وداعــــــــــــا رمضــــــــــــــــان
وداعــــــــــــا رمضــــــــــــــــان
بعد أيام نودع رمضان، نتألم لهذا الوداع، ونتمنى أن تكون كل أيامنا رمضان،
لأنه شهر الخيرات، فيه التوبة والغفران والعتق من النيران.
كيف لا نتألم على رمضان، هذا الضيف الخفيف الذي يطل علينا في كل عام، نقول عنه دائما
(شهر الصبر، شهر القرآن، شهر التوبة، شهر الرحمة، شهر الغفران، شهر الإحسان، شهر الدعاء،
شهر العتق من النيران)، كل الصفات تجتمع في وصفه وفضائله.
هذا الشهر الفضيل نعيش فيه الفرحة التي لا توازيها فرحة في بقية أشهر العام، الكل فيه يتسابق
لعمل الخير، ليس قصورا أن يكون الخير على مدار العام، بل لأنه رمضان الذي نعيش فيه
حياة مختلفة عن سائر الأيام التي اعتدناها، يتلذذ فيه الكبار بالفرحة ويعيشها أيضا الصغار،
وتدخل البهجة في نفوس الفقراء والمساكين.
فرحة رمضان يذكرنا بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو يقول:
(أتاكم رمضان شهر مبارك، فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء،
وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر،
من حرم خيرها فقد حرم)، يا لها من فرحة على المسلم بقدوم الشهر الكريم الذي يجلب
معه الخير وتغفر فيه السيئات.
عشنا هذه الفرحة، وتذوقنا طعمها في كل يوم وليلة، ونتساءل كم في العمر من رمضان،
وهل نستقبله العام القادم مثلما استقبلناه في هذا العام،
وهل توجد فرحة توازي فرحة رمضان هذا الشهر الذي أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره
عتق من النار. وفيه ساعات إجابة: لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد).
هذا الشهر الفضيل تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار. لقوله صلى الله عليه وسلم:
( إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين)،
هذا الشهر الفضيل تستغفر الملائكة للصائمين حتى يفطروا. لقوله صلى الله عليه وسلم:
(وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا).
هنا يجب أن نقف مع أنفسنا وقفة محاسبة، ماذا تعلمنا في رمضان، وكيف استقبلناه،
وكيف سنودعه، ليس في هذا العام بل في كل الأعوام التي مرت في حياتنا، لا نعلم هل
سيعود علينا، ونستثمره حق الاستثمار، وماذا قدمنا لأنفسنا، وكم خسرنا في رمضان من
الأعمال والأصدقاء والأقارب، ولماذا لا نتعظ ونغتنم الفرص دون إهدار.
يقول نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم:
(رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر)،
وتلك هي العظة في شهر نجني منه الثمار في أيام معدودات، وهذا هو الفوز الأكبر في
أشهر السنة، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:
(كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، فإذا كان صوم
أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم، والذي نفس
محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما:
إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه).
الفرحة التي سنواجهها بعد أيام ليست فرحة عيد، بل هي فرحة الصائم بعمله،
فهنيئا لمن صام رمضان إيمانا واحتسابا .
|