عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 20/06/2015, 10:45 AM
صورة لـ صابر حجازى
صابر حجازى
الاديب المصري
الاديب المصري
 
تابع : بحث شامل عن شهر رمضان الفضيل



3- حمية للبدن:


و من حكمة الله تعالى في هذا الصيام أيضاً
أن فيه حمية للبدن عن الفضلات.


و لا شك أن الحمية من أقوى أنواع الأدوية
والعلاجات، فالصيام يُكسب البدن المناعة و القوة، كما يكسبه أيضاً تدرُّباً على
الصبر و احتمال الجوع والعطش، حتى إذا ما تعرض له بعد ذلك فإذا هو قد اعتاد عليه،
فكان في ذلك منفعة عظيمة.


4- تذكر الفقراء و الذين يموتون
جوعاً:


و
من الحكم الجليلة التي شرع لها الصيام أن يشعر الإنسان بالجوع فترة الصيام
فيتذكَّر أهل الجوع دائماً من المساكين و الفقراء، ليرأف بهم، و يرحمهم، و يتصدق


عليهم.


فشُرع
الصيام لأجل أن يتضرع الإنسان -إذا ما أحسَّ بالجوع- فيدعو ربه، كما ورد في
الحديث: "إن النبي صلى الله عليه و سلم عرضت عليه جبال مكة ذهباً، فقال: لا
يا رب بل أرضى بأن أجوع يوماً، و أشبع يوماً، فإذا جُعْتُ تضرعتُ إليك و ذكرتك، و
إذا شبعت حمدتك و شكرتك"(أخرجه الترمذي برقم 2347 و قال حديث حسن). فذكر أن
الجوع سببٌ للتضرع و الذكر. فالإنسان إذا أحس بالجوع تضرع إلى الله.


و
من الحكم في الصيام أن الإنسان يقلل من الطعام حتى يحس بأثر الجوع، فيتضرع و يدعو
الله، و يتواضع له، و يكون ذاكراً له، مقبلاً إليه، متواضعاً بين يديه.


و
نلاحظ كثيراً من الناس أنهم لا يحسون بأثر هذا الجوع في هذه الأزمنة، و ذلك أنهم
عند الإفطار يجمعون من المأكولات و المشتهيات ما يملؤون به بطونهم، و يستمرون في
الأكل طوال ليلهم، متلذذين بأنواع المأكولات حتى إذا ما أتى النهار و قد مُلئت
بطونهم مكثوا طوال نهارهم في راحة، أو في نوم أو ما أشبه ذلك إلى أن يأتي الليل
فلا يحس أحدهم بأنه صائم، و لا يظهر عليه أثر الصوم.


و
من المعلوم أن هذا الحال لم يكن من الصحابة و السلف الأولين، فإنهم كانوا يقللون
من المأكل في إفطارهم و في سحورهم، و لا يأكلون إلا ما يقتاتون به و يقيم أصلابهم،
كما أنهم كانوا طوال نهارهم منشغلين في أعمالهم الدينية و الدنيوية، و لذلك لا بد
و أن يظهر عليهم أثر الجوع والتعب، و لكنهم يحتسبون ذلك عند الله. فينبغي للمسلم
ألا يكون همه المأكل، و أن يعمل حتى يكون للصوم آثاره و فوائده.


5- تخفيف حدة الشهوة:


و قد جعل النبي صلى الله عليه و سلم الصوم
للشباب وجَاءً أي: مخففاً من حدة الشهوة كما في قوله صلى الله عليه و سلم:
"يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر و أحصن
للفرج، و من لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له و جاء". (متفق عليه). ذلك أن
الصوم يكسر حدة شهوة النكاح.


و كثير من الناس الآن يصومون، لكنهم لا
يجدون لهذا الصيام أثراً لتخفيف حدة الشهوة، و ذلك أنهم لم يذوقوا ألم الجوع و
العطش و التعب، بل ظلت نفوسهم متعبة بالشهوات، و أنّى لهم أن يتركوها و قد أضافوا
إلى صومهم كل ما تعف النفس عن رؤيته من أفلام خليعة و مسلسلات ماجنة.


ثالثاً:
خصوصية الصيام:


إن
الصيام عبادة بدنية قوامُها ترك المفطرات المعروفة، و لما كان ترك هذه المفطرات
سراً بين العبد و بين ربه، فإنه مما لا شك فيه أنه متى تم هذا العمل فيما بين
الإنسان و بين الله كان ذلك أعظم لأجره، و أجزل لثوابه. و قد ذكر ذلك كثير من
العلماء، فقالوا: إن الصيام سر بين العبد و بين الله. و قالوا: إن ملائكة الحفظة
لا تكتبه، لأن الإنسان إذا صام لا يطّلع عليه إلا الله.


فإذا
صمت فمن الذي يراك في كل حركاتك، و في كل أوقاتك؟!


إن
من يغفل عن مراقبة الله له يمكنه أن يفعل ما يريد فيتناول طعامه و شرابه دون ما
خوف من الله عز و جل. و لكن العبد المؤمن يعلم أن معه من يراقبه، و أن عليه رقيب
عتيد؛ يعلم أن ربه يراه قال تعالى: ((الذي يراك حين تقوم * و تقلبك في
الساجدين))(الشعراء:218-219).


فإذا
كان العبد يؤمن بأن الله تعالى هو المطّلع عليه وحده، كان ذلك مما يحمله على أن
يخلص في عمله، كما يحمله على الإخلاص في كل الحالات، و يبقى معه في كل شهور السنة.


فإذا
راقبت الله تعالى، و حفظت صيامك، في سرّك و جهرك، في الأسواق و في البيوت، و لم
تتناول ما يفسد صومك، و عرفت أن الله يراقبك فلماذا تعود إلى هذه المعاصي بعد
رمضان، و قد حرّمها الله عليك؟!


إذا
كان الله تعالى قد حرم علينا الكذب، و القذف، و سائر المحرمات من محرمات اللسان، و
محرمات الفرج، و محرمات اليد، و ما سواها. فلماذا نقدم عليها في غير رمضان؟!


أليس
الذي يراقبنا في رمضان هو الذي يراقبنا في سائر الأوقات؟


فيجب
على المسلم أن يستحضر ربه دائماً، فإنه عليه رقيب يعلم ما تكنه نفسه، يقول تعالى:
((و لقد خلقنا الإنسان و نعلم ما توسوس به نفسه، و نحن أقرب إليه من حبل
الوريد))(ق:16).




من مواضيعي :
الرد باقتباس