسْرُوق أَتَى عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود بِضَرْعٍ وَمِلْح فَجَعَلَ يَأْكُل فَاعْتَزَلَ رَجُل مِنْ الْقَوْم فَقَالَ اِبْن مَسْعُود نَاوِلُوا صَاحِبكُمْ فَقَالَ لَا أُرِيدهُ فَقَالَ : أَصَائِمٌ أَنْتَ ؟ قَالَ لَا قَالَ : فَمَا شَأْنُك ؟ قَالَ حَرَّمْت أَنْ آكُل ضَرْعًا أَبَدًا فَقَالَ اِبْن مَسْعُود هَذَا مِنْ خُطُوَات الشَّيْطَان فَاطْعَمْ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينك رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم وَقَالَ أَيْضًا حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا حَسَّان بْن عَبْد اللَّه الْمِصْرِيّ عَنْ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَنْ أَبِي رَافِع قَالَ : غَضِبْت يَوْمًا عَلَى اِمْرَأَتِي فَقَالَتْ هِيَ يَوْمًا يَهُودِيَّة وَيَوْمًا نَصْرَانِيَّة وَكُلّ مَمْلُوك لَهَا حُرّ إِنْ لَمْ تُطَلِّق اِمْرَأَتك . فَأَتَيْت عَبْد اللَّه بْن عُمَر فَقَالَ إِنَّمَا هَذِهِ مِنْ خُطُوَات الشَّيْطَان وَكَذَلِكَ قَالَتْ زَيْنَب بِنْت أُمّ سَلَمَة وَهِيَ يَوْمَئِذٍ أَفْقَهُ اِمْرَأَة فِي الْمَدِينَة وَأَتَيْت عَاصِمًا وَابْن عُمَر فَقَالَا مِثْل ذَلِكَ وَقَالَ عَبْد بْن حُمَيْد حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْم عَنْ شَرِيك عَنْ عَبْد الْكَرِيم عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : مَا كَانَ مِنْ يَمِين أَوْ نَذْر فِي غَضَب فَهُوَ مِنْ خُطُوَات الشَّيْطَان وَكَفَّارَته كَفَّارَة يَمِين .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • حقوق آل البيت بين السنة والبدعة

    حقوق آل البيت بين السنة والبدعة: رسالة نادرة لشيخ الإسلام - رحمه الله - تبين مذهب السلف في شعبة من شعب الإيمان التي تتعلق بأعمال القلب، وهي حب أهل بيت النبوة كما دل عليه القرآن والحديث.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1988

    التحميل:

  • نهاية العالم

    نهاية العالم: في هذا الرابط نسخة pdf من كتاب نهاية العالم للشيخ العريفي، وهو كتاب يتناول أشراط الساعة الصغرى والكبرى متضمناً صور وخرائط وتوضيحات.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/275250

    التحميل:

  • سهم إبليس وقوسه

    سهم إبليس وقوسه: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن من نعم الله التي لا تعد ولا تحصى نعمة البصر، وهي وإن كانت نعمة في ذاتها فإنها ربما أوردت صاحبها المهالك إذا أطلقها في غير ما أحل الله. ولتوسع الناس في أمر النظر المحرم وكثرته، أقدم للأحبة القراء الجزء الثالث عشر من سلسلة: «أين نحن من هؤلاء؟» تحت عنوان «سهم إبليس وقوسه» فيه أطايب الكلام من قول الله - جل وعلا - وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - وذكر حال السلف في مجاهدة أنفسهم وحفظ أبصارهم».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229610

    التحميل:

  • طريق الهجرتين وباب السعادتين

    طريق الهجرتين وباب السعادتين : قصد المؤلف - رحمه الله - من هذا الكتاب أن يدل الناس على طريق الايمان والعقيدة، وقد رآه متمثلاً في طريقين: الأول: الهجرة إلى الله بالعبودية والتوكل والانابة والتسليم والخوف والرجاء. الثاني: الهجرة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، باعتباره القدوة الحسنة للمسلمين والمثل الأعلى لهم.

    المدقق/المراجع: زائد بن أحمد النشيري - محمد أجمل الأصلاحي

    الناشر: دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/265619

    التحميل:

  • رسالة للمتأخرين عن الإنجاب

    رسالة للمتأخرين عن الإنجاب : فإن مما لاشك فيه أن حب الأولاد من بنين وبنات شيء فطري، جبل عليه الإنسان، وهو من محاسن الإسلام؛ لبقاء النوع البشري ولعمارة الكون، وغيرها من الفوائد الكثيرة. وفي هذه الرسالة - أخي الكريم - يخاطب المصنف شريحتين من شرائح المجتمع في هذا الجانب، كلاِّ بما يناسبها: الأولى: هم أولئك المتأخرون عن الإنجاب بغير قصد، ولديهم رغبة جامحة، ونفوسهم تتوق إلى رؤية نسلهم وخلفهم، وتأخروا عن الإنجاب مع تلمسهم لأسبابه، بتقدير الله - جل وعلا -. الثانية: المتأخرون عن الإنجاب بقصد، وهم أولئك الذين أخروا مسألة الإنجاب، وبرروا عملهم بمبررات واهية، أو تأثروا بشبه تلقفوها من هنا وهناك. وهذه الرسالة محاولة لتلمس المشكلة وبيان علاجها بالدليل الشرعي، وبيان أقوال أهل العلم في ذلك، نصيحة لعامة المسلمين التي حثنا عليها نبينا - عليه الصلاة والسلام - بقوله: «الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/66724

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة