تفسير ابن كثر - سورة التوبة - الآية 75

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) (التوبة) mp3
يَقُول تَعَالَى وَمِنْ الْمُنَافِقِينَ مَنْ أَعْطَى اللَّه عَهْده وَمِيثَاقه لَئِنْ أَغْنَاهُ مِنْ فَضْله لَيَصَّدَّقَنَّ مِنْ مَاله وَلَيَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ فَمَا وَفَّى بِمَا قَالَ وَلَا صَدَقَ فِيمَا اِدَّعَى فَأَعْقَبَهُمْ هَذَا الصَّنِيع نِفَاقًا سَكَنَ فِي قُلُوبهمْ إِلَى يَوْم يَلْقَوْا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يَوْم الْقِيَامَة . عِيَاذًا بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ . وَقَدْ ذَكَرَ كَثِير مِنْ الْمُفَسِّرِينَ مِنْهُمْ اِبْن عَبَّاس وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ أَنَّ سَبَب نُزُول هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة فِي ثَعْلَبَة بْن حَاطِب الْأَنْصَارِيّ وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ حَدِيث رَوَاهُ اِبْن جَرِير هَهُنَا وَابْن أَبِي حَاتِم مِنْ حَدِيث مَعْن بْن رِفَاعَة عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن الْقَاسِم بْن عَبْد الرَّحْمَن مَوْلَى عَبْد الرَّحْمَن بْن يَزِيد بْن مُعَاوِيَة عَنْ أَبِي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ عَنْ ثَعْلَبَة بْن حَاطِب الْأَنْصَارِيّ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اُدْعُ اللَّه أَنْ يَرْزُقنِي مَالًا قَالَ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيْحك يَا ثَعْلَبَة قَلِيل تُؤَدِّي شُكْره خَيْر مِنْ كَثِير لَا تُطِيقهُ قَالَ ثُمَّ قَالَ مَرَّة أُخْرَى فَقَالَ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُون مِثْل نَبِيّ اللَّه ؟ فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ شِئْت أَنْ تَسِير الْجِبَال مَعِي ذَهَبًا وَفِضَّة لَسَارَتْ . قَالَ وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَئِنْ دَعَوْت اللَّه فَرَزَقَنِي مَالًا لَأُعْطِيَنَّ كُلّ ذِي حَقّ حَقّه فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ اُرْزُقْ ثَعْلَبَة مَالًا قَالَ فَاتَّخَذَ غَنَمًا فَنَمَتْ كَمَا يَنْمِي الدُّود فَضَاقَتْ عَلَيْهِ الْمَدِينَة فَتَنَحَّى عَنْهَا فَنَزَلَ وَادِيًا مِنْ أَوْدِيَتهَا حَتَّى جَعَلَ يُصَلِّي الظُّهْر وَالْعَصْر فِي جَمَاعَة وَيَتْرُك مَا سِوَاهُمَا ثُمَّ نَمَتْ وَكَثُرَتْ فَتَنَحَّى حَتَّى تَرَكَ الصَّلَوَات إِلَّا الْجُمُعَة وَهِيَ تَنْمِي كَمَا يَنْمِي الدُّود حَتَّى تَرَكَ الْجُمُعَة فَطَفِقَ يَتَلَقَّى الرُّكْبَان يَوْم الْجُمُعَة لِيَسْأَلهُمْ عَنْ الْأَخْبَار فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فَعَلَ ثَعْلَبَة ؟ فَقَالُوا يَا رَسُول اللَّه اِتَّخَذَ غَنَمًا فَضَاقَتْ عَلَيْهِ الْمَدِينَة فَأَخْبَرُوهُ بِأَمْرِهِ فَقَالَ : يَا وَيْح ثَعْلَبَة يَا وَيْح ثَعْلَبَة يَا وَيْح ثَعْلَبَة وَأَنْزَلَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ " خُذْ مِنْ أَمْوَالهمْ صَدَقَة " الْآيَة . وَنَزَلَتْ فَرَائِض الصَّدَقَة فَبَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلَيْنِ عَلَى الصَّدَقَة مِنْ الْمُسْلِمِينَ رَجُلًا مِنْ جُهَيْنَة وَرَجُلًا مِنْ سُلَيْم وَكَتَبَ لَهُمَا كَيْف يَأْخُذَانِ الصَّدَقَة مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ لَهُمَا مُرَّا بِثَعْلَبَة وَبِفُلَانٍ رَجُل مِنْ بَنِي سُلَيْم فَخُذَا صَدَقَاتهمَا فَخَرَجَا حَتَّى أَتَيَا ثَعْلَبَة فَسَأَلَاهُ الصَّدَقَة وَأَقْرَآهُ كِتَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَا هَذِهِ إِلَّا جِزْيَة مَا هَذِهِ إِلَّا أُخْت الْجِزْيَة مَا أَدْرِي مَا هَذَا ؟ اِنْطَلِقَا حَتَّى تَفْرُغَا ثُمَّ عُودَا إِلَيَّ فَانْطَلَقَا وَسَمِعَ بِهِمَا السُّلَمِيّ فَنَظَرَ إِلَى خِيَار أَسْنَان إِبِله فَعَزَلَهَا لِلصَّدَقَةِ ثُمَّ اِسْتَقْبَلَهُمَا بِهَا فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا مَا يَجِب عَلَيْك هَذَا وَمَا نُرِيد أَنْ نَأْخُذ هَذَا مِنْك فَقَالَ بَلَى فَخُذُوهَا فَإِنَّ نَفْسِي بِذَلِكَ طَيِّبَة وَإِنَّمَا هِيَ لَهُ فَأَخَذَاهَا مِنْهُ وَمَرَّا عَلَى النَّاس فَأَخَذَا الصَّدَقَات ثُمَّ رَجَعَا إِلَى ثَعْلَبَة فَقَالَ : أَرُونِي كِتَابكُمَا فَقَرَأَهُ فَقَالَ مَا هَذِهِ إِلَّا جِزْيَة مَا هَذِهِ إِلَّا أُخْت الْجِزْيَة اِنْطَلِقَا حَتَّى أَرَى رَأْيِي فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَآهُمَا قَالَ يَا وَيْح ثَعْلَبَة قَبْل أَنْ يُكَلِّمهُمَا وَدَعَا لِلسُّلَمِيّ بِالْبَرَكَةِ فَأَخْبَرَاهُ بِاَلَّذِي صَنَعَ ثَعْلَبَة وَاَلَّذِي صَنَعَ السُّلَمِيّ فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّه لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْله لَنَصَّدَّقَنَّ " الْآيَة . قَالَ وَعِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُل مِنْ أَقَارِب ثَعْلَبَة فَسَمِعَ ذَلِكَ فَخَرَجَ حَتَّى أَتَاهُ فَقَالَ : وَيْحك يَا ثَعْلَبَة قَدْ أَنْزَلَ اللَّه فِيك كَذَا وَكَذَا فَخَرَجَ ثَعْلَبَة حَتَّى أَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ أَنْ يَقْبَل مِنْهُ صَدَقَته فَقَالَ إِنَّ اللَّه مَنَعَنِي أَنْ أَقْبَلَ مِنْك صَدَقَتك فَجَعَلَ يَحْسُو عَلَى رَأْسه التُّرَاب فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا عَمَلك قَدْ أَمَرْتُك فَلَمْ تُطِعْنِي . فَلَمَّا أَبَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ أَنْ يَقْبِض صَدَقَته رَجَعَ إِلَى مَنْزِله فَقُبِضَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ وَلَمْ يَقْبَل مِنْهُ شَيْئًا ثُمَّ أَتَى أَبَا بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ حِين اُسْتُخْلِفَ فَقَالَ قَدْ عَلِمْت مَنْزِلَتِي مِنْ رَسُول اللَّه وَمَوْضِعِي مِنْ الْأَنْصَار فَاقْبَلْ صَدَقَتِي فَقَالَ أَبُو بَكْر لَمْ يَقْبَلهَا مِنْك رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَى أَنْ يَقْبَلهَا فَقُبِضَ أَبُو بَكْر وَلَمْ يَقْبَلهَا . فَلَمَّا وُلِّيَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَتَاهُ فَقَالَ : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ اِقْبَلْ صَدَقَتِي فَقَالَ لَمْ يَقْبَلهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَبُو بَكْر وَأَنَا أَقْبَلهَا مِنْك ؟ فَقُبِضَ وَلَمْ يَقْبَلهَا فَلَمَّا وُلِّيَ عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَتَاهُ فَقَالَ : اِقْبَلْ صَدَقَتِي فَقَالَ لَمْ يَقْبَلهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَبُو بَكْر وَلَا عُمَر وَأَنَا أَقْبَلهَا مِنْك ؟ فَلَمْ يَقْبَلهَا مِنْهُ فَهَلَكَ ثَعْلَبَة فِي خِلَافَة عُثْمَان .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • حسن التحرير في تهذيب تفسير ابن كثير

    حسن التحرير في تهذيب تفسير ابن كثير: في هذه الصفحة نسخة مصورة pdf من كتاب مختصر تفسير ابن كثير للشيخ محمد الحمود النجدي، ومنهج المختصر كان كالتالي: - حافظ المختصر على ميزات الأصل، وهي: تفسير القرآن بالقرآن، وجمع الآيات التي تدل على المعنى المراد من الآية المفسرة أو تؤيده أو تقويه، ثم التفسير بالسنة الصحيحة، ثم ذِكْرُ كثير من أقوال السلف في تفسير الآي. - حافظ على ترجيحات وآراء المؤلف. - اختار من الأحاديث أصحها وأقواها إسنادا، وأوضحها لفظاً. - حذف أسانيد الأحاديث. - حذف الأحاديث الضعيفة أو المعلولة إلا لضرورة. - حذف المكرر من أقوال الصحابة. - ولمزيد من التوضيح حول منهج المختصر نرجو قراءة مقدمة الكتاب.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/340952

    التحميل:

  • القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة

    القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة : ذكر فيها - رحمه الله - جملة من القواعد الفقهية المهمة ثم قام بشرحها وتبين أدلتها وأمثلتها بأسلوب سهل ميسر، ثم أتبعه بجملة من الفروق الفقهية يبين فيها الفروق الصحيحة من الضعيفة. اعتنى بتحقيقه : الشيخ خالد بن علي بن محمد المشيقح - أثابه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/205540

    التحميل:

  • الصحوة الإسلامية .. ضوابط وتوجيهات

    الصحوة الإسلامية .. ضوابط وتوجيهات: قال المؤلف - رحمه الله -: «لا يخفى على الجميع ما منَّ الله به على الأمة الاسلامية في هذه البلاد وفي غيرها من الحركة المباركة, واليقظة الحية لشباب الإسلام, في اتجاههم الاتجاه الذي يكمّل به اتجاه السابق. هذا الاتجاه السليم الذي هدفه الوصول إلى شريعة الله من خلال كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -. ولا شك أن هذه اليقظة وهذه الحركة - كغيرها من الحركات واليقظات الطيبة المباركة -سيقوم ضدها أعداء؛ لأن الحق كلما اشتعل نوره اشتعلت نار الباطل .. إن هذه الصحوة الإسلامية التي نجدها - ولله الحمد - في شبابنا من الذكور والإناث؛ هذه الصحوة التي ليست في هذه البلاد فحسب؛ بل في جميع الأقطار الإسلامية، إنها تحتاج إلى أمور تجعلها حركة نافعة بنَّاءة - بإذن الله تعالى -. وفيما يلي سأُبيِّن - مستعينًا بالله - هذه الأمور، وهذه الضوابط حتى تكون هذه الصحوة ناجحة ونافعة وبنَّاءة - بإذن الله تعالى -».

    الناشر: دار الوطن http://www.madaralwatan.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/354806

    التحميل:

  • مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة

    مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة: هذه الرسالة تبين كيف يكون النجاح بالقرآن؟ بيان متكامل واضح يربط المفاهيم والمصطلحات بالواقع، وتوضح أن الأصل في تحقيق النجاح هو القرآن الكريم كلام رب العالمين، وما عداه: فإما أن يكون تابعاً له، وإلا فهو مرفوض. وقد حاول المؤلف -حفظه الله- أن يبين فيه كيفية تحقيق القوة والنجاح بمفهومه الشامل المتكامل لكل طبقات المجتمع ولجميع جوانب حياتهم.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/319827

    التحميل:

  • حديث: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان» وقفات وتأملات

    حديث: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان» وقفات وتأملات: هذا البحث تضمن شرح الحديث النبوي الرائع الذي يهتم بجانب الإيمان ومقتضياته، وأثره على السلوك الإنساني؛ من خلال فهم هذا الحديث ودراسته، واستنباط الأحكام القيمة، والدروس النافعة لكل مسلم، ولكل مستقيم على هذا الدين، ولكل من يريد رفعة درجاته وتكفير سيئاته، ولكل داعيةٍ يريد سلوك صراط الله تعالى.

    الناشر: شبكة السنة النبوية وعلومها www.alssunnah.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/330173

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة