عمانيات

عمانيات (https://www.omaniyat.net/vb/index.php)
-   إسلاميات (https://www.omaniyat.net/vb/forumdisplay.php?f=3)
-   -   كل يوم قصة (https://www.omaniyat.net/vb/showthread.php?t=17495)

عمرم 16/10/2010 03:22 AM

كل يوم قصة
 
11:53

موسوعة القصص الواقعية

منقولة من عالم الإنترنت ستتناول

قصص التوبة والعودة إلى الله

قصص الفساد الأخلاقي والمخدرات

قصص ذكاء وسرعة بديهه وحنكه وحكمه


قصص الخادمات والسائقين

قصص العين و عالم الجن والسحر والشعوذة


قصص نساء يضرب بهن المثل


قصص تدل على قدرة الله


قصص الظلم وعواقب الظالمين


قصص أوهام الحب والغرام ومغامرات النت والشات والهاتف



قصص طريفة ومواقف محرجة وعجيبة


قصص الاغبياء والبلهاء والحمقى


قصص الجرائم والحوادث والكوارث



قصص الأمم السابقة


قصص نسائية وهموم الفتيات


قصص تربوية ودعوية


قصص للفتيان والفتيات


قصص القرآن


قصص اليوم الآخر وأهوال القيامة


قصص من الحديث النبوي


قصص لا تثبت



وان شاء الله تنال على رضاكم . ارجو التثبيت لكم جزيل الشكر .

عمرم 16/10/2010 03:25 AM

: كل يوم قصة
 

قصص التوبة والعودة إلى الله


(1)
ملائكه انقذت فتاة من الاغتصاب



بسم الله الرحمن الرحيم..


قصه حقيقيه حصلت احداثها في الرياض

ولان صاحبه القصه

اقسمت على كل من يسمعها ان ينشرها للفائده فتقول

لقد كنت فتاه مستهتره اصبغ شعري بالاصباغ الملونه كل فتره وعلى الموضه واضع المناكيرولا اكاد ازيلها الا لتغييرها

اضع عبايتي على كتفي اريد فقط فتنة الشباب لاغوائهم

اخرج الى الاسواق متعطرة متزينه ويزين ابليس لي المعاصي ماكبر منها وما صغر, وفوق هذا كله لم اركع لله ركعه واحده ,

بل
لااعرف كيف الصلاة

والعجيب اني مربيه اجيال

معلمه يشار لها بعين احترام فقد كنت ادرس في احد المدارس البعيده عن مدينة الرياض

فقد كنت اخرج من منزلي مع صلاه الفجر ولا اعودالا بعد صلاة العصر,

المهم اننا كنا مجموعة من المعلمات,

وكنت انا الوحيده التي لم اتزوج,

فمنهن المتزوجةحديثا, ومنهن الحامل.

ومنهن التي في اجازة امومه,

وكنت انا ايضاالوحيده التي نزع مني الحياء,

فقد كنت احدث السائق وأمازحه وكأنه أحد أقاربي,

ومرت الايام وأنا مازلت على طيشي وضلالي,

وفي صباح أحدالايام أستيقظت متأخره, وخرجت بسرعه فركبت السياره,

وعندما التفت لم اجد سواي في المقاعد الخلفيه,

سألت السائق فقال فلانه مريضه وفلانه قد
ولدت,و...و...و

فقلت في نفسي مدام الطريق طويل سأنام حتى نصل ,

فنمت ولم استيقظ الا من وعوره الطريق,فنهضت خائفة,

ورفعت الستار .....ماهذا الطريق؟؟؟؟

ومالذي صاااار؟؟؟؟

فلان أين تذهب بي!!؟؟؟

قال لي وكل وقااااحة:

الأن ستعرفين!!

فقط لحظتها عرفت بمخططه الدنئ............ قلت له وكلي خوووف

يافلان أما تخاف الله!!!!!!

اتعلم عقوبة ماتنوي فعله,

وكلام كثير اريد أن اثنيه عما يريد فعله,

وكنت اعلم أني
هالكة......لامحالة.

فقال بثقة أبليسية لعينة:

أما خفتي الله أنتي,

وأنتي تضحكين بغنج وميوعة ,وتمازحيني؟؟

ولاتعلمين انك فتنتيني,

واني لن اتركك حتى آخذ ماأريد. بكيت...صرخت؟؟

ولكن المكان بعيييييييييييييد,

ولايوجد سوى أنا وهذا الشيطان المارد,

مكان صحراوي مخيف..مخيف..مخيف,

رجوته وقد أعياني البكاااااااااااااااااء,

وقلت
بيأس وأستسلام,

أذا دعني اصلي لله ركعتين لعل الله يرحمني!!!!!

فوافق بعد أن توسلت إليه نزلت من السيارةوكأني آقاااااااد الى ساحة الاعدام صليت ولأول مرة في حياتي,

صليتها بخوووف...برجاااء والدموع تملأ مكان سجودي ,

توسلت لله تعالى ان يرحمني,

ويتوب علي ,وصوتي الباكي يقطع هدوء المكان,

وفي لحظة والموتي..د..ن..و.

وأنا أنهي صلاتي.

تتوقعون مالذي حدث؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

وكااااااااانت المفاجأة.

مالذي أراه.!!!!!

أني أرى سيارة أخي قادمة!!

نعم أنه أخي وقد قصد المكان بعينه!!

لم أفكر لحظة كيف عرف بمكاني,

ولكن فرحت بجنون
وأخذت أقفز

,وأنادي

,وذلك السائق ينهرني,

ولكني لم أبالي به......

من أرى أنه أخي الذي يسكن الشرقيه وأخي الاخر الذي يسكن معنا.

فنزل أحدهما وضرب السائق بعصى غليظة,

وقال أركبي مع أحمد في السيارة,

وأنا سأخذ هذا السائق وأضعة في سيارتة بجانب الطريق...... ركبت مع أحمد والذهول يعصف بي وسألته هاتفة:

كيف عرفتما بمكاني؟

وكيف جئت من الشرقيه ؟

..ومتى؟

قال:فيا لبيت تعرفين كل شيئ.

وركب محمد معنا وعدنا للرياض وانا غير مصدقه لما يحدث. وعندما وصلنا الى المنزل ونزلت من السيارة قالا لي أخوتي اذهبي لأمنا وأخبريها الخبر وسنعود بعد قليل,

ونزلت مسرعة

,مسرورة أخبر أمي.

دخلت عليها في المطبخ وأحتضنتها وانا ابكي واخبرها بالقصة,

قالت لي بذهول ولكن أحمد فعلا في الشرقيه,

وأخوك محمد مازال نائما.

فذهبنا الى غرفةم حمد ووجدناه فعلا نائم .

أيقظتة كالمجنونة أسئله مالذي يحدث...

فأقسم بالله العظيم انة لم يخرج من غرفتة ولايعلم بالقصة؟؟؟؟؟

ذهبت الى سماعة الهاتف تناولتها وأنا أكاد أجن,

فسألتة فقال ولكني في عملي الأن,

بعدها بكيت
وعرفت أن كل ماحصل أنما ملكين أرسلهما ربي لينقذاني من براثن هذا الاثم .

فحمدت الله تعالى على ذلك,

وكانت هي سبب هدايتي ولله الحمد والمنه

سبحان الله

يهدي الله من يشاء لهداه

عمرم 16/10/2010 03:27 AM

: كل يوم قصة
 

(2)

نار الدنيا أهلكتني .. فكيف بنار الآخرة ؟



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إليكم إخوتي في الله هذه الكلمات .. أكتبها والله العالم بأني أكره ذكرها .. ولكني سأكتبها لكم للعظة والعبرة..

إخوتي .. أنا لا أتكلم عن أي فتاه .. فهي قريبة مني .. ليست أمي ولا أختي ولا حتى صديقتي .. إنها أنا .. نعم هذه الحكاية أنا بطلتها .. وهذا الموقف حدث معي شخصيا ً .. وهي سبب رجوعي إلى الله

إليكم القصة

كنت في المرحلة الإعدادية وكنت تاركه للصلاة لا تهمني ولا القي لها بالا ً .. كنت أصليها ولا أصليها في نفس الوقت .. فأنا أقوم بالحركات ولكني والله لا أعلم ما أقول
إخوتي .. في مرحلة الإعدادية كنت أحب معلمة من المعلمات .. أحبها لدرجه أنها الشغل الشاغل لي .. إذا تكلمت تكلمت عنها .. وإذا كتبت كتبت فيها .. حتى إذا نمت كانت الشخصية الرئيسية في أحلامي ...

لا أطيل عليكم .. كان علينا امتحان في المادة التي تدرسني إياها تلك المعلمة .. وكنت أدرس .. فأشتهيت شيئا آكله فذهبت إلى المطبخ ... وكانت المصيبة
لم انتبه إلى ألسنت النار تأكل ثيابي .. فقد كنت مشغولة بالتفكير في تلك المعلمة

نعم احترقت .. احترقت يدي وظهري وجزء من شعري .. نعم لقد ذقت نار الدنيا التي لم تترك أثرا ً ليدي .. تلك اليد التي كنت أرعاها وأحافظ على جمالها .. ها هي احترقت .. بل اختفت كليا ً .. نعم اختفت .. أنا ذقت نار الدنيا ووالله .. والله .. لم اقترب من الغاز من ذلك اليوم .. بل تشغيل الغاز عندي .. كأنه اختبار بل هو امتحان .. أرسب فيه كل مرة .. ولا أعتقد إنني سأنجح فيه ..

إخوتي .. لم أذكر قصتي هذه لأحصل على شفقة من أحد .. ولم أذكرها لأنني أفتخر كيف كنت سابقا ً .. بل ذكرتها للعبرة .. فيا إخوتي أنا ذقت نار الدنيا .. ووالله لم أذقها إلا ثواني معدودة .. وأنا أتعالج من هذا الحرق منذ أربع سنوات ولم انتهي بعد من العلاج

فهذه الرسالة إليكم .. أكتبها ولا أرجو إلا دعوة منكم أن يسامحني ربي عن كل شي فعلته في تلك السنين المظلمة .. وأنا الآن لا أفوت أي فرض كما أنني أصلي بعض السنن أحيانا ً .. فالحمد لله على كل شي

اللهم لا تجعلنا من أصحاب القلوب القاسية .. اللهم أجعلنا من أصحاب اليمين .. اللهم أحشرنا من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .. واجعل أعمالنا خالصة لوجهك .. يا أرحم الراحمين

أختكم

عمرم 16/10/2010 03:30 AM

: كل يوم قصة
 

(3)

قصتي مع الصور الخليعة




العائد


يقول صاحب القصة نقلاً عنه :
هذه قصتي أسوقها لكم لعل فيكم من يسمع و يعي .
كنت شاباً يافعاً مشرئب المعالي ، سليم المعاني ، تتزاحم في قلبي الكثير من الآمال والأحلام التي تراود كل فتى , أجد نهمتي في قراءة القرآن الكريم ، وألتهم كل ما يقع في يدي من الكتب النافعة ، لا أزال ملتحقاً بحلقة تحفيظ القرآن منذ بلوغي العاشرة من عمري ، ولم أتركها حتى يومي هذا ، لطيف المشاعر صادق الإحساس ، يحبني كل من يقابلني ، أستقبل كل من يراني بابتسامة ترتسم على محياي .
لم أكن بمعزلٍ عما يداهم شباب زمني من توافد الملهيات وشواغل الترهات لاسيما الشهوات وما أدراك ما الشهوات !
كنت أجاهد نفسي عن ذلك كله إذا عنّ لي ما قد يضرني منها مستعيناً بالله ثم بالرفقة الصالحة التي تلزمني طاعة الله والاستقامة على طريقه , محاضرات , ودروس علمية , ومجالس تربوية جادة كل ذلك كان حياتي ، أنسى نفسي الساعات الطوال في القراءة ، أمكث في المسجد أوقاتاً كي أحفظ سورة من سور القرآن .
تخرجت من الجامعة وكانت فرحتي غامرةٌ جداً , كان تخصصي نادراً لذلك كان تعييني في المكان الذي أختاره , لا أصف فرحة الوالد والوالدة عندما علموا أنني سأقيم معهم ولم أتغرب لا سيما أنني أول أبنائهم الذكور .
لا أريد أن أطيل عليكم في مقدمة قصتي حتى لا تملوا .
بعد زواجي بفترة وجيزة ، اجتمعت مع بعض الأصدقاء والأحباب ، في منزل أحدهم كانت جلسة ثرية تنوعت مواضيعها الجميلة , المشوبة بالطرف النادرة والفكاهة البريئة والتعليقات على البعض .
تطرق أحد الشباب لموضوع الإنترنت وشخـّّص بعض حالات الشباب وانهماكهم في استخدام الشبكة العنكبوتية كيف استخدموها في إشباع غرائزهم .
كنت في ذلك الوقت منصتاً مستمعاً مردداً : إنا لله وإنا إليه راجعون . لا حول ولا قوة إلا بالله .
أسهب الإخوان في هذا الموضوع , وأنا مابين مستغرب ومتعجب .
أقول في نفسي أنا أملك حاسوباً , وأدخل الشبكة بين الحين والآخر ولم أجد ما يقولون من تلك الصور والمشاهد الخليعة .
في أثناء الكلام قلت لأحد الإخوان : كيف يستطيع الشباب الدخول لهذه المواقع ....
رد علي ّ بكل ثقة وتمكن : الأمر بسيط جداً ثم أخذ يشرح لي الطريقة التي سجلتها في ذاكرتي تسجيل الآلة . ويا ليتني لم أسمعه ولم أعي ما يقول !
لم أعلم أنني من ذلك المجلس سوف أدمر نفسي وأسعى في خرابها !
خرجت من هذا المجلس وقد تعاهدنا ألا يقطع أحدٌ منا الآخر .
ركبت سيارتي , ولا زال شرح صديقي يرن في مخيلتي , ويتكرر علي ّ إلى أن وصلت البيت ، استقبلتني زوجتي وابنتي , كما تستقبل الأرض الجرداء ماء المطر , جلست معهم بجسمي لكن عقلي بعيد ٌ عنهم , فلا زال كلام صديقي يمر ّ علي تكراراً وكأن الشيطان يحفظني إياه .
تظاهرت بالنوم ، ثم استعديت له .
ما إن استقر جسدينا على السرير ، ووضعت رأسي على الوسادة بدأت زوجتي تكلمني عن بعض الأمور التي دائماً ما نتكلم عنها ، لكني أشرت إليها بحالي أني لا أرغب بما تعودنا عليه فأنا أريد النوم , عندما أخلدت هي إلى النوم , إنسللت منها وخرجت بكل هدوء , قاصداً جهازي الحاسوب , لا يمكن أن أعبر لكم حالي هذه إلا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن "
لم أزني ولكني أحسست أني لست أنا أحسست أني في سكرة .. أني تجردت من كياني وشخصيتي .. نسيت ذاتي نسيت القرآن والدروس وهم الدعوة ... نسيت كل شيء لم يحضرني منها شيء جلست أمام الحاسوب , وبدأت في تشغيله ، فوراً اتجهت نحو الإنترنت ، أدخلت رقم بطاقة الشبكة ويدي ترتجف بدأت أنامي ترتعد والعرق يتصبب . وكلام الشباب حاضرٌ في مخيلتي ، والشرح الوافي من صديقي لم أنس منه شيء .
ثم بدأ التطبيق خطوة خطوة ..
بدأت المواقع تنهال علي من كل حدبٍ وصوب ٍ !
أشخصت بصري ! زاد خفقان قلبي !
علت عليّ ابتسامة الظفر عندما رأيت أول منظر .
كان منظراً تافها ً إذا قارنته بما رأيته من بعد .
لكني واصلت المسير وصرت كالقناص المترف الذي يبحث جاداً عن صيدٍ هو في غنىً عنه .
مضيت تلك الليلة في الانتقال من موقع لآخر كل منظر يدعوني لما هو أفسخ منه حتى أذن الفجر .
يا الله أذان الفجر الذي دائماً أتلذذ به , كنت أسمعه من قبل وأنا مستغرق في النوم فأقوم إلى صلاتي ، بل كنت أستمع إليه وأنا قائم أصلي ما تيسر لي من قيام الليل .
أذن الفجر هذه المرة ولم يعني لي هذه المرة أي شيء ، الموقع تلو الموقع , تضايقني كثيراً صفحة الحجب و يتمعر لها وجهي .
وددت لو أن العالم العاري كله أمام عيني .
يالله ما هذا الشغف ما هذا الجنون الذي أعيشه .
دقائق وصوت المؤذن يرتفع بالإقامة ، قمت وأنا لا زلت في شوق للمزيد . قمت وأنا أتابع بنظري الشاشة ، توضأت ثم عدت إلى الشاشة مرة أخرى أرقب مفاجآتها .
أسرعت إلى المسجد لعلي أدرك الجماعة ، أو أدرك الصلاة قبل السلام .
كانت هذه الصلاة بمثابة استرجاع لما رأيته آنفاً مرت علي كل الصور والمشاهد الخليعة التي رأيتها ، لم أعقل من صلاتي شيء .
بعد أن أنهيت الصلاة ، كررت راجعاً أستبق خطاي نحو جهازي ، استيقظت زوجتي ، وعلى وجهها علامات الإستغراب , هل نمت البارحة ؟ غريبة قاعد على الحاسب ؟ أردّ ُ عليها بكل برود : أنت ِ تعرفين هذا الكمبيوتر فتنة ، الواحد إذا فتحه ينسى نفسه .
قالت وقد ارتسمت على محياها ابتسامة جميلة يخالطها النعاس : بس ما تنساني ؟!
أشرقت الشمس ، واتضح النهار وأنا أخوض هذا البحر الهائج !
أشرقت شمس يومي على هذه الحالة , وقد كانت من قبل تشرق علي ّ وأنا في المسجد أتلو كتاب الله , وأذكره سبحانه .
سبحان مغير الأحوال . تغيرت حالي في سرعة عجيبة .
بعد أن أجهدت عيناي ، وبدأت أفقد الكثير من تركيزي بسبب الساعات الطوال التي مضت ، أغلقت الجهاز بعد أن حفظت الكثير من المواقع الخبيثة .
أسرعت إلى فراشي واستلقيت عليه ثم ابتسمت ابتسامة ً عريضة ، وبدأت تمر علي ما اختزلته في ذاكرتي من مشاهد السوء , كنت في سكرة ، لم أفق منها .
نسيت " الذين يخشون ربهم بالغيب " و " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم "
و " يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور "
و الكم الهائل من الأحاديث التي قد توقظني من سكرتي .
مر اليوم الذي يليه على هذه الحال ، كنت فيه أشره من سابقه ، كنت كالمجنون يبحث عن ليلاه .
تغيرت حالي وتبدلت أحوالي , دائما أفكر , أتهرب ، أتنصل من مسؤلياتي , أفرّعن بر أبي وأمي .
وفي غمرة السكرة ولجة الظلمة ، استيقظت ، وقلت في نفسي : أنا ماذا فعلت ؟؟؟ هل أنا مهبول ؟؟ لجأت إلى الله سبحانه , ندمت على ما فات أشد الدم .
كان وقع هذه المعصية كبيراً على نفسي ، بكيت وبكيت وبكيت في سجودي . وقيامي وركوعي .
ولكن النظرة كالجمرة تحرق وتبقي أثراً.
عزمت على ترك ما أنا فيه واستغفرت الله .
لكني - والأمر بيد الله والحكم حكمه – لا أزال أعاني من توارد تلك المشاهد والصور ، على تفكيري تشغلني كثيراً في أغلب أوقاتي ، ومع كثرة هذه الأفكار التي ترد عليّ وإلحاحها على ذهني ، وقعت في الفخ مرة أخرى !!!
نعم وقعت في الفخ مرة أخرى ! عدت لما كنت عليه بل صرت أكثر احترافاً ومقدرةً
أظلم قلبي ، وشغفت بتلك المناظر شغف الخليل إلى خليله .
كنت أظهر للناس بمظهري السابق ، الإلتزام ، الخلق الحسن ، حفظ القرآن ....
وكنت أبطن في نفسي الكم الهائل من المناظر والصور العارية لأجساد الكفرة والفسقة .
أتوب وألجأ إلى الله ، ثم أعود مرة أخرى , على هذه الحال مراراً وتكراراً !!
نذرت على نفسي النذور وأخذت عليها العهود والمواثيق ، ولكن لا جدوى , فدائماً قلبي مشغوف بالصور .
قلت في نفسي السبب جهاز الحاسوب ، هو الذي يعيني على هذه المعصية ، ثم إن جهاز المودم هو الوسيلة الوحيدة للاتصال بهذه المواقع .
أخذت مفتاحاً ثم قمت وأنا في حنق وغضب أكسر المودم وأهشمه حتى أيقنت أنه تعطل وأصبح لا جدوى له .
حمدت الله وشكرته إذ ، لا مواقع بعد اليوم .
بقيت في حال جميلة فقد عدت إلى ما كنت عليه من التقى والصلاح .
ولكن لا زالت المناظر التي رأيتها تُـعرض عليَّ ، ويمر طيفها على خيالي . لا أراها بعيني ، ولكن أرها في فكري , في ذهابي ، وإيابي ، حتى في صلاتي . عشت أياماً عصيبت , أصارع فيها نفسي , وشهواتي .
كنت المنهزم دائماً أمام نفسي فلا ألبث أن أعود مرة أخرى إلى ما كنت عليه والبحث عن مواقع السوء لا أخفيكم سراً ، أنني مع مرور الزمن لم أكن أتلذذ برؤية هذه الصورة لذة تذكر ، بل أحس أني أجر إليها جراً وأسعى إليها بلا سبب يدعوني إلى ذلك ، ناهيك عن الحسرات والآهات التي كنت أتجرعها !
لا أكتمكم أيضاً أن شؤم هذه المعصية بدأ يترآ لي بين الفينة والأخرى ، كانت المصيبة تأتيني وأقول في نفسي هذه والله المعاصي ، هذا من النظر إلى ما حرم الله ، هذا مصداق قول الله عز وجل : " وما أصابكم من مصيبة ٍ فبما كسبت أيدكم ..." الآية .
كم مرة حرمت من الرزق وأنا أراه يأتي إلي ، بل والله إني أرى بعض الأمور التي أسعى إليها من أمور الدنيا كترقية أو انتقال أو غيره ليس بين تحقيقها إلا اليسير ، ثم أرها تذهب عني ، وتنتقل إلى غيري وقد أعقبتني حسرة وندم .
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إن العبد ليحرم الرزق بسبب الذنب يصيبه ) .
أعود إليكم وأقول أنني مع ما أنا فيه من حال لم أترك الالتجاء إلى الله والتضرع إليه ، بل أكثر من العبادات صياماً وصلاة ً وتصدقاً وبراً . وبالأخص بعد كل توبة ٍ أجددها إذا استرسلت في غيي ، كنت أبكي في صلاتي بكاء الأطفال متضرعاً إلى الله أدعوه بأسمائه الحسني وصفاته العلى أن يغفر لي وأن يبعدني عن هذه الشهوة . أواضب على حضور المحاضرات والدروس ، أستمع كثيراً إلى كتابه .
فأنا وإن كنت ملطخاً بهذه المعصية إلا أن ذلك لا يمكن أن يبعدني عن ربي ؛ حيث لا ملجأ من الله إلا إليه . والأمر أمره والقضاء قضاؤه ضاق صدري وضاقت حيلتي ، قد يقول قائل : لماذا لا تبعد عنك الجهاز أو تبيعه وتستريح ؟ وأنا أقول : يا ليت ذلك ينفع وقد جربته مراراً .
كم من جهازٍ كسرته ، وخسارة خسرتها ، ومع كل ذلك أعود لما أنا عليه .
لا أخفي عليكم أني فكرة في الإنتحار أكثر من مرة ، ولكن الله سلم وقلت أيهما أعظم أن أقتل نفسي فأبوء بالإثم العظيم ، أم أجاهد نفسي عن هذه المعصية.
لكل شيء نهاية ولكل أمر مستقر .
كثرت علي المصائب وتوالت على الخسائر المالية ، وكثرت التعقيدات التي لا أعلم من أين تأتي ، أصبحت محطم الكيان ، دائم التفكير لا أعلم كيف أنجو وكيف أخرج من هذا الكهف المظلم .
مر حديث النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : ( لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا قَالَ ثَوْبَانُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ قَالَ أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا )
قلت في نفسي هل كل أعمالي التي أعملها لله وأسعى في أن تكون خالصة له ستذهب هباءً منثوراً يوم القيامة ؟
كانت الصدقة والصلاة من العبادات المحببة إلى قلبي : حفرت بئراً في إحدى الدول الإسلامية وكفلت فيها حلقة لتحفيظ القرآن الكريم ، وكفلت يتيماً ، لا أرد من يسألني مالا ً سواءً صدقة ، أو قرضاً ، كنت مقصد إخواني وأحبابي فيما يعترض لهم من حاجة .
لا أريد أن أباهي بما عملت ، أو أعجب به ولكن هل هذا كله سيذهب هباءً منثوراً يوم القيامة ، عندما يستظل الناس في ظل صدقاتهم يوم الحر الشديد ، آتي أنا أبحث عن صدقاتي فأجدها هباءً منثوراً .
يحرمني الله عز وجل من مصاحبة نبيه عندما قال صلى الله عليه وسلم : ( أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين ...) بكيت على حالي ، وندمت على ما عملت ، هل هناك مقارنة بين لذة الساعة والساعتين التي أمكث فيها أمام الشاشة لرؤية العاريات ً وبين رضا الله عز وجل والدخول في الجنة والسلامة من النار ؟!
كنت وأنا أعمل هذه المعصية ، أبالغ في التحفظ والتأكد من أن أحداً لا يراني ، وأمحو من جهازي جميع ما يتبقى من صور أو روابط تدل على جريمتي .
غاب عني أن علام الغيوب يعلم ما أفعل ويسمع ويبصر!!
" يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله "
إن سمعت في البيت صوتاً ، وأمراً غريباً خفت وارتعدت ، ولم أخف من الحي القيوم الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض والسماء يا الله ما أحلمك ! ما ألطفك بي !
مرت الأيام تلو الأيام ، وعندما بلغ الأمر منتهاه ، صارحت زوجتي بحالي ، وما أنا فيه .
تفاجأت المسكينة ، ونظرت إلى بنظرة استغراب واستحقار ، وكأني بها تقول لا أرى منك إلا كل خير فما الذي دهاك ؟ لقد شعرت بأني لا شيء ، وأني أحقر ما أكون !
طأطأت برأسي أمامها وقلت في أسى وحيرة : ما أدري ما أفعل ، لقد كنت منذ زمن بعيد وأنا على هذه الحال ....
وأنا أقرأ كعادتي في كتاب الله مررت بقوله تعالى : " إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير "
تأملت هذه الآية ووقفت عندها كثيراً كثيراً أمام معناها ، الذين يخشون ربهم بالغيب .
هل أنا منهم ؟ الغيب معناه ألا يراك أحد ، أن تكون غائباً عن الخلق فلا يراك أحد فتدعوك نفسك للشهوة ، ثم تقول إن كان أحدٌ لا يراني فالله يراني .
ليس لي نصيب ؟ من أجر هذه الآية إن أنا بت على ما أنا عليه !
لقد بدأ النور يشع في قلبي ، وبدت أزاهير التقوى تتزين في روحي .
عزمت على التوبة النصوح والندم الصادق ، توجهت إلى الخالق سبحانه ، بقلب منكسر ، ورح مفتقرة إليه ، ناديته تضرعت إليه ، توسلت إليه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ، مرغت وجهي في السجود إليه ، ناديت : يا ربي يا خالقي ، إن لم تغفر لي وترحمني لأكونن من الخاسرين ، يا رب ليس لي ربٌ سواك فأدعوه ، ليس لي مَن ألجأ إليه إلا أنت ضاقت الأبواب إلا بابك ، يا رب اعصمني من هذه الفتنة التي أنا فيها يا رب إني فقير إليك ليس بي حول ولا قوة إلا بك .
ربنا كريم ربنا رحيم ، يجيب دعوة الداعي إذا دعاه ، في سجودي وقيامي وقعودي كان هذا همي وهذا دعائي ، أنتظر الفرج من الله الكريم فقد ضاقت بي الدنيا ، وأغلقت أبوبها في وجهي وليس لي إلا الله .
لا يفتر لساني من ذكره ، وقلبي من التفكر فيه سبحانه في آلائه ومخلوقاته ، الحمد لله انكشفت الغمة وزالت الظلمة ، تركت هذه المعصية وانسلخ قلبي من التعلق بها ، أحسست أني أولد من جديد ، استنار قلبي ، وانفرجت أسارير وجهي ، وتحسنت أحوالي .
أسأل الله العظيم بمنه وكرمة أن يرزقني شكر نعمته ، وأن يلزمني الطريق المستقيم ، والبقاء عليه ، وأن يحسن خاتمي ،،، هذه قصتي أقولها لكم ، كي تجتنبوا ما وقعت فيه ، ولتعلموا أن الله وحده هو المنجي فلا يتعلق أحد ٌ بغيره ، وهو يكشف الضر ويرفع البلاء ، وليعلم كل من وقع في الصور والمشاهد الخليعة أنه يقتل نفسه ، وينسفها إلى أسفل سافلين ،

عمرم 16/10/2010 03:32 AM

: كل يوم قصة
 

(4)

المكلومة



أنا لم أفقد ولداً أو زوجاً قريبا أبكي عليه .. وليت الأمر كان كذلك لكان الأمر أهون .. أنا فتاة لم أتزوج بعد .. في ريعان شبابي .. لست أدري من أين أبدأ .. وإلى أي حد أنتهي ..
الكلمات تتصارع في ثغري .. والدموع تنسال على خدي .. لتخبركم بحقيقة طالما حبستها بين أنياط قلبي .. لقد عشت حياة الانسيابية .. لست بحاجة إلى تفاصيل هذه الحياة فقد سمعتم بذلك كثيراً ..
هي حياة تبدأ بالمجلات الهابطة .. وتنهتي بالمعاكسات الهاتفية .. وما يتبع ذلك أعرف أن ذلك ليس هو المطلوب من إيراد هذه القصة .. ولكني سأحدثكم عن توبتي .. وهي جانب مشرق من الجوانب المشرقة في حياة المرأة المسلمة .. كيف لا وباب التوبة مفتوح .. وليس العجب من التوبة ولكن الجانب المشرق في هذا هو حرقة الذنب الذي وجدته في صدري .. حتى زلزل ذلك كياني .. نعم أقول ذلك وهي كلمات عابرة .. لكنها بقلبي جروح نازفة ..
لقد والله هجرتني السعادة .. وظلت تعاتبني الأمانة .. حتى ضاقت بي الأرض بما رحبت .. فصارت كوابيس الأحلام تهددني .. لقد كنت أقرأ قول اله تعالى {وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } التوبة118..
قرأتها والله حينما منّ الله علي بالهداية .. ووالله الذي لا إله إلا هو كأنني أقرأ هذه الآية في أول مرة .. لطالما قرأت قصة الغامدية .. فكنت أقول في نفسي من الذي دفعها لتقديم نفسها فداء !! ..
وبعد أن من الله علي بالتوبة عرفت لما فعلت ذلك .. ووالله الذي لا إله إلا هو لطالما تمينت إقامة الحد ليرتاح ضميري .. أنا بحمد الله تعالى لم أصل إلى حد الزنا بل ولا رآني من أحدثه .. لكن هذا الذنب بمفرده قطّع نياط قلبي .. أحمد الله تعالى لقد حملتني حرقتي على الذنب أن استبدلت تصدير وتجميل الرسائل الغرامية في جوف الليل .. إلى تجميل وجهي بدموع التوبة ..
ما أروع هذه الدموع من دموع .. وما أجملها من عبرات .. لقد غسلت فيها هموم حياتي .. وآثار الذنوب والمعاصي .. حتى تبدلت بنور الطاعة .. ولذة الهداية ..
أنا الآن داعية إلى الله تعالى بلساني وقلمي .. يحرقني الذنب إلى أن يجعلني أسطر حروف الانكسار في لساني وقلمي .. بعد أن كنت أملأ الصحف والمجلات بكتابات ساخطة .. أصبحت بعد ذلك أتحدّى كل من يعزف على أوتار الكتابة لتحرير المرأة المسلمة .. وسأظل في صراع معهم حتى ينصر الله الإسلام والمسلمين .. وأخيراً لا أستطيع أن أصف لكم واحة الراحة في قلبي ولكن يكفي أن أقول لكم إني ولدت من جديد ..

