تفسير القرطبي - سورة مريم - الآية 1

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
كهيعص (1) (مريم) mp3
سُورَة مَرْيَم مَكِّيَّة إِلَّا آيَتَيْ ( 58 ) و ( 71 ) فَمَدَنِيَّتَانِ وَآيَاتهَا 98 نَزَلَتْ بَعْد فَاطِر وَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَة بَدْر , وَقَتَلَ اللَّه فِيهَا صَنَادِيد الْكُفَّار , قَالَ كُفَّار قُرَيْش : إِنَّ ثَأْركُمْ بِأَرْضِ الْحَبَشَة , فَأَهْدُوا إِلَى النَّجَاشِيّ , وَابْعَثُوا إِلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِنْ ذَوَيْ رَأْيكُمْ لَعَلَّهُ يُعْطِيكُمْ مَنْ عِنْده مِنْ قُرَيْش , فَتَقْتُلُونَهُمْ بِمَنْ قُتِلَ مِنْكُمْ بِبَدْرٍ ; فَبَعَثَ كُفَّار قُرَيْش عَمْرو بْن الْعَاص وَعَبْد اللَّه بْن أَبِي رَبِيعَة , فَسَمِعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْثِهِمَا , فَبَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمْرو بْن أُمَيَّة الضَّمْرِيّ , وَكَتَبَ مَعَهُ إِلَى النَّجَاشِيّ , فَقَدِمَ عَلَى النَّجَاشِيّ , فَقَرَأَ كِتَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ دَعَا جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب وَالْمُهَاجِرِينَ , وَأَرْسَلَ إِلَى الرُّهْبَان وَالْقِسِّيسِينَ فَجَمَعَهُمْ , ثُمَّ أَمَرَ جَعْفَر أَنْ يَقْرَأ عَلَيْهِمْ الْقُرْآن , فَقَرَأَ سُورَة مَرْيَم " كهيعص " وَقَامُوا تُفِيض أَعْيُنهمْ مِنْ الدَّمْع , فَهُمْ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى فِيهِمْ " وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبهمْ مَوَدَّة لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ " [ الْمَائِدَة : 82 ] . وَقَرَأَ إِلَى قَوْله : " الشَّاهِدِينَ " . ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُد . وَفِي السِّيرَة ; فَقَالَ النَّجَاشِيّ : هَلْ مَعَك مِمَّا جَاءَ بِهِ عَنْ اللَّه شَيْء ؟ قَالَ جَعْفَر : نَعَمْ ; فَقَالَ لَهُ النَّجَاشِيّ : اِقْرَأْهُ عَلَيَّ . قَالَ : فَقَرَأَ " كهيعص " فَبَكَى وَاَللَّه النَّجَاشِيّ حَتَّى أَخْضَلَ لِحْيَته , وَبَكَتْ أَسَاقِفَتهمْ حَتَّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ حِين سَمِعُوا مَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ ; فَقَالَ النَّجَاشِيّ : هَذَا وَاَلَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى لَيَخْرُج مِنْ مِشْكَاة وَاحِدَة , اِنْطَلِقَا فَوَاَللَّهِ لَا أُسَلِّمهُمْ إِلَيْكُمَا أَبَدًا ; وَذَكَرَ تَمَام الْخَبَر .