أختكم : التائبة

عمرم 16/10/2010 03:34 AM

: كل يوم قصة
 

(5)

روب التخرج




لم تعرف ليلى كتّاب القرية كسائر الأطفال ،فلقد كانت بنت كبير الملّاك ، وكان أبوها يعتبرها ( ياسمينة البيت ) ، فكانت تنظر إلى القرية وأطفالها من برج عاجي وقد أقامت بينها وبينهم حاجزاً نفسياً رهيباً تبدو مظاهره في سور قصرها العالي ، وطبعها المتعالي .. استأجر لها والدها مدرِّسة تعلِّمها اللغة الأجنبية ، أما أزياء ملابسها فقد كانت تأتي خصيصاً من ( بيير كاردن ) و ( كرستيان ديور ) .. وفي مدرسة ( سان جورج ) كان محضِنها الأول .
وكبرت ليلى ، وافتتنت بالثقافة الغربية أشد الافتتان ، وحينما حصلت على بعثة من الجامعة إلى ( السربون ) ؛ جعلت اسم الرسالة : ( أهمية الفكر الغربي في بناء الحضارة الإنسانية ) !!! .
ومضى عليها ، في السربون أربع سنوات انتهت خلالها من الرسالة .. كانت كثيراً ما تحلم بحفل التخريج ، وروب التخرج ، وصوره التذكارية .. فها قد آن الآوان لشراء الروب لمثل هذا الحدث الهام في تاريخها الدارسي ..
ونزلت إلى شوارع باريس لشراء الروب .. وأثناء رجوعها مرت على زميلها ( آن ) كي تشاركها الفرحة ، فسألتها آن : هل تعرفين يا ليلى حكاية هذا الروب ؟ .
قال : لا .. لم أسأل نفسي يوماً ما هذا السؤال ، كل ما أعرفه أنه تقليد غربي ..
قالت لها آن: لا يا ليلى .. لقد كانت جامعات الأندلس الإسلامية منارات في غرب أوروبا للعلم والثقافة ، وكان خريجوها – من أبناء الغرب – يلبسون الروب أو العباءة العربية حتى يتميزوا بأنهم النخبة في المجتمع الأوروبي بعلمهم وثقافتهم التي تلقوها على أيدي الأساتذة المسلمين .حتى أصبح تقليداً غربياً .
كان وقع الإجابة بمثابة الصدمة بالنسبة لليلى ، وهي التي أضاعت حياتها منذ نعومة أظفارها في محاضن الفكر الغربي .. ابتداءً من ( سان جورج ) حتى ( السربون ) .
تمتمت ليلى : نحن الأصل ؟!! نحن الأساس ؟!! .
وتذكرت كلمات جدتها لها : (( يا بنيتي، إن الشخصية الإسلامية هي الشخصية السوية )) .
وعادت ليلى من السربون وهي تحمل الشهادة .. ولكنها تحمل في داخلها غصة على مُلْك الأندلس المضاع .. وعلى سنوات قضتها في البحث عن أهمية الفكر الغربي ..
عادت ليلى ولكن بفكر جديد ، ورسالة جديدة هي : كيف تعلم طالباتها في الجامعة أهمية الفكر الإسلامي في بناء الحضارة الإنسانية .. وكيف نجنب أطفالنا السلبيات التي وقعنا فيها .
عادت ليلى ولم تعد تنظر إلى الكُتاب من برجها العاجي ، بل بنظرة كلها إكبار واحترام ..
وتمر الأيام . وتتزوج ليلى ، وترسل أولادها إلى الكُتَّاب . حتى يستعدوا مجد الأجداد .. الغافقي وابن زياد .

عمرم 16/10/2010 03:37 AM

: كل يوم قصة
 

(6)

توبة فتاة في روضة القرآن





تقول هذه التائبة :
أنا طالبة في المرحلة الثانوية ، أعيش في دولة الإمارات العربية ولها معزة خاصة عندي ، ففي هذا البلد اختار الله لي طريق الهداية .
منذ قدومي إلى هذه البلد الشيق وأنا قد عقدت حلفاً مع حضرة الأستاذ الموقر !! ( التلفزيون ) ... كنت لا أفارقه لحظة .. لا أترك مسلسلاً ولا برنامج أطفال ولا أغنية ولا تمثيلية إلا وأشاهدها ، فإذا ما جاء برنامج ثقافي أو ديني فسرعان ما أغلق الجهاز ، فتسألني أختي : لِمَ فعلتِ ذلك ؟! فأجيبها بخبث محتجة بكثرة الواجبات المدرسية والمنزلية ، فتقول لي : الآن تذكرتِ الواجبات !! أين كنت عند مشاهدتك لتلك المسلسلات والأغاني والبرامج التافهة ؟! فلا أرد عليها .
أختي هذه كانت بعكسي تماماً .. منذ أن علمتها أمي الصلاة لم تتركها إلا لعذر شرعي ، أما أنا فلا أحافظ عليها ، بل لا أكاد أصليها إلا في الأسبوع مرة أو مرتين ..
لقد كانت أختي تتجنب التلفاز بقدر الإمكان ، وقد أحاطت نفسها بصديقات صالحات يساعدنها على فعل الخير ، وقد بلغ من صلاحها أن خالتي لم أسقطت طفلها وهي في المستشفى وكانت في غيبوبة ؛ رأت أختي وهي تلبس ملابس بيضاء جميلة وهي تطمئنها ، فاستيقظت خالتي وهي سعيدة مطمئنة القلب .
كانت دائماً تُذَكِّرني بالله وتعظني ، فلا أزداد إلا استكباراً وعناداً ، بل كانت ساعات جلوسي أمام التلفاز تزداد يوماً بعد يوم ، والتلفاز يتفنن في عرض أنواع من المسلسلات التافهة والأفلام الهابطة ، والأغاني الماجنة التي لم أدرك خطورتها إلا بعد أن هداني الله عز وجل ، فله الحمد وله الشكر .
كنت أفعل ذلك كله وأنا في قرارة نفسي على يقين تام من أن ذلك حرام ، وأن طريق الهداية واضح لمن أراد أن يسلكه ، فكانت نفسي كثيراً ما تلومني ، وضميري يعذبني بشدة ، لا سيما وأن الأمر لم يكن مقتصراً على ارتكاب المعاصي بل تعداه إلى ترك الفرائض .. لذا كنت دائماً أتجنب الجلوس بمفردي ، حتى عندما أخلد إلى النوم والراحة فإني أحاول أن أشغل نفسي بكتاب أو مجلة حتى لا أدع مجالاً لتوبيخ النفس أو تأنيب الضمير .
وظللت على هذه الحال مدة خمس سنوات حتى كان ذلك اليوم الذي اختاره الله لي فيه طريق الهداية .
كنا في إجازة نصف السنة ، وأرادت أختي أن تلتحق بدورة في تحفيظ القرآن الكريم بإحدى الجمعيات الإسلامية ، فعرضت عليَّ أن أذهب معها ، فوافقت أمي ، ولكني رفضت .. بل رفضت بشدة ، وأقمت الدنيا وأقعدتها ، وقلت بأعلى صوتي : (( لا أريد الذهاب ) ... وكنت في قرارة نفسي عازمة على العكوف أمام ذلك الجهاز الذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتي العابثة .. فما لي ولحلقات تحفيظ القرآن ..

حب القرآن وحب ألحان الغنا في قلب عبدٍ ليس يجتمعان

وحضر أبي .. فشكوت له ما حدث ، فقال : دعوها ، ولا تجبروها على الذهاب واتركوها على راحتها . .
وكانت لي عند أبي معزة خاصة لأني ابنته الوسطى فليس لي سوى أختي الكبرى ، وأخي الذي يصغرني بكثير ، وقد قال ذلك وهو يظن أني محافظة على صلاتي ، ولم يكن يعلم بأن الأمر مختلف جداً .. صحيح أني لم أكن أكذب عليه حينما يسألني ( أصليتِ ؟) فأقول : نعم ... فقد استطعت أختي أن تخلصني من داء الكذب ، ولكن كنت أقوم فأصلي أمامه عندما يكون موجوداً ، فإذا ذهب إلى عمله تركت الصلاة ، وكان أبي يمكث في عمله من 3- 4 أيام .
وذات يوم ، طلب مني أبي بلطف أن أرافق أختي ولو مرة واحدة ، فإن أعجبني الحال وإلا فلتكن المرة الأولى والأخيرة ، فوافقت لأني أحب أبي ولا أرد له طلباً ..
وانطلقت إلى روضة القرآن ..
وهناك .. رأيت وجوهاً متوضئة مشرقة بنور الإيمان ، وأعيناً باكية لم تدمن النظر إلى الحرام مثل ما كنت أفعل ؛ فتمالكني شعور فياض لا أستطيع له وصفاً .. شعور بالسعادة والرهبة ، يخالطه إحساس بالندم والتوبة ، وأحسست بأني قريبة من الله عز وجل ، فرقَّ قلبي ، وانهمرت دموعي ندماً على الأوقات التي ضيعتها في غير مرضاة الله .. أمام شاشة التلفاز ، أو في مجالس اللغو مع رفيقات السوء اللاتي لا هم لهن إلا القيل والقال ..
كم كنت غافلة عن مثل هذه المجالس التي تحفها ملائكة الرحمن ، وتتنزل على أهلها السكينة والرحمة والإيمان .
( لقد منّ الله عليَّ بالحياة في ظلال القرآن فترة من الزمن ، ذقت فيها من نعمته ما لم أذقه قط في حياتي .. عشت في ظلال القرآن هادئة النفس ، مطمئنة السريرة ، قريرة الضمير ، وانتهيت إلى يقين جازم حاسم أنه لا صلاح لهذه الأرض ، ولا راحة لهذه البشرية ، ولا طمأنينة لهذا الإنسان ، ولا رفعة ولا بركة ولا طهارة .. إلا بالرجوع إلى الله ..
إن الحياة في ظلال القرآن نعمة ، نعمة لا يعرفها إلا من ذاقها.. نعمة ترفع العمر وتباركه وتزكيه .. ) [11] .. فما أروع العيش في ظلال القرآن .
نعم .. لقد هداني الله عز وجل .. وقد كنت أبارزه بالعصيان ، وأقدم ما يرضي نفسي على ما يرضيه – سبحانه – وما يأمرني به الشيطان على ما يأمر به الواحد الديان .
باختصار ؛ لقد كنت غافلة فأيقظني القرآن :
(( إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً )) ( الإسراء : 9) .
واليوم ، أتساءل :
كيف كنت سأقابل ربي لو لم يهدني .. حقاً إنني خجلة من نفسي ، وقبل ذلك من ربي ، وصدق القائل :

فيا عجباً كيف يعصي الإلــ هُ أم كيف يجحده الجاحدُ
وفي كل شيء لــه آية تدل على أنـه واحدُ


أتوب إليك ربي ، واستغفرك ، إنك أنت التواب الرحيم ..
أختي الحبيبة : حلقات تحفيظ القرآن بانتظارك فلا تترددي في الالتحاق بها
والله يحفظك ويرعاك
أختكِ / طالبة في المرحلة الثانوية
الإمارات .

عمرم 16/10/2010 03:39 AM

: كل يوم قصة
 

(7)

توبة محامية شهيرة




كانت محامية شهيرة .. وفجأة اعتزلت المحاماة وارتدت الحجاب ، وتحولت إلى داعية تتردد على المساجد لإلقاء دروس الوعظ والإرشاد على بنات جنسها .

كشفت سر هذا التحول فقالت :
في أثناء تأديتي للعمرة وجدت نفسي أبكي ، وكلما بكيت أحسست بنقاء وشفافية ، وفي لحظات قررت اعتزال مهنتي . .وبعد أن حاكمت نفسي ؛ وجدت كل ذرة في كياني تؤيد ذلك القرار ، وحين عدت إلى بيتي تخلصت من جميع الملابس التي لا تتفق مع الزي الإسلامي وارتديت الحجاب ، ورفضت مقابلة العملاء الذين كانوا يأتونني من قبل بصفتي محامية [6] .

أما أفراد أسرتي فقد اقتنعوا جميعاً بهذا القرار إلا خطيبي الذي هددني بالطلاق قبل الدخول وكان قراري أسبق من قراره ؛ إذ أعلنت له رغبتي في عدم إتمام هذا الزواج إذا تعارض مع ما قررته لأكون امرأة مسلمة حقاً ، وكانت قسيمة الطلاق آخر شيء يربطني بعالَم لا أريده

عمرم 16/10/2010 03:41 AM

: كل يوم قصة
 

(8)

توبة راقصة جزائرية




نَشَأتْ في أرض المليون شهيد ... ونتيجة لتربية خاطئة ؛ انحرفتْ عن الصراط السوي ، فتلقفتها امرأة يهودية لترسلها إلى باريس وتصنع منها راقصة (!! )) .
اسمها خديجة المداح ، وعرفها رواد الفسق والضلال بـ ( هدى !! الجزائرية ) .
تقول خديجة : ولدت في منطقة الشلف ، في أسرة متدينة ، لكن أحد أفرادها – سامحه الله وغفر له – كان متشدداً لدرجة الغلو ، فعند ما كنت طفلة كان يؤثر ضربي المبرح بدلاً من تعليمي أصول ديني الحنيف ، وحدث أن طُلِّقتْ والدتي فتفكك شمل الأسرة ، وهربتُ من البيت ، ومن هنا كانت البداية .
انضممت إلى فرقة ( محي الدين !! ) ثم إلى العمل في بيت امرأة يهودية ، فما كان منها إلا أن أوفدتني للعمل في باريس كمُهرِّجة مع يهودي وأخر فرنسي ، كان دوري يتلخص في ارتداء الزي الجزائري والسخرية منه ليضحك الجمهور ..
وفي باريس تعرفت على ليلى الجزائرية التي كانت تعمل مع فريد الأطرش ، فرشحتني للعمل كراقصة ، وكنت في كل يوم أقترب كثيراً من حياة الضلال . لم أفق مما أنا فيه فجأة .. كلا ؛ بل منذ اليوم الأول وأنا أشعر بالندم والحسرة على السير في هذا الطريق ، وتأنيب الضمير بما تبقّى لديّ من فطرة .
ثم جاءت اللحظة الحاسمة ، وجريت إلى سكنى ، واكتشفت أني ما زلت حية ، وأن ضميري ما زال حيا ، وأنه لا ييأس من رَوح الله إلا القوم الكافرون .. قرأت كثيراً ، وبكيت كثيراً ، وما زلت أبكي على ما مضى من عمري ، لكنني أرجو رحمة ربي ، وأدعوه جل شأنه أن يتقبل توبتي [5] .

عمرم 16/10/2010 03:44 AM

: كل يوم قصة
 

(9)

توبة الممثلة الإماراتية نورية سليمان




بعد عامين فقط من دخولها ( الوسط الفني ) هجرت المسرح والتمثيل، وعادت إلى الله عز وجل ..
نورية سليمان .. خريجة قسم الإعلام عام 1989م ..
وقد عملت في تلفزيون دبي عام ( 1990- 1991 ) ...
تقول في بداية حديثها :
( أولاً ، أود أن أقدم توضيحاً بين يدي هذا الحديث ؛ وهو أن وجودي في الوسط الفني كان محدوداً ، فأنا دخلته عام 91 لأمثل في مسرحية ( حبة رمل ) والتي تم عرضها في مهرجان القاهرة للمسرح مدة يومين ، ثم بعد رجوعي من هناك ابتعدت عن الفرقة رافضة المشاركة في عرض المسرحية نفسها في الإمارات ، ثم عدت للمسرح ثانية لأقدم مسرحية ( جميلة ) في العام الماضي والتي عُرضت عدة أسابيع في الإمارات ثم ابتعدت من جديد ورفضت السفر مع الفرقة لعرضها في مهرجان القاهرة للمسرح في العام نفسه ، فالمسرح لم يكن كل حياتي في يوم من الأيام لكنه إحدى الهوايات التي أحببتها وطغت على غيرها من الاهتمامات والهوايات ردحاً من الزمن .

النقطة الثانية في هذا التوضيح أن اعتزال الوسط الفني - أو ما يسميه البعض بالعفن الفني – لا يعني بالضرورة الالتزام بالحجاب عندي ، فقد كان بالإمكان أن أبتعد عن المسرح مع الاستمرار في حياتي الخاصة على النحو الذي كنت عليه في المرحلة الماضية قبل التزامي ، لكن قراري الذي أحدث تغييراً شاملاً في حياتي ؛ كان اعتزال المسرح من ضمن جزئياته . إنه قرار كبير ولله الحمد شمل تفاصيل حياتي اليومية .. طريقة تفكيري .. مظهري.. معاملاتي ... هواياتي .. أصبحت أحاول جاهدة أن أجعل رضا الله المعيار الأول والأخير لتقييم كل الأشياء حولي .. فالقرار كان التغيير ، وكل الأحداث الأخرى من الالتزام بالحجاب ، والابتعاد عن المسرح وغير ذلك إنما ترتبت على هذا التغيير الذي وفقني الله إليه .

أما بالنسبة للأسباب الخاصة التي دفعتني لاعتزال الوسط الفني فهي عدم الرضا عن نفسي ، ثم نمو الوعي الديني ، والتوجيه المستمر والتشجيع من أقرب الناس إلىّ : زوجي الذي وفر لي كل الأجواء النفسية والحياتية ..
وأما ما يخص الوسط الفني فهو لما رأيته من ضياع القيم الأخلاقية مما كان له أثر سلبي عنيف على مفاهيمي وقناعاتي ، هذا ما دفعني لرفض الاستمرار في هذا الوسط ، وقد فرح أهلي وزوجي بشدة وشجعوني على الاستمرار في الخط الجديد لحياتي ، كما كانت هناك بعض التبريكات من بعض زملاء المهنة ، إلا أن الكثير منهم وصفني بالرجعية والتعجل في اتخاذ القرار (!!) ، والغباء بإضاعة فرص النجاح في المسرح (!! ) ، خاصة وأن مسرحيتي الأخيرة كانت في أوج نجاحها عند ما تركت كل شيء وراء ظهري [4] .

عمرم 16/10/2010 03:46 AM

: كل يوم قصة
 

(10)

توبة الممثلة أميرة




الممثلة أميرة هي أيضاً ممن التحق بركب التائبين ، تقول :
طول عمري وأنا قريبة من الله، أحب الصلاة ، وأداوم عليها . . وأختلي بنفسي – حتى خلال مرحلة اشتغالي بالفن - ..
وبعد الزواج ؛ أديت فريضة الحج ، ولكني لم أرتد الحجاب بعدها مباشرة ، ثم أديت العمرة مرات عديدة ، وبعد العمرة الخامسة تحجبت لتسعة أشهر ، ولكني تعرضت لضغوط رهيبة – لا داعي لذكرها الآن- كانت سبباً في تركي للحجاب ..
لم تتبدل حياتي ، ولم أشعر بارتياح ، بل بالعكس ؛ كنت حزينة ، وقررت في لحظة انفعال العودة إلى الحجاب للمرة الثانية ، ولكن لم يكن مقدراً [3] لهذه المرة أن تدوم طويلاً ...
وكانت المرة الثالثة التي ارتديت فيها الحجاب منذ نحو عام تقريباً وهي الأخيرة الدائمة إن شاء الله .. إنهم يقولون ( الثالثة ثابتة ) ، وأنا عازمة بإذن الله أن تكون كذلك .
لقد كان الأمر في المرات الأولى مختلفاً ؛ فلم يكن أحد بجانبي مثل الآن يشجعني ويؤازرني .. كنت وحدي في مجتمعات كلها سفور وعداء للحجاب .
وتؤكد أميرة : لم يحدث أبداً في أي وقت أن ضغط عليّ أحد لأتحجب ، حتى صديقتي العزيزة هناء ثروت – التي سبقتني إلى الحجاب – لم تطلب مني ذلك ، فقد اكتفت عند ما كنت أزورها ذات يوم بأن دعتني للصلاة ، ثم بعد الصلاة سألتني : لو كان لديك موعد مع إنسان عزيز تحبينه فماذا ترتدين له؟
- قلت : أفضل ملابسي .
- قالت : فما بالك بلقاء الله سبحانه وتعالى لحظة الصلاة .. ألا يستحق ذلك زياً ملائماً كما أمر الله . ؟
وبعد فترة من هذه الواقعة وجدت نفسي أتجه لاتخاذ القرار الذي كنت أسعى إليه باختياري منذ البداية .
والحمد لله الذي أمد في عمري حتى أتخذ هذا القرار ، ولم يقبض روحي وأنا متبرجة سافرة .

عمرم 16/10/2010 03:48 AM

: كل يوم قصة
 

(11)

توبة الممثلة شهيرة




لا تزال قوافل التائبين والتائبات ماضية ؛ لا يضرها نكوص الناكصين ، ولا نبح النابحين ، ولسان حالها يقول :

إذا الكلب لا يؤذيك إلا بنبحه فدعه إلى يوم القيامة ينبحُ

وإنّ من أواخر من التحق بركب الإيمان ، الممثلة شهيرة أو عائشة حمدي كما هو اسمها الحقيقي .. أترككن معها لتروي لكنَّ رحلتها من الظلمات إلى النور .. تقول :
( الحمد لله ) .. هي الكلمة الوحيدة التي لا أجد أحلى منها الآن لأرددها على لساني .. فقد تردّدتْ حولي منذ فترة طويلة كثير من الشائعات حول نيتي الاعتزال والاحتجاب ، إلا أن حقيقة ما حدث أنه منذ عام ونصف شاهدت رؤيا في المنام كان معناها أن الله يطلب مني أن أفتح كتاباً وأقرأه ، فبدأت أتردد على مجالس الذكر في المساجد ، وأقرأ الكتب الدينية بشغف شديد ، وخلال هذا كله كانت تراودني فكرة (الححاب) ولكن كانت تنقصني الشجاعة اللازمة لاتخاذ هذه الخطوة .

وعند ما جاءتني الفرصة تمسكت بها ، وكان ذلك في يوم الجمعة ، وكان من عادتي أن أبكي بشدة في صلاة الجمعة ، ولا أدري لذلك سبباً معيناً .. إنها مجرد عادة ، وأنا أبكي في صلواتي كثيراً ، لكن صلاة الجمعة بالتحديد تثير في نفسي الشجن .
وفي ظهر يوم من أيام الجمعة ؛ وجدت نفسي أردد بعد صلاتي الكثير من الأدعية ، ووجدت لساني يلهج بحمد الله عز وجل ، ويردد رغماً عني وبشكل متدفق : (( اللهم وفقني لما فيه الخير لي )) ..
ظللت أكرر هذا الدعاء عشرات المرات ، وعَصَفَتْ بي موجة من البكاء ، ورحت في عالم رحب كله حب الله ، وأمسكت بالمصحف ، وفتحته ، فإذا بعيني تقع على الآية الكريمة : ((قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)) ( الأعراف : 158 ).
فشعرت بقشعريرة زلزلت كياني ، وأكملتُ قراءة السورة الكريمة حتى نهايتها ، ومع آخر كلمة من السورة كنت قد اتخذت قراري بارتداء الحجاب واعتزال التمثيل ، وأذكر أنني ليلتها لم أنم ، وانتابتني حالة من التيقظ غير العادي ، وغفوت لمدة ساعة ثم صحوت بعدها على صلاة الفجر ، والغريب أنني منذ التزامي أصحو على صلاة الفجر ، ومن قبلُ كنت أنام إلى منتصف النهار ...
والآن .. أنا سعيدة للغاية حيث أكرمني الله عز وجل ، وهداني إلى نور الحق .. والحمد لله أني اتخذت هذا القرار في الوقت المناسب .
وحول سؤالها عن سبب اعتزالها ( الفن ) قالت :
اعتزلت التمثيل لرغبتي في البعد عن الأضواء والشهرة ، وأن التقي بالله سبحانه وتعالى بدون دنيا زائفة .. كما أن الرائج الآن في سوق الفن هو اللعب على غرائز المتفرج .. العنف .. الأعمال البلهاء .. الكوميديا الرخيصة .. وللأسف هذا هو الذي يحظى بالرواج !!!
وحول ما يشيعه البعض من تلقي التائبات أموالاً من جهات مجهولة (!!! ) مقابل التوبة ... ترد عائشة ( شهيرة سابقاً )) فتقول :
حسبي الله ونعم الوكيل .. هذا غير صحيح .. دافعنا إلى الاعتزال كان أسمى من كل القيم المادية .. لقد اخترنا الطريق الذي نشعر فيه بالرضا عن النفس ..
وحول جهودها في مجال الدعوة تقول .
حقيقة ما زلت في بداية الطريق ، وأحتاج إلى الكثير جداً من العلم والمعرفة بأمور ديني ، ولكن ما أتذوقه الآن من حلاوة ، وما أشعر به من الرضا والسعادة أحاول جاهدة أن أنقله إلى جميع من حولي ، فبرغم ثقافتي الدينية البسيطة ، إلا أنني بتلقائية شديدة أتكلم معهن عن بديهيات الأمور ، وأولويات الإيمان ، وأنقل إليهن أولاً بأول ما أقرأه وأتعلمه ، وأحاول إقناعهن بما اقتنعت به من أن الحجاب فرض وأمر إلهي كالصلاة والصوم والزكاة ..لا يحتاج إلى مناقشة أو تردد .
والحمد لله أن حباني موهبة الإقناع ، ولا أجد من الكلمات ما أصف به مشاعري بالحسنة التي يرزقني الله إياها عند ما تأتي مجالس العلم بثمرة طيبة بحجاب إحدى الأخوات ، وأتمنى من الله وأدعوه أن يجعل مني قدوة صالحة في مجال الدعوة إليه ، كما كنت من قبل قدوة لكثيرات في مجال الفن [1]

عمرم 16/10/2010 03:51 AM

: كل يوم قصة
 

(12)

التسجيلات بدايتي



أمشي بحيرة وتشتت في أحد الأسواق
وبعد برهة من الزمن.. أجدني واقفة ولكن أقف عند ماذا!! ولماذا أجد في نفسي هذه الدافعية القوية للدخول في هذه الغرفة الضيقة.

قلت لنفسي.. لأدخل ولأرى ما فيه، يا إلهي أكوام كبيرة من الأشرطة من أين أبدأ ومتى سأنتهي.

لا.. لا داعي للإرهاق سأخرج فأنا لم أعتد على دخول هذه الأماكن.. وفجأة وعند خروجي سقط أمامي شريط.. أخذته برفق لأعيده مكانه ولكنه أبى من كثرة الزحام.. أخذت عيناي تقلب نظرها حوله أبهرها جمال الكتابة وسحر الألوان وسلمت للبائع بضع ريالات وأقفلت راجعة.. استمتعت لذلك الشريط.. ولأول مرة أسمع لمثل هذه الأشرطة بل ولأول مرة أجد في نفسي هذا الإنصات العجيب والاستمرارية في إكماله..

لقد حكى حالي وحال أصحابي.. عالج مأساتي ومأساة رفاقي، حرك شجوني وشجون أحبابي.. ذكرني بالله خالقي وخوفني من الذنوب والمعاصي.. عشت فيه مع الصالحين وذرفت دموعي مع الخاشعين.. استغفرت ربي من كل ذنب عظيم وغفلة دامت سنيناً.. كيف لا والله يراني؟؟ وسيسألني عن كل لحظة من حياتي تعبت من كثرة الهموم في الدنيا وهل بعد سألقى ذلك في الآخرة، إذاً لا سعادة لي لا في الدنيا ولا في الآخرة والعياذ بالله.. فلابد من التوبة الآن، الآن، فلا أجعل الهموم هماً واحداً وهو الله تعالى.

فبعدها ولله الحمد عاد لي فكري وعرفت مرادي واطمأنت نفسي وما صار للفراغ مكان عندي،
وأصبحت الأشرطة الإسلامية جليسي في وحدتي، وأنيسي في سفري وحنيني في جوف ليلي ولا أنسى مع ذلك قرآن ربي.

فللمشايخ الفضلاء وأصحاب التسجيلات الإسلامية وكل من له طريق الخير مدخل دعواتي الحارة لكم بالتوفيق والسداد والدوام على الخير وأن تدخلوا الجنة بسلام، كما أنقذتمونا بإذن الله من شر اللئام وأوصلتمونا بأمر من الله إلى بر الأمان.

مها – الرياض

عمرم 16/10/2010 03:53 AM

: كل يوم قصة
 

(13)

وفاة ( باكستاني ) قرب الكعبة على مرأى من صاحبي تكون سببا في هدايته



اتجهت إلى طاولة في مطعم الجامعة بعد أن ابتعت فطورا لي ولمن معي من الأحبة وإذا بصاحب لي يجلس قريبا مني فاتجهت إليه ، وجعلت الجلستين جلسة ليحلو الكلام ، ولنتجاذب أطراف الحديث .
بادرني صاحبي بقوله : هل رأيت تركي ؟! ،
قلت : نعم ، ولكن حاله قد تغيرت كثيرا ً !! ،
قال : أسألته عن السبب ؟ ،
قلت : لا – والله – وأخشى أن أسأله فيكون السبب جرحا ً يتمنى نسيانه – وما أكثرها في هذا الزمان - .
سكت صاحبي ، وأتممنا فطورنا ، وهنا أعلنت الساعة قرب دخول المحاضرة فاتجهنا للقاعة .
مضت الأيام ، وأنا أرى صاحبي تركي قد تغير تغيرا ً غريبا ً ! ، ولكني لم أجرؤ على سؤاله عن سبب هذا التغير ،

ولكن بالي كان مشغولا ً ونفسي شغوفة لمعرفة السبب .

اجتمعت – بعد وقت ليس بالقصير – مع تركي وصاحب ٍ لنا في مجلس واحد ، وأخذنا نتحدث عن الدراسة والاختبارات ،

وفجأة بادرني صاحبي بسؤال ٍ أحرجني جدا حيث قال :
ألا تعرف سبب تغير تركي ؟! ،
فقلت : لا – والله – ولكن أسأل الله – تعالى – أن يكون خيرا ً .

وهنا طأطأ تركي برأسه ثم استلم زمام الحديث – بعد أن رفع رأسه وأعقب ذلك بتنهيدة حارة - وكان مما قال :

سافرت في أحد الأيام إلى مكة المكرمة للعمرة ، وكان دخولي للحرم مع أصحابي بعد أن انتهى المسلمون من أداء صلاة العشاء ،

رأينا جماعة تصلي قرب المطاف ( الصحن ) فأدركنا الصلاة معهم ، ثم قمنا لنبدأ عمرتنا ،

وهنا وجدنا الناس يتجهون لجهة معينة من المطاف ، ويقتربون للكعبة أكثر ، والازدحام يكثر ويكثر ، حتى تيقنّا أن هناك أمرا ً ما نتيجة هذا الازدحام الغريب الملفت للنظر لكل من دخل المطاف ولو كان من جهة أخرى .

فاقتربت أنا وأصحابي وكنت أقربهم للحدث ، فاخترقت الصفوف ، وكلما قربت رأيت الناس قد تغيرت ألوانهم ، حتى وصلت لسبب ازدحام الناس .

فماذا كان ؟!

الموقف باختصار :

رجل يتضح عليه من لباسه أنه من الجنسية الأفغانية أو الباكستانية ، كبير ٌ في العمر ، كث وطويل اللحية ، وهي بيضاء بياضا كاملا لا ترى محلا للسواد فيها ،
الرجل متمدد على الأرض ، وبعض الموجودين – وهم قلة قليلة – جلسوا عند رأسه ، يقولون : لا إله إلا الله – يكررونها - ،
فعلمت أن الرجل يحتضر ،
يا الله ، موقف عصيب ، لا أستطيع أن أصفه ،
الرجل كلما مرت دقيقة كلما اشتد تمدده على الأرض وكأنه قطعة من خشب ، والذين عند رأسه يرددون : لا إله إلا الله ،
وهنا بدأ الرجل يتكلم ، ولكنه كلام ٌ غير مفهوم لي ولمن معي ، وأظنه كان يتحدث بلغته ،
الناس يرددون : لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله ،
وهو ما زال يردد كلاما ليس مفهوما لنا ،
الموقف اشتد أكثر وأكثر ، والوجوه تغيرت أكثر وأكثر ، الألوان بدت شاحبة لكل من شاهد ذلك المنظر المخيف ،
فرجل يصارع الموت أمامك ، وأناس يرددون : لا إله إلا الله ، وهو يردد كلاما غير مفهوم بلغته ،
ثم حدث شيء لم أكن أتوقع أني أراه في حياتي ، جعل من عند رأس المحتضَر يتراجعون عنه ويقفون معنا ،

أتعلمون ماذا حدث ؟! ،
التفت ساقا الرجل ببعضهما البعض ومباشرة تذكرت قوله – تعالى – : ( والتفت الساق بالساق ) ، وكأن هذه الآية لأول مرة تمر بي !! ،
اشتد الرجل على الأرض ، والتفت ساقاه ، وقلّ حديثه الذي كنا نسمعه ولا نفهمه ، ثم سكت سكوتا ً يسيرا ً ،
فعاد من جديد للحديث ، ولكن هذه المرة بصوت واضح ٍ جدا ، وبلغة مفهومة معروفة لكل من وقف ،
فقد قال كلمة لا يوجد مسلم لم يسمع بها ، أو يعرف معناها ،

قال – بكل وضوح - :
لا إله إلا الله ، محمد رسول الله .

ثم توقفت أنفاسه ، ولان جسمه ، وارتخت ساقاه اللتان كانتا ملتفتان على بعضهما ، فلم نسمع له بعد ذلك لا نسما ً ولا همسا ً ! ،
سكت الرجل ، وبدأ الناس يتحدثون ولكن بلغة الدموع ، والنشيج ، والنحيب ،
فهذا يبكي ، وهذا يحوقل ، وذاك يسترجع ، وكأن الميت أب للحاضرين أو أخ لهم ،
وكم من واقف عليه لسان حاله يقول : طوبى له ليتني كنت مكانه .

حُمِل الرجل ، وتولى أهل الخير إنهاء أوراقه ، ورأت عائلته أن يصلى عليه في الحرم حيث كانت متواجدة معه في مكة – على ما أظن - ، وبذلنا جهدنا أن نعرف متى الصلاة عليه ، وفي أي فرض ،
صلينا عليه من الغد ، وذلك الموقف راسخ ٌ في البال ، لا يمحوه تعاقب الأيام والليالي .
ومن ذلك الموقف – بعد توفيق الله تعالى لي - تغيرت حالي ، وأسأل الله – تعالى – لي ولكم الثبات على الحق حتى نلقاه .

ا.هـ .

*
*
*

انتهى حديث صاحبي تركي – أسأل الله تعالى لي وله ولكل موحد الثبات - .

ولكن أنت – أيها القارئ الكريم – كيف ستكون نهايتك ، وختام حياتك لو كنت مكان ذاك الأعجمي ؟! ،
أستصدح بــ : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، أم سيُغلق عليك ، ولا تعرف منها شيئا ؟! ،

أيها القارئ الكريم :
اعلم أن من شب ّ على شيء شاب عليه ، ومن شاب على شيء ٍ مات عليه ،
وسكرات الموت ، كالملعقة لما في الصدور ، فمن كانت نفسه متعلقة بالله – تعالى - ، متبعة لأوامره ، منتهية عن نواهيه ، فذاك الفائز الرابح ،
ومن كانت نفسه متعلقة بالدنيا ، مقدمة ً لها على الآخرة ، فذاك الخاسر النادم – ولات حين مندم - .

عمرم 16/10/2010 03:54 AM

: كل يوم قصة
 

(14)

قصة حقيقية حدثت معي في كورنيش الدمام


أبو نهار الشهري


كل يوم وفي كل مساء اذهب إلى الكورنيش الدمام لأقضي ساعة في ممارسة رياضة المشي

وفي هذا اليوم وأنا أقف بسيارتي خلف سيارة في الكورنيش

أذا بي أرى بالسيارة التي أمامي شخص أسمر البشرة كأن به مس من الجن يترنح في السيارة وكأن به صرع ويترنح يمين وشمال ( يتراقص )

وفتحت الباب أهم في النزول من سيارتي وإذا بي أسمع صوت صاخب يخرج من السيارة التي أمامي موسيقى وبصوت مرتفع جداً

سبحان الله

وقبل شروعي في الرياضة تكلمت مع نفسي

هل أذكره بالله وأنصحه أو أعطيه شريط من الأشرطة التي بحوزتي لعل الله يهديه على يدي وكنت بنيه صادقه مع الله

ودعيت الله وأخذت شريط بعنوان ( الصاخة ) للشيخ خالد الراشد ( أفك الله عوقه ) .

وعندما اقتربت منه ورأيته كان في حالة هستيرية من الاندماج مع الأغنية

ولما رآني فزع وقال أخفتني

خير إن شاء الله

وألقيت عليه السلام وأنا مبتسم فرد عليه السلام بغير نفس

وقلت له يا أخي ما أسمك

قال خير (وش تبي )

قلت مباشرة أنا أخوك أبو نهار وأحب أهدي لك هدية

قال نعم وش الهدية

قلت تفضل ومسك الشريط يقلب بوجهي ويقول ما هذا؟؟

قلت أرجوك أن تسمع وأستحلفك بالله أن تسمعه كامل ، وقلت له أنا سوف أذهب أتمشى قليل بعد إذنك

قال مشكور ومشيت عنه كعادتي أزاول رياضة المشي وطول هذا الوقت أدعي ربي إن يفتح قلبه


وبعد مرور ساعة وأنا مقبل إلى سيارتي فرأيت سيارة نفس الشخص واقفة ولم تتحرك

وأنا انظر إلى السيارة لم أجد الشخص فيها ونظرت باتجاه البحر ولم أجد أحد أيضا واقتربت من السيارة وسمعت صوت شريط الصاخة مرتفع ورأيت الشخص مكب على وجه وهو يجهش بالبكاء

وقلت يا فلان ما بك

لم يرد علي

والله ثم والله من رآه ضنه طفل رضيع يبكي وقمت بفتح الباب ورفعت رأسه وهو يبكي ودموعه ملئت وجه ويقول بصوت منخفض بالكاد سمعته ( ياويلي ياويلي سامحني يارب )

وبعد ما فهمت ما يهذي به أصابني شي غريب لم استطيع وصفه لكم ولكني لم أتمالك نفسي

فبكيت معه ولكن ليس حزن عليه ولكن فرحنا لما رأيت من هذا الشاب والحمد الله

وتركته يستريح قليلاً وقلت : كيفك الآن قال : ( أحس في صدري شي غريب الله يخليك تقولي من هذا الشيخ إلى يتكلم وين مكانه قلت له في الخبر وله مسجد بمدينة العمال بقرب مستشفى سعد )

قال : يا شيخ لم اسمع في حياتي مثل هذا الكلام وين أنا كنت وبدأ يبكي بكاء شديد وقلت له ابكي وأخرج ما في قلبك أسال الله إن تكون خير للإسلام والمسلمين

وقلت له ما أسمك قال : ( سعد ) قلت : يا سعد أن هذا اليوم هو يوم ميلادك وأتمنى أن تكون هذا لليله بداية حياتك مع الله الذي كنت عنه بعيداً وهو كان منك قريباً وقريبا ً جداً اسأل المولى عز وجل إن يثبتك يا سعد

قال أمين وسجلت له رقم جوالي وقلت له أذا احتجتني في شي اتصل ولا تتردد

قال بس أرجوك أبي أشوف هذا الشيخ

قلت له هو الآن ............... ( الله يفكه من عوقه ) ووصفت له المسجد على ورقة وعرف من وصفي مكان المسجد ومن ثم أهديته أيضا مجموعة أشرطه أخرى وودعته وكان الوقت متأخر وقلت لا تنسى اتصل عندما تحتاجني وذهبت وأنا كلي فرح واشكر المولى عز وجل على قبول دعوتي واسأل المولى عز وجل إن يجزي الشيخ خالد الراشد كل الجزاء على هذا المادة التي من سمعها تأثر بها لو كان قلبه حجر.

وأسال المولى عز وجل العزيز الحكيم ان يفك الشيخ خالد الراشد مما هو فيه أمين .

أتمنى من سعد أن يتصل بي وللأسف لم أخذ رقمه .

كما أرجو من الإخوان الدعاء للأخ سعد بالثبات

عمرم 16/10/2010 03:55 AM

: كل يوم قصة
 

(15)

توبة شاب تيجاني .




يقول هذا الشاب :
لقد ابتلاني الله عز وجل بالدخول في زمرة المتصوفة ، وفي أكبر الطرق الصوفية ، وأصعبها : ( الطريقة التيجانية ) ، وقد مكثت فيها مدة طويلة ، وكنت من المحبوبين والمقربين لدى شيخ الطريقة ( المقدم ) – أي خليفته – لأن كل ولاية لا بد فيها من مقدم يلقن الأوراد ، ويفتتح الجلسة .
وعقيدة هذه الطريقة ، وما تحمله في ثناياها من الشرك والبدع لا تخفى على ذي بصيرة ، ومع ذلك فهي تعد من أكثر الطرق أتباعاً ، والكثرة ليست دليلاً على الحق ، بل هي في الغالب دليل على الضد من ذلك ، كما قال الحق تبارك وتعالى : ((وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ )) ( الأنعام : 116) . كما أن من أسباب كثرة أتباعها ، قلّة الخارجين منها ، وذلك أن كل مقدم يمنع مريده من مخالطة الناس ، ويقول لهم بخبث : إن فيهم سماً ، فلا تتكلموا معهم ، ولا تخبروهم بما تعملون ، فيؤدي ذلك إلى عدم معرفتهم للحق وتبصرهم فيه ، وإصلاح عقائدهم المنحرفة ، كما أن من يدخلها لأول مرة ، يجد في قلبه انشراحاً موهوماً ، لأنه – حسب تفكيره – لا يرى شيئاً يخالف الشرع المطهّر ، فهم يذكرون الله صباح مساء ، ويشربون الشاي ، ويمازح بعضهم بعضاً ، ويحب بعضهم بعضاً !! فيتعلق بهذا الأمر لجهله ، ويظنه حسناً ، ويظن أنه قد وجد الطريق إلى الجنة ، نسأل الله العافية .
أما سبب خروجي من هذه الطريقة – ولله الحمد والمنّة – فقد كنت دائماً أدعو في سجودي : (( اللهم أرني الحق حقاً ، وارزقني اتباعه )) ، لأنني – في بعض الأحيان – كان ينتابني الشك في صحة منهج هذه الجماعة لما يسبغونه على أنفسهم من الفضل دون غيرهم ، وكأن الجنّة لم تخلق إلا للتيجانيين فقط .
وذات يوم كنت جالساً في البيت وحدي أراجع نفسي ، وأتأمل حالي مع هذه الجماعة ، فإذا بي أجد نفسي تراوح في مكانها صباح مساء .. ذكر ، ومزاح ، والوقت يمضي ويضيع ، وأنا في غفلة عن مستقبلي ، وكنت أحب القرآن الكريم ، فعزمت على السفر لحفظ القرآن ، ومن توفيق الله عز وجل أني سافرت مع أخ كريم ، سلفي العقيدة ، تقي نقي – ولا أزكي على الله أحداً – فاستقر بنا المقام في إحدى زوايا مدينة تلمسان لتحفيظ القرآن .. وظهرت علائم الفرج تلوح في الأفق ، فهذا الأخ الكريم لم يكن من المنفّرين بل كان رفيقاً رقيقاً ، لم يهجرني مع علمه بأني من أتباع الطريقة التيجانية الضالة ، ولم يبدأ بالإنكار علي من أول وهلة ، بل عاملني بأحسن الأخلاق ، وكان المرة تلو المرة يذكرني بحديث ، دون أن يبين لي أنه يقصد الطريقة ، وفي بعض الأحيان كان يذكر لي بعض محاسنها ، لأنه ليس من السهل أن يتراجع طرقي أو قبوري عن طريقته ، ولو أردت نصحه لم يزدد إلا تمسكاً بعقيدته ، فلا بد من لزوم الحكمة واللين .. فكنت مرة بعد مرة أقف على بعض الآيات المخالفة لما كنت أعتقده ، فمثلاً قوله تعالى في آية الأعراف : (( قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ )) ( الأعراف : 188)) .
ونحن في الطريقة نعتقد أن المريد يدخل الجنة هو وأولاده ، وأولاد أولاده ، وزوجته إلا الحفدة ، ونعتقد بأنه من لم يطع الشيخ فإنه يضره ويهلكه ، والعكس فيمن أطاعه .. ! فبدأت الحيرة والتفكير والحسرة تنتابني ، وهنا تدخل ذلك الرفيق السلفي الصالح فبدأ ينير لي الطريق ، ويقدم لي الرسائل والنصائح ، ولم يأل في ذلك جهداً ، كما كان يدعو لي في سجوده جزاه الله خيراً ، فكان الفضل لله سبحانه وتعالى ، ثم له ، ومما ساعدني على ذلك أيضاً بعدي عن شيخ الطريقة ومريده .
وبعد خروجي من هذه الطريقة ، كنت أقلق عند ما أرجع إلى المنزل ، لأن الشيخ كان يطلبني باستمرار ، وكان يعرف أبي ، فكنت أتحرج من مواجهته ، لأنه شيخ كبير . أما بعض المريدين فقد علموا بأني قد خرجت من زمرتهم ، فبدؤوا يظهرون لي العداوة والبغضاء كما هي سنة الله عز وجل في كل من سلك طريق التوحيد ، ونبذ الشكر وأهله ، والآن قد أكملت حفظ كتاب الله عز وجل ، وعزمت التفرغ لطلب العلم الشرعي الصحيح أنا وأخي ذلك الرفيق الطيّب ، وإني أنصح كل شاب مسلم بالحذر من هذه الطرق الصوفية المبتدعة فما ثمة إلا طريق واحد فقط طريق محمد صلى الله عليه وسلم .

عمرم 16/10/2010 03:57 AM

: كل يوم قصة
 

(16)

توبة امرأة من إتيان العرافين والكهنة .




ورد في الحديث الشريف : (( من أتى عرّافاً فسأله عن شيء ، لم تقبل له صلاة أربعين يوماً )) ( ) ، وفي حديث آخر : (( من أتى كاهناً فصدّقه بما يقول : فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم )) ( ) .

قال العلماء في الجمع بين هذين الحدثين : من أتى كاهناً أو عرّافاً ولم يصدقه ، لم تقبل له صلاة أربعين يوماً ، فإن صدقه ، كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن تاب ، تاب الله عليه .
تقول هذه التائبة :

تزوجت في السابعة عشرة من عمري ، وأنجبت بنتاً واحدة .. عشت حياة ترف مع زوجي : حفلات .. سهرات .. تبرج .. نسينا الله والدار الآخرة ، وجعلنا الدنيا وملذّاتها صوب أعيننا ، وزينها لنا الشيطان فكانت في أبهى زينتها .. ومضت الأيام ، والأعوام ، ولما بلغت ابنتي اثني عشر عاماً ، تاقت نفسي للإنجاب مرة ثانية ، واتفقت أنا وزوجي على ذلك ، فكان الحمل ، لكنّ حملي هذه المرة لم يكن طبيعياً ، ففي كل زيارة للطبيب يقول لي : إن حملك هذا غير سليم ، ولمن يمر هذا الشهر إلا وسيحدث لك إجهاض !! .
صُرفت لي أدوية كثيرة ، وحقن ، و .. و... لكن زوجي لم يكن مطمئناً .. فأخذ يتلفت يميناً وشمالاً ، وفوجئت به مرة يقول لي : لقد وجدته ، إن يده مباركة ! ، وما إن يعمل لك عملاً حتى ينجح فيه ، تعالى نزوره .
وذهبت معه إلى ذلك الرجل ، كان عرافاً ، وما إن مثلت بين يديه حتى بدأ العمل : بخور ، وكلمات ، وهمهمات ..لم أفهم منها شيئاً .. المهم أن كل ما طلبه مني قمت بعمله ، لكن الآلام لم تبرح تعاودني بشكل مستمر ، ولما زرت الطبيب لأسأله مرة ثانية ن قال لي مثل ما قال لي في المرة الأولى : انتظري إجهاضاً .. ثم عرض علي حقناً تساعد على تخفيف الألم .. فكنت أرفض بشدة ، وأعيد زياراتي للعراف الفلاني ، والكاهنة الفلانية ، هذا بالبخور ، وذلك بالتمائم ، وتلك بأعمال مختلفة من ضروب الشعوذة ، حتى ضاق صدري واختنقت ، ولم أعد أطيق الصبر ، وبدأت تترآى لي في المنام أحلام مزعجة لا أفهمها ، ولا أحرص على تفسيرها .. باختصار ، عشت حياة يائسة كادت أن تقودني إلى الجنون ..
وفي لحظة شعرت وكأن الزمن قد توقف .. أخذت بكل تلك التمائم وألقيتها أرضاً ، ورفعت يدي إلى السماء .. وقلت بصوت مسموع والدموع تملأ عيني : (( سلمت أمري لك يا رب ، فأعني )) . .
وما هي إلا أيام حتى هدأت العاصفة .. لا ألم ، ولا نزيف ، ولا وساوس .. أحسست باطمئنان غريب في نفسي .. قمت فاغتسلت وتطهّرت ثم صليت ، فكانت أول صلاة لي منذ زمن طويل .. وأحسست براحة عجيبة ، وارتاح من حولي ، وزرت الطبيب ، فاندهش لحالي ، وقال لي : ماذا فعلت ؟ قلت : لا شيء سوى أني توكلت على الله ، ومن توكل على كفاه .
انتهت مدة الحمل ، وأنجبت بنتاً مكتملة الخلق ولله الحمد ، وداومت على صلاتي من غير أن أطبق شيئاً آخر من تعاليم الإسلام من حجاب أو غيره ...

ولما بلغت بنتي العامين ونصف العام بدأت تتحدث بطريقة عجيبة ، كانت تقول ماما ماما ، أتحبين الله ؟ فأجيب : نعم ، بالطبع ، فتقول : ماما ، إن الله يحبّنا إذا أعطانا الخبز والبيض والماء .. !

ومرة قالت : ماما ، صفي لي رسول الله صلى الله عليه وسلم . قلت : إنه جميل جميل جميل .. أعدتها عدة مرات ، فقاطعتني قائلة : إيه جميل !! ماما ، لا تقولي جميل ، قولي : ( منَوَر ) . وهي كلمة عاميّة في الجزائر ، مشتقة من النور ومعاني أخرى عدة ..

كلمات كثيرة كانت تقولها ، أظل أياماً أفكر فيها ، وبعد أن رويت لإحدى أخواتي عن طريقة حملي ، وعن كلام ابنتي ، أهدتني كتاباً عن الدعاء في السنّة ، تعلّمت منه الكثير ، ونصحتني بالحجاب ، فارتديته . ودخلت المسجد لأول مرة ، وتعرفت على الصحبة الصالحة ، التقية النقية ، التي تخاف الله ، فكان ذلك عوناً لي على معرفة ديني بطريقة لو عرضت على الكفار لدخلوا في دين الله أفواجاً .. ويكفيني منهم الكلمة الطيبة ، والابتسامة الصادقة التي يلقونني بها، وحقاً إن تبسمك في وجه أخيك صدقة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم .
ثم بدأت الجهاد في بيتي مع زوجي وبناتي ، والحمد لله ، فمنذ شهور قليلة فقط بدأ زوجي يعرف الطريق إلى المسجد ، أما ابنتي الكبرى فقد ارتدت الحجاب ، وهي من المستمعات المطيعات ، فهي تقرأ معي الكتب التي أستعيرها من المسجد أو من بعض الأخوات الصالحات ، وقد اقتنعت أخيراً بحرمة الغناء ، واجتنبته بلا جدال ، وكذا أشياء أخرى لا تعد ، فلله الحمد والمنة ، أولاً وآخراً .

عمرم 16/10/2010 03:59 AM

: كل يوم قصة
 

(17)

توبة فتاة من شرك المعاكسات


تقول هذه الفتاة :
أنا فتاة في الخامسة عشرة من عمري : كنت أعيش حياتي بشكل طبيعي ، سواء الأسرية أو الاجتماعية أو المدرسيّة ، وقد تجاوزت المرحلة الابتدائية – ولله الحمد – بخير وسلام ، ولم أتأثّر بشيء كان يحصل آنذاك ، وأظنّ أن السبب في ذلك هو صغر سنّي ، وعدم فهمي للحياة على حقيقتها ، فما بدأت حياة الضلال والتخبط والجهل إلا في المرحلة المتوسطة ، كنت أضل يوماً بعد يوم بشكل غير واضح ، ودون أن أشعر بذلك ، كانت البداية بعض المعاصي الصغيرة التي لا يعاقب عليها الشرع بشدة ، إلى أن وقعت في ذنب كبير أحسست بأن نفسي قد احترقت بسببه ، وكانت الخطوة الأولى مكالمة هاتفية من مجهول ، كنت في تلك الليلة وحدي في غرفتي أذاكر دروسي ، أختي كانت نائمة ، وأخي كان في مدينة أخرى ، ووالدي غير موجود ، أما والدتي فلم يكن همّها إلا حضور المناسبات والحفلات والتجمّعات النسائية ، مما شغلها عن أمور بيتها ، المهم أنني كنت وحدي أذاكر دروسي في جو من الهدوء والسكينة والطمأنينة ، وكنت حقاً أذاكر رغبة في طلب العلم ، والله يعلم ما في نفسي ..
وفجأة ... رنّ جرس الهاتف .. ولم يكن أمامي إلا أن أردّ عليه ، فليس في البيت غيري وأختي النائمة ، فإذا بصوت ذئب من ذئاب البشر ينبعث من سماعة الهاتف ، يخاطبني بأرق عبارة ، لم أعتد ذلك قط ، لذا شعرت بشيء من الخوف والرهبة تسري في أوصالي ، حتى لو كان غرض ذلك المتكلم شريفاً .
قال لي : أهذا بيت فلان ؟ قلت : لا .. النمرة خطأ .. وهو يعلم أن النمرة خطأ ، حتى صارحني بذلك ، ثم طلب مني أن أكلمه .. فقلت له : وماذا تريد ؟ قال أريد التعرف عليك ! .
في البداية رفضت هذا الأمر بشده ، فأنا لم أعتد هذا النوع من المكالمات ، ولم أجرّبها من قبل ، مع أن بعض زميلاتي في المدرسة كن قد جرّبنها كثيراً ! حتى إنّي كنت أتحاشى الجلوس معهن ، وما كنت أظن أنني في يوم من الأيام سأصبح واحدة منهن ..
إحداهن كانت تدرس معي في نفس الفصل .. أخبرتها بالأمر طالبة المشورة – و بئس المستشار – فلم تتردد في تشجيعي في السير في ذلك الطريق بكل عزم وإصرار ، لا سيّما وأن هذا الأمر بالنسبة لها شيء هيّن ، أما أنا فهو عندي شيء غريب لا أعرفه ، ولم أجرّبه قط في حياتي .. الشيء الغريب الذي أستغربه من نفسي هو : كيف أنّني استمعت إلى نصائحها الشيطانية ، مع أني أخاف هذا النوع من المكالمات الهاتفية خوفاً شديداً .. حقاً إنه شيء غريب .. لا أدري أين ذهب عقلي آنذاك .. لقد نسيت مراقبة الله لي ، بل لقد نسيت نفسي ، حتى غاب عني الشعور بالخوف من الله ، وزالت عني الرهبة من تلك المكالمات فأصبحت وكأنها شيء لا حرج فيه ، أو كما صورته لي صديقتي أنه مجرد لهو ، وتسلية ، وتنفيس عن النفس !! ، ونسيت المصادر الأساسية الواجب تحكيمها ، كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، كل ذلك غاب عني في تلك اللحظات ، وبما أنني قد عرفت أن هذا الشيء منتشر بين الشباب والفتيات ، قلت في نفسي : ولِمَ لا أجرّب ذلك ، فربما أجد فيه السعادة التي أبحث عنها .. .
وبالفعل .. بدأت علاقتي الهاتفية مع ذلك الشابّ ( الذئب ) ، فكنت في كل صباح أنقل لزميلتي في المدرسة كل ما يجري بيني وبينه من أحاديث وأحداث ، فكانت تشجعني ، وترشدني إلى بعض الأقوال والتصرفات ، وأنا أنقل له على لساني ما كانت تقول لي ، حتى إني بعد توبتي وتذكري لتلك الأيام شعرت وكأني كالبلهاء أسمع كلامها ، أو كالخاتم في يدها تديره كيف شاءت ..
وفي يوم من الأيام ، وأثناء ما كنت أحكي لصديقتي ما دار بيني وبين ذلك الشاب من حوار ليلة أمس ، سمعتني إحدى صديقاتي الصالحات ، فامتعض وجهها ، وحاولت نصحي ، وإبعادي عن تلك الصديقة ، كنت في بعض الأحيان أشعر بشيء يشدني ويدفعني إلى سماع نصائحها وتصديقها ، لكن تأثير صديقة السوء كان أقوى ، فما كان من تلك الأخت الفاضلة – بعد أن عجزت عن تقويمي – إلا أن أخبرت أختي التي تكبرني في السن ، وتفوقني خبرة في الحياة ، ومن رحمة الله بي أن أختي هذه كانت من النوع الذي يحافظ على الأسرار ويكتمها ، فرأت أن تنصحني قبل أن تخبر أبي وأمي ، فكانت تقص عليّ بعض القصص التي تبين أضرار هذه المكالمات ومخاطرها ، إلا أن لم أكن أصدق ذلك ، فقد كانت تلك الصديقة ( صديقة السوء )) تقف هي والشيطان حاجزاً منيعاً يحول دون وصول صوت أختي إلى أذني أو بالأصح إلى قلبي ، إلا أن أختي لم تيأس من صلاحي ، فكانت تبذل قصارى جهدها لإنقاذي من الحفرة التي وقعت فيها ، والتي حفرها لي شياطين الإنس ، والعناد إلى أن جاءت لحظة الهداية ، كانت قاسية جداً ، بل كانت فاضحة .. ففي يوم من الأيام .. وبينما كنت مشغولة بمكالمة ذلك الشيطان الإنسي إذ بأخي الأكبر الذي عاد من سفره يستمع إلى المكالمة بكل إنصات .. يا للفضيحة .. في تلك اللحظة شعرت بأنني قد انتهيت فعلاً .. ذبت خوفاً وخجلاً .. لا أكون كاذبة إذا قلت إن ذلك الشعور ليس خوفاً من أخي وردة فعله ،أو إخباره لأهلي ، إنما كان ذلك خوفاً من الله عز وجل وحياء منه ، وندماً على تلك الأيام التي ضيّعتها في غير طاعة الله عز وجل ، وشغلتها بالمعاصي والذنوب ..
المهمّ أنّني بعد تلك الحادثة عزمت على التوبة النصوح ، وترك كل ما يخدش ويجرح إسلامي ، وإيماني ، والعمل على ما يرضى الله دائماً ، والشعور بمراقبته في كل أمر وحين .
وإنّي أعتقد أن من أسباب ضلالي وانحرافي ما يلي :
أولاً : سنّ المراهقة ، فلا شك أن هذا السن يساعد على الانحراف ، لا سيما في غياب التوجيه السليم ، والقدوة الحسنة ..
ثانياً : رفقاء السوء، وكما في المثل ( الصاحب ساحب ) ، يسحبك إلى ما هو عليه من خير أو شر ، ويجعلك مثله .
ثالثاً : انشغال الأهل عن أولادهم ، وإهمال مراقبتهم ومصاحبتهم ، وهذا ما حدث لي تماماً ، لولا ما حصل من أخي وأختي جزاهما الله خيراً ..
وأخيراً فإني أحمد الله عز وجل على هدايته لي بعد الضلال الكبير الذي عشته ، وانحرافي عن الصراط المستقيم ، ولو أن النهاية كانت قاسية ومؤلمة كما يظهر لبعض الناس ، لكنها أفضل من قسوة وعقوبة الآخرة ..

عمرم 16/10/2010 04:03 AM

: كل يوم قصة
 

(18)

توبة فتاة صوفية


.
الصوفية المعاصرة ليست هي الصوفية القديمة الأولى التي هي بمعنى الزهد في الدنيا والإعراض عنها وعن ملذّاتها ، فالتصوف في هذا العصر أصبح قريناً للشرك بالله عز وجل ، والتعلق بالقبور والأموات ، وتقديس الأشخاص ، على حساب حرية العقل والفكر ، ومخالفة الكتاب والسنة ، وفي هذه القصة أنموذج لجيل الآباء وما يحمله من موروثات خاطئة ، وجيل الأبناء وما يحمله من وعي كبير ، وفكر مستنير ، وإن كان العكس أحياناً قد يحصل ، لكن هذا هو الغالب في زمن التخلف .. تقول هذه الفتاة . .
هذه فرصة أنتهزها للكتابة إليك .. نعم ، هي فرصة عجلى ، والقلب ممتلئ بالآهات .. وألفاظ اللسان قصيرة الباع ، فما على المريض من حرج .
لكنّي - والحق لا يعرف المداراة – صابرة على بلائي ، على الرغم من طول علّتي ، وقد دفعني شغفي إلى الإطلاع ، وحبّي لمتابعة ما يجوب الأسواق من المؤلفات السلفيّة القيّمة ، التي تذبّ عن مذهب أهل الحديث ، مع ضعف الحالة الماديّة – كل ذلك دفعني إلى مراسلتكم لاقتناء مجموعة من الكتب العلميّة التراثية التي أنا في أمسّ الحاجة إليها ، لا سيّما وأنّ أبى – هداه الله – مرجع من مراجع الصوفية ، وله في ميدان التصوّف صولات وجولات ، ولديه مكتبة بها كتب كثيرة للشعراني وابن الفارض ، وابن عربّي ، فضلاً عن كتب أبي حامد الغزالي والقشيريّ والمحاسبيّ وغيرهم من أئمة الصوفية ، وكتب أخرى تُرسل إليه بصفة مستمر من بعض المؤسسات الصوفيّة في العالم الإسلامي ، منها على سبيل المثال كتاب (( تطهير الفؤاد من دنس الاعتقاد )) للمطيعيّ ، و ( التوسل بالنبيّ وجهلة الوهابيين ) لأبي حامد مرزوق ، وغيرها ، وكلها كتب ، تنضح بالشرك والضلال ، ومحاربة العقيدة السلفية النقيّة ، والتلبيس على الناس ..
وكان أبي يحرص على تعليمنا – أنا وإخوتي وأمي – مبادئ التصوّف ، وكنت إلى زمن قريب ممن يحافظون على أوراد الطريقة وأذكارها ، وقراءة تلك الكتب الصوفية ، وبخاصّة في الإجازة الصيفية ، حتى إني كنت مولعة بقراءة كتب الطبقات والمقامات الخاصة بمن يسمونهم الأولياء ، وخاصّة الشعراني : الطبقات الكبرى والصغرى ! ..
وبينما أنا ذات يوم أصلّي بمسجد الكليّة الظهر إذ رأيت مع إحدى زميلاتي كتاباً بعنوان : ( هذه الصوفيّة ) لفضيلة الشيخ عبد الرحمن الوكيل رحمه الله ، فاستعرت منها الكتاب وقرأته وأنا متخفيّة مخافة أن يراني أبي ، ثم عرفت من هذه الزميلة أن الدكتور الفلاني هو صاحب هذه النسخة ، فذهبت إليه وناقشته بخصوص موضوع التصوّف والكرامات والكشف والإلهام .. وعن الخضر عليه السلام ومواقفه التي كان يحدثنا عنها أبي .. فحرص الدكتور على إعطائي نسخة من كتاب للدكتور جميل غازي رحمه الله ، بعنوان : ( الصوفيّة ، الوجه الآخر )، ثم أعطاني كتاباً آخر للداعية السلفي كما حدثني عنه الدكتور : الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق حفظه الله ، فعلمت بعدها بأن الطريق الذي عليه أبي ليس هو طريق أهل السنّة والجماعة ، وعزمت على التزوّد بسلاح العلم والمعرفة ، والاطلاع حول هذه القضية المهمّة ، المتعلّقة بالاعتقاد حتى هداني الله عز وجل إلى الاعتقاد الصحيح ، اعتقاد أهل السنة والجماعة وسلف الأمة ، وإني أنصح شباب الأمة بأن يعيدوا النظر فيما ورثوه عن الآباء والأجداد من اعتقادات وتصوّرات ، فإن كان موافقاً للكتاب والسنة فالحمد لله ، وإلا فليضربوا به عرض الحائط ، وليستعينوا في ذلك بالعلماء الربّانيين الصادقين ، الذين تحرّروا من ربقة التقليد والتعصب الأعمى ، سواء كانوا من الأحياء أو الأموات ، والحمد لله أولاً وآخراً ..

عمرم 16/10/2010 04:04 AM

: كل يوم قصة
 

(19)

توبة فتاة متبرجة




تقول هذه الفتاة :
تسع بنات وخمس ذكور هم عدد أفراد أسرتي بالإضافة إلى الوالدين .. كان همّ الوالدة الأكبر هو تزويج البنات التسع ، وقد شاع في مجتمعنا الفاسد أنّ البنت لكي تجد عروساً لا بد أن تتعرى باللبس القصير !
، وتتجمل بالماكياج ! وتصفّف شعرها على أحدث خطوط الموضة !!
عشنا الفساد بأكمله .. تزيّنا .. وخرجنا بأحدث زينتنا ، وكنا فرائس لذئاب بشريّة .. هذا بنظرة ، وذاك بكلمة .. وكل على شاكلته ..
في ذلك الوقت ، لم نكن نعرف من الإسلام سوى الأركان الخمسة فقط ، وليتنا عملنا بها .. إلا أن ظاهرة بدأت تظهر بين الفتيات آنذاك ، الواحدة تلو الأخرى ، إنها ظاهرة لبس الحجاب .. كنت أرى تلك الفتيات وأنا جدّ محتارة إلى أن قررت إحدى أخواتي الثمان لبسه فلبسته .. في بادئ الأمر رحبّت به العائلة ، ثم لم تمض أيام حتى بدأت مضايقة الأم لها !
وذلك لما تسمعه من الجيران وخالاتي بأنّ من تتحجّب لن تتزوج ! ، وكلّهم يقول : إنها ربما ارتدت الحجاب لعاهة تريد إخفاءها ! ، فجنّ جنون أمّي ، وبدأت في مشاكستها بكلّ ما تملك ، حتّى أصبحت تناديها بـ ( المسلمة ) ! استهزاءً بها ، حتّى وصل الأمر إلى الضرب في كثير من الأحيان ! ، أمّا أنا فأرجو الله المغفرة ، فقد كنت من أجل أن أفوز برضى أمّي أبالغ في التجمّل والتبرّج ، فكانت تعيرها بي ، وكنت دائماً محل تقدير وثناء ..
ومرّت سنتان أو ثلاث وأنا على هذه الحال ، وفي يوم 19 جانفي 1987م ( 1407هـ ) خرجت مع بعض زميلاتي في نزهة (!) ، وفي الطريق مررنا بكنيسة ، وبعد مشاورات قرّرنا الدخول .. فوجدنا العديد من النصارى يصلّون صلاتهم ( هداهم الله جميعاً ) . .خرجت وأنا أحسّ بشيء ما يعتلج في صدري ، لم يعجبني حالي .. وهالني تمسّكهم بدينهم المحرف ، وخشوعهم في صلاتهم ( ) . . . أشياء عدّة لا أستطيع حتّى التعبير عنها ، وفي يوم الجمعة 21 جانفي – وهذا اليوم لا أنساه أبداً – كنت منهمكة في غسل الأواني ، فإذ بي أسمع حديثاً كان يدور بين أخواتي ، حيث ذكرت إحداهنّ أنّها رأت البارحة في منامها أن القيامة قد قامت ، ثم بدأت تصف ما رأته من أهوال وشدائد .. ارتجف قلبي بشدّة .. تركت ما في يدي ودخلت عليهنّ الغرفة ، وحلفت يميناً إن هي أعطتني حجاباً أن ألبسه غداً ، وأواظب على الصلاة ولا أتركها أبداً .. والله شهيد على ما أقول ، فأحضرت لي أختي حجاباً ، فعقدت العزم على لبسه وأنا على مائدة العشاء ..
قلت لأبي : أودّ أن ألبس الحجاب غداً إن شاء الله ! ..
صمت قليلاً ، ثمّ قال : موافق ، لكن بشرط .
قلت : ما هو .
قال : ألّا تنزعيه أبداً ..
فقلت : موافقة .
نظرت أمي إليّ نظرة طويلة ولم تقل شيئاً ، لأن الكلمة الأولى والأخيرة في البيت كانت لوالدي .
لم أنم تلك الليلة ، لا أقول من شدة الفرح ، وإنّما خوفاً من الغد .. حامت حولي وساوس الشيطان .. أسئلة كثيرة كانت تدور في مخيّلتي : لمَ تدفني نفسك بهذا الثوب ، وأنت دائماً تحبيّن الانطلاق ، وتعشقين الجمال . .ثيابك . .شعرك .. قدّكِ .. لم تخفين كلّ هذا ؟
نهضت باكراً ، وارتديت الحجاب .. كانت خطواتي متثاقلة ، واحدة للأمام ، والأخرى للخلف .. الأولى تقول لي .. تقدّمي والله معك ، والثانية تقول : لمَ تفعلين هذا ؟ وزينتك ، وجمالك .. !

استعذت بالله من الشيطان ، وخرجت .. الجميع جاؤوا يهنّؤنني على هذا القرار .. لن أنسى أبداً ذلك اليوم ، جلّ زميلاتي جئن في أحلى لباس ، وآخر موضة تسريحة شعر ، فبقيت أنظر حائرة في أمري ، لكن الله عز وجل لم يتركني ، بل هيّأ لي مجموعة من الأخوات الصالحات انتشلنني من بحر الندم والضياع إلى عالم لا حدود له ، عالم آخر ملائكي .. فاخضرّت الحياة في وجهي وأزهرت ، ثم أنعم الله عليّ فحملت المصحف وحفظت ما تيسّر منه ، ودخلت المسجد .. فتحت الكتب أمامي في العقيدة والفقه والحديث والسيرة ، وحتّى الأناشيد الإسلامية .. كلام طيب .. علمت بتحريم الغناء ، ومصافحة الأجنبيّ ، وإظهار الزينة ، فإذا الحلال بيّن ، والحرام بيّن ، وحتّى الوالدة الكريمة بعد أن تحجّبت بناتها التسع ، وبدأنا نُسمعها من كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه سلم الشيء الكثير ، تغيّرت كثيراً ، وأصبحت الصدر الحنون لنا ولزميلاتنا في المسجد ولله الحمد والمنّة ، أمّا موضوع الزواج ، فقد كان الأمر على عكس ما كانت تعتقد ، فقد تزوج سبع بنات من التسع من إخوة صالحين ، وبقيت اثنتان ، وهما على وشك الزوج إن شاء الله .
أمّا أنا فقد أخذت مكاني في المسجد عوضاً عن الشوارع والأسواق ، والحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات ، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله . .

عمرم 16/10/2010 04:06 AM

: كل يوم قصة
 

(20)

توبة فتاة من ممارسة الرياضة المحرّمة


تقول هذه الفتاة :
أنا فتاة في المرحلة الجامعية ، عشت في أسرة مسلمة محترمة ، تحبّ الدين ، وتواظب على الفرائض .. فكت أواظب على الصلاة في سنّ مبكّرة من حياتي ، حتّى انتقلت إلى المرحلة الإعداديّة ، عندها بدأت المشكلة ، فقد تعرّفت على معلّمة الرياضة ! وأحببتها كثيراً – طبعاً ليس لله – وأحببت الرياضة كذلك ، فبدأت بممارستها ، وتعلقت بها كثيراً ، فصارت جزءاً لا يتجزأ من حياتي ، حتّى إنّي أمضيت سبع سنوات من عمري في التدريبات والبطولات (!) ، وكنت أتشاجر مع أهلي من أجل الرياضة ، وأسدّ أذني عن سماع نصائحهم لي ، لأنّي آنذاك لم أكن أر إلا شيئاً واحداً فقط ، هو الرياضة ، ثمّ تمكّن الشيطان منّي ، فلبست البنطال القصير ( الشورت ) ، والضيّق ، وقصصت شعري كالرجال ، وكلّ ذلك رغماً عن أهلي .. والدتي عند ما تراني بالشورت كانت تنصحني ، وأحياناً لا تقول شيئاً (!) لكنّي أعرف أنّ هذا لا يرضيها ( ) ، ويشاء الله عزّ وجلّ – رحمة بي – أن أمرّ بظروف قاسية اضطرتني إلى ترك الرياضة ، فتركتها، وقد عرفت بعد أن هداني الله أنّ هذه الظروف كانت نعمة وليست نقمة ، فبعدي عن الرياضة جعلني أتذكّر الله عزّ وجلّ ، وأبتعد تدريجاً عن سماع صوت الغناء إلى سماع ما يرضى الله ، وتركت مشاهدة الأفلام والمسلسلات التافهة المنحطّة ، وبدأت أفكّر بلبس الحجاب ، والظهور بمظهر محتشم بعيداً عن التبرّج والسفور المحرّم ، وشعرت بأنّ الرياضة ( ولو كانت منضبطة بضوابط الشرع ) شيء تافه لا يستحقّ أن تُصرف فيه جلّ الأوقات ، لكنّ هذا التفكير لم يتحوّل إلى عمل إلا بعد أن شاهدت منظر الموت بعيني ولأوّل مرّة ، حيث توفي جدّي رحمه الله ، وغُسّل وكُفّن وأنا أشاهد هذا المنظر ، فاهتز كياني كلّه ، وجعل قلبي يخفق بقّوة خوفاً ورهبة ، وقادني ذلك إلى التفكير ، وتذكّر أمور كثيرة كنت أعرفها من قبل ، لكنّي لم أكن أعيرها أيّ اهتمام ، كالموت وسكرته ، والقبر وضمّته وعذابه ، والحساب وشدّته ، كلّ ذلك قادني فيما بعد إلى التوبة النصوح ، والندم الشديد على الأيّام التي ضاعت من عمري سدى ، وأنا الآن أرتدي الحجاب الشرعي ولله الحمد ، وأواظب على الصلاة ، وأستمع إلى نصائح والديّ ، وأفكّر كثيراً في الموت وما بعده من أهوال القيامة ، وأتوق كثيراً إلى سماع آيات الله عزّ وجلّ ، وسماع كلّ ما يقرّبني إلى الله .

أختكم في الله من سوريا

عمرم 16/10/2010 04:07 AM

: كل يوم قصة
 
(21)

توبة شاب مسلم اعتنق النصرانية


يقول هذا الشاب في رسالة وجّهها إليّ شخصياً :
أخي الفاضل ...
إنّ لساني يعجز تماماً كيف يشكرك على كتابك القيّم الذي يغسل القلوب ، ويغيّر النفوس ، كتاب (( العائدون إلى الله )) الذي تحصّلت عليه من طريق أخلص وأوفى مؤسسّة ، إنّها مؤسسة الحرمين الخيريّة ، واللهِ لمّا قرأته تأثرت به كثيراً ، وبكيت طويلاً ، وتذكّرت ذنوبي الكثيرة .. فأنا لم أترك نوعاً من الفواحش إلا اقترفته ، ولا ذنباً تتخيله إلا ارتكبته ، من أصغر ذنب إلى أكبره وهو الكفر بالله ، حيث أنّني في لحظة غضب وضعف وإغراء اعتنقت النصرانية . نعم ، اعتنقت النصرانيّة ، وذلك بسبب مشكلات عدّة كنت أعيشها .. ولا زلت أعيشها .. فأنا شاب في الحادية والعشرين من عمري ، متحصّل على شهادة (( مساعد محاسب )) لكنّني بدون عمل ، وهذا ما دعاني إلى اعتناق النصرانية ، حيث إنّي أعيش مع عائلة محافظة متدينة كثيرة الأفراد ، لكنّها بسيطة ومحتاجة إلى أبسط الضروريات .. أخي الأكبر متزوّج ، وله ثلاثة أطفال ، يعمل لدي عمّي في محلّ تجاري ، وهو المعيل الوحيد لنا بعد الله ، أمّا أبي فهو مريض بالسكّري ، ضعيف الجسد ، لا يقوي على العمل ..
تخيّل عدداً كبيراً من الأفراد يعيش في بيت صغير ليس به سوى ثلاث غرف !! كلّ هذا وعائلتي راضية تماماً بهذه الحياة إلّا أنا وأخي الذي يكبرني بسنتين فلم نكن راضيين بمثل هذه الحياة .. لأنّ أقاربنا – وبخاصّة بني عمّنا – يعيشون في رفاهية تامّة ، وطلبات أبنائهم أوامر تنفّذ على الفور إلا نحن ، وهذا ما ولّد الغيرة والحسد في قلوبنا أنا وأخي ، ولكي نحسّن من حالتنا المادية بحثنا عن عمل ، لكنّ العمل غير متوفّر لأمثالنا ، ومن العسير جدَاً أن نجد عملاً دون وساطة من أحد، أو تقديم رشوة .. وعند ما يئس أخي من الحصول على عمل ، سلك طريق الحرام ، وبدأ يتاجر بالمخدرات سرّاً دون علم أبي وأخي الأكبر ، وأنا – يا لغبائي – كنت أشجعه على ذلك لأنّه كان يعطيني بعض الأموال التي يجنيها .
واستمررت في البحث عن عمل زمناً طويلاً ، ولكن دون جدوى .. وفي يوم لا أنساه أصيبت والدتي الحبيبة بالمرض الخبيث ( مرض السرطان ) ، فقد أنشب أظفاره بجسدها ، فلم يمهلها سوى ستّة أشهر، وتأثّرتُ بموتها كثيراً ، واشتدّ الغضب في نفسي ، واسودّت الدنيا في عيني ، واشتعل القلب غيظاً ، ولعنتُ اليوم الذي تزوّجت فيه أمّي بأبي الفقير ، ولعنت اليوم الذي وُلدتُ فيه ( ) ، فوالله ما كنت أبحث عن عمل إلّا من أجل والدتي ، لكي أعوّضها ما حُرَمَتْ منه ، حيث إنّها – رحمها الله – لم تعش حياتها مثل باقي زوجات أعمامي أو باقي الأمّهات .. لقد كانت محرومة من كلّ شيء ، كانت لا تأكل طعاماً حتّى تتأكّد أنّنا جميعاً قد أكلنا ، وفي بعض الأحيان تنام على لحم بطنها ، لأنها لم تجد ما تأكله ، وكانت لا تشتري لنفسها أيّ شيء حتّى تتأكّد أنّه لا ينقصنا أيّ شيء ، مع العلم أنّه ينقصنا كلّ شيء .. صدّقني ، وأقسم لك بالله العظيم أنّها كانت تلبس بعض الألبسة التي كانت لديها منذ الاستعمار الفرنسي .. !
ولقد كان موتها قبل أن أحقّق لها ما كنت أحلم به لها وأعدها من أسباب ما تولّد في نفسي من الحقد والكره لأعمامي الأغنياء، الذين لم يساعدونا أبداً ، وهم يعلمون بحالنا ، وكرهت حتّى أبي الذي لم يكن مهتماً بأمّي رحمها الله ، ولم يكن يبالي بحالها الذي يرثى له حتّى إنّه بعد موتها اعترف بأنّه كان مقصّراً في حقها .. .
المهمّ أنّني بعد موت والدتي خرجت أبحث عن عمل ، وكالعادة لم أجد ، لكنّي لم أيأس ، وفي يوم من الأيّام ذهبت إلى مؤسّسة وطنية لأبحث عن وظيفة ، ودخلت على مدير المؤسّسة ، وبمجرّد دخولي عليه نظر إليّ نظرة غريبة من الأعلى إلا الأسفل ، ورحّب بي ترحيباً لم أكن أتوقّعه ، ظننت في البداية أنّه يعرفني أو يعرف أحداً من عائلتي ، ولكنّ ظنّي كان خاطئاً ، وسرعان ما كشف عن نواياه الخبيثة ، حتى بدأ يتكلّم عن شكلي ، وعن وسامة وجهي ، وأمور يستحي المرء من ذكرها ، وفهمت ما يريد ، وكان الأمر كما فهمت ، فقد بدأ يساومني كالشاة في جسدي مقابل المال والعمل ، فلم أتمالك نفسي حتّى شتمته وأسمعته ما يكره ، وربّما ما لم يسمع في حياته كلّها . .وخرجت وقلبي يملؤه الحسرة والألم ، والدموع تنهال على خدّي .. وفي اليوم نفسه التقيت بصديق أخي الذي يتاجر بالمخدرات ، فاستفسر عن حالي ، فأخبرته بكلّ ما حدث ، ودار حوار بيني وبينه ، فاقترح عليّ مراسلة إحدى الإذاعات النصرانية المعروفة ، وطلب المساعدة منهم ، ومن خلال كلامه عنها أحسست بأنّه على علاقة بها ، وأنّه قد اعتنق النصرانيّة ، وهذا من خلال التغيّر الذي طرأ عليه ، المهمّ أنّي أخذت منه عنوان تلك الإذاعة ، وراسلتها طالباً المساعدة ، ورويت لهم كلّ ما حدث لي بسبب العمل ، وحالتنا الماديّة المزرية ، وبعد مدّة قصيرة وصلني الردّ منهم ، حاملاً في طيّاته كل معاني الترحيب والقبول ! واستمرّت المراسلات بيننا والمكالمات الهاتفية ، وأرسلوا لي عدّة مطبوعات وكتب تنصيريّة ، ثمّ جاءت الرسالة التي طلبوا منّي فيها اعتناق النصرانيّة ، والالتحاق بمدرسة روحية في فرنسا لدراسة الدين النصراني ، ووعدوني بأن يتكفّلوا بجميع مصاريف إقامتي ودراستي هناك ، وبدون تردّد قبلت ، وأعلنت عن دخولي في النصرانيّة ، لأنّني سئمت البطالة والفقر والحرمان ، وفي ظني أني لو بقيت عشرين سنة إلى الأمام لن أجد عملاً .
واكتشفت عائلتي الأمر ، وعارضتني بشدّة ، حتّى أخي الذي يتاجر بالمخدّرات عارض فكرتي ، وبما أنّني كنت سأفعل هذا من أجلهم تردّدت قليلاً ، لأنّهم أشاروا عليّ أن أطلب المساعدة من المسلمين ، وبخاصّة دول الخليج العربيّ ، فهي دول غنيّة ، وتحتاج دائماً إلى العمالة الأجنبيّة ، وتحصّلت على بعض العناوين ، وراسلت بعض الشخصيّات الإسلامية لمساعدتي في إيجاد عقد عمل ، كما راسلت عدّة مجلات إسلاميّة ، وعدّة شركات ، ومؤسسات ، ومصانع ، وفنادق ، وعائلات ، ورجال أعمال في كلّ دولة خليجيّة ، وكنت أطلب عقد عمل ولو خادم يقوم بكلّ شيء ، ولكن للأسف لم أتلقّ أي ردّ منهم !! أكثر من خمسين رسالة أرسلتها ، ولكن لم يتفضل أحد منهم للردّ على رسائلي ولو بكلمة واحدة ، مع أنّني كنت أكتب لهم وأشرح لهم ظروفي العائلية الصعبة ، وأرفق مع كلّ رسالة شهادة تثبت حالتنا الاجتماعيّة ، وصوري ، حتّى سئمت المراسلة وإخراج الوثائق من دار البلديّة ..
هذا الموقف زاد من تمسّكي بقرار اعتناق النصرانيّة ، والسفر إلى فرنسا لأرتاح من الهمّ الذي أعيش فيه ، وبدأت في إجراءات استخراج التأشيرة من القنصلية الفرنسيّة التي كانت صعبة جداً ، ويشاء الله عزّ وجلّ أن أجد عنوان مؤسسة الحرمين الخيريّة ، كنت أظن أنّها تساعد الفقراء والمحتاجين من خلال اسمها ، لكنّها ساعدتني فيما هو أهمّ من ذلك ، وأهمّ من العمل والمال والسفر ، لقد ساعدتني في أن أعود إلى رشدي وديني ، وتمّت توبتي على يديها ، عن طريق ما تبعثه من رسائل وكتب ، ومنها كتاب العائدون إلى الله ، وبدأت أتغيّر يوماً بعد يوم ، وأحسّت الإذاعة النصرانية بهذا التغيّر لأنّي لم أعد أراسلها ، ولا أردّ على رسائلهم ومكالماتهم الهاتفيّة ، ولكنّهم لم يتركوني في حالي ، وشنّوا عليّ الحرب عن طريق رسائلهم التي كانت تحتوي على المطبوعات النصرانيّة ، وبعض الإغراءات التي أشعر بالضعف أحياناً عند قراءتها ، لكن أنّى لهم أن يستطيعوا زعزعة إيماني وعقيدتي بالله الواحد الأحد )) .
ثمّ ختم رسالته بقوله :
وشكراً لك مرّة أخرى على كتابك الذي أنار لي الطريق ، وهداني بتوفيق الله ، وجزاك الله خيراً ..
الأخ التائب : ع . ع

عمرم 16/10/2010 04:09 AM

: كل يوم قصة
 

(22)

توبة فتاة من التصوير المحرّم


التصوير المحرّم هو تصوير ذوا ت الأرواح من إنسان أو حيوان ، سواء باليد رسماً أو نحتاً ، أو بآلة التصوير المعروفة ، وإنّما حرّم ذلك لأمرين أحدهما : أنّ في ذلك مضاهاة لخلق الله عزّ وجل ، والثاني : أنّه قد يفضي إلى تعظيم هذه الصور والتعلّق بها ، ومن ثمّ عبادتها من دون الله كما حصل لقوم نوح عليه السلام ، وسأترك الحديث لهذه الفتاة لتروي لنا قصّتها في هذا المجال .
تقول : نشأت منذ نعومة أظفاري أحبّ الرسم وأهواه ، ولقد اكتشفت ذلك من خلال دراستي الابتدائية حيث كانت المعلّمة تكلّفنا ببعض الرسومات ، فكنت الوحيدة التي أجيد الرسم و أتحصّل على أعلى العلامات في هذه المادّة .
كثيرات كنّ يحسدنني على موهبتي الخارقة ، والكلّ كان يشجعني ، أمّا أنا فكنت لا أشكّ بأنّ لي مستقبلاً زاهراً في هذا المجال كما أوهموني ، واستمرّت الأحوال على هذا المنوال ، وانتقلت إلى المرحلة المتوسطة .. كنت مسرورة بهذا فلا أُرى إلاّ مزهوّة فرحة ، كيف لا وقد بهرت الجميع بموهبتي الخارقة ، وكسبت كثيراً من الصديقات والمعارف بسببها .. أصبحت معروفة من قبل الجميع حتّى صرت أتضايق من هذا .. كانوا يطالبونني كثيراً بأن أرسم لهم ، وأنا لا أستطيع أن أرضيهم جميعاً ...
وذات يوم ، وفي حصّة الجغرافيا تبادلنا أطراف الحديث مع المعلّمة في موضوعات شتّى .. كانت دائماً تنصحنا لوجه الله عزّ وجلّ .. حقّاً إنّها معلّمة صالحة فاضلة .. وإذا بإحدى زميلاتي تقول للمعلّمة .. إنّ فلانة تجيد الرسم ، ولو أردتِ أن ترسمكِ فإنِها ستفعل في دقائق معدودة ، وكأنّ الصورة أنتٍ إلا أنّها لا تنطق ..
ونظرت إليّ المعلّمة وابتسمت في وجهي قائلة : إذن أنتِ أليس كذلك ؟
أجبت بنوع من الغرور : بلى هو كذلك .
فقالت : لي : إنّ الإسلام لا يحرّم الرسم مطلقاً ، ولكن ألم تسمعي بالأحاديث النبويّة التي تحرّم رسم ذوات الأرواح ؟
قلت : هذا غير معقول ، وإن كان كذلك فإنّي لم أطّلع على شيء منها من قبل .
قالت : اعلمي إذن أنّ أشدّ الناس عذاباً يوم القيامة هو المصوّرون كما صحّ ذلك عن النبيِ صلى الله عليه وسلم ، فاتركي ذلك لما فيه من الضرر عليك ، وعصيان الله ورسوله .
قلت : أجل يا معلمتي ، إنّ الحقّ معكِ ، وسأحاول إن شاء الله تعالى تركه .
وتلفتّ يمنة ويسرة فإذا بزميلاتي ينظرن إليّ بخبث نظرة سخرية وتعجّب ، وخرجتُ بعد انتهاء الحصّة تائهة حائرة أمشي مطأطأة الرأس ، والأفكار تتصارع في مخيّلتي ، وإذا ببعض زميلاتي من رفيقات السوء يجتمعن إليّ ، ويقلن لي : هل صدّقتِها ، هل أنتِ جادّة في ذلك القرار ؟[!!
غير معقول ، مثلك لا يفعلها ، هاتي يديك أعطيكِ ما تريدين .. وبدأن يتحدّثن ، فقائلة تقول : لو كنت مكانها لتوقفت عن الدراسة وتخصّصت في الرسم ، وأخرى تقول : إنّها معلّمة مغرورة دائماً تتدخّل فيما لا يعنيها ..
لم آبه لما قلن ، ولم أعره أيّ اهتمام ، بل التفتّ إليهنّ ، وقلت لهنّ بصوت خافت ، اتركوني في حالي ، ولتمض كل واحدة في حال سبيلها ، وفي الغد قرّرت أن أستقيم وأبتعد عمّا حرّم الله عزّ وجلّ من الرسم المحرّم ، وعدت إلى المدرسة ، وأعلنت قراري بين زميلاتي ، فبعضهن قذفنني بالخوف ، وبعضهن الآخر بالتهرّب من قضاء ما وعدتهن به من الرسومات ، وبدأن يسخرن منّي وظلّ الأمر على هذه الحال لمدّة أسابيع ، حتّى زيّن لي الشيطان على لسان رفيقات السوء العودة إلى طريق العصيان ، وأنسوني كلّ ما قالته لي معلّمتي الفاضلة ، حتّى إنّها كانت تسألني مراراً : هل توقّفتِ عن رسم ذوات الأرواح ؟ فأجيبها بنفاق : نعم : فتضحك زميلاتي ، وأضحك معهنّ .. نعم ، هكذا يا نعيمة ، هي تكذب – بزعمهنّ – وأنتِ تكذبين عليها ، ثمّ نضحك من جديد .. ولكن في قرارة نفسي لم أكن راضية بما أفعله ، لذا كنت أتحاشا أن أفكّر في هذا الموضوع ..
وكثر المشجعون لي والمعجبون بي ، ولكن يا للعجب ، الجميع يريد مني أن أرسم له ، ولم يفكرّ أحد في شخصي ، لذا لم تكن لي علاقات وطيدة بواحدة منهن على الرغم من كثيرة معارفي ، فقد جعلنني بطلباتهن المستمرة كآلة صمّاء ، ومهما بذلت من جهد فلن أستطيع أن أرضيهن جميعاً .
هكذا كنت حتّى ضعف مستواي الدراسي بسبب هذه الأمور، فيا أسفي ، كم كنت غافلة .
طالت مدّة غفلتي إلى ثلاث سنين ، ثمّ يسّر الله لي الانتقال إلى الثانوية العامّة ، فتعرّفت على صديقات جديدات ، كما تعرّفن هنّ عليّ وعلى موهبتي من خلال ملفّاتي التي كنت أحملها معي أينما ذهبت ، وكالعادة إرضاء الناس غاية لا تدرك ، إلى أن شاء الله أن يهديني ، فقد أحببت مادّة علوم الشريعة الإسلامية ، وكنت تلميذة مجتهدة ، بل ممتازة في هذه المادّة ، وتوسّعت فيها إلى قراءة الكتب الشرعية في أوقات الفراغ ، وأصبحت هذه الكتب هي شغلي الشاغل ، ولم أقتصر على الكتب ، بل تجاوزت ذلك إلى الأشرطة الإسلامية بما تحويه من دروس ومحاضرات وخطب ، وما هي إلا أيّام وجيزة حتّى كشفت القناع عن إثمي بالأدلّة القاطعة ، ندمت هذه المرّة ندماً شديداً على ما فاتني . أوّلاً ، لأنّني عصيت الله عزّ وجلّ ، ثمّ إنّي لم أعمل بالنصيحة ، وجالت بخاطري أسئلة كثيرة .

بكيت على إثرها ، وبكيت حتّى تورّمت عيناي من البكاء ، ثمّ أعدت قراءة الأحاديث التي جاء فيها الوعيد للمصوّرين : (( إنّ أشدّ الناس عذاباً يوم القيامة المصوّرون )) ( ) .
ثمّ أقول في نفسي : هل سيقبل الله توبتي ؟ ثمّ أواصل القراءة : (( ومن أظلم ممّن ذهب يخلق كخلقي ، فليخلقوا ذرّة ، أو ليخلقوا حبّه ، أو ليخلقوا شعيرة )) ( ) .
يا سبحان الله ، هل أستطيع أن أخلق حبّة أو ذرّة ؟ ! سبحانك ، اللهم اغفر لي ..
ثمّ أقرأ : وعن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً : (( كلّ مصوّر في النار ، يُجعل له بكلّ صورة صوّرها نفساً تعذّبه في جهنّم )) ( ) . .. أعوذ بالله من جهنّم ، هل سيكون مصيري إليها ؟! .. ربّاه ، اغفر لي ..
اللهم اغفر لنا جميعاً يا ربّ العالمين ، اللهم إن كنتّ قد غضبتَ فلطالما عفوتَ .. اللهم لا تحرمنا عفوك ورحمتك يا أرحم الراحمين ..
والآن لا آبه بما يقولونه عنّي من رجعية وجنون وتخلّف .. ولقد حوّلت كلّ طاقتي إلى البحث والتجديد والتفقّه ، والحِرَف التي تناسب الفتيات .. حتّى لا أترك لنفسي مجالاً للسعي إلى المعاصي والذنوب ، وإنّي أشكر الله عزّ وجلّ على نعمته وهدايته ، والحمد لله ربّ العالمين.

عمرم 16/10/2010 04:12 AM

: كل يوم قصة
 

(23)

توبة مُعاكِسة


إنّ المعاكسات التي تحدث بين الجنسين لهي من أعظم البلايا وأخطرها على الفرد والمجتمع ، وما أكثر ضحايا هذه المعاكسات من الجنسين ، وبخاصّة النساء ، ولنستمع إلى هذه التائبة لتروي لنا تجربتها المرّة مع هذه المعاكسات .. تقول :
تزوجت في سنّ مبكرة ، وكنت مخلصة لزوجي غاية الإخلاص ، حتّى كنت معه كالطفلة المدلّلة ، أفعل كلّ ما يأمرني به ، على الرغم من أنّي نشأت في أسرة ثريّة كنت فيها أُخدَم ولا أَخدِم ، كان أبي قد طلّق أمّي فتزوّجتْ بغيره ، وتزوّج هو بغيرها ، فكان من نتائج ذلك أن فقدت حنان الأمّ، كما فقدت التوجيه السليم .
كان زوجي يذهب لزيارة أهله في كل أسبوعين فيمكث يومين ، فأنتهزها فرصة للذهاب إلى بيت عمّي القريب من بيتنا ، فكنت أجد من زوجة عمّي حناناً غريباً ، وعطفاً زائداً حيث كانت تعطيني كل ما أطلب ، لكنّها لم تكن مستقيمة ، فقد كانت تذهب بي إلى الأسواق ، وإلى هنا وهناك ، وتفعل أشياء مخلّة بالأدب لا ترضي الله تعالى ، فسرت على نهجها ، والصاحب ساحب كما يقولون ، ومن تلك اللحظات تغيّرت الفتاة الوديعة الغافلة إلى فتاة مستهترة متمّردة على كل من حولها ، كانت زوجة عمّي – هداها الله – دائماً تغريني بأنّ خروج المرأة من بيتها حريّة ، ورفع صوتها للحصول على مطالبها أفضل وسيلة ، فصرت أستهزئ بكل من يذكّرني بالله أو يدعوني إليه .. ألهو كما أشاء ، وألعب كما أحبّ على الرغم من أنّي زوجة ، ولي أولاد ، لكنّي لم أكن أبالي ، ولم يقف الأمر عند هذا ، بل رحت أجمع حولي صديقات سيئات الأخلاق ، كن دائماً يدعونني إلى الحفلات والأفراح ، والخروج إلى الأسواق بلا سبب يُذكر ، وبما أنّي كنت أكثرهن ذكاء وجمالاً وتمرّداً ، وأقلهن حياءً ، كنت أنا الزعيمة .
وأدهى من ذلك أنّني كنت أعتقد في السحر، وأستعين بالمشعوذين مع خطورة ذلك على العقيدة.
وفي يوم من الأيام جاءتني امرأة من نساء الجيران ، ولم أكن أهتمّ بمن يسكن حولي ، ولا أحبّ الاختلاط بهم ، ولكنّ هذه المرأة تعلّقت بي ، وأصّرت على زيارتي ، وبما أنّها كانت صالحة وملتزمة فقد كرهت الجلوس معها ، وكنت دائماً أحاول الهروب منها ، لكنّها كانت لا تيأس ، وتقول لي : لقد صلّيت صلاة الاستخارة ( ) . هل أنزل عندك مرّة أخرى أم لا ، فيقدّر الله لي النزول ورؤيتك .
ومرّت الأيام – حوالي الشهرين – مرّة تكلّمني ، ومرّات لا تستطيع أن تقابلني ، وكانت تذهب كلّ يوم بعد العصر لتعلّم النساء القرآن في المسجد المجاور لنا ، وكلّما رآها زوجي دعا الله أن أكون مثلها ، وكانت هي تدعوني إلى الذهاب معها إلى المسجد ، ولكنّي كنت أعتذر بأعذار واهية ، حتى لا أذهب ، وكانت دائماً تقول لي : إنّي – والله – أقوم من الليل أصلي ، فأدعو الله لكِ بالهداية ، وعند ما أتقلّب في فراشي أذكرك فأدعو الله لكِ ، وذلك لما تفرّسَتْه فيّ من الذكاء ، وقوّة الحجّة ، وفصاحة اللسان ، والقدرة على جذب الناس حولي .
وجاء يوم ذَهَبَتْ فيه خادمتي إلى بلدها ، وكنت بانتظار مجيء أخرى ، فجاءتني جارتي وأنا منشغلة ببعض أعمال البيت ، فاقترحت عليّ الاستغناء عن الخادمة ، وكان موعد قدومها عصر ذلك اليوم ، فقدر الله عزّ وجل أن يتأخّر قدومها أسبوعاً كاملاً ، فكانت جارتي تأتيني فتجدني في البيت ، فتساعدني في بعض الأعمال ، وتُسرّبي سروراً كبيراً ، وكنت أنا في الوقت نفسه قد أحببتها، ورأيتها امرأة مرحة، لا كما كنت أتصوّر ، فإنّ زوجي من الملتزمين ، ولكنّه كان دائماً عابس الوجه ، مقطّب الجبين ، فكنت أظن أنّ ذلك هو دأب الملتزمين جميعاً ، حتّى رأيت هذه المرأة وعاشرتها ، فتغيّرت الصورة التي كانت في ذهني عن الملتزمين .
وبعد ذلك بأيام توفيت قريبة لي ، فذهبت للعزاء ، فإذا امرأة كانت تتكلّم عن الموت ، وما يجري للإنسان عند موته بدءاً من سكرات الموت وخروج الروح ، ومروراً بالقبر وما فيه من الأهوال والسؤال ، وانتهاءً بدخول الجنّة أو النار .. عندها توقفت مع نفسي قائلة .. إلى متى الغفلة ، والموت يطلبنا في كل وقت وفي كل مكان ، وفكّرت .. وفكرت ، فكانت هذه هي البداية ، وفي صباح اليوم التالي وجدت نفسي وحيدة ولأول مرة أحس بالخوف .. فقد تذكرت وحدة القبر وظلمته ووحشته ، فكنت ألجأ إلى جارتي المخلصة لتسليني ، فكانت تجيء إليّ بالكتب الوعظية النافعة ، فكنت عند ما أقرأها أحسّ وكأنّني أنا المخاطبة بما فيها ، خاصّة فيما يتعلّق بمحاسبة النفس ، وظللت أقرأ وأقرأ حتّى شرح الله صدري للهدى والحقّ ، وذقت طعم الإيمان ، عندها أحسست بالسعادة الحقيقيّة التي كنت أفتقدها من قبل ، وتغيّرت نظرتي للحياة ، فلم أعد تلك الإنسانة اللاهية العابثة المستهترة ، وابتعدت عن رفيقات السوء ، وكرهت الأسواق ، بل كرهت الخروج من المنزل إلّا لحاجة أو ضرورة ماسّة ، والتحقت بدار الذكر لتحفيظ القرآن الكريم ، وهذا كلّه بفضل الله ثمّ بفضل الصحبة الصالحة ، والدعوات المخلصة بظهر الغيب من جارتي وزوجي ، ولله الحمد والمنّة .

عمرم 16/10/2010 04:30 AM

: كل يوم قصة
 

(24)

توبة امرأة أوشكت على الهلاك


تقول هذه المرأة :
نشأت في أسرة عربية مهاجرة ، مكوّنة من أب وأم وأربع بنين وبنتين ، كنت أنا أصغرهم .. وفي أحضان هذه الأسرة ترعرعت وتربيت ..
أبي وأمّي يصليّان والله الحمد ، لكنّي لم أرهما يوماً ما يأمران أحداً منّا بالصلاة ، أمّا أنا فقد ألهمني ربّي – ولله الحمد- المحافظة على الصلاة وأنا في السابعة من عمري ، وأواظب عليها . وارتديت الحجاب وأنا في العاشرة من عمري ...
كنت أقوم من الليل ، وأحافظ على نوافل الصلوات والصيام ، وأحيي رمضان وحدي .. ظللت على هذه الحال حتّى التحقت بالمرحلة الثانوية ، فأحسست بشيء من الفتور في العبادة ، وبخاصة النوافل ، وكذا الخشوع في الصلاة ، وتلاوة القرآن ، مع محافظتي على الفرائض .. فكنت إذا ما جنّ الليل أحاسب نفسي ، وأبكي على حالي ، فإذا ما أصبح الصباح نسيت حالي ، وألهمتني مشاغل الحياة ..
وظللت على هذه الحال حتّى أنهيت المرحلة الثانوية وما بعدها ..
ثمّ تقدّم لخطبتي رجل طيّب ، يعمل في أمريكا ، فوافقت عليه وتزوّجنا .. كان – ولله الحمد – خيّراً ، فكان يشجعني على لبس الحجاب حتّى ونحن في وسطٍ كافر ، على الرغم من أنّه في تلك الفترة لم يكن محافظاً على الصلاة والصيام ، وقد طلبت منه صيام شهر رمضان معي ، فصامه والله الحمد ، ودعوته إلى الصلاة فوعد خيراً ، ومع ذلك كلّه كنت متعلّقة بسماع الغناء ، والخروج إلى الأسواق ، فلم تكن صلاتي تنهاني عن كثير من المنكرات والذنوب ، فالقلب لم يزل في أسر المعاصي .
وذات يوم خرجت من الحمّام بعد أن اغتسلت ، كانت الريح شديدة وقويّة ، وكانت نافذة المطبخ مفتوحة ، فاتّجهت لإغلاقها ، فأحسست بلفحة هواء ، وبعد فترة قصيرة أحسست بصداع شديد في رأسي ، فتناولت دواءً لتخفيف الصداع ، ولكن دون جدوى ، فبدأ الألم يزداد ، والحالة تتطوّر من صداع إلى حرارة ثمّ رعشة قويّة ، فلمّا حضر زوجي – وكان طبيباً – أعطاني دواء آخر فهدأ جسمي قليلاً لمدّة دقائق ، ثمّ عادت الرعشة من جديد ، فمكثت في البيت على هذه الحال خمسة أيّام مع تناول الدواء ، لكنّ الدواء لم يؤدّ مفعوله .. ثمّ تطوّرت الحال إلى الأسوأ ، حيث أصبت بتورّم في القدمين ، وعدم القدرة على الحركة إلّا قليلاً ، فقرّر زوجي نقلي إلى المستشفى ، وفي الصباح الباكر تركت أطفالي عند جارة لي مسلمة كانت لهم خير أمّ جزاها الله خيراً ..
فلمّا دخلت المستشفى ، ورأى الطبيب حالتي ، أسرع بي إلى قسم الطوارئ . . لقد كنت من قبل أرى مثل هذا المنظر في التلفاز ، ولم أكن أتوقّع في يوم من الأيّام أن أكون أنا صاحبة هذا المنظر .. فترى الممرّضات يضعنني على السرير المتحرّك ، ويسرعن بي إلى غرفة الإنعاش، ثمّ تأتي أخرى فتغرز في يدي إبرة التغذية – وذلك أنّ جسمي كان قد هزل من قلّة الأكل ، لأنّني في تلك الفترة كنت كلّما أكلت شيئاً ولو يسيراً استفرغته .. وأخرى تقوم بقياس الضغط ، وثالثة تسرع لإحضار حقنة لتسحب من دمي وتفحصه .. كأنّي تماماً في مشهد تمثيلي تلفزيوني لا حقيقيّ ...
كنت وقتها لا أملك إلّا نظرات شاردة ، فلساني قد ثقل عن الكلام بسبب الحرارة العالية ، والرعشة القويّة ، وقدماي قد ثقلت عن الحركة بسبب الأورام ، والأعضاء منّي قد سكنت إلّا من قلب واهن ينبض ببطء ، فلم أجد ما أعبّر به عن آلامي في تلك اللحظات إلّا بقطرات من الدموع خرجت بصعوبة بالغة ، ومع ذلك لم أستطع مسحها ، لأنّ يديّ كانتا غير قادرتين على الحركة .
وفي صباح اليوم التالي قام الأطبّاء بإجراء فحوصات شاملة لسائر أعضاء الجسم للتعرّف على سبب الحرارة والعمل على خفضها ، إذ هي سبب المشكلة ، فقاموا بفحص القلب والرحم والعظام والدم ، وعمل أشعّة للدماغ والجسم كاملاً ، فكانت النتائج كلّها سليمة !!
فاحتار الأطبّاء في أمري ، حيث عن عجزوا معرفة مسببات الحرارة في جسمي ، فقاموا باستدعاء أطبّاء آخرين من ولاية أخرى ، فاقترحوا أن يستمرّ فحص الدم يومياً لاحتمال وجود جرثومة فيه ، فكانوا يوميّاً يأخذون عينة من دمي ، والنتيجة : لا شيء . فأصبحت في حال لا يعلمها إلا الله ..
أمّا الممرضات المشرفات على حالتي فكنّ يواسينني ، ويطمئنني ، على الرغم من علمهنّ بحالتي شبه الميؤوس منها ، فكنّ يقلن لي : إنّك سوف تخرجين ، وترين أولادك ، وتلاعبينهم .. وذلك أنّني منذ دخلت المستشفى لم أرهم ، لأنّ الزيارة كانت ممنوعة عنّي .
وذات مرّة قامت رئيسة الممرّضات بغسل شعري وتسريحه ، فسرح ذهني بعيداً ، وتذكّرت هادم اللذات : الموت ، وقلت في نفسي: الآن يغسلون شعري ، وغداً يغسلون جسمي ، ويحنّطونه ، ويكفّنونه ، ويصلّون عليّ ، ويدفنوني تحت التراب ، ويفارقني الأحباب ، فأكون رهينة الحساب ..
فبكيت كثيراً ، والممرّضة بجانبي لا تعلم ما يجول في خاطري ، فكانت تواسيني ، وتعدني بالشفاء والخروج من المستشفى ..
وبعد أن فَرَغَتْ من تسريح شعري ، وترتيب ملابسي ، أعادتني إلى غرفتي ، وقالت : أتركك الآن لترتاحي قليلاً .. فكنت أدعو لها بالهداية ، جزاء ما فعلته بي .
كان تفكيري لا يزال متعلّقاً بذكر الموت ، فقلت في نفسي : يا نفس : ها أنت تموتين رويداً رويداً ، فماذا قدّمتِ من صالح الأعمال ؟ وبدأت في محاسبة نفسي .. فتذكّرت سيّئاتي من سماع الغناء صباح مساء ، ومشاهدة التلفاز ، وما أدراك ما التلفاز وما فيه من المسلسلات والأفلام .. لدرجة أني كنت أؤدي الصلاة بسرعة حتّى لا يفوتني شيء منها .. ناهيك عن حبّ الأسواق وغيرها من الأماكن المختلطة التي كنت أخرج إليها مع زوجي ..
وبكيت وبكيت ، حتّى أنّى من شدّة البكاء ومحاسبة نفسي نسيت أنّي مريضة ..
وفي اليوم التالي ، وهو اليوم الحادي عشر من تاريخ دخولي المستشفى ، جاء الاطبّاء لرؤيتي ، فلم يلحظوا أيّ تحسّن ، بل لم تزدد حالتي إلا سوءاً ، وأعلن الأطبّاء يأسهم من حالتي ، وقالوا لزوجي : إن كان لزوجتك أهل وأقرباء هنا في أمريكا فليأتوا لرؤيتها ، قبل ألّا يتمكّنوا من ذلك .
كنت أسمع ما يقولون وأفهمه لكنّي لا أتمكّن من الكلام ولا حتّى الحركة .
ثمّ خرج الجميع من عندي ، وكانت ساعة المغرب ، فلم يزدني ذلك إلا بكاءً .. لا أبكي لأني سأفارق أولادي وزوجي ، وإنّما أبكي خوفاً من ذنوبي ، فبمَ أقابل ربّي إن أنا متّ على هذه الحال ؟
وعدت إلى محاسبة نفسي ، فقلت : هل لي من حسنات ألقى الله بها ؟
وتذكّرت ، فقلت : يا ربّ : إنّي كنت بارّة بوالديّ حتّى سافرت إلى هذه البلاد ، ومنذ سنين عديدة لم أرهم ، ورغم البعد عنهم فإنّي أدعو لهم ، وأسألك يا ربّ أن تعينني على البرّ بهم دائماً .
أمّا جيراني وصديقاتي فلا أذكر أنّني آذيت أحداً منهم يوماً ما ، بل كنت بينهم محبوبة مألوفة ..
فقلت في نفسي : وهل يغفر الله لي بهذا العمل ما حصل منّي من تقصير وذنوب ؟
فما زلت على هذه الحال من المحاسبة الشديدة والبكاء ، وتذكّر الجنّة والنار ، وما فيهما من النعيم ، والجحيم والأغلال ، حتّى دخل وقت صلاة الفجر ، وعيناي تذرفان الدموع ، وفي ختام هذه المحاسبة ، وبعد استسلامي لأمر الله وقضائه ، دعوت الله عزّ وجلّ بالدعاء المأثور : (( اللهمّ أحيني ما كانت الحياة خيراً لي ، وتوفّي إن كانت الوفاة خيراً لي .. )) .
غبت بعدها عن الوعي، فلم أشعر بنفسي إلّا والممرّضة تضع يدها على كتفي ، لتوقظني وتدعوني لتناول الدواء ، وفتحت عيناي ، فإذا بها تنظر إليّ بدهشة بالغة ، وتخرج مسرعة إلى باب الغرفة لتتأكّد من الاسم .. فهل يعقل أن تكون هذه هي المرأة التي عجز الأطباء عن علاجها بالأمس ، بل أعلنوا يأسهم من شفائها ؟!! إنّها الآن في حال مختلف ..
يا إلهي .. ما الذي حدث ، هل أنت حقّاً فلانة ؟!! ، قالت الممرضة بلهجتها الأمريكية ، فنهضتُ ، وجلستُ ، وأخذتُ منها بيدي حبّة الدواء وتناولتها ، فشربت عليها الماء ، ثمّ فتحت حقيبتي وأخرجت منها المصحف فاحتضنته بقوّة وأنا أبكي ، ثمّ قرأت منه بعض الآيات بتدبّر وخشوع .. فإذا بالممرضة تصرخ ، وتنادي الأطباء والممرّضات لينظروا إليّ ، فجاؤوا مسرعين ، وقد ظنّوا أنّي قد فارقت الحياة ، فلمّا دخلوا الغرفة ، ورأوني على تلك الحال ، أصيبوا بالدهشة ، ومن الممرّضات من لم تتمالك نفسها فأجهشت بالبكاء ، وتساءلوا جميعاً .. ماذا جرى ؟ .. وما الذي حدث ؟ .. وكيف حصل الشفاء ؟! ..
فأجبتهم بأنّ الله عزّ وجلّ هو الشافي . ألم يقل سبحانه : (( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ )) ( النمل : 62) .
وقال سبحانه : (( وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ )) . ( الأنعام : 17) .
المهم هو صدق اللجوء إلى الله والتوجّه إليه سبحانه ، وعدم استعجال الشفاء مهما طالت المدّة ، مع بذل ما يمكن من الأسباب ..
وبعد خروجي من المستشفى قامت إحدى الصديقات بزيارتي ، وأخبرتني عن حلقة أسبوعية لبعض الأخوات العربيات المسلمات ، يتذاكرن فيها العلم ، فوفّقني الله لحضور هذه الحلقة ، ومع أنّ مقرّها يبعد عنّا مسافة خمس وأربعين دقيقة ، إلّا أنّ زوجي كان يوصلني إليها جزاه الله خيراً ..
ثمّ بدأت بالمواظبة على الحضور ، ثمّ المشاركة ببعض الموضوعات ، وبعد سنة من حضوري والتزامي انتخبوني رئيسة للحلقة ..
وبعد سنتين شاء الله عزّ وجلّ أن نغادر بلاد الكفر ، إلى خير البقاع وأطهرها ، هذه البلاد الطيبة ، فقد وُفّق زوجي إلى عقد عمل مع أحد المستشفيات هنا ولله الحمد ، وقد كتب الله لنا أداء فريضة الحجّ ، والاعتمار ثلاث مرّات ولله الحمد والمنّة ..
هذه قصّة هدايتي منذ بدايتها ، وقد مرّ الآن على تلك الحادثة التي أيقظتني من غفلتي ستّة أعوام ، واليوم أسأل الله عزّ وجل أن يثبتني وجميع المسلمين على الدين القويم حتى نلقاه على ذلك ، فإنّ الأعمال بالخواتيم .
أختكم التائبة
أم يوسف

عمرم 16/10/2010 04:32 AM

: كل يوم قصة
 

(25)

توبة شاب مستهتر


روى لي قصّته بنفسه فقال :
يظلّ هذا الإنسان على مفترق طرق كلّها في النهاية تعود إلى طريقين لا ثالث لهما : طريق الأخيار ، وطريق الأشرار .. هذا الإنسان وإن عاش طويلاً فإنّ الأعمال كأنّها لمح بصر .
فرق بين شابّ نشأ في طاعة الله ، وشابّ نشأ على المسلسلات والأفلام ، بين شابّ إن حضر في مجلس أنصت إليه الناس لكي يسمعوا منه كلمةً من قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم ، وشابّ إن حضر أو لم يحضر فزملاؤه قائمون على الاستهزاء به ، والضحك منه .
كنت في الصفّ الثاني الثانوي ، فبدأت حياتي تتغيّر إلى الأسوأ ، وتنقلب رأساً ، على عقب ، بدأت لا أصلّي ، ولا أشهد الجماعة في المسجد .. أخذت حياتي تتغيّر حتّى في مظهري الخارجي ... تلك قَصّة شعر فرنسية ، وأخرى إيطالية .. وملابسي لم تعد ثوباً وغترة ، بل أصبحت لباساً غريباً فاضحاً .. وجهي أصبح كالحاً مكفهرّاً .. وفارقت الابتسامة شفتاي .
مرّت سنة وسنتان وأنا على تلك الحال ، حتّى جاء اليوم الموعود ..
كنت جالساً مع (( شلّة )) ( ) . لا همّ لهم إلّا الدندنة والعزف على العود ، ودقّ الطبول إلى آخر الليل .. شلّة فاسدة لا تعرف معروفاً ولا تنكر منكراً ، بل تحثّ على المنكر ، وتأمر به .
وبينما نحن في لهونا وغفلتنا ، إذ أقبل علينا ثلاثة نفر من الشباب الصالح ، كنت وقتها أكره الملتزمين كرهاً شديداً لا يتصوّره أحد .. أقبل أولئك النفر ، فسلّموا علينا ، وجلسوا بيننا بعد أن رحبنا بهم مجاملة .. كنّا عشرة ، وكنت أنا أشدّ هؤلاء العشرة في الردّ على أولئك الأخيار وتسفيههم كلما تكلموا ، كنت أقول لهم : أنتم لا تعرفون أساليب الدعوة ، ولا كيف تدعون .. إلخ
دار النقاش بيننا وبينهم لمدّة ساعة كاملة كنّا خلالها نستهزئ بهم ، وكانوا يقابلون ذلك بالابتسامة والكلام الطيّب .. ولمّا حان وقت الانصراف صافحني أحدهم وقال لي : إنّ لك شأناً عظيماً ..
مرّ أسبوع على هذه الحادثة وحالتي لم تتغيّر .. من معصية إلى أخرى ، وفي ليلة من الليالي عدت إلى المنزل بعد منتصف الليل ، بعد سهرة مع تلك الشلّة الفاسدة .. كنت متعباً ، فألقيت بنفسي على الفراش ، ورحت أغطّ في سبات عميق ، فرأيت فيما يرى النائم أنّني أمام حفرة بيضاء لم أر مثلها قط ، فسجدت لله شكراً حيث نجّاني من تلك الحفرة السوداء المظلمة ، فقمت من نومي فزعاً ، فإذا بشريط حياتي الأسود يمرّ أمامي .. لا أدري ما الذي أصابني .. قلت في نفسي : لو أنّى متّ في تلك اللحظة هل تشفع لي حسناتي في دخول الجنّة ؟ .. هل تنفعني تلك الشلّة الفاسدة التي لا همّ إلا السهر إلى آخر الليل ، والتفكّه بأكل لحوم البشر .. فعاهدت الله على الالتزام بمنهج الله ومنهج رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ، وعلى تطليق تلك الشلّة الفاسدة ، ومن ترك شيئاً لله ، عوّضه الله خيراً منه .
أخوكم محمد

عمرم 16/10/2010 04:33 AM

: كل يوم قصة
 
(26)

توبة مدمّر الأصنام


إنّه شاب نيجيري ، تبدو على وجهه علامات القوّة والشكيمة ، بدأت رحلته من الإسلام الوراثي المغلوط ، إلى النصرانية المحرّفة ، ثم إلى الإسلام من جديد ، ولكنّه الإسلام الصحيح .
أمّا تفاصيل رحلته فيرويها بنفسه ، يقول :
تعرّفت على الإسلام منذ طفولتي المبكّرة ، وهذا أمر بدهي بحكم إسلام الأسرة الوراثي ، وبدأت تجربتي مع الإسلام تقريباً في أوّل مرحلة للتعليم ، كنت في التاسعة من العمر حين التحقت بالمدرسة الإسلامية الصغرى في نيجريا بناء على رغبة والدي الذي كان يشجعني يحدّثني عن الإسلام ، ويقول لي : إنّ الدين الإسلاميّ عُني بالحياة كلّها ، وبكلّ ما يمتدّ على أديم الأرض المضطرب ، وتشرّبتُ المعاني التي لقّنني إيّاها ، ورسخت في ذهني ، فقد تعلّمت منه أنّ الإسلام جعل لكلِّ مشكلة حلاً ، ولكلّ عملٍ صالحٍ ثواباً ، ولكلّ عملٍ سيءٍ عقاباً ، ولكلّ مستغفر وتائب أجراً ، وهذه القناعات لم تفارقني حتّى داخل الكنيسة يوم أن لبست ثوب النصرانية المحرّفة .
ثمّ في عام 1390هـ التحقت بمدرسة ثانويّة حكوميّة ، وكانت تجربة مثيرة ، التقيت خلالها بالكثير من الطلاب المسلمين الذين على ديني ، وكوّنت علاقات طَوّرت معرفتي بالعبادات ، فكنّا نحيي ليالي رمضان بالقيام وتلاوة القرآن ، وننظّم برامج دينيّة ورحلات وزيارات في عيدي الفطر والأضحى ، وأدركت في تلك المرحلة أنّ الإسلام دين حنيف ، وهو دين الرحمة والقوّة والمحبّة .
ربّما سألني سائل فقال : إذن ، لماذا تنصّرت ؟
فأقول : إنّ هذا السؤال يذكّرني بجملة قرأتها لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، معناها : يجب علينا أن نعبد الله بالذوق والوجدان والقلب والروح والضمير .
أمّا لماذا تنصّرت ، فأقول : تنصّرت عند ما لاحظت أنّ كثيراً ممّن حولي من المسلمين لا يأبهون بدينهم من ناحية الشعائر والسلوك والمعاملات ، وأنّ كثيراً منهم يتّجهون وجهة مغايرة لدينهم ، إنّهم يتزيّون فقط بزيّ الدين ، والإسلام عندهم اسم فقط ، تبيّن أنّ أعمالهم تناقض عقيدتهم في أصولها وقواعدها ومظاهرها ، نفاق ، وحقد ، وحسد ، وإخلاف للوعد ، ونقض للعهد .. ولهذا تركت بعضهم فوراً ، وتعرّفت على زملاء نصارى في المدرسة نفسها ، وصاحبت بعضهم ، ونمت علاقاتي معهم ، وقويت جداً ، وبعد فترة شعرت أن الشباب النصراني أحسن معاملة ، وأكثر وعياً ورحابة صدر ، وانتماؤهم إلى دينهم كان أقوى من انتماء المسلمين إلى دينهم ( ) . علاوة على المساعدات الماديّة والمعنوية التي تلقّيتها منهم ( ) . ، ولذا قبلت الدعوة إلى اعتناق النصرانية المحرفة فور أن وجّهت إليّ .
نعم .. لقد أخرجني سلوك المسلمين من الإسلام ، وأدخلني سلوك النصارى إلى النصرانية !! وبالطبع ، لو كنت على علم بالعقيدة الصحيحة وأصولها لكان إيماني بها قوّياً ، ولما تنصّرت . ولعلّي أذكر هنا مقولة مشهورة لأحد كبار المفكرين الذي اعتنق الإسلام مؤخّراً والتي تبيّن أثر السلوك في تحويل عقيدة الفرد ، حيث قال : (( الحمد لله الذي هداني للإسلام قبل أن أعرف سلوك المسلمين )) .
لكنّي منذ أن تنصّرت وأنا مضطرب الوجدان ، ويسكن في داخلي خوف كبير ، خوف لا تحدّه حدود ، وتنتابني حالات من القلق والأرق ولا أدري كنهها .. كنت أهرب إلى الكنيسة بحثاً عن السلوى واليقين ولكن هيهات .. وضاعف هذا الخوف إحساسي بالتمرّد على والدي ، وزعزعة استقرار الأسرة ، وكلّما تذكّرت والدي انتابتني حالة من الفزع والخوف ، وعلمت أنّ والدي لم يتخلّ عنّي ، ولم ييأس ، بل كان يبحث بشتّى الطرق إمكانية إعادتي إلى الإسلام .. لقد كانت لديّ قناعة تامّة بأنّ دعاء والدي سيكون هو السبب في أن يهديني ، وأعود إلى الإسلام من جديد .
وبعد خمس سنوات عشتها في ظلام النصرانية وضلالها ، أسلمت مرة ثانية ، ودرست الإسلام دراسة حقيقية وعميقة ، فعدت إليه بقوّة حتّى حصلت على لقب ( مدّمر الأصنام ) ، وذلك لجهودي التي لم تتوقّف في تدمير الأصنام في قريتي والقرى المجاورة ، وكنت أفعل ذلك بعون من الله ، ودون خوف من وثنيّات أو عرقيّات ، وبسبب ذلك بُذلت محاولات جادّة للنيل منّي ، ولكنّ الله جلّت قدرته أيّدني بنصره ، فأصبحت ظاهراً عليهم ، وأنا فخور بهذا اللقب الذي أطلقه عليّ أستاذي الجليل .
ثمّ حصلت على الثانوية الإنجليزية ، وشهادة معهد اللغة العربية ، والتحقت بعد ذلك بكليّة الآداب بجامعة الملك سعود بالرياض .
عملت بعد ذلك في مجال الدعوة بقوّة ، فأسلم على يديّ سبعون شخصاً قبل دخولي الجامعة وبعده ، وفي العطلة الماضية فقط استطعت إقناع ثلاثة وعشرين نصرانياً بالإسلام ، فأسلموا ، وشهاداتهم معي الآن في الرياض ، ثمّ افتتحت مكتباً للدعوة الإسلامية في نيجيريا ، ومعهداً لتعليم الدراسات الإسلامية والعربية ، وأصبحنا ننظّم قوافل دعويّة بالتعاون مع الندوة العالمية للشباب الإسلاميّ ، وركّزنا جهودنا على العمل في أوساط الشباب النصرانيّ ، وكانت لنا مصادمات مع أساطين التنصير هناك ، اتّبعنا فيها أسلوب التأنّي والحكمة والموعظة الحسنة حتّى لا يتصوّر ضعاف النفوس أنّ الإسلام دين عنف وإرهاب ، ويحتاج العمل الدعوي هناك إلى زيادة عدد الدعاة ففي نيجيريا ثلاثون ولاية ، لا يتجاوز عدد الدعاة فيها جميعاً المائتي داعية .
أما الكنيسة في أفريقية فلها دور بنّاء وفعّال في عملية التنصير في كلّ قارات العالم كما هو معروف ، ومن تجربتي مع النصارى أدركت أنّهم يستغّلون الكنيسة بزينتها وزخرفتها وأثاثها الفاخر في جذب قلوب الضعفاء باعتبارها مقرّ عبادة أفضل وأرقى من المسجد ، ومكان اجتماع الفقراء حيث يتلقون الهدايا والهبات ، ويمارسون الرياضات ، فيشعرونهم براحة نفسية آنية ، وسعادة كاذبة ، كما أنّهم يرسلون الصغار والشباب إلى المدارس بملابسهم الأنيقة ، على أنغام الطبول والدفوف .
والكنيسة ذكية في التعامل مع المواطنين ، فهي توزّع الأموال على الفقراء ، ولا تفرّق بين الأبناء هناك من حيث اللون أو العرق أو الجنس .
وبتجربتي أحسّ بأنّ لليهود دوراً كبيراً في عملية التنصير ، بدليل أنّ الكنيسة تعلّم روّادها أن يحبّوا إخوانهم اليهود ! وإذا سئلوا : لماذا ؟ قالوا : إنّ اليهود أبناء الله ، كما كان عيسى ابن الله ! وصدق الله القائل : (( بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ )) ( المائدة : 51) .

عمرم 16/10/2010 04:34 AM

: كل يوم قصة
 

(27)

توبة شاب يمني


يقول الحق تبارك وتعالى : (( وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ * وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ )) ( يوسف : 105، 106) .
وصدق الله العظيم ، فإن من تأمل حال الناس اليوم ، رأى مصداق هذه الآية ماثلاً للعيان ، فما أكثر المسلمين اليوم ، وأما أقل الموحدين منهم ، ومن أراد الدليل والبرهان فليطف ببعض مساجد المسلمين ليرى العجب العجاب من التعلق بالقبور والأموات والغائبين ، وهذا من أعظم أسباب تخلف المسلمين ، وتأخرهم . فإن للتوحيد الصحيح أثراً عظيماً في بث روح العزة والأنفة في نفس صاحبه ، فلا يركع إلا لله ، ولا ينحني لغيره ، ولا يدعو إلا إياه ، ولا يدع فعل الأسباب المشروعة بحجة التوكل ، لأن توحيده الصحيح يقول له : إن التوكل الحق لا ينافي فعل الأسباب ، بل لا بنفك عنها ، وإلا صار تواكلاً لا توكلاً ، ولعل في قصة هذا الشاب اليمني أوضح مثال لما أقول :
يقول هذا الشابّ :
أنا شابّ من إحدى قرى اليمن ، نشأت منذ نعومة أظافري على المحافظة على الصلوات ، وحبّ المساجد ، فكنت – ولله الحمد – أقوم بالاعتناء بالمساجد وكنسها وتنظيفها .. وعلى الرغم من كثرة تردّدي عليها ، لم أجد من يقف بجانبي ، أو يعلّمني حتّى كيف أتوضّأ، فقد كنت لا أحسن الوضوء .
المساجد كانت مليئة بالمصلّين ، لكنّها مليئة بالجهل والشرك والأفّاكين ، كيف وإمام المسجد الذي كنت أصلّي فيه كان من كبار الصوفية الذين يجوّزون دعاء الموتى والالتجاء إليهم في الملمّات ( ) . ، ومن الذين يقولون بأن الله – جلّ جلاله موجود في كلّ مكان بذاته العليّة – تعالى الله عن ذلك – فالله عزّ وجلّ – بنصّ القرآن وإجماع السلف – في السماء مستوٍ على العرش استواء يليق بجلاله ، من غير تكييف ولا تمثيل ولا تأويل ولا تعطيل : (( َيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )) ) الشورى : 11 ) .
وكذلك كانت القرية مليئة بالسحر والشعوذة ، فمنهم من يدّعي علم الغيب ، ويستعين بالشياطين لمعرفة بعض المغيّبات الحادثة ، أمّا المستقبلية فلا سبيل إلى معرفتها ، ومنهم من يقوم بالشعوذة ورقية المرضى ، بالرقى الشركية الشيطانية ، ومنهم السحرة الذين يفرّقون بين المرء وزوجه ، ولكن ، حسبنا هذا الجزاء من الآية الكريمة :(( وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ )) ( البقرة : 102) .

. نشأت وترعرعت ، والجهل مخيّم على هذه القرية ، كنّا – أنا وأفراد أسرتي – نقوم بزيارة بعض القبور المعروفة ، وكذا دأب الأسر الأخرى ، فكنّا نطلب من الأموات ما لا يقدر عليه إلا الله ، والله أعلم هل هؤلاء الموتى من أهل الجنّة أم من أهل النار ، وكنّا نأتي في كلّ عيد نسلّم على هذه الأحجار ، ونقبّلها ، وبينما أنا في هذه الحال ، أتخبط في لجج الظلام ، إذ أتى شهر رمضان المبارك من عام 1412هـ ، وكنت في قرية أخرى غير قريتي ، فدخلت أحد المساجد السلفية ، فلفت نظري دولاب صغير قد وضعت فيه بعض الكتيّبات للاستعارة ، فاستعرت بعضها ، ثمّ أعدت الكرّة ، حتّى قرأتها جميعاً في فترة وجيزة جدّاً ، وكان معظمها يتحدّث عن الشرك ، والتحذير من دعاء غير الله من الأموات والغائبين ، وبيان حقيقة التوحيد ومعنى لا إله إلا الله ، فإذا بأنوار التوحيد تحرق لجج الظلام في قلبي ، وتقتلع الشرك من جذوره ، ومنذ ذلك الحين وأنا أحرص على قراءة الكتب النافعة ، وسماع الأشرطة المفيدة ، وأعبّ منها عبّاً ، كالذي وجد الماء الزلال بعد عطش شديد كاد يودي بحياته .
ثمّ بدأت أحضر حلقات العلم في المساجد ، وأتعلّم العقيدة السلفية النقيّة على يد من نذروا أنفسهم لنشر التوحيد، ومحو الشرك ، وكما جرت سنّة الله عزّ وجلّ في سائر العصور أن كلّ من دعا إلى التوحيد الخالص لا بدّ أن يؤذي ويُفترى عليه ، وتوجّه إليه التهم ، فقد أُوذينا في الله ، وواجهنا كثيراً من المصاعب ، وكانت الأعين تراقبنا ، والدعايات الكاذبة تلاحقنا من قبل أهل الأهواء والبدع ، فقد كان شغلهم الشاغل هو : ماذا يشيعون علينا من أخبار سيئة ، وافتراءات أثيمة ، فلم نأبه لهذه الافتراءات بل بدأنا – ولله الحمد – ننتشر في مساجد القرية ، ونقيم الدروس والمواعظ المختصرة بقدر ما فتح الله علينا من العلم ، وبدأ أنصار التوحيد والسنّة يتزايدون ، ثمّ بدأنا بالدعوة الفردية لأعيان البلد من أهل الشرك والشعوذة والسحر الذين يحكمون بغير ما أنزل الله ، فأخذتهم العزّة بالإثم ، وقابلوا النصح والتذكير بالسبّ والشتم والتهديد ، بل بعضهم هدّد بالقتل ، وهكذا وقف الجميع ، إلا من رحم الله – في وجه هذه الدعوة ، حتّى أُدخلنا السجن في بعض الفترات ، وأراد منّا من يدّعي الإصلاح أن نتأسف لمن نصحناه ، ونقبّل يده وركبته (!) ، فامتنعنا أشدّ الامتناع ، وقلنا بكلّ وضوح : لا دناءة في دين الله .
ومع هذا كلّه ، فلله الحمد والشكر ، فقد أدّت هذه النصائح ثماراً طيبة ، فقد قبلها بعض الناس ، وترك ما هو فيه من ضلال وشرك . وما زلنا – ولله الحمد – ندعو إلى الله عزّ وجلّ بما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودعا إليه سلف الأمّة رضوان الله عليهم ، نسأل الله أن يثبتنا على دينه .
أخوكم أبو عبد الله من اليمن .

عمرم 16/10/2010 04:37 AM

: كل يوم قصة
 

(28)

توبة الممثلة سهير البابلي


من الفنانات اللاتي التحقن مؤخراً بركب الإيمان ، الممثلة سهير البابلي ، تحدّثنا عن رحلتها إلى الإيمان فتقول :
منذ خمس سنوات أحسست بأنّ في حياتي شيئاً خاطئاً ، ولكن حبّي لعملي كان كبيراً ، فطغى على هذه الأحاسيس في داخلي ، فكانت تطفو على السطح بين آن وآخر، ، وزادت تلك الأحاسيس عمقاً في داخلي منذ عامين ، فبدأت أغيّر أنماط حياتي بالمزيد من التقرب إلى الله ، فحاولت التعرف على كتاب الله أوّلاً ، وأخذت أقرأ ، وأستفسر ، وأعمل بقول المولى الكريم ، (( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ )) ( النحل : 43) . فكنت ألجأ إلى العلماء لأستفسر عمّا يستعصي عليّ فهمه من آيات وأحاديث ، فاكتشفت أنه ليس هناك ما هو أجمل ولا أفضل من التقرّب إلى الله ، وبكيت ودعوت الله أن يهديني ، ويأخذ بيدي إلى طريق الحقّ ، حتّى كان يوم من الأيّام التي لا أنساها ، كنت على موعد مع درس من دروس الإيمان من أحد الدعاة ، فإذا باللقاء يمتدّ لأكثر من ثلاث ساعات ، شعرت فيها بشعور يصعب عليّ تفسيره . وعدت إلى منزلي ، وصليت الظهر ، وبكيت كما لم أبكِ من قبل ، ودعوت الله أن يلهمني رشدي ، وأن يباعد بيني وبني الشيطان .
وأمسكت بالمصحف ، وقرأت قوله تعالى : (( سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )) ( النور : 1 )
فكان قرار الحجاب الذي نبع عن عقيدة وعزيمة ، بعد ما علمت بفرضيّته ، ودون مناقشة ، امتثلت لأمر الله .
أما زملائي سابقاً في الوسط الفني فأقول لهم بإحساس إيماني صادق ، إنّ طريق الإيمان هو ثمرة الدنيا والآخر ، وإن طاعة الله خير من الدنيا وما فيها .
وأقول لهم أنتم تعيشون في تيه وضياع ، وتعايشون الغفلة والدمار ، وإني أدعو لهم بالهداية .
****

عمرم 16/10/2010 04:38 AM

: كل يوم قصة
 

(29)

توبة الممثلة هدى رمزي .


الطريق إلى الله عز وجل مفتوح أمام التائبين ، ومهما كانت الذنوب والآثام فرحمة الله قد وسعت كلّ شيء ، وهو القائل سبحانه : ((قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) ( الزمر : 53) .
هكذا بدأت الممثلة التائبة هدى رمزي حديثها للمجلّة ، أمّا رحلتها إلى الهداية فترويها بقولها :
منذ نشأتي الأولى وأنا في الوسط الفنّي ، فوالدي كان منتجاً ومخرجاً ، وشقيقي الأكبر كذلك ، وبعد تخرّجي من كليّة الإعلام – قسم الإذاعة والتلفزيون ، سلكت طريق الفنّ لعدّة سنوات ، ظللت خلالها أفكّر كثيراً في جدوى هذا العمل المليء بالذنوب .
كنت في رحلة بحث متواصلة عن الفضيلة ، وتزوجت عدّة مرّات بحثاً عن تلك القيم الزائفة ، المفقودة في حياتي ، ورحت أقرأ واستمع كثيراً لشتّى الآراء والأفكار ، حتى شاهدت حديثاً لأحد المشايخ المعروفين في التلفزيون ، ومن فرط تأثّري به حاولت الاتصال بهذا الداعية الجليل .. وبالفعل أعطاني عدّة كتب ، وحدّثني كثيراً عن قيم الإسلام السامية دون أن يصرّح ، ومن تلقاء نفسي وجدت أنّ حظيرة الإسلام هي أفضل ما يمكن اللجوء إليه ، وبعد قراءات واتّصالات مع الشيخ قررّت اعتزال هذا العفن نهائياً ، وإعلان توبتي إلى الله – عزّ وجلّ- ، واكتشفت أنّ هذا التصرّف هو ضالّتي المنشودة التي كنت أبحث عنها منذ سنوات ، ثم وجدتها والحمد لله .
وأنا الآن أقضي معظم وفتي في قراءة القرآن وكتب الفقه حتّى أعوّض ما فاتني من علوم الدين الضرورية التي لا يسع مسلم الجهل بها .
أمّا ما أنوي عمله – إن شاء الله – فهو تأسيس دار لتشغيل الفتيات المسلمات ، وتعليمهن أصول دينهنّ ودنياهنّ أيضاً حتى يستطعن مواجهة الحياة وتربية النشء ، كما أنوي أيضاً – إن شاء الله – تأسيس دار للأيتام ورعايتهم ، لأنّ كافل اليتيم له أجر عظيم عند الله تعالى ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( أنا وكافل اليتيم في الجنّة كهاتين )) وأشار بأصبعه ؛ السبّابة والتي تليها وأنا أطمع في تلك المكانة الرفيعة .
أما رأيها في الفنّ بشكله الحالي ، فتقول :
إنّ الوضع القائم الآن باسم الفنّ حرام بكلّ المقاييس ، ولا يمكن أن يسمّى فنّاً ، بل هو عفن وفساد ، ومجون واختلاط ، ودمار للأخلاق والمجتمعات ، فهو لا يخدم المجتمع ، ولا يقدّم قيماً ولا مثلاً للشباب ، فيكف يكون حلالاً . نحن نقول حرام بعد أن خضنا تجربته ، وعندنا الدليل والحجّة على ذلك ، فما يجري فيما يسمّى بالوسط الفنّي حالياً لا يمكن أن يمتّ للدين بصلة ، فالإسلام يحضّنا على الالتزام والصدق والنقاء والفضيلة ، والفنّ اليوم يدعو إلى ضدّ ذلك .
وفي نصيحة للاتي لا زلن في ذلك الوسط تقول :
أقول لهنّ : إنّ الطريق إلى الله خير وأبقى ، وهو دائماً مفتوح للتائبين ، وحين ترجعن إلى حظيرة الدين ستعلمن أنّ ما يقدّم باسم الفنّ ما هو إلا عفن ، ولا علاقة له بالدين ، بل هو من المحرّمات والفساد المنهي عنه ، لأنّه علاوة على كونه لهواً لا يفيد شيئاً فهو أيضاً يعتمد المحرّمات سبيلاً ، ويكرّس الخطيئة ، ولا يهدف إلى الصالح العام، فتبن إلى الله ، فهو توّاب رحيم .
أمّا اللاتي تبن ثمّ عدن إلى غيّهن ، فأقول لهن ما قاله الله – عزّ وجلّ – في سورة التوبة : (( وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )) ( التوبة : 115) .
فهؤلاء كان في نفوسهن مطمع ومرض ، ولما لم يمكنهن مما أردن ، عدن إلى الشيطان )) .
هذا ما قالته الفنانة سابقاً هدى رمزي عما يسمى بالوسط الفني ، وهو كلام قيم يبين حقيقة ما يجري في ذلك الوسط العفن الذي تتحدث عنه كثيراً وسائل الإعلام ، وتلمع أهله !ّ!

عمرم 16/10/2010 04:40 AM

: كل يوم قصة
 

(30)

توبة الراقصة زيزي مصطفى .


عشرون عاماً من عمرها قضتها في حياة الرقص والمجون والعبث ، وفي (( عرفات )) عرفت طريق الحق وذاقت حلاوة الإيمان ، فكانت التوبة :
تقول زينب مصطفى ( زيزي مصطفى سابقاً )) في بداية حديثها :
ظروفي الماديّة العصيبة هي التي جعلتني أعمل في هذا المجال حوالي عشرين سنة ، فأنا أعول أمّي المريضة ، وأخواتي البنات ، وليس لي مصدر آخر للرزق ( ) .
ثمّ لم أكن أدري أنّ هذا العمل حرام! ولم يكلّمني أحد في ذلك ، وظللت على هذه الحال حتّى أنجبت ابنتي الوحيدة .
ثمّ تضيف :
بعد إنجابي لابنتي هذه حدثت تحوّلات جذريّة في حياتي ..
فجأة ، ودون سابق إنذار بدأت أصلّي وأشكر الله على هذه النعمة – نعمة الإنجاب - ، ثمّ بدأت أفكّر لأوّل مرّة أنّه لا بدّ أن أنفق على ابنتي من حلال ، ولا أدري من أين جاءني هذا الشعور ، الذي يعني أنّ عملي حرام ، وأنّ المال الذي أجنيه من ورائه حرام .
وبدأت أشعر بتغيّرات نفسية دون أن أدري مصدرها .
وشيئاً فشيئاً بدأت أتوضّأ ، وأنتظم في أداء الصلاة ، وبدأت أدخل في نوبات بكاء حادّ ومتواصل أثناء صلاتي ، دون أن أدري لذلك سبباً .ومع كلّ هذه البكاء ، وتلك الصلاة ، كنت أذهب إلى صالة الرقص ، لأنّني ملتزمة بعقد ، وفي مسيس الحاجة إلى ما يدرّه عليّ من دخل .
وظللت على هذه الحال : أصلّي ، وأبكي ، وأذهب إلى الصالة ، حتّى شعرت بأنّ الله – سبحانه وتعالى – يريد لي التوبة من هذا العمل ، عندها أحسست بكرهي الشديد للبدلة التي أرتديها أثناء عملي .
كنت كثيراً ما أستفتي قلبي : هل بدلة الرقص التي أرتديها يمكن أن أنزل بها إلى الشارع ؟ فكنت أجيب نفسي ، وأقول : طبعاً لا ، وبعد عشرين سنة من الرقص ، لم يمنعني عملي المحرّم أن أميّز بين الحلال والحرام . إنّ الحلال والحرام بداخلنا ، ونعرفهما جيداً حتّى دون أن نسأل أهل العلم .
لكنّ الشيطان يزيّن لنا طريق الحرام حتّى يغرقنا فيه .
كانت هناك رسائل ذات معنى أرسلها الله سبحانه لي حتّى أستيقظ من الغفلة التي أحاطتني من كلّ جانب .
كان الحادث الذي تعرّضت له هو أوّل هذه الرسائل .. وبسبب هذا الحادث قُطع الشريان الذي بين الكعب والقدم ، وقال لي أحد الأطباء : بحسب التقرير ، وحسب العلم الذي تعلّمناه ، سوف تعيشين بقيّة حياتك على عكّاز .
وبعد فكّ الضماد وجدتني أسير بطريقة طبيعية وسليمة مع تساوي قدميّ كما أفادت التقارير الطبيّة .
اعتبرت ذلك رسالة لها معنى من الله – سبحانه وتعالى – وأنّ قدرته المعجزة فوق كلّ شيء ،فقد نجوت من موت محقّق ، ونجوت من عمليّات كثيرة في قدمي كان من الممكن أن أعيش بعدها عاجزة .
أمّا الرسالة الثانيّة فقد كانت أشدّ وضوحاً ، أرسلها الله إليّ عن طريق صديقة ابنتي في المدرسة عند ما عيّرتها بمهنتي ، وجاءت ابنتي تبكي ، فبكيت معها ، وتأكدّ لي أنّ مهنتي غير مقبولة في المجتمع .
ثم جاءت الرسالة الثالثة ، وكان لها صوت عالٍ بداخلي ، فكثيراً ما كنت أحدّث نفسي أنّني أريد أن أربّي ابنتي من مال حلال ، وأن أعلّمها القيم والمثل والأخلاق الفاضلة ، وكنت أسخر من نفسي ، وأقول : وأيّ قيم سوف أعلّمها ابنتي وأنا أقوم بذلك العمل .
ثمّ مرضت ابنتي ، فكنت أهرع إلى سجّادة الصلاة .. أركع ، وأسجد ، وأدعو الله أن يشفيها . وبعد أن شفيت ، كان لا بدّ من التفكير في الاعتزال النهائي ، لأنّه لا يجتمع في قلب المؤمن إيمان وفجور ، ولأنّ الصورة أصحبت واضحة تماماً أمامي ، ولا تحتاج إلى تفسير آخر .
وفي الأيّام الأخيرة كنت أشعر شعوراً حقيقيّاً بالشوك يشكّني في جسدي كلّما ارتديت بدلة الرقص ، وفي مرّة من المرّات كنت أصلّي ، وأبكي ، وأدعو الله أن يتوب عليّ من هذا العمل الذي يبغضه ، وفجأة .. وأثناء دعائي وتضرّعي بين يدي الله قمت من فوري لأتوجّه إلى خزانة ملابسي ، وفتحتها ، ونظرت إلى بدل الرقص باحتقار شديد ، وقلت بصوت عالٍ أشبه بالصراخ : لن أرتديكِ بعد اليوم . وكرّرت هذه الجملة كثيراً ، وأنا أبكي كما لم أبكِ من قبل . وبعد هذه النوبة البكائية شعرت براحة نفسيّة عجيبة ، تسري في أنحاء جسدي ، وتُدخلني في حالة إيمانية أخرى مكّنتني من التخلّص من حياتي السابقة بيسر وسهولة ، ولو كنت في أمسّ الحاجة إلى المال الذي أعول به نفسي ، وأمّي ، وأخواتي ، وابنتي .
لقد جاء قرار الاعتزال من أعماقي ، وسبقه وقت أمضيته في التفكير والبكاء ، ومراجعة النفس ، حتّى رسوت على شاطيء اليقين بعد حيرة وعذاب ، وشهرة زائفة ، وعمل مُرهِق مجرّد من الإنسانية والكرامة ، كلّه ابتذال ومهانة وعريّ ، وعيون شيطانيّة زائغة تلتهم جسدي كلّ ليلة ، ولا أقدر على ردّها .
هذه الرجعة إلى طريق النور منّة من الله – سبحانه وتعالى – وحده ، فهو الذي امتنّ عليّ بها ، وليس لأحد من الخلق أيّ فضل فيها .
ثمّ أديت العمرة مرّتين ، وفي المرّة الثانية بعد أن عدت إلى بلدي ، قرّرت الاعتزال النهائي ، وبعدها بشهرين فقط كتب الله لي الحجّ ، وفهمت بأنه مكافأة من الله عزّ وجلّ ، وفي الحجّ ، ونحن على صعيد عرفات الطاهر ، بكيت بكاء أشبه بالهستيريا ، حتّى بكى لبكائي جميع من في الخيمة ، ثمّ عدت من الحجّ بحجاب كامل ، أدعو الله أن يغفر لي ، وأن يسامحني ، لأنّني كنت في غفلة ، لا أدرك ما أعمله حرام ، ولم يعظني أحد في ذلك .
لم يعجب اعتزالي أولئك المهتمّين بالفن ، وبدأت العروض المغرية تنهال عليّ بأكثر ممّا أتوقّع ، واعتقدت في نفسي أنّ هذه العروض ما هي إلا اختبارات حقيقيّة من الله تعالى ليختبر صدق إيماني ؛ هل أنا صادقة في توبتي أم أنّها لحظات مؤقّتة ، وأعود بعدها لأنجذب من جديد لهذه العروض الشيطانية ، ووقفت أتحدّاهم بالرفض ، وأتحدّى نفسي ، وأوّل هذه العروض التي رفضتها كانت بمبلغ ضخم للعمل في مسرحية مع ممثل مشهور تستمّر عروضه المسرحية لسنوات عديدة . وثاني هذه العروض جاءني من شركة سياحية لا أعرف لحساب من تعمل . إذ عرضت عليّ أن أذهب إلى ألمانيا لتعليم الرقص الشرقي بمبلغ عشرة آلاف دولار شهريّاً ، وسيّارات أحدث موديل ، وشقّة فخمة في حي راقٍ بألمانيا . رفضت كلّ ذلك ولم يصدّقوا ، فاتّصلوا بي وأملوا حججهم : كيف ترفضين عرضاً كهذا ؟ فسوف تعملين بالحجاب ، ثمّ إنّ الفتيات اللاتي ستقومين بتعليمهنّ لسن على دينك ، فلماذا ترفضين ؟! وكان ردّي : إنّ كلّ بنت صغيرة ، أو فتاة يافعة سوف أقوم بتعليمها سوف آخذ وزرها حتى لو كانت غير مسلمة .
أمّا السؤال الأكثر وقاحة ، الذي لم أكن أتوقّعه ، فقد قيل له : إذا كنت اعتزلتِ ، حذا حذوك راقصات ، فأين يذهب الرقص الشرقي ؟! ( ) .
وأسئلة أخرى أكثر سخافة وفضوليّة ، مثل : من أين تدبّرين أمورك ؟ وتربيّن ابنتكِ ؟ فأجبتهم بالرفض القاطع من أجل أن أعيش بقية عمري تحت مظلّة الإيمان ، وقلت : أنا سعيدة بوضعي الجديد ، وقانعة به ، وسوف يرزقني ربّي ، ولن يتخلّى عنّي بعد أن منّ عليّ بالتوبة .
أمّا العرض الأكثر إغراء الذي لم أتوقَّعه في حياتي البتّة ، فقد تلقّيته من أحد الغيورين (!) على اندثار الرقص الشرقيّ بخمسين ألف دولار نظير إحياء ليلة واحدة من الرقص ، أحييه وسط النساء فقط ، ولمدّة ساعتين ، وكان جوابي الصارم : لا ، وألف لا ، لأنّ هذه المحاولة دوافعها مفهومة لي ، فإذا كان أكبر أجر تلقّيته في حياتي أثناء عملي في دول أوربيّة كان ألفين أو ثلاثة أو أربعة آلاف دولار ، نظير عقد كامل لمدّة معينة ؛ فلماذا يعرض عليّ هذا المبلغ نظير إحياء ليلة واحدة ؟! المقصود هو إخراجي من حجابي ، ومن دائرة إيماني التي ولجت فيها عن صدق ويقين .
بعد هذا الرفض الأخير أصابهم اليأس ، وتوقّفوا عن محاولاتهم الدنيئة لإغرائي بالابتعاد عن طريق النور الذي سلكته و رضيته ، والحمد لله على كلّ حال ..

عمرم 17/10/2010 01:34 AM

: كل يوم قصة
 

(31)

توبة مطرب الصومال الأول عبد الله زلفى


في إحدى المدارس الابتدائية بمقديشيو تجمّع المعلّمون والإداريّون ، ومعهم مدير المدرسة ، يستمعون بشغف إلى ذلك الفتى الأسمر النحيل وهو يشدو بصوته الساحر ، ويردّد أبياتاً من عيون الشعر العربيّ ..
كانت الصومال وقتها تعيش الحقبة الاشتراكية من عهد الرئيس (( سياد بري )) فكان لا بدّ لموهبة الفتى أن تسخّر في هذا الاتجاه ، فتسابق الشعراء في تنظيم قصائد المدح والإشادة بالرئيس وعهده ، كي ينشدها الفتى الذي ذاع صيته في مدارس العاصمة ، وأصبح محطّ أنظار مسؤولي التعليم .
تقدّم الفتى إلى المرحلة المتوسطة ، ثمّ الثانويّة ، وتقدّمت معه موهبته التي جذبت انتباه وزير التعليم ، فأصدر قراراً بتأسيس فرقة موسيقية تحت إشراف الفتى ...
تلكم كانت بداية عبد الله زلفى مطرب الصومال التائب ، الذي قرّر أن يغرّد خارج سربه بعد أن تبيّن له أنّ السرب يسير نحو الجحيم ..
ذاعت شهرته ، وأصبح يعرفه كلّ صوماليّ وجيبوتيّ ، ولقّبوه بمطرب الصومال الأوّل ، وفي عام 1396هـ شهدت الصومال نقطة تحوّل في توجّهها حيث تمّ طرد الخبراء السوفيت ، واعتماد سياسة الانفتاح ، فكان لا بدّ لمطرب الصومال الأوّل أن يتجاوب مع توجّهات بلاده ، فترك الفرقة الموسيقية الحكوميّة وعمل لحسابه ، وتحوّل من الغناء للاشتراكية ، إلى الغناء للانفتاح ..

يقول عبد الله زلفى :
اشتريت ملهى ليلياً كنت أغنّي فيه ، وكانت فنادق مقديشيو وملاهيها تتسابق لاستضافتي ، فكنت أغنّي في أكبر فندقين في العاصة : ( العروبة وجوبا ) .. كانت مهمّتي تتمشّي مع متطلبّات المرحلة ، فقد كان عليّ إغراق الشباب في اللهو والمجون ، والضرب على غرائزهم ، بحيث لا يفكّرون فيما يحدث لبلادهم من تمزيق ، ولثرواتهم من نهب ..
كان الشباب حولي يرقصون ، فيما كانت مدافع وصواريخ إيثيوبيا تدّك المساجد في ( هرجيسا ) و ( برعو ) وغيرهما من المدن المسلمة ، قدّمتُ السخافات الغربيّة بدعوى : ( الفرانكو أراب )) ، وسافرت إلى لندن وباريس وروما وغيرها من العواصم الأوربيّة والأفريقية لتقديم الفنّ الصوماليّ الحديث !!
وازداد إقبال الشباب علي ّ – والموت في انتظار كلّ من يتحدّث عن الشأن العام – ورافق ذلك إطراء وتهليل من وسائل الإعلام للغناء الذي أقدّمه ، وكان ذلك يعني مزيداً من الأموال تصبّ في جيبي ..
عام 1983م ( 1403هـ ) كان فاصلاً في حياتي ، فقد أراد والدي أن يكملا فرحتهما بابنهما الذي أصبح موضع إعجاب شباب وشابات الصومال ، وقد خشيا أن أتزوّج فتاة لا يعرفونها فأبتعد عنهما ، فرشّحا لي إحدى قريباتي عروساً ، كانت على درجة عالية من الثقافة والجمال ، فوافقت عليها بلا تردّد ، وتوقّعت أن تطير فرحاً بي ، كيف وقد وقع اختياري عليها من بين آلاف الفتيات اللاتي يتمنينني زوجاً ، لكنّ توقّعي خاب ، فمنذ الليلة الأولى لمحتُ في عينيها حزناً دفيناً لم تخفه كاميرات التلفزيون والمصوّرين التي ملأت قاعة الاحتفال .. ظننت أنّ المسألة مجرّد إرهاق أو خجل يعتري الفتيات في مثل هذه المواقف ، ولكنّ الأمر لم يكن كذلك ..
كنت أعود من الملهى قبيل الفجر ، فأجد زوجتي تقرأ القرآن .. وإذا حكيت لها ما حدث لي في عملي تكتفي بتحيّتي ، وتدعو لي بالهداية ، ثمّ تمضي لصلاة الفجر ، وأمضي إلى فراشي .. وكلّما حدّثتها عن عملي أجابتني : (( الرزّاق هو الله )) ولم أكن وقتها أفهم مغزى هذا الكلام فلم نكن نشكو الفقر أو قلّة الرزق .
وبعد خمس سنوات رأت زوجتي أن تواجهني مباشرة ، فعند ما عدت إلى المنزل في أحد الأيّام ، كانت مساجد المدينة تصدح بآذان الفجر.. سألتني مستنكرة : لِمَ لم تدخل المسجد وأنت تسمع آذان الفجر ؟! )) كانت هذه هي المرّة الأولى التي أسمع فيها أنّ بإمكاني أن أدخل المسجد ، وأصبح مسلماً صالحاً ..
كانت تلك بداية معركة في داخلي بين فطرتي التي تدعوني إلى الاستجابة لنصيحة زوجتي ، وواقعي الغارق في وحل الفنّ ، وفي المساء كنت أهندم ملابسي استعداداً للذهاب إلى الملهى فإذا بزوجتي تهمس في أذني برقّة : (( استرح يا أخي ، فالرزّاق هو الله )) ..
خشيت أن أضعف أمامها ، فأسرعت خارجاً من البيت ، لكنّ رحمة الله عزّ وجلّ كانت لي بالمرصاد ، فما إن نزلت من سيّارتي وهممت بدخول الملهى حتّى سمعت المؤذّن ينادي لصلاة العشاء : ( حيّ على الفلاح ، حيّ على الفلاح ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله )) .. وكأنّي أسمع هذا النداء للمرّة الأولى .. فما كان منّي إلا أن غيّرت وجهتي .. ودخلت المسجد .. توضأت ، وصلّيت مع المصلّين الذين تجمّعوا حولي يمطرونني بالترحاب ، وقد غطّت وجوههم السعادة ، وأهدي إليّ أحدهم كتاب : ( شرح أحاديث البخاري ) .
خرجت من المسجد ، وركبت سيارتي ، وقفلت عائداً إلى البيت لأبشّر زوجتي بمولدي الثاني ، وتلك كانت منحة في ثوب محنة .
تلك كانت قصّة مطرب الصومال الأول مع الهداية ، وقد برهن على صدق توبته بخطوات عمليّة ، بدأها بالتبرّع بالأجهزة الصوتيّة ، والاستديو الذي يملكه لخدمة الدعوة الإسلامية ، وبدأ دخله يتراجع ، وأمواله تقلّ ، فهو مغنٍ ، وليس له دخل سوى ما يكسبه من هذه المهنة ، فلم يفتّ ذلك في عضده ، وباع سيارته ومنزله الكبير ، وكان عزاؤه في ذلك حلاوة الإيمان التي تغمر قلبه ، والسعادة التي تحيطه بها زوجته وهي تردّد ؛ (( الرزّاق هو الله )) .. لقد أصبح لهذه العبارة الآن معنى ومذاق طالما غاب عن عبد الله قبل ذلك .
ولمّا كان طريق الإيمان والتوبة محفوفاً بالمكاره اختباراً وامتحاناً ، فقد استدعته السلطات وعاتبته على خطواته التي عدّوها (( متهوّرة )) وظنّوا أنّ الأمر لا يعدو مجرّد نزوة من فنّان أراد أن يجذب الانتباه إليه ، لكنّهم وجوده إنساناً آخر غير الذي عهدوه طيلة ثمانية عشر عاماً – عمر مشواره الفنّي - .. هدّدوه ، وطلبوه منه أن يظهر في التلفاز ويعلن أسفه على خطوته تلك ، ويعتذر لمعجبيه من الشباب والشابات ، ويؤكّد لهم أنّه قد غرّر به .. فرفض . فلمّا أدركوا حجم تصميم الرجل لم يجدوا بدّاً من سجنه !!
نعم .. سجنوه لأنّه تخلّى عن دور مهمّ كان يقوم به في تغييب الشباب ، وأصبح قدوة من نوع آخر .. نوع يقلق أهل الباطل ، ويهدّد أركان مشروعهم ..
لم تفلح العصا ، فعادوا يلوّحون بالجزرة .. عرضوا عليه مبلغاً من المال على أن يعود إلى الفنّ ، لكنّه أبى .. اقترحوا عليه أن ينظّموا له حفل اعتزال عسى أن يكون ذلك بداية لاجتذابه إلى الغناء مرة أخرى ، ولكنّه فهم المخطّط ورفض بإصرار ..
يقول عبد الله زلفى : (( كانت عقيدتي قويّة ، وكانت زوجتي تقف معي في محنتي ، فكان قراري الرفض الحاسم للعودة إلى الطرب )) .
وفي عام 1410هـ أراد أن يخرج من جوّ الحصار الذي يحيط به ، والملاحقات المتوالية التي تضغط عليه ، فلم يجد وجهة خيراً من بيت الله الحرام ، وهناك تزوّد بشحنة إيمانيّة جديدة كان لها بالغ الأثر في تثبيته على طريق الإيمان ، فقد تلقّفته الأيدي الطاهرة في مكّة ، وأحاطته بالرعاية حتى أتمّ حفظ عشرة أجزاء من القرآن ، ولمّا دوّت صفّارات الحرب في الصومال ، واشتبكت القبائل والميليشيّات في حرب أهلية طاحنة ، قرّر العودة إلى الصومال حيث يفرّ الناس منه ، فما أحوج الصومال إلى دور عبد الله الجديد داعيةً ومصلحاً .. أراد أن يكفّر عمّا ارتكبه من جرم في حقّ شباب الصومال ، فراح يطوف هناك يحثّ الشباب على الصبر والثبات والسلام ، ويحذّرهم من الانسياق وراء عصابات الحرب والإفساد والدمار ..
فلّما رأى أن الشر قد استفحل ، عاوده الحنين إلى مكّة ، فمن ذاق عرف ، فجاء ملبياً ، وطاب له المقام ، وقطع شوطاً كبيراً في حفظ القرآن الكريم .
والآن عبد الله يعمل داعية إلى الله عز وجل .. دعاه بعض أصدقائه إلى استخدام موهبته في خدمة الدعوة ، فهو صاحب صوت نديّ يمكن أن يشدو به أعذب الأناشيد ، لكنّه رفض ، وقال : أخشى إن دخلت الفنّ مرّة أخرى من باب الأناشيد أن أعود إلى سابق عهدي ، وعندنا مثل في الصومال يقول : اليد التي تسرق القليل مصيرها إلى السرقة ، الفنّ بوصفه الحالي حرام ، ولا يصلح لخدمة الإسلام ، وأنا اخترت مجال الدعوة بعيداً عن الفنّ .. لبعض العلماء فتاوى في جواز الغناء بلا مزامير بهدف بثّ الحماس أو العظة أو التمسك بالدين ، ولكن لا أحبّذ لنفسي ذلك ، ولا أمنع من يرى في نفسه المقدرة على استخدام الفنّ في تربية الروح الإسلامية في نفوس الناس .
إنّ الوضع في الصومال لا يحتاج إلى فنّ ، بل يحتاج إلى دعوات في الثلث الأخير من الليل ، مع الأخذ بالأسباب ، لانتشاله من الوضع المأساويّ الذي يعانيه .

عمرم 17/10/2010 01:36 AM

: كل يوم قصة
 

(32)

توبة الشيخ محمد جميل زينو من ضلالات الصوفيّة إلى نور العقيدة السلفيّة


الشيخ محمّد جميل زينو – حفظه الله – عرفناه من خلال مؤلّفاته النافعة التي تُعنى بنشر العقيدة السلفيّة، وبيانها بأسلوب واضح ميسر ، وقد نفع الله بهذه المؤلّفات ، وهدى بها من الضلال بإذنه .. وللشيخ قصّته مع الهداية إلى هذه العقيدة الصحيحة ، وقد رواها بنفسه ( ) ، فقـال :
ولدتُ في مدينة حلب بسورية .. ولمّا بلغتُ العاشرة من عمري التحقتُ بمدرسة خاصّة تعلّمت فيها القراءة والكتابة ، ثم التحقت بمدرسة دار الحفّاظ لمدّة خمس سنين حفظت خلالها القرآن الكريم كاملاً ولله الحمد ، ثمّ التحقت بما يسمّى آنذاك بالكليّة الشرعيّة التجهيزيّة – وهي الآن الثانوية الشرعيّة – وهي تابعة للأوقاف الإسلامية ، وهذه المدرسة تجمع بين تدريس العلوم الشرعيّة والعصريّة .

وأذكر أنّني درست فيها علم التوحيد في كتاب اسمه : (( الحصون الحميديّة )) والذي يقرّر فيه مؤلّفه توحيد الربوبيّة ، وأنّ لهذا العالم ربّاً وخالقاً !.. وقد تبيّن لي فيما بعد خطأ هذا المنهج في تقرير العقيدة ، فإنّ المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا مقرّين بأنّ الله هو الخالق الرازق : (( وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ )) ( الزخرف : 87) ، بل إنّ الشيطان الذي لعنه الله كان مقرّاً بذلك ؛ (( قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي )) ( الحجر : 39) .
أمّا توحيد الإله الذي هو الأساس والذي به ينجو المسلم ، فلم أدرسه ولا كنت أعلم عنه شيئاً .

كنت نقشبنديّاً :
لقد كنت منذ الصغر أحضر الدروس وحلقات الذكر في المساجد ، وقد شاهدني شيخ الطريقة النقشبندية فأخذني إلى زاوية المسجد ، وبدأ يعطيني أوراد الطريقة النقشبندية ، ولكن لصغر سنّي لم أستطع أن أقوم بها ، لكنّي كنت أحضر مجالسهم مع أقاربي في الزوايا ، وأستمع إلى ما يردّوونه من أناشيد وقصائد ، وحينما يأتي ذكر اسم الشيخ كانوا يصيحون بصوت مرتفع ، فيزعجني هذا الصوت المفاجئ ، ويسبب لي الرعب والهلع ، وعند ما تقدّمت بي السنّ بدأ قريب لي يأخذني إلى مسجد الحيّ لأحضر معه ما يسمّى بالختم ، فكنّا نجلس على شكل حلقة ، فيقوم أحد الشيوخ ويوزّع علينا الحصى ويقول : (( الفاتحة الشريفة ، الإخلاص الشريف )) ، فنقرأ بعدد الحصى سورة الفاتحة وسورة الإخلاص ، والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بالصيغة التي يحفظونها ، ويجعلون ذلك آخر ذكرهم . ثم يقول الشيخ الموكّل ، لأنّ الشيخ – بزعمهم – هو الذي يربطهم بالله ؛ فيهمهمون ، ويصيحون ، ويعتريهم الخشوع ، حتّى إنّ أحدهم ليقفز فوق رؤوس الحاضرين كأنّه البهلوان من شدّة الوجد .. إلى آخر ما كانوا يفعلونه من البدع المحدثة التي ما أنزل الله بها من سلطان .

كيف اهتديت إلى التوحيد ؟
كنت أقرأ على شيخي الصوفيّ حديث ابن عبّاس رضي الله عنهما ، وهو قول النبيّ صلى الله عليه وسلم : (( إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله .. ))
فأعجبني شرح الإمام النوويّ - رحمه الله – حين قال : ( ثمّ إن كانت الحاجة التي يسألها لم تجر العادة بجريانها على أيدي خلقه ، كطلب الهداية والعلم، وشفاء المرضى، وحصول العافية ، سأل ربّه ذلك . وأمّا سؤال الخلق ، والاعتماد عليهم فمذموم )) .
فقلت للشيخ : هذا الحديث وشرحه يفيدان عدم جواز الاستعانة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله .
فقال لي : بل تجوز !!
قلت له : وما الدليل ؟ فغضب الشيخ ، وصاح قائلاً : إنّ عمّتي كانت تقول : يا شيخ سعد ( وهو من الأولياء المزعومين الأموات ) فأقول لها : يا عمّتي ، وهل ينفعك الشيخ سعد ؟ فتقول : أدعوه فيتدخّل على الله فيشفيني !!
قلت له : إنّك رجل عالم ، قضيت عمرك في قراءة الكتب ، ثمّ تأخذ عقيدتك من عمّتك الجاهلة !!
فقال لي : عندك أفكار وهّابيّة ! (نسبة إلى الشيخ المجدد محمّد بن عبد الوهّاب رحمه الله ) .
وكنت لا أعرف شيئاً عن الوهّابية إلا ما أسمعه من المشايخ ، فيقولون عنهم : إنّهم مخالفون للناس ، لا يؤمنون بالأولياء وكراماتهم المزعومة ، ولا يحبّون الرسول صلى الله عليه وسلم ، إلى غير ذلك من التهم الكثيرة الكاذبة التي لا حقيقة لها .
فقلت في نفسي ؛ إن كانت الوهّابيّة تؤمن بالاستعانة بالله وحده ، وأنّ الشافي هو الله وحده ، فلا بدّ أن أتعرّف عليها .
وبحثت عن هذه الجماعة ، فاهتديت إليها ، كان لهم لقاء مساء كلّ خميس يتدارسون فيه التفسير والفقه والحديث ، فذهبت إليهم بصحبة أولادي وبعض الشباب المثقّف .. دخلنا غرفة كبيرة ، وجلسنا ننتظر الدرس ، وبعد برهة من الزمن دخل الشيخ ، فسلّم علينا ، ثمّ جلس على مقعده ، ولم يقم له أحد ، فقلت في نفسي ، هذا الشيخ متواضع ، لا يحب القيام له.
وبدأ الشيخ درسه بقوله : إنّ الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره .. إلى آخر الخطبة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح بها خطبه ودروسه ، ثمّ بدأ يتكلّم باللغة العربية الفصحى ، ويورد الأحاديث ، ويبيّن صحّتها وراويها ، ويصلّي على النبيّ صلى الله عليه وسلم كلّما ذكر اسمه . وفي ختام الدرس وجّهت له الأسئلة فكان يجيب عليها بالدليل من الكتاب والسنّة ، ويناقشه بعض الحاضرين فلا يردّ سائلاً أو متكلماً ، ثمّ قال في آخر درسه : الحمد لله ، إنّنا مسلمون سلفيون ، وبعض الناس يقولون إنّنا وهّابيون ، فهذا تنابز بالألقاب ، وقد نهانا الله عن ذلك بقوله : (( وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ )) ( الحجرات ك 11) .

ولمّا انتهى الشيخ من درسه ، خرجنا ونحن معجبين بعلمه وتواضعه ، وسمعت أحد الشباب يقول : هذا هو الشيخ الحقيقيّ .
ومن هنا بدأت رحلتي إلى التوحيد الخالص ، والدعوة إليه ، ونشره بين الناس اقتداء بسيّد البشر صلى الله عليه وسلم . وإنّي لأحمد الله - عزّ وجلّ - الذي هداني لهذا ، وما كنت لأهتدي لولا أن هداني الله ، والحمد لله أوّلاً و آخراً .

عمرم 17/10/2010 01:38 AM

: كل يوم قصة
 

(33)

المدينة المنورة سجن .. وما تسوى ريال ... وأعوذ بالله منها ... أعووووذ بالله منها .!!


السلام عليكم ورحمة اله وبركاته

فهذه هي العبارة التي قالها لي أحدهم وقد طلبت منه أن يذهب بي إلى المسجد النبوي ...( تاكسي )

القصة من البداية ...
خرجت أريد الذهاب للمسجد النبوي وكانت سيارتي في الطريق ( شحنا ) قادمة إلى المدينة النبوية ..
فأوقفت ذلك الشاب الذي بدى لي وجهه شبحا أسودا عليه آثار المعاصي ..
التي لا تخفى على كل من رآى ذلك الوجه والذي زاده سوادا حر الظهيرة التي أقبلت حيث كان أذان الظهر على وشك أن يرتفع ..
صعدت معه .. وانطلقنا فأذن الظهر مؤذنه .. فقلت له أظننا يا أخي لن ندرك الظهر في الحرم فهلا وقفنا عند أقرب مسجد ...
قال : نعم .... سأوقفك وأنا سأذهب وأعود لك بعد الصلاة !!!
يعني لن تصلي ؟ قال يا أخي تريد تصلي براحتك ولكن لا تمتحني ( أي لا تزعجني بهذا الطلب أنا حر ) !!!
ذهلت من الجرأة ...
وقفت عن مسجد الشيخ العلامة عبد المحسن العباد ( مدير الجامعة الإسلامية السابق والمدرس بالمسجد النبوي )
صليت وخرجت وإذا بالأخ موجود ..

صعدت معه ... ومعي أوراقي وكتبي التي سأراجعها في الحرم ..
فقلت له .. كيف المدينة معك ؟
فقال لي والله إنها سجن أعوذ بالله منها والله لولا المسجد هذا ( يعني المسجد النبوي ) لما كانت تسوى ريال !!!

إنعقد لساني ... وأنا أسمع الشتائم لأطهر بقعة بعد المسجد الحرام ومكة ... ( علماً بأن بعض أهل العلم فضل المدينة مطلقاً كالإمام مالك - رحمه الله - )

أخرجت دفتري ... وأخذت قصاصة وكتبت له رسالة مبعثرة الأفكار وقليلة البيان ...ومضطربة الخط ( مع القيادة )
من مذنب مثله ..وهو أنا ..

وصلت إلى لمسجد النبوي ...وأعطيته الخمسة ريالات .. وهذه الورقة ..

ما هذه الورقة ( يسألني ) ؟
قلت له خذها ولا تقرأها إلا إذا أردت أن تنام ... قبل النوم ...

قال : يعني ما أقرأها ذحين ( يعني الآن )

قلت : لا ... قبل أن ترقد ..

قال نعم ....

ذهبت ... للمسجد ومضت الأيام ... وبعد أسبوع وأنا عائد بعد صلاة العشاء من المسجد النبوي وإذا بالجوال يرن ..
رقم غريب ... خير إن شاء الله ...

ألو ... السلام عليكم ..

وإذا بصوت ينفجر باكياً ...
قال لي نعم يا يا شيخ والله إني طفشان والله إني متضايق ..

إش أسوي ( ما العمل ؟)

أهدأت روعة ...
وهو يقاطعني ويقول والله لن يقبل الله لي توبة ...
ما فيه شيء إلا وفعلته ... تخيل يا شيخ كل شيء ...
يا شيخ أنا ما ني مجرم عادي ...
ولكن والله إني تائب ... والله تائب ...
يا شيخ ... أنا مهرب مخدرات ... أنا مروج ...
والله بعد ما قرأت الرسالة ...
سحبت سيفون الحمام ( أجلكم الله ) على أكثر من ثلاثة آلاف حبة هروين ....
أنا تاااااااااااااائب ...

قلت الله يعفو ويصفح عن كل شيء إلا الشرك ...ورد المظالم ..
كل ما يتعلق بجنابه يغفره إلا الشرك به سبحانه ..

(( إن الله يغفر الذنوب جميعا ))
أبشر بعفو الله ..
وذكرته بالله ... وبمغفرته ... فهدأ روعة وسكنت زفراته وأغلق الإتصال معه ولم يتيسر لي لمشاغلي الإتصال به ..

وبعد فترة يتصل بي وكنت قد صليت الجمعة في المسجد النبوي ..

وإذا بصوته متغير ... صوت مطمئن هادئ .. سعيد ..
ويقول ويني عن هذه السعادة ... الآن الناس كلهم صاروا يحبوني ... ومواعيد والآن سأذهب للإمام ... يستضيفني عنده ..

أبشرك والله إني في أحسن حال ..

أريقت دموعي فرحا ... وسجدت لله شكرا ....
أسأل الله القبول ..

وذهبت الأيام ..
واتصل علي مرة أخرى ...

وقال أبشرك ..
أحد زملائي القدامى أيام الترويج تاب والآن تركته وقد ذهب لمكة سيعتمر ...
قلت : ما شاء الله ... الآن أصبحت داعية ..

قال أسأل الله أن يتقبل ..

وهكذا انتهت قصة مروج المخدرات ... الذي أصبح داعية ..
وأنتم لا تعرفوني ... ولذلك لم أتورع عن ذكر .. هذه القصة .,.. للفائدة ...

ولقضية واحدة ... فقط .. أريد أن أذكر نفسي وإياكم بها ..

لا تحقروا من المعروف شيئا ولا تحقروا النصيحة .. ولا كلمة طيبة ..
قد تغير أناسا وتقلب أمورا وأحوالاً ..

جعلني الله وإياكم مفاتيح للخير مغاليق للشر

عمرم 17/10/2010 01:39 AM

: كل يوم قصة
 

(34)

توبة شاب ماجن


الشباب هم عماد الأمة وذخيرتها الحية، وأملها المرتقب، ومستقبلها المنشود، لذا؛ فإن الأعداء لا يألون جهداً في تحطيم نفوس الشباب وهدم أخلاقهم بشتى السبل والوسائل.. يقول المستشرق شاتلي: (وإذا أردتم أن تغزوا الإسلام وتكسروا شوكته، وتقضوا على هذه العقيدة التي قضتْ على كل العقائد السابقة واللاحقة لها، والتي كانتْ السبب الأول والرئيس لعزة المسلمين وشموخهم، وسيادتهم وغزوهم للعالم.. إذا أردتم غزو هذا الإسلام، فعليكم أن توجهوا جهود هدمكم إلى نفوس الشباب المسلم والأمة الإسلامية؛ بإماتة روح الاعتزاز بماضيهم وتاريخهم وكتابهم: القرآن، وتحويلهم عن كل ذلك بواسطة نشر ثقافتكم وتاريخكم، ونشر روح الإباحية، وتوفير عوامل الهدم المعنوي، وحتى لو لم نجد إلا المغفلين منهم والسذج والبسطاء لكفانا ذلك، لأن الشجرة يجب أن يتسبب في قطعها أحد أغصانها..)[20].
وما كان للأعداء أن يحققوا شيئاً لو تمسك المسلمون بدينهم وصبروا عليه، لأن الله يقول: (وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً إن الله بما يعملون محيط) (آل عمران: 120)
يقول هذا التائب:
كنتُ في ضلال وضياع وفجور، تربيتُ كسائر الناس على طاعة الوالدين، لكني لم أكن أعرف الصلاة وكذلك سائر العبادات إلا رياءً... تعلمتُ التدخين في سن مبكرة، فكنتُ أدخن كثيراً.. لم أكن أعرف عن قضايا المسلمين شيئاً؛ اللهم إلا القضية الفلسطينية.. وعند دراستي في الجامعة تعرفتُ على شاب أبيض ذي لحية سوداء صغيرة، لا تفارق الابتسامة محياه.. لا أدري لماذا كنتُ أكرهُ هذا الشابَ وأحقد عليه.. ربما لأنه كان دائماً ينصحني، ويحثّني على ترك التدخين، وكل ما يُغضب الله..
وفي يوم من الأيام، حضر إلى الجامعة وبيده بعض المنشورات عن المجاهدين، وما أن اطلعتُ عليها حتى سَرَتْ في نفسي رعشةٌ وقشعريرةٌ لم أدرِ لها سبباً، لكنها سرعان ما زالت بعد دقائق معدودة..
وذات يوم، كان الوقت عصراً وكنتُ أستمع إلى أغنية في المذياع، وصوت المؤذن يجلجل في الآفاق منادياً لصلاة العصر، ولكن:

فـلا الأذان أذان فــي منارته *** إذا تعـالـى، ولا الآذان آذانُ

كنتُ أنا والجدار متشابهين في القسوة والجمود وعدم الإجابة... وبعد انتهاء الأغنية، جاءت الأخبار، فأستمع إليها وإلى أخبار المسلمين في البوسنة والهرسك وما يتعرضون له من القتل والتشريد؛ فلم ألقِ لذلك بالاً.
وفي الصباح، ذهبتُ إلى الجامعة كالعادة، فقابلني أحد رفقاء السوء، وعرض عليّ (فلماً) خليعاً فأخذتُه مسروراً، وسهرتُ تلك الليلة لمشاهدته، وهكذا في كل صباح كنا نتبادل هذه الأفلام المدمرة بيننا في الجامعة وللأسف الشديد..!! فكيف يمكن للمسلمين أن يتقدموا على أعدائهم وهذا حال شبابهم.
وجاء اليوم الموعود، فإذا بذلك الشاب الذي كنتُ لا أطيقه يأتيني ويقول لي: هل تريد فلماً؟ فقلتُ له متعجباً: أعندك؟!.. قال: نعم. قلتُ: هات.
وأخذتُ الفلم، وفي الوقت الذي كنتُ أقضيه في السهر لمشاهدة تلك الأفلام؛ سهرتُ على هذا الفيلم الجديد الذي لا أدري ما محتواه.. كنتُ أظنه كتلك الأفلام التي أعرفها.. ولكن كانت المفاجأة.
تسجيلات قرطبة الإسلامية تقدم:
الصليــب يتحـــدى
كان هذا هو عنوان الشريط..
ثم توالت بعد ذلك الصور المفزعة.. دماء... أشلاء.. أجساد ممزقة.. أعضاء متناثرة... نساء ثكالى.. أطفال حيارى... دمار وخراب....

أحـلَّ الكفـر بالإسـلام ضيــماً *** يطـول بـه على الديـن النحيـب
فحق ضائــع وحمــىً مبــاح *** وسيـف قاطـع ودمث صبيــبُ
وكـم مـن مسلم أمسـى سليبــاً *** ومسلمــة لهـا حـرمُ سليــب
وكـم مـن مسجـد جعلـوه ديراً *** علـى محرابـه نُسـب الصليــب
أمـور لـو تأملهـــن طفــل *** لطفــل في مفارقــه المشيــبُ
أتسبـى المسلمـاتُ بكل ثغـــر *** وعيـش المسلميــن إذاً يطيــبُ
أمـا لله والإســلام حـــــقُ *** يدافــع عنــه شبــان وشيبُ
فقـل لـذوي البصـائر حيث كانوا *** أجيبــوا الله ويحكـم.. أجيبــوا

لم أتمالك نفسي من البكاء.. أحسستُ برعشة تسري في أوصالي.. كنتُ أتخيل نفسي واحداً من هؤلاء، وقد ذُبحت من الوريد إلى الوريد، ورُسم على صدري الصليب.. يا إلهي.. ألهذه الدرجة بلغ الحقد الصليبي على هؤلاء الغُزّل، لا لشيء.. إلا لأنهم مسلمون..؟؟!! (وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد).
لم أنم تلك الليلة من شدة الخوف.. استلقيتُ على فراشي وأنا لا أدري ماذا أصنع.. نظرتُ من حولي، فإذا بضوء القمر الخافت قد تسرب من خلال النافذة، وألقى بأشعته الفضية على طاولة مكتبي الذي أذاكر عليه.. وإذا بي ألمح مصحفي القديم الذي تقطعتْ بعض أوراقه من الإهمال.. فأسرعتُ إلى أخذه وبدأتُ أقرأ فيه حتى وصلتُ إلى آية الكرسي من سورة البقرة.. (الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم..) فتوقفتُ عن القراءة ثم انهمرتْ عيناي بالدموع، فلم أتوقف عن البكاء إلا على صوت المؤذن وهو يجلجل في الآفاق.. (.. الله أكبر.. الله أكبر..) .. فقمتُ مسرعاً، وذهبتُ إلى المسجد خائفاً ترتعد فرائصي.. فدخلتُ دورة المياه، فوجدتُ شيخاً كبيراً يتوضأ، فطلبتُ منه أن يعلمني الوضوء والصلاة، وكانت تلك الحادثة هي نقطة التحول في حياتي..

عمرم 17/10/2010 01:41 AM

: كل يوم قصة
 

(35)

توبة شاب ذكي من شتم أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم


يقول المولى عز وجل في محكم التنـزيل: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم). [ سورة التوبة] : 100 ويقول المصطفى -صلى الله عليه وسلم- (لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أُحدٍ ذهباً؛ ما بلغ مُدّ أحدهم، ولا نصيفه) متفق على صحته:

أولئك أتبـاع النبــي وحزبـــه *** فلولا هـم ما كان في الأرض مسلـم
ولكـن هـم فيها بدور وأنجـــم *** فيـا لائمـي في حبهـم وولائهـم
تأمـل - هداك الله- مَن هـو ألـوَمُ *** بأي كتـاب؟.. أم بأيـة حجــة؟
ترى حبهــم عـارٌ علـي وتنقـم *** وما العـار إلا بغضهـم واجتنابهـم
وحب عداهـم، ذاك عـار ومأثــمُ *** -------------

ليس عجباً أن تسمع ملحداً أو يهودياً أو نصرانياً يشتم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وينتقصهم، وإنما العجب أن يحدث هذا ممن يدعي الإسلام، وينطق بالشهادتين، ثم يتخذ من شتمهم وبغضهم ديناً ومذهباً، ولو أعمل هؤلاء عقولهم، وفكروا بتجرد، لعلموا أن الطعن فيهم طعن في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو الذي تولى تربيتهم وإعدادهم، ليكونوا قادة الدنيا وسادتها، فعاشوا في كنفه الدافئ، ونهلوا من معينه الصافي، ولما اختاره الله إلى جواره، وارتدتْ قبائل العرب عن دين الإسلام، قام أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- قومته العظيمة، ومعه سائر الصحابة الكرام، وقاتل المرتدين حتى أخضعهم لدين الله، وقال قولته المشهورة: والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم على منعه. فدانتْ له الجزيرة، وعاد إليها الأمن والأمان بعد حروب طاحنة، استشهد فيها كثير من الصحابة الأطهار رضوان الله عليهم أجمعين، فكيف يقال بعد ذلك إن الصحابة قد ارتدوا جميعاً؟! هذا من أعجب العجب، وأمحل المحال..!
وبمثل هذا لا عجب قص عليّ هذا الشباب قصته فقال:
أنا شاب عربي، أسرتي وقبيلتي كلها تعتنق مذهباً غير مذهب أهل السنة والجماعة، هاجرتُ إلى هذه البلاد للعمل عام 1401هـ، ولم يتجاوز عمري آنذاك الخامسة عشرة.. بدأ التحول في حياتي يوم أن التحقت بإحدى المدارس الليلة لمحو الأمية بمدينه جدة.. لم يكن مدير المدرسة آنذاك يعلم باعتقادي الباطل، فكان يثني عليّ وعلى ذكائي، وبالفعل؛ فقد كان ترتيبي الأول على جميع الطلاب.
كان المدرسون والطلاب يؤدون صلاة العشاء جماعة في ساحة المدرسة، فكنتُ أتهرب، وأتعمد الخروج خفيةً حتى لا يعلم بي أحد..!! وبحكم نشأتي الطائفية فقد امتلأ قلبي حقداً وكراهيةً لأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلمني أهلي أن أصحاب المذاهب الأربعة التي تنتسب لأهل السنة؛ كلهم كفرة وخارجون عن الملة.. لا يؤمنون بإمام الزمان!! ولا يدينون دين الإسلام.. ويتخبطون في ظلمات الكفر والضلال.. ولا يهتدون سبيلاً..!! أي والله هذه هي الحقيقة المؤلمة.
كنتُ عندما أشاهد زملائي في المدرسة يصلون، أشعر بإحساس أنهم على الحق، فهم أفضل مني.. يصلون، ويتحدثون عن الدين عن علم ودراية، ومعرفة مقرونة بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، أما أنا...
وفي ذات يوم، قابلني أحد الاخوة الطيبين -وهو زميل لي في الفصل الذي أدرس فيه-قابلني خارج المسجد.. فإذا بضربات قلبي تشتد، ولساني ينعقد عن الإجابة.. ماذا أقول له؟؟ هو يظن أنني على دينه، فبمَ أجبيه في هذا الموقف الحرج؟.. لقد أصابني ذعر شديد لأني لا أملك الحجة لمقارعته، وإذا ذهبتُ معه إلى المسجد فقد يصل الخبر إلى أهلي فيؤذونني، فالمسألة معتقد.
ثم إني لا أعرف من صلاتهم شيئاً، فماذا أصنع لو دخلت المسجد؟!! هذه حقيقة أقولها بكل صدق، أسأل الله أن يغفر لي جميع ذنوبي؟
ولكني لم أجد بداً من الاعتراف أمام ذلك الأخ، فأخبرتُه بأن مذهبنا لا يجيز لي الصلاة خلف (سُني) كما كان يلقنِّني أهلي.. فتعجب ذلك الأخ من قولي، ثم جذبني بقوة، وأدخلني المسجد.. وصليتُ معهم، ولا أدري كيف صليتُ!!!
بعد ذلك، كنتُ أذهب إلى بيت أحد أقربائي فأسأله كثيراً من مذهبنا؛ فوجدته من أجهل الناس، رغم أنه يعتبر من العالمين بذلك الدين أو المذهب.. كان يجيبني بعنف، ويكثر من الوقيعة في أهل السنة بأقذع الشتائم والسباب، ويرميهم بأقسى التهم.. مما جعلني أتخذ خطاً معاكساً لما هو عليه.
وتوجهتُ إلى المكتبات، وبدأتُ أقرأ عن الإسلام على خوف، ثم دخلتُ مرحلة من الشك القاتل استمرتْ أكثر من خمس سنوات تقريباً.. لم أذق خلالها طعم النوم إلا قليلاً.. ولا أبالغ إذا قلتُ إن وزني قد انخفض قريباً من خمسة وعشرين كيلو جرام.. فما زلتُ على هذه الحال، حتى توصلتُ إلى اقتناع تام بأن ما كنتُ عليه ما هو إلا باطل وضلال.. فدخلت بعدها مرحلة جديدة من الكتمان الشديد، خوفاً من الأهل ومن بطشهم.. فكنت أذهبُ إلى المساجد للصلاة سراً.. ثم بدأتُ أستمع إلى خطب ودروس بعض الشيوخ الفضلاء، منهم الشيخ حسن أيوب رحمه الله في مسجد العمودي.. وأتابع الجديد من الكتب والأشرطة الإسلامية.. أستمع وأقرأ بشغف.. وحفظتُ من كتاب الله ما شاء الله أن أحفظ.. فدخلتْ السعادة قلبي.. وأصبحتُ أجد طعم النوم والراحة.. وأحسستُ أنه يجب عليّ أن أعمل من أجل تعريف الناس بالدين الصحيح.. لما لاحظتُه من بُعد الكثيرين عن تعاليم هذا الدين.
خلال هذه الفترة لم يعلم بحالي أحد سوى بعض الاخوة الملتزمين من أبناء هذا البلد، إلا أني -وللأسف الشديد- لم أجد منهم رغم التزامهم التشجيع الكافي. (أسأل الله أن يغفر لنا جميعاً).
ثم كانت عودتي إلى بلدي عقب أزمة الخليج.. وهناك؛ كان الزلزال العظيم الذي كان يعصف بي لو لا فضل الله ورحمته، قال تعالى: (الـم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يُفتنون ولقد فتنّا الذين من قبلهم فَلَيعلمنَّ الله الذين صدقوا ولَيَعلمن الكاذبين). سورة العنكبوت:2.. لقد علم أهلي بالأمر.. بل القبيلة كلها.. وكعادة القبائل هناك في التمسك بأعرافها وتقاليدها.. رأوا أنه قد لحقهم العار من جراء ما فعلتُ، فتعرضوا لي بأنواع من الأذى والمضايقات.. ووصل بهم الأمر إلى أن أجبروني على تطليق زوجتي التي رزقني الله منها بولدين.. وجردوني من كل ما أملكه عن طريقها.. هددوني بالضرب مرة.. ومرة بالقتل.. وأخرى بالطرد من البلاد.. وتحقق لهم ما أرادوا؛ فقد قام والدي بطردي من البلد في يوم عيد الفطر المبارك، وإهدار دمي، لأني لم أصلّ معهم صلاة العيد، وصليتُ مع جماعة المسلمين من أهل السنة.
(وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنَّكم من أرضنا أو لتعودنَّ في ملتنا فأوحى إليهم لنهلكنَّ الظالمين ولَنُسكننَّكم الأرضَ من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد).
وخرجتُ من بلدتي -مسقط رأسي.. ومنشأ صباي- إلى منطقة أخرى جاورتُ فيها أناساً صالحين، لم يدخروا وسعاً في مساعدتي -جزاهم الله عني كل خير-.
هذه هي قصة باختصار شديد.. ولن أتراجع -بإذن الله- عن قراري أبداً، ولقد قلتُ لهم كما قال المصطفى -صلى الله عليه وسلم- لما جاءه عمه أبو طالب يساومه من طرف المشركين لكي يتخلى عن هذا الدين، ويعطونه ما يريد، فقال لهم: (والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري، على أن أترك هذا الدين؛ ما تركته حتى يظهره الله، أو أهلك دونه).. لن أساوم رغم المغريات الكثيرة التي قدموها لي.. ورغم مفارقتي لأهلي ووطني، والحالة الاقتصادية السيئة التي أمرُّ بها.. لن أتراجع أبداً، بل سوف أعمل بكل جهد وإخلاص -بمشيئة الله- في الدعوة إلى الله، وكشف أستار الظلام للمسلمين؛ ليروا الطريق الصحيح أمامهم واضحاً... ولقد بدأتُ بالفعل، وكسبتُ بعض الأنصار لشرع الله ولله الحمد، خصوصاً بعد ظهور الصحوة الإسلامية في كل قطر وناحية..
هذا وأسأل الله أن يرزقني وإياكم الإخلاص والتوفيق والسداد.. إنه ولي ذلك..
أخوكم/ أبو صلاح الدين
وبعد، فإني -بهذه المناسبة- أوجه كلمة إلى نفسي، وإلى كل مسلم ومسلمة، بل إلى كل إنسان على وجه الأرض (أياً كان دينه ومذهبه وعقيدته)، أدعوهم فيها إلى التفكير وإعادة النظر فيما يعتقدونه من معتقدات، ويحملونه من أفكار، بتجرد وإخلاص، وبذل الجهد في معرفة الحق حيثما كان، والتحرر من عبودية الهوى والتبعية والتعصب الأعمى، وتقليد الآباء والأجداد: (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آبائنا أوَ لو كان آبائهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون). (البقرة:17) فإن الحق واحد لا يتعدد، ولابدّ للباحث عن الحق من الإطلاع على آراء الآخرين من مصادرها الأصلية، والنظر بتجرد وإخلاص، مع التضرع إلى الله عز وجل وطلب الهداية منه سبحانه: (والذين جاهدوا فينا لنهدينَّهم سُبُلنا وإن الله لمع المحسنين) (العنكبوت: 69).

العلـم يدخـل قلب كـل موفــق *** من غيـر بــواب ولا استئــذان
والحق ركــن لا يقــوم لهــدِّه *** إحـدٌ ولــو جُمعـت لـه الثقلان
تأمـل -هداك الله- مَن هـو ألـوَمُ *** بأي كتـاب؟.. أم بأيـة حجــة؟

عمرم 24/10/2010 02:04 PM

: كل يوم قصة
 

(36)

توبة شاب بعد سماع شريط


(إن الشريط الإسلامي وسيلة عظيمة من وسائل الدعوة، وإن استعمالك لهذا الشريط جزء من الدعوة إلى الله عز وجل، فبادر بإسماع هذا الشريط من عرفتَ ومن لم تعرف، فلعل الله أن ينفع به) بهذه العبارة يختم بعض أصحاب التسجيلات الإسلامية مواد أشرطتهم.. وهي عبارة طيبة.. فكم من عاصٍ وعاصية، وكم من مجرم، وكم من فاجر هداه الله وفتح على قلبه بعد سماع شريط، سمع فيه عن الجنة والنار أو القبر وأهوال الآخرة أو غير ذلك مما يحيي القلب، ويوقظ الضمير...
وصاحبنا هذا هو واحد من هؤلاء الغافلين.. درس في أمريكا.. وعاد بقلب مظلم، قد عصفتْ فيه رياح الأهواء والشبهات، فأطفأتْ سراج الإيمان في قلبه، واقتلعتْ ما فيه من جذور الخير والصلاح والهدى، إلى أن جاء من بذر، فيه بذرة طيبة، أنبتت نباتاً طيباً بإذن الله.
يقول هذا التائب: لم أكن أطيق الصلاة، وحينما أسمع المؤذن وهو ينادي: حي على الصلاة، حي على الفلاح، أخرج بسيارتي هائماً على وجهي إلى غير وجهةٍ حتى ينتهي وقت الصلاة ثم أعود إلى المنزل، تماماً كالشيطان عندما يسمع النداء للصلاة فيولي وله ضراط، كما ثبت ذلك في الحديث الشريف.
وفي يوم من الأيام خرجتُ كعادتي أهيم على وجهي.. وعند إحدى الإشارات المرورية، وقف بجانبي شاب بهي الطلعة -وكانت أصوات الموسيقى الصاخبة تنبعث من سيارتي بشكل ملفت- .. نظر إليّ مبتسماً ثم سلم عليّ وقال: ما أجمل هذه الأغنية، هل يمكنني استعارة هذا الشريط؟..
عجبتُ لطلبه.. ولكن نظراً لإعجابه بالموسيقى التي أسمعها، أخرجتُ له الشريط وقذفتُ به إليه.. عند ذلك ناولني شريطاً آخر، بدلاً عنه، وقال: استمع لهذا الشريط.
الشريط كان للشيخ ناصر العمر، بعنوان: (السعادة بين الوهم والحقيقة).. لم أسمع باسم هذا الشيخ من قبل.. قلتُ في نفسي: لعله أحد الفنانين المغمورين.. كدتُّ أحذف بالشريط من النافذة، ولكن؛ نظراً لأني قد مللتُ استماع الأشرطة التي معي في السيارة؛ قلتُ: لأستمع إلى هذا الشريط فلعله يعجبني..
وبدأ الشيخ يتكلم.. فحمد الله وأثنى عليه، ثم ثـنّى بالصلاة على رسوله -صلى الله عليه وسلم- .. أنصتُّ قليلاً، فإذا بالشيخ يروي قصصاً عن أشخاص كنتُ أعتقد أنهم في قمة السعادة، فإذا هو يثبت بالأدلة والبراهين أنهم في غاية التعاسة..
كنت مشدوداً لسماع هذه القصص.. وقد انتصف الشريط.. فحار في ذهني سؤال لم أجد له جواباً: ما الطريق إذاً إلى السعادة الحق!!.
فإذا بالجواب يأتي جلياً من الشيخ في النصف الثاني من الشريط.. لا أستطيع اختصار ما قاله الشيخ جزاه الله خيراً، فبإمكانكم الرجوع إلى الشريط والاستماع إليه مباشرةً.
ومنذ ذلك اليوم بدأتُ بالبحث عن أشرطة الشيخ ناصر العمر، وأذكر أنني في ذلك الأسبوع استمعتُ إلى أكثر من عشرة من محاضرات الشيخ ودروسه.. وأثناء ترددي على محلات التسجيلات الإسلاميـة سمعتُ عن المشائخ والعلماء والدعـاة الفضلاء الآخرين -وهم كثير والحمد لله، لا أستطيع حصر أسمائهم-.. فظللتُ أتابع الجديد للكثير منهم، وأحرص على حضور محاضراتهم ودروسهم.. كل ذلك ولم أكن قد التزمتُ بعدُ التزاماً حقيقياً.. وبعد حوالي أربعة أشهر من المتابعة الحثيثة لهذه الأشرطة؛ هداني الله عز وجل..

عمرم 24/10/2010 02:06 PM

: كل يوم قصة
 

(37)

توبة متأخرة - توبة قاتل


الحسد داء وبيل، ومرض قاتل.. بسببه لُعن إبليس وطُرد من رحمة الله.. وبسببه وقعتْ أول جريمة قتلٍ على وجه الأرض، كما سطرها الله في كتابه الكريم، في قصة ابني آدم عليه السلام..
وقد سُئل الحسن البصري رحمه الله: أَيَحسِد المؤمنُ؟ قال: ما أنساك لاخوة يوسف! ولهذا أمر الله بالاستعاذة من الحسد كما في قوله تعالى: (ومن شر حاسدٍ إذا حسد).

ألا قـل لمـن كان لـي حاسـداً *** أتـدري على مـن أســأت الأدب
أسـأت علـى الله فــي فعلـه *** لأنك لـم تـرضِ لي مــا وهـب

وقصتنا هذه شبيهة بقصة ابني آدم، وفيها عبرة لكل حاسد، يقول صاحبها وهو يذرف دموع الندم خلف القضبان الحديدية:
كانت القرية هادئة، والناس منصرفين إلى أعمالهم، فلا تسمع إلا صياح الأطفال وصراخهم، وهم يلعبون ويتراكضون في براءة متناهية؛ مما يضفي على القرية الوادعة جواً من الأمن والأمان..
أنا وابن جارنا محمد كنا صديقين متلازمين، بل كروحين في جسد واحد، لا نكاد نفترق أبداً، فقد وصلتْ الصداقة بيننا إلى درجة أن شباب القرية إذا رأوا أحدنا يمشي بمفرده سألوه عن توأمه، لما قد ألفوه منا.
وظللنا على هذه الحال إلى أن وصلنا إلى المرحلة الثانوية.. في ذلك الوقت شاركنا -مع شباب القرية- في نقل أثاث جارنا الجديد إلى داخل منزله.. كان هذا الجار رجلاً طيباً في أواسط العمر، ومعه عائلته المكونة من زوجته وبنت واحدة.
وما إن بدأتْ الزيارات المتبادلة بين نساء القرية وزوجة هذا الجار الجديد، حتى بدأ أهالي القرية في مدح جمال ابنة جارنا وكمال خلقها، وكنتُ أنا ومحمد من بين من استمع لتلك الروايات.
وصارت هذه الفتاة بعد حوالي سنة من إقامتها مع أسرتها حلم أكثر شباب القرية، وكنتُ أنا ومحمد في مقدمة من يراودنا مثل هذا الحلم، لعلاقة أسرتنا الوطيدة بأسرتها، حيث كنا نستطيع تتبع أخبار هذه الفتاة أولاً بأول.
لم أكن أظهر لصديقي محمد شيئاً عن حبي لتلك الفتاة لإحساسي أنه ربما كان يحمل نفس الشعور والرغبة في الارتباط بها، لكنه لم يكن يفكر مثل تفكيري.. فقد أخذ يجدُّ ويجتهد في دراسته حتى التحق بالجامعـة ثم تخرج بتفوق، مما جعل أهل القرية يذكرونه بكل خير [14]، بينما لا يذكرني أحد بسبب فشلي ورسوبي المتكرر في الثانوية مما اضطر والدي إلى سحب أوراقي من المدرسة للعمل معه في المحل التجاري الذي يمتلكه.
وحين بلغني إعجاب محمد بهذه الفتاة، وعزمه على التقدم لخطبتها؛ بدأ الحسد يغلي في داخلي، وتغيرتْ معاملتي له كثيراً فأصبحتُ أتجنبُ الجلوس معه بكثرة، وأقدم تبريرات واهية لأتهرب من لقائه.. كل ذلك بسبب تفوقه، الذي يتحدث عنه أهل القرية، بينما أصبحتُ أنا في نظرهم لا شيء.
وجاءت اللحظة الحاسمة.. وتقدم محمد للزواج منها.. فسمعت الزغاريد تنطلق من بيتها، فأحسستُ كأن صاعقة وقعتْ على رأسي، ولم يعد سراً اتفاق أهل العروسين على إتمام إجراءات الزواج خلال شهر واحد..
كان الدم يغلي في عروقي.. لقد أصبح توأمي رجلاً متميزاً بعلمه عني، بينما ويلات الفشل تتعقبني، وتحول بيني وبين ما كنت أتمناه وأحلم به منذ ثمان سنوات.
أحسست أن محمداً سرقها مني.. فجعلتُ كل همي أن أثار منه بأية وسيلة حتى أطفئ نار الحقد التي اشتعلتْ في صدري... وتملكني الشيطان بشكل لم أتخيله من قبل فقمت بشراء مسدس ملأته بالطلقات..
وفي ليلة الزفاف دخلتُ على محمد متظاهراً بتهنئته.. وعلى حين غِرة؛ أخرجتُ مسدسَ الغدر من جيبي لأطلق عليه أربعة أعيرة نارية استقرتْ في صدره...!!!
ويضج المكان، وتختلط الأصوات، ويسقط محمد بين أهله مضرجاً بدمائه.. وتصطبغ ثيابه البيضاء الناصعة البياض بدمه الأحمر القاني، ويتحول الفرح إلى حزن.. ويُسدل الستار عن مشهد مبكٍ حزين..
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعده له عذاباً عظيماً).
أما المجرم الأثيم فقد تم إلقاء القبض عليه، وها هو الآن يحدثكم من خلف القضبان، والدموع تتساقط من عينيه.. نعم، تتساقط من عينيّ ندماً على ما اقترفته في حق صديق طفولتي الذي لم يؤذيني يوماً من الأيام.. ولكن، بعد فوات الأوان هل ينفع الندم؟
كل ما أرجوه أن يطهرني القصاص من خطيئتي، ويتقبلني الله عنده من التائبين.

عمرم 24/10/2010 06:27 PM

: كل يوم قصة
 

(38)

مايكل جاكسون في صندوق القمامة - توبة شاب من ضحايا التغريب


المدينة في أمسيات الصيف الحارة.. الأضواء تتلألأ.. روائح (الشاورما) تنبعث على مفارق الشوارع العريضة.. البعض يمشي بخطوات وئيدة أمام الواجهات الزجاجية.. البعض الآخر مسرع الخطى..
سيارة (اسبور) حمراء ينبعث منها صخب لموسيقى غربية متناغمة مع صوت مايكل جاكسون تأخذ جانباً على الرصيف بجوار محل لبيع الأشرطة الغربية.. نزل منها شاب دون العشرين قد قص شعره على الطريقة الغربية.. يلبس نظارة سوداء.. وأثناء انطلاقه إلى المحل -وهو يدندن مع الأنغام التي تنبعث من سيارته- اصطدم برجل من المارة، كث اللحية، بهي الطلعة..
(هلا مطوع).. قالها بشيء من اللامبالاة، ممزوجة بنبرات من الاستخفاف..!
نظر إليه الشيخ بابتسامة يشوبها شيء من الاستغراب.. لمنظر سيارته.. لقصة شعره.. ثم أشار إلى الصورة التي على صدره متسائلا: ما هذا يا بني؟!
-هذا مايكل... ألا تعرف جاكسون..؟!!
-لم يحصل لي الشرف من قبل. (قال الشيخ ذلك تنـزلاً، وإلا فأي شرف يناله المرء في معرفة أمثال هؤلاء؟؟؟!).
قال الشاب مفتخراً: هذا الذي يغني في السيارة.. رد الشيخ: ربما قد سمعت به، ولكنه لا يعنيني. ثم استطرد الشيخ قائلا: هل تعرف ماذا يقول؟!
أجاب الشاب: صراحة؛ لا أعرف..فردّ عليه الشيخ بشيء من الجدية: تعال معي لأعرّفك ماذا يقول...
ومضى معه الشيخ بخطوات متزنة إلى سيارته الحمراء.. وجلس إلى جواره في المعقد الأمامي، وأخذ يترجم له كلمات الأغنية.. مقطعاً... حتى الكورس.
هنا أحس هذا الشاب بالانهزامية أمام لغة الشيخ الوقور.. وهو الذي انطبع في ذهنه غير ذلك.. أحس بأن شخصيته ذات الرتوش الغربية أشبه بسيارته الحمراء.. المرقعة بالملصقات الإفرنجية..
وبينما هو غارق في تفكيره، إذ سمع صوت الشيخ يقول: إن الشخصية الإسلامية هي الشخصية السوية، وإن المسلم الحق هو الذي يعتز بشخصيته، ولا يرضى أن يكون تابعاً مقلداً لغيره، بل متبوعاً شامخ الرأس مرفوع الجبين.
تمتم الشاب بصوت خافت وهو مطرق الرأس: نعم.
سأله الشيخ: هل تقرأ القرآن؟
قال: نعم، قرأته في رمضان الماضي.
فأخرج الشيخ من جيبه مصحفاً، وقال: خذ هذا يا بني.. إنما تحيا الأمة بعقيدتها..
عاد الشاب إلى البيت.. دخل غرفته.. استرجع اهتماماته التي كانت تدور في فلك الجديد من العطورات.. الجديد من الموديلات.. الجديد من أشرطة مايكل جاكسون وديمس روسس و....غيرهم كثير.. أحس أن هذا العالم ليس عالمه... وأنه لم يخلق لهذا...
أحضر كرتونة كبيرة... جمع فيها هذه الأشياء وكأنه يكفن ماضيه إلى الأبد.. ليبدأ صفحة جديدة.. ثم نادى خادمه وقال في لهجة حازمة: ارمِ بهذا كله في صندوق القمامة..
نظر إليه الخادم مندهشاً... أين؟؟!
قال: في القمامة..
- متأكد؟؟!!
- نعم

عمرم 24/10/2010 06:29 PM

: كل يوم قصة
 

(39)

توبة السفاح


هكذا كان يُلقب لكثرة جرائمه، التي لم تقف عند حد، فقد كان مضرب المثل في الجريمة والإرهاب، الكل يرهبه ويخافه، كان الناس يقولون: لو استقام العصاة والمجرمون كلهم ما استقام فلان -يعنونه- فسبحان من بيده قلوب العباد.. من كان يُصدّق أن مثل هذا القلب القاسي سَيَلِيْنُ في يوم من الأيام؟! لكنها إرادة الله عزّ وجلّ، ومشيئته: (اعْلَمُوْا أن الله يحيي الأرضَ بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون)، وقد روى لي قصته كاملة يوم أن هداه الله، فإذا فيها أمور عظام تقشعر منها الأبدان، وتمتعض لهولها القلوب، اقتصرت منها على ما يحسن ذكره في مثل هذا المقام، قال عفا الله عنا وعنه:
توفي والدي قبل أن أتم التاسعة من عمري، وكنت أكبر أولاده فانتقلتْ أمي إلى بيت أبيها (جدي لأمي)، أما أنا فاستقر بي المقام عند أعمامي، في بيت جدّي لأبي، كنتُ بينهم كاللقيط، الذي لا يعرف نسبه، أو كاليتيم على مائدة اللثام، بل لقد كنتُ كذلك، وكأنهم لم يسمعوا قول الله عز وجل: (فأمّا اليتيمَ فلا تَقْهَرْ) أو ما ورد في الأثر: (خير بيت في المسلمين فيه يتيم يُحسن إليه، وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يُساء إليه).
وليتَ الأمر اقتصر على ذلك؛ بل كانت التهم دائماً توجه إليّ.. بالسرقة.. والفساد... وغير ذلك، في الوقت الذي كنت فيه أشد الحاجة إلى العطف والحنان واليد الرحيمة المشفقة، كنت أرى الآباء وهم يقبلون أبناءهم ويلاعبونهم، ويشترون لهم الحلوى واللُّعب والثياب الجديدة، أما أنا... فتدمع عيني، ويتقطع قلبي ألماً وحسرة.
أصبحتُ أكره كل من حولي.. انتظر اللحظة السانحة لأنتقم من الجميع.
وحين بلغتُ سن الخامسة عشرة بدأتُ التمردَ.. تلفتُّ يميناً وشمالاً فلم أجد إلا رفقاء السوء، فانخرطتُ معهم في غيهم، وتعلمتُ منهم التدخيَن والسهرَ إلى أوقات متأخرة، وعلم عمي أنني أصبحتُ مدخناً فضربني دون مفاهمة وطردني من البيت وكأنه ينتظر هذه اللحظة، فلجأتُ إلى بيت جدي لأمي حيث تقيم والدتي، ولم تكن والدتي مع اخوتها في بيت جدي أحسن حالاً مني، فقد كانوا يعاملونها هي الأخرى كالخادمة في البيت فهي التي تطبخ وتنظف وتغسل و... ولا أنسى مرة أنني دخلتُ عليها وأنا في أوج انحرافي وهي تبكي ألماً وتقول: يا بني، اعقل وعد إلى رشدك، وابحث لك عن وظيفة تنقذني بها من هذا العذاب، فلم أكن ألقي لها بالاً.
وعلمتُ مع أخوالي في الزراعة والحرث تحت الضرب والتهديد، فضاقتْ بي الدنيا، فاقترضتُ من والدتي بعض المال، فاشتريتُ به سيارة، وتوظفتُّ في إحدى الشركات، فتعرفتُ على رفقاء جدد عرّفوني على المخدرات وأنواع أخرى من الشرور، فلما علمتْ والدتي أصابها الهمُ والحزن والمرض، وفزعَتْ إلى عمي وخالي لنصحي وإنقاذي قبل فوات الأوان، لكنهم انهالوا عليّ ضرباً وما هكذا تكون النصيحة؛ فلم أزدد إلا بعداً وتمرداً وتمادياً في الانحراف، وعرفتُ طريق الهروب من البيت، فكنتُ أقضي وقتي كله مع رفقاء السوء، ولم أعد أفرق بين الحلال والحرام، أما العقوق وقسوة القلب فقد بلغت فيها حداً لا يوصف.. وأذكر مرة أنني دخلتُ على والدتي وهي تبكي وقد أعياها المرض وشحب وجهها -فشتمتها، وقذفتها بكلام جارح جداً وخرجتُ، وكأن شيئاً لم يكن، أسأل الله أن يعفو عني بمنه وكرمه.. فلكِ الله يا أمي الحبيبة، ما ذنبك؟ وقد ربيتيني وأنفقتِ عليّ، وربما كانت هدايتي بسبب دعوة صالحة في جوف الليل خرجتْ من قلبك الطاهر.. (قتل الإنسان ما أكفره)

أغـرى امرؤ يومـاُ غلامـاً جاهلاً *** بنقـوده حتى ينــال به الوطــر
قال ائتنــي بفؤاد أمـك يا فتـى *** ولك الـدارهم والجواهــر والدرر
فمضـى وأغمد خنجراً في صدرهـا *** والقلب أخرجـه وعـاد على الأثـر
لكنـه من فرط دهشتـه هــوى *** فتـدحرج القلبُ المخضـب إذ عثـر
فاستلّ خنجـره ليطعن نفســـه *** طعنــاً سيبقى عبـرة لمن اعتــبر
نــاداه قلب الأم: كُفَّ بُنـيَّ لا *** تطعـن فؤادي مرتـين علـى الأثـر

واشتهرتُ بالغناء والعزف على العود -وكان صوتي جميلاً-.. ثم بالتفحيط وما يصاحبه من أمور لا تخفى على الكثيرين حتى أُطلِقَ علىَّ لقب السفاح لكثرة الجرائم التي كنت أقوم بها، فكان لا يركب معي إلا الكبار الذين لا يخافون على أنفسهم، أما البقية فكانون يلوذون بالفرار.
ودخلتُ السجن مرات عديدة، فلما أراد الله هدايتي هيأ لذلك الأسباب؛ فقد كان لي صديق عزيز، كنتُ أحبه كثيراً، فقد كان جميل الوجه، بهي الطلعة، فلم تكن هذه المحبة في الله، بل كانت مع الله، فسألت عنه يوماً فقيل لي إنه أدخل المستشفى في العناية المركزة، وهو في حالة خطرة جداً من جرّاء حادث مروع، فانطلقتُ مسرعاً لزيارته، فلما رأيته لم أكد أعرفه؛ فقد ذهب جماله وبهاؤه، وصار منظره مخيفاً مفزعاً، فكنت كلما رأيته أبكي من هول ما أرى..!
فلم تمض أيام معدودة حتى قيل أنه مات، فبكيتُ يومين كاملين خوفاً من الموت فكان هذا الحدث فاتحة خير لي، وكنتُ عندما أتوضأ أحس براحة نفسية عظيمة، وأتذكر الموت وسكراته وشدائده فأعزم على التوبة إلى الله قبل حلول الأجل.
وألقى الله في نفسي بعض المعاصي كلها، وحبب إليّ الإيمان والعمل الصالح، فجمّعتُ ما عندي من أشرطة الغناء والباطل وذهبتُ إلى مكتب الدعوة فاستبدلتها بأشرطة إسلامية نافعة.
أما والدتي الحبيبة فقد عدتُّ إليها، وأخذتها معي معززةً مكرمةً، وطلبت منها العفو والسماح، فبكتْ فرحاً وسروراً، وحَمِدَتِ الله عزّ وجلّ على هدايتي، فما كانت تظن أن ذلك سيحدث في يوم من الأيام.
ولكن هل تركني رفقاء السوء؟؟
كلا، بل كانوا يزورونني، ويدعونني إلى الرجوع ما كنتُ عليه في الماضي، ويقولون لي: لا توسوس، ارجع إلى الفن، أين العزف؟ أين الشهرة؟ أين... وأخذوا يذكرونني بالعود والغناء والتفحيط والأمور التي أستحي من ذكرها، بل إن بعضهم -والعياذ بالله- لم يستح أن يعرض نفسه عليّ مقابل الرجوع!! فأي ضلال أعظم من هذا الضلال؟.
ومضتْ شهور فغرني أحد السفهاء ودعاني إلى جلسة عود؛ فعزفت؛ لأني كنت حديث عهد بالتزام، وبدأتُ أضعف شيئاً فشيئاً، حتى عدتُ إلى سماع الغناء، وذات ليلة رأيت فيما يرى النائم أن ملك الموت قد هجم عليّ، فأخذتُ أذكر الله، وأحاول النطق بالشهادة، فحلفتُ بالله إن أصبحتُ حياً أن أتوب إلى الله توبة نصوحاً ولا أنصح أحداً بمفردي، لأن الأول قد غرني، فلما أصبح الصباح قمتُ بتحطيم جميع أشرطة الغناء، وقصّرتُ ثوبي، وعزمتُ على الاستقامة الحقة، وقد مضى على ذلك الآن أربع سنوات ولله الحمد والمنّة.
أما حالي بعد التوبة فإني أشعر الآن بسعادة لا يعلمها إلا الله، وقد أشرق وجهي بنور الطاعة وذهب سواده وظلمته، وأحبني من كان يبغضني أيام الغفلة، أما والدتي الحبيبة فقد شفيَتْ من جميع الأمراض ولله الحمد.
ومما زادني فرحاً وسروراً ما أجابني به أحد العلماء حينما سألته عن ذنوبي السابقة فقال: إن الله قد وعد بتبديل سيئات التائبين حسنات، فلله الحمد والمنة الذي لم يجعل منيتي قبل توبتي..


الساعة الآن: 09:01 PM

vBulletin ©2000 - 2024