قَوْله تَعَالَى : " كهيعص تَقَدَّمَ الْكَلَام فِي أَوَائِل السُّوَر . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس فِي " كهيعص " : إِنَّ الْكَاف مِنْ كَافٍ , وَالْهَاء مِنْ هَادٍ , وَالْيَاء مِنْ حَكِيم , وَالْعَيْن مِنْ عَلِيم , وَالصَّاد مِنْ صَادِق , ذَكَرَهُ اِبْن عَزِيز الْقُشَيْرِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس ; مَعْنَاهُ كَافٍ لِخَلْقِهِ , هَادٍ لِعِبَادِهِ , يَده فَوْق أَيْدِيهمْ , عَالِم بِهِمْ , صَادِق فِي وَعْده ; ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيّ عَنْ الْكَلْبِيّ /و السُّدِّيّ وَمُجَاهِد وَالضَّحَّاك . وَقَالَ الْكَلْبِيّ أَيْضًا : الْكَاف مِنْ كَرِيم وَكَبِير وَكَافٍ , وَالْهَاء مِنْ هَادٍ , وَالْيَاء مِنْ رَحِيم , وَالْعَيْن مِنْ عَلِيم وَعَظِيم , وَالصَّاد مِنْ صَادِق ; وَالْمَعْنَى وَاحِد . وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا : هُوَ اِسْم مِنْ أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى ; وَعَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ هُوَ اِسْم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَكَانَ يَقُول : يَا كهيعص اِغْفِرْ لِي ; ذَكَرَهُ الْغَزْنَوِيّ . السُّدِّيّ : هُوَ اِسْم اللَّه الْأَعْظَم الَّذِي سُئِلَ بِهِ أَعْطَى , وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ . وَقَتَادَة : هُوَ اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن ; ذَكَرَهُ عَبْد الرَّزَّاق . عَنْ مَعْمَر عَنْهُ . وَقِيلَ : هُوَ اِسْم لِلسُّورَةِ ; وَهُوَ اِخْتِيَار الْقُشَيْرِيّ فِي أَوَائِل الْحُرُوف ; وَعَلَى هَذَا قِيلَ : تَمَام الْكَلَام عِنْد قَوْله : " كهيعص " كَأَنَّهُ إِعْلَام بِاسْمِ السُّورَة , كَمَا تَقُول : كِتَاب كَذَا أَوْ بَاب كَذَا ثُمَّ تَشْرَع فِي الْمَقْصُود . وَقَرَأَ اِبْن جَعْفَر هَذِهِ الْحُرُوف مُتَقَطِّعَة , وَوَصَلَهَا الْبَاقُونَ , وَأَمَالَ أَبُو عَمْرو الْهَاء وَفَتَحَ الْيَاء , وَابْن عَامِر وَحَمْزَة بِالْعَكْسِ , وَأَمَالَهُمَا جَمِيعًا الْكِسَائِيّ وَأَبُو بَكْر وَخَلَف . وَقَرَأَهُمَا بَيْن اللَّفْظَيْنِ أَهْل الْمَدِينَة نَافِع وَغَيْره . وَفَتَحَهُمَا الْبَاقُونَ . وَعَنْ خَارِجَة أَنَّ الْحَسَن كَانَ يَضُمّ كَاف , وَحَكَى غَيْره أَنَّهُ كَانَ يَضُمّ هَا , وَحَكَى إِسْمَاعِيل بْن إِسْحَاق أَنَّهُ كَانَ يَضُمّ يَا . قَالَ أَبُو حَاتِم : وَلَا يَجُوز ضَمّ الْكَاف وَالْهَاء وَالْيَاء ; قَالَ النَّحَّاس : قِرَاءَة أَهْل الْمَدِينَة مِنْ أَحْسَن مَا فِي هَذَا , وَالْإِمَالَة جَائِزَة فِي هَا و يَا . وَأَمَّا قِرَاءَة الْحَسَن فَأَشْكَلَتْ عَلَى جَمَاعَة حَتَّى قَالُوا : لَا تَجُوز ; مِنْهُمْ أَبُو حَاتِم . وَالْقَوْل فِيهَا مَا بَيَّنَهُ هَارُون الْقَارِئ ; قَالَ : كَانَ الْحَسَن يُشِمّ الرَّفْع ; فَمَعْنَى هَذَا أَنَّهُ كَانَ يُومِئ ; كَمَا حَكَى سِيبَوَيْهِ أَنَّ مِنْ الْعَرَب مَنْ يَقُول : الصَّلَاة وَالزَّكَاة يُومِئ إِلَى الْوَاو , وَلِهَذَا كَتَبَهَا فِي الْمُصْحَف بِالْوَاوِ . وَأَظْهَرَ الدَّال مِنْ هِجَاء " ص " نَافِع وَابْن كَثِير وَعَاصِم وَيَعْقُوب , وَهُوَ اِخْتِيَار أَبِي عُبَيْد ; وَأَدْغَمَهَا الْبَاقُونَ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • مشكل إعراب القرآن

    مشكل إعراب القرآن : انتخبت من الآيات [المشكل] منها، وهو الذي قد تغمض معرفة إعرابه وإدراك توجيهه، أو يخالف في الظاهر قواعد النحاة ، ولكنه لدى التأمل والتحقيق يظهر لنا موافقتها.

    الناشر: موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/141391

    التحميل:

  • آثار الفتن

    آثار الفتن: إن الذي لا يعرف الفتن ولا آثارها وعواقبها ربما دخل في شيء منها وأضرَّت بحياته; ثم يلحقه الندم بعد ذلك; ومعرفة هذه الآثار نافعٌ ومفيدٌ للعبد; لأنه من باب النظر في العواقب ومآلات الأمور.; وفي هذه الرسالة ذكر الشيخ آثار وعواقب الفتن; وذكر الأدلة من الكتاب والسنة وآثار السلف الصالح.

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/316772

    التحميل:

  • تمام الآلاء في سيرة سيد الشهداء

    تمام الآلاء في سيرة سيد الشهداء: إن الأمة الإسلامية اليوم وهي تمر بأشد حالاتها من الضعف والمحاربة من أعداء الله تعالى لهي في أمس الحاجة إلى استلهام القدوة والسير على خطى أولئك الأوائل من المؤمنين الصادقين من أمثال سيد الشهداء، حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه

    الناشر: مركز البحوث في مبرة الآل والأصحاب http://www.almabarrah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/59957

    التحميل:

  • الدر الثمين من سيرة السيد عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها

    الدر الثمين من سيرة السيد عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: كتابٌ مختصر من كتاب: «سيرة السيدة عائشة رضي الله عنها» للشيخ سليمان الندوي - رحمه الله -; مع بعض الإضافات المفيدة.

    الناشر: مركز البحوث في مبرة الآل والأصحاب http://www.almabarrah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/339661

    التحميل:

  • الأخلاق والقيم في الحضارة الإسلامية

    الأخلاق والقيم في الحضارة الإسلامية: تُمثِّل الأخلاق والقيم الجانبَ المعنوي أو الروحي في الحضارة الإسلامية، وأيضًا الجوهر والأساس الذي تقوم عليه أي حضارة، وفي ذات الوقت تضمن سر بقائها وصمودها عبر التاريخ والأجيال، وهو الجانب الذي إذا اختفى يومًا فإنه يُؤذِنُ بزوال الدفء المعنوي للإنسان، الذي هو رُوح الحياة والوجود؛ فيصير وقد غادرت الرحمة قلبه، وضعف وجدانه وضميره عن أداء دوره، ولم يعُدْ يعرف حقيقة وجوده فضلاً عن حقيقة نفسه، وقد بات مُكبَّلاً بقيود مادية لا يعرف فِكاكًا ولا خلاصًا.

    الناشر: موقع رسول الله http://www.rasoulallah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/339730

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة