![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
قصص حقيقية قصص يومية, قصص من المـاضي, قصيرة وطويلة |
![]() |
![]() |
![]() |
|
خيارات الموضوع | ابحث بهذا الموضوع | طريقة العرض |
|
#1
|
||||
|
||||
رد: فجعت قلبي
~ خاتمة الذكرى ~
الحلقة الحادية عشرة * * * * * * * * * * * * ما أظن ، أن فيه فاجعة و مصيبة ممكن تمر على إنسان ، أعظم من اللي مرت على صديقتي و حبيبتي قمر وفاة بـسـّـام ، كانت أفظع من انه يتحملها أي قلب بشري ... أنا ما أعرف التفاصيل لأني ما شهدتها معهم ، و لا أبي أعرفها ... الحمد لله ، أني ما كنت معهم ذاك اليوم ... الفترة اللي تلت الحادث المفجع كانت أفجع و أمر ... قمر قضت شهور ، تتنقل بين البيت و المستشفى في حالة انهيار عصبي و نفسي حاد و شديد ... كنت ملازمة لها طول الوقت ، و أشوفها تموت قدامي يوم بعد يوم ... فيه مرات كنت أنام معها ، بالبيت أو المستشفى ... و كانت ، تصحى من النوم بعز الليل فجأة ، مذعورة مفزوعة و تصرخ ... -( سلطان غرق ؟؟؟) ( بسـّــام وينه ؟؟؟) ( سلطان لا تموت) (سلطان تنفس) (باكسر الجدار) ( سلطان لا تروح) (سلطان تماسك ) (سلطان أحبك) سلطان و سلطان و سلطان ، طابور من السلاطين ، و اللي كتمتهم في صدرها طول هالسنتين ، تفجروا و طلعوا كلهم غصبا عليها ... في هذه الأزمة ... كنت آخذها بحضني و أحاول أهديها ، كانت تصيح و تقول لي : - (أبي أشوفه يا سلمى ، قولي لشوق تخليني أشوفه ) أنا أبكي و هي تبكي ، لين تتعب من البكاء ، و ترد تنام ... كم كنت غلطانة ، لما اعتقدت أنه طلع من قلبها خلاص ... هذا و هو حي ، ما مات ، و هي جنت لأنه شافته على وشك الموت ... لو كان مات ؟ يا ليته كان هو اللي مات ، و ظل بسام ... الحين قمر انقذت زوجك يا منال ، و هي ترملت .... أول ما شفت شوق بعد الحادثة المفجعة ، ما تمالكت نفسي ... كانت جاية تبي تشوف قمر ، بالمستشفى ... أنا شفتها عند الممر ، قبل ما تدخل الغرفة و بس طاحت عيوني عليها ولـّـعت فيها ... صرخت بوجهها و اتهمتها أنها المسؤولة ، مع أن ما لها يد في اللي صار بس و أنا أشوف قمر قدامي مثل المجنونة ... فقدت كل أعصابي ... تهاوشت معها هوشة حقيقية و منعتها تدخل الغرفة ، و أنا اصرخ : - (وش تبون بعد أكثر ؟ موتوا الرجـّـال و رمـّـلوتها و فجعتوها و عشتوا أنتوا ... ابعدوا عنها الله لا يبارك فيك يا سلطان ، الله لا يهنيك يا سلطان ، الله ياخذك و يريحنا منك يا سلطان الزفت ) بعدها ، علاقتي بشوق تدهورت ، و كل وحدة راحت لحالها ... ظلت قمر على ذا الحال بين انتكاس و تحسن ، لين جابت ولدها اليتيم الوحيد ( بدر ) في البداية انتكست حالتها أكثر ، لكن مع مرور الأيام ... بدا ولدها يثير انتباهها و اهتمامها شوي شوي ، و بدت تتعلق به كلما كبر .... طبعا زواجي أنا و يوسف تأجل إلى أجل غير مسمى ، و في الواقع ما تزوجنا إلا بعد ما مرت سنة ، من الحادث المشؤوم ، و لا قمر ، و لا شوق ... حضروا الزواج . * * * * ما كانت الفاجعة بس مقتصرة على قمر ، كلنا انفجعنا ... أخوي سلطان ظل بالمستشفى 12 يوم ، جاه التهاب رئوي حاد ، و احتاج يدخل العناية المركزة و ينحط تحت الملاحظة ثلاثة أيام . كانت قمر، و هي بعدها بالمستشفى ، تطلع و تجي تشوفه من وقت لوقت ما شكلها استوعبت أن زوجها مات ، إلا بعد فترة ... كانت في بداية الصدمة ، مهووسة بس على سلطان ... و كانت سلمى بعد تجي تلقي عليه نظرة ، لكني ما أنسى نظرة الشماته الوحشية اللي كانت تنبعث من عينها ، بكل كره و بغض ... و قسوة ... سلمى كانت تمنعني أشوف قمر ، كل كرهها لأخوي سلطان صبته علي أنا ، و صرت أنا أمثل سلطان قدامها ، و بدت علاقتنا تتدهور بشكل سريع ... و في النهاية تجمدت ... اختلت الموازين عندنا بالبيت و انعفس النظام ... الشعور ، بأنه هو حي لأن قمر انقذته ، و لأنها انقذته هو تركت زوجها يغرق في البحر و تصير أرملة ، هذا الشعور ذبح أخوي سلطان أكثر مما ذبحه الغرق ، و الالتهاب الرؤي الحاد ... أما منال ، و اللي عرفت ( من هي ) ، حبيبة سلطان الأولى ، و اللي هي نفسها ، اللي انقذت زوجها من الموت بالتالي من أنها تترمل ، و ولدها يتيتم ، و اللي ترملت هي بدورها في لعبة قدر فظيعة ، و تيتم طفلها قبل ما ينولد ، ما كان منها إلا انها استسلمت بلا إرادة ، لأي شي يكتبه القدر و يقرره عليها ، مهما يكون ..... سلطان أخوي , ما قدر يشوفها ... ما قدر حتى يقول لها كلمة شكر ، أو كلمة تعزية عاش بعذاب ... و مرارة و حزن طويل ... حالته كانت أصعب من أن يتحملها انسان ... لدرجة أن ... في مرة من المرات ، صحـّـتني منال من النوم آخر الليل ، و هي تبكي و ما لها حال ... و قالت لي : - (خله يشوفها يمكن ترد له روحه ، بيموت إن ظل على ذي الحال ) ما كان أخوي يسألني عنها ، ما كان يجرأ يسألني عنها ، لكن أنا كنت أطمنه عليها كلما تطمنت أن حالتها تحسنت شوي ... قمر ما عاد رجعت بيت أهل زوجها ، و بيتها الجديد اللي كان ينبني باعوه على حاله ... رائد و ماجد ، فقدوا (أبوهم ) مرة ثانية ، و ها المرة بشكل أعنف ... كانوا لابسين ملابس عوم ، بالتالي ظلوا طافين على سطح البحر ، ماسكين بأخوهم الكبير اللي ما يعرف يسبح ، لين طغى الموج ، و فلت منهم ... و غرق .... احنا ما شفنا اللي صار له و لا كيف صار ... ياسر كان ماسكني ، و أنا عيني على نواف كلى كتف أمه و هي تحاول تسبح صوب الساحل ... ، بعدها ياسر شال الولد و أنا مسكت منال ، و صار ياسر يسبح بسرعة و احنا نسبح وراه ... كان هو أول واحد وصل الساحل و الولد على كتفه ، حطه على الرمل و جا بسرعة يمسكني ... قبل ما نوصل البر ، شفت قمر و هي تسحب سلطان لين وصلت الشاطي ... صرخت ... - (أخوي سلطان غرق) شفتها و هي تهز فيه ... تنعشه ... تحضنه ... تصرخ ... ( لا تموت يا سلطان ) (سلطان حبيبي رد علي ) أتعجب ، كيف قدرت أتذكر مثل هالتفاصيل في مثل ذاك الوضع ؟ يمكن الحين ، بعد ما هدأت الأمور و استقر الوضع ، بدت ذاكرتي تستعيد الأحداث .... أذكر ، لما وصلنا للساحل ، و جينا نركض صوب سلطان ... كان هو جالس ، و عنده واقفه قمر ... تطالع حواليها ... جت عينها على عيني ، بس ما كأنها شافتني نظرتها كانت تايهة ... ما كأنها موجوده ... كأنها لاشيء ... و بعد ثانيتين أو ثلاث ، انهارت قمر فاقدة الوعي ... منال أول ما وصلت الساحل راحت لولدها و شالته عن الرمل و ضمته لصدرها بقوة ... و جت بعدها لعندنا و سلطان ماسك قمر على ذراعه و هو جالس بمكانه ما تحرك يحاول يصحيها - (قمره ... قمره ... ) و احنا بها الوضع ، ما جا ببالنا أن فيه ثلاث أشخاص من اللي كانوا معنا ما ظهروا لين وصلنا بعد شوي صياح الولدين ، و هو عايمين في البحر ... - ( لحقوا علينا ... بسام غرق ) قمر كانت آخر وحدة عرفت أن بـسـّـام غرق ... كانت آخر مرة شافته فيها وهم وسط البحر ... مع ذلك ، هاجسها كان بأن سلطان حي ، أكبر من هاجسها بأن بسـّـام مات ... من أول لحظة ، لما بدأ القارب يهتز فجأة ، و احنا متمسكين به بالقوة ، وقفت قمر فجأة و صرخت : - (اقفز يا سلطان ) ... سنتين و هي ما تطيق يجي طاريه قدامها ، و تتظاهر بانها نسته و حتى كرهته ... و أنا صدقت أنه ما عاد يعني لها شي ... لكن يوم الحادث ... ما كان همها إلا أنها تنقذ سلطان من بين كل الموجودين .... أخوي عايش ، لأن قمر انقذت حياته ... و هذا اللي مستحيل ننساه يوم من الأيام .... * * * * سافرت قمر مع أخوها ثامر ، يكملوا دراستهم برّى ، و معها طبعا ولدها اليتيم بدر ... و مرت سنين ، و انقطعت الأخبار ، و انشغل كل واحد بحياته ، و اندفنت ذكريات الحادثة المفجعة تحت أكوام و أكوام من الحوادث اليومية ، و انسيت أو بالأحري تتوسيت ... و ما عاد أحد يجيب ذكرها أبدا .... ********************* ~ عودة القمر ~ الحلقة الثانية عشرة * * * * * * * * * * * - روح مع خالك ، و هو يشتري لك . طالعني ولدي (بدر ) باستنكار ، يبيني أنا أروح معه ، بس رديت قلت له : - خلاص حبيبي أنت الحين صرت رجـّـال و لازم تساير الرجال ! شكله اقتنع ، و ابتسم ، و قال : - زين يمـّـه ، بس لا تنسي اللي وعدتيني به ؟ ابتسمت له و قلت : - حاضر ، يالله روح الحين قبل ما يمشي عنك ... و راح يركض بكل عفوية و بكل براءة ... ولدي بدر خلـّـص 11 سنة من عمرة ، و بكرة باسوي له ( حفلة ميلاد ) للمرة الأولى بحياته .. بصراحة ، كان هدفي من الحفلة هو أنا نعزم أهلنا و أصحابه الجدد ، عشان يتعود عليهم و يتقرب منهم ، بعد ما قضى عشر سنين و كم شهر برى البلد ... ما صار لنا غير فترة قصيرة من ردينا للبلد ، و دخل المدرسة المتوسطة ، كل شي بالنسبة له جديد ... ولدي بدر ، صار يعني لي كل شي بالدنيا ... الدنيا كلها ... فقدت حبيبي ، و فقدت زوجي ، و رحلت عن بلدي و أهلي و ناسي ... ما ظل لي إلا وليدي ... و صرت أشوف الحياة بس عن طريقه هو ... اتصلت بـ سلمى ، و عزمتها و أولادها على الحفلة ، و أكدت لي أنها رح تكون من أول الواصلين ، و ما كذبت خبر ... ! - ماشاء الله على ولدك يا قمر ! اللي يشوفه ما يصدق أن عمره 11 سنة ! ما اعطيه أقل من 15 سنة ! الله يحفظه لك ! قالت سلمى و هي تناظر ولدي ، وسط بقية الأولاد... بدر طالع ضخم البنية ، مثل أبوه الله يرحمه ، و كان لابس ثوب و غترة ، و يتصرف تصرفات أكبر من عمره .. و أحس بفخر لما أشوفه ... الحمد لله ، الله عوضني به خير ... - بس تصدقي متعلـّـق بي تعلق الأطفال بأمهاتهم للآن ؟ قلت لسلمى ، و طالعتني و هي ترفع واحد من حواجبها و تنزل الثاني ، و تبتسم بمكر : - هو اللي متعلـّـق بك ؟ و الا أنت اللي مهووسة به ! ها قمر ؟ ضحكنا ، ضحكات صادقة ، مثل الضحكات اللي كنا نضحكها أيام الدراسة ، قبل عشر سنين ... ما كأن عشر سنين و زود ، فصلت بيننا ... سلمى هي سلمى ، و قمر هي قمر ... أما شوق .... - ذكرتيني بالأيام اللي راحت ! لما كنا نجلس بالساعات ، أنا و أنت ِو شوق ، نسولف و نضحك بكل سعادة ... أيام الجامعة ! تذكرين ؟ - أكيد ... - يا ترى وش أخبارها ؟ - الله أعلم ... بسرعة ، وجهنا أنظارنا للأولاد ، ما نبي نرجع للوراء و نذكر الماضي ... خلنا نطالع قدام ... المستقبل ... بعد ما خلصت الحفلة ، و ولدي أخذ كفايته و زود من الانبساط ، و ثامر و أبوي و أمي راحوا غرفهم ، ظلينا أنا و بدر وحدنا .... - ها بدري ! مبسوط ؟ - كثير ! مشكورة يمـّـه ... - يالله حبيبي نروح ننام ! سكت شوي ، مع أن عيونه ظلـّـت تتكلم ... ، لين رد قال : - ما نسيت ِشي ؟ ابتسمت له ، كنت أعرف أنه ينتظر على نار ... و قمت ، و طلعت العلبة من الخزانة ، و عطيتها له ... - تفضل يا عين أمك يا أنت ! و هذه الهدية اللي طلبتها ! آمر بعد ؟ أخذ بدر العلبة بسرعة ، و فتحها بسرعة ، و طلع الـ ( هاتف الجوال ) و هو شوي و يطير من الفرح ... كان يتمنى واحد من زمان ، و انا ما بغيت أجيب له ، و ادري أنه ما يحتاج له ... بس ، وش يسوى ( جوّال ) مقابل لحظة يعيشها في حضن أبوه ؟ أبوه اللي مات قبل ما ينولد ... لا عمره شافه و لا عمره عرف معنى كلمة أب لو أملك الدنيا كلها ، و يطلبها وليدي مني ما أتأخر عليه ... ناظرته و هو فرحان ، فرحة تسوى الدنيا و اللي فيها ، و طالع فيني ، يبي يعبر عن شكره ، و جا صوبي و ارتمى بحضني و ضميته بقوة ... صرت أقبل جبينه و راسه و أنا فرحانه لفرحه ، فرحانه أكثر أن الناس كلهم مدحوا فيه و باركوا لي عليه ... و أنا أقبـّـل راسه ، فجأة ... داهمني شعور غريب .... تسللت لأنفي ريحة ... ريحة عطر ... من الغترة اللي كانت على راس بدر ... حسيت كأن جسمي تكهرب و سرت به رعشه ... معقول ؟ ... معقول ...؟؟؟ جا وليدي يبي يبتعد عني ، ضميته لي أكثر ... و صرت أتشمم غترته ... أتأكد ... من الريحة ... الله يا زمن ... ! بعـّـد وليدي عني شوي ، و طالعني باستغراب ، و رديت قربت راسه من أنفي و أخذت أنفاس طويلة ، واحد ورى الثاني ... مو مصدقة ... هذا حلم ... ؟؟ - يمـّـه ؟؟ خير ؟ سألني بدر و هو مستغرب ... - بدر ... من وين لك هذا العطر ؟ - عجبك يمـّـه ؟ اشتريته مع خالي ! شلت الغترة من على راسه ، و قربتها من أنفي و شميتها مرة بعد مرة ... و ما دريت بدموعي تسيل على خدي ... ، و على شفايفي ... تعبير حائر ... ما هو عارف ... هل هي لحظة سعادة و الا حزن ؟ هل أبتسم و الا أبكي ... ؟؟؟ - يـمـّـه وش فيك ؟ طالعني بقلق ... و طالعت به و أنا ما ادري وش الشعور اللي غلبني ساعتها ... - هذا العطر ... شمـّـيته من قبل ... قبل سنيــن ... قبل ما تنولد أنت يا بدر ... تعجّب بدر ، و سألني : - عطر من ؟ ... أبوي ؟ طلعت مني آهه غصباً علي ، الكلمة تهز قلبي و ترج جسمي كله ، لا طلعت من لسان ولدي اللي ما عمره عرف وش معناها أصلا ... - يمـّـه أنت ِبخير ؟ هزيت راسي ، نعم بخير ... و الغترة بعدها عند وجهي ... - ما هو أبوك الله يرحمه ... شخص ثاني ... كان يستخدم نفس العطر ... من قبل 13 سنة ... - صحيح ، البيـّـاع قال أنه عطر أصلي و قديم ! بس ريحته اعجبتني ... يمـّـه من هو ؟ سالت آخر دمعة على خدي ، و مد بدر يدّه و مسحها ، و هو بين المستغرب و بين القلـِـق و الحيران ... - خلاص بدر ، يالله نروح ننام تأخـّـر الوقت ... اعترض بدر ، و قال بالحاح ... - يمـّـه قولي لي ؟ - خلاص حبيبي ، خذ الجوال و رح غرفتك ... ما أبي أذكر شي ... ما أبي أفتح الجروح .... ما أبي أحيي الذكرى الميتة ... سلطان انتهى ... سلطان اندفن ... سلطان غرق ... وسط البحر ... ذاك اليوم ... رحت لغرفتي ، و الغترة معي ، و معها ريحة عطر سلطان ... للحين ما نسيته ، بعد كل هذه السنين ... ! وش جيبك يا ذكرى الحين ؟ تاه قلبي في ذكرى الماضي ... ذكرى العذاب ... ذكرى الألم ... آه يا سلطان ... يا ترى وين أراضيك ...؟ يا ترى عايش و الا ... يا ترى تذكرني ... ؟ إيه يا زمن .... ما تصورت أني بعد كل هذه السنين و العمر ، بـ أرد أذكره ... و من ريحة عطره ... ... الله ... ... ... يا سلطان ... تمددت على سريري ، و الغترة بحضني ، عند قلبي ، و على وجهي ... اسحب منها ريحتها ، و تسحب مني دموعي ... تقلـّـبت كل المواجع و كل الآهات ... و أنا أحاول ابعثر الذكرى اللي سيطرت علي ، بعدت الغترة عن وجهي و شحت به ناحية اليسار ... و طاحت عيني ... على واحد من الأدراج ... الدرج اللي احتفظ فيه بعلبة خاصة ما فتحتها من سنين ... تملكتني الرغبة العارمة ، و قمت ، و فتحت الدرج ، و طلعت العلبة ... كانت علبه مجوهرات ... و بداخلها ... كان فيه ... عقد به حجر بالمنتصف ، منقوش على ظهره : (( حبيبتي قمر حلوة )) .... و بداخل العلبة بعد ، كانت متبعثرة 33 خرزة ( فص ) فضية .... * * * * بعدما هدني حبيبي و قال لي ...... ناوي أخطب وحدة من ناسي و هلي لا تكدري خاطرك أو تزعلي ..... الزواج حظوظ و حظك ما هو لي صرت أدور عن حبيب فاضي لي ... غايتي أنسى حبيبي الأولي كفكفي دموعك يا عيني و اجعلي ... باب قلبك منفتح للي يلي أي واحد يعرض الحب أقبله ....... حتى لو أدري بكلامه مجامله ما يهمني وين قلبي أرسله ......... المهم حبي الحقيقي اقتله له قبر باحفر و بيدي بادفنه ......... و انثر أزهار الغدر في مدفنه خله يروي الأرض بدموعه و أنا ...... بارتحل لقلب غيره و اسكنه و انكتب من بعد هجره لي نصيب ... واندفن قلبي مع ذاك الحبيب ما شغل بالي نصيبي وش يجيب ؟ ... ملتهب جرحي و محتاجه لطبيب ويلي عيـّـا القلب ينسى نظرته ....... وهو كاشخ لي و لابس غترته عطره عايش في نسيمي لـمتى ؟ . ... حظها لا قامت تشمه حرمته ! كنت أظن بانساه في كم يوم يمر ..... مرت شهور و سنين و مر عمر... لين جا يوم ٍحضنت ابني بدر ... كان أشم في غترته نفس العطر ! رجعت الذكرى في بالي للورى ... و انفتح بعد الدهر ذاك القبر و انبعث محبوبي من تحت الثرى ..... قلبه نابض ما فناه طول الصبر سالت العبرة على خدي و بكيت ... لسـّـه حبي عايش ٍفي المقبرة حتى عطره لحد يومي ما نسيت ... حتى صوته و حتى همسه أذكره و ولدي يمسح بيدينه عبرتي...... وش بلاها أمي تشمم غترتي ؟! بدر يا روحي و غاية مهجتي ..... آه لو تسمع خبايا قصّتي ... يا ولدي خل الجراح مسكرة ...... ما بي افتح قلبي ما بي أذكره مدري وش صار بحياته وش جرى ؟ ..... يفتكرني و الا ناسي يا ترى ؟؟ يا ولدي حبيت قلبه و حبّني ......... في النهاية خذ له غيري و سابني ما ادري وش حصل بها وش عابني ؟ .... ما سال وش صار لي وش صابني؟ كل حياتي و كل كياني كان له ...... تالي خلاني وحيدة مذلله ما رحم فيني الدموع السايله ........ و الشعور اللي بقلبي شايله عطره هيّج حبي اللي أكننه ........... ليت أشوفه ، ليت أشمه و احضنه لو يرد لي لو بعد إمية سنه ............ كان أحطه في فؤادي و اسجنه * * * * ( هبه ) ، هي بنت أخوي سلطان الوحيدة ، و اللي جابها بعد تسع سنين ، من ولادة ( نواف ) ، و البنت الوحيدة و أصغر طفلة في عيلتنا حاليا . الحين هبه في الثالثة من عمرها و أخوي و منال متعلقين بها و يدللوها دلال ما شافه أخوها الأول و الوحيد ، نواف ... و لمـّـا يكون عنده عمل طويل ، كثير ما كنت آخذها و نروح نمر عليه هو و ياسر بالشركة . اليوم ، اثنينهم رح يتأخروا الى الليل ، و انا بأجازة في الوقت الحالي ، و أخذت هبه ، و رحت بها لمكتبهم ... - هذه شكلها رح تصير إدارية مثلك يا سلطان ! وش رايك تكتب الشركة باسمها أو تورثها لها بعد عمر طويل؟ قال ياسر يمزح ، و ضحكنا كلنا ... - متى راجعين ؟ جت الساعة سبع و نص ! و بعدين أنا مسوية طبخة حلوة و لازم تتعشى معنا يا سلطان ! رد أخوي : - خلال ساعة نكون خالصين إن شاء الله ، اذا بغيت ِتروحي روحي بس خلي هبه عندي ... ابتسمت ، و قلت : - تراك مدللها بزيادة يا أخوي ! الله يعينك عليها إذا كبرت ! شالها بحضنه و صار يقبلها بسعادة كبيرة ، كانت من أروع الصور اللي شفت فيها أخوي ، أب يحضن طفلته الصغيرة الحبوبة ، و هو واقف قدام النافذة المفتوحة ، و بعض الأنسام تداعب شعرها الأملس .... و البدر المكتمل يرسل نوره حوالينا بكل غرور .... الله ... و لا أجمل من ذي صورة ! - اصبر سلطان ! باجيب كاميرا و أصورك ترى المنظر حلو بالمرة ! قلت بمرح ، و جلسنا نضحك بسعادة ... بعد شوي ، جا أخوي يلم أغراضه عشان نروح . و على وحده من الطاولات كان فيه أرواق و طرود ، أظنهااشياء البريد اللي وصله اليوم . راح أخوي و القى عليها نظرة تفحص ، و توقف و دقق نظرة استغراب في وحدة من العلب ... - يالله سلطان خل البريد لبكرة ! قال ياسر و هو يفتح الباب يبي يطلع و أنا جايه صوبه ، لكن سلطان ، و هو شايل هبه على كتفه ، ترك شنطته العملية من إيده ، و أخذ ذيك العلبة و بعض الرسايل ، مصر يفتحها لآخر لحظة .... فتح أخوي العلبة ، و احنا جالسين ننتظره بطوله بال ... و لو تشوفوا تعابير الذهول اللي طلعت على وجهه فجأة ... تقولوا هذا شايف جني...! فجأة التفت للورا ، صوب النافذة ، كأنه سامع أحد يناديه ، و طالع في القمر ... ... أنا استغربت ، و اندهشت ، اش ممكن يكون شاف داخل العلبة ؟؟ العلبة كانت صغيرة ، بحجم (شريط كاسيت ) تقريبا ، وش ممكن يكون داخلها ...؟؟؟ - وش بلاك يا سلطان يالله باموت جوع ؟ قال ياسر ، و التفت لنا سلطان ، و طالع بي بذهول ... ، ما فهمت معنى نظرته ، و سكـّـر العلبة و دخلها بشنطته و طلع معنا ... فيه شي تغير ، ما حسيته على بعضه ، حتى و احنا على العشاء ما أخذ بنته يأ ّكلها بنفسه كالعادة ، عطاني اياها و صار ياكل شوي شوي ، و بشروذ ... أنا طبعا فضولي وصل حده ، و انتهزت أول فرصة لقيتها ، و رحت ، و فتحت شنطة سلطان خلسة .... شفت العلبة و طلعتها ، و انا التفت يمين و شمال خايفة أحد يشوفني ، فتحت العلبة شوي شوي ... و اندهشت ... ما كان داخلها غير ( فص فضي ) ، و ورقة مكتوب عليها : (( القمر يبلغك السلام )) * * * * بعد ثلاثة أشهر ، في مرة من المرات ، و بشكل غير متوقع ، سألني أخوي فجأة : - قمرة رجعت البلد ؟ طالعت في أخوي ، و أنا كلي اندهاش ، يمكن ما سمعته زين ؟ - إيش قلت أخوي ؟؟ و رد علي بنفس النبرة : - قمرة رجعت البلد ؟؟؟ ظليت أناظر به ، نظرة بلهاء ، كأني وحدة غبية أو ما تفهم اللغة ... من كثر ما أنا متفاجأة من السؤال ... - ... أي ... قمرة ... ؟؟ سألت ، و أنا أبي أقنع نفسي أني ما سمعته زين ، أو أنه يقصد شي ثاني ... - قمر صديقتك ... ردت البلد و إلا ما عندك خبر ؟ أكيد كان يقصد قمر نفسها ، ما غيرها .... ! - ... قمر ... صديقتي زمان ؟ طالع بي بنفاذ صبر من ( استهبالي ) ، لكن ... - ... وش جابها على بالك الحين ؟؟؟ أخوي ، مد إيده بجيبه ، و طلـّـع علبة صغيرة ، و فتحها قدّامي .... داخل العلبة ، كان فيه أربعة فصوص فضية ، مثل الفص اللي شفته قبل ثلاث شهور ... و جنبها سلسلة فضية .... أخوي ، أخذ السلسلة و صار يدخل بها الفصوص واحد ورا الثاني ... الحين بس ، لما شفت الفصوص في السلسلة ، تذكرتها .... طالعت بكل معاني الدهشة و الذهول و الاسغراب الشديد ... هذه ... سبحة أخوي سلطان ، اللي كانت عنده قبل 13 سنة ، و اللي أذكر ... أن قمر أخذتها منه يوم رحت أنا معها له في مكتبه ذاك يوم .... ! ! ! قمر ... سافرت قبل أكثر من عشر سنين .... و أخبارها عني انقطعت .... و أنا ... بعد كل اللي صار في الماضي ، ما تجرأت اتقصى عنها و عن أخبارها... و الحين ... ما اقدر اتجرأ ... * * * * فيه شي تغير في سلطان ... الرجـّـال ما هو بطبيعته الأوله ... الشروذ صار يرافقه أغلب الوقت ... و البهجه تهل عليه بشكل ملحوظ و غريب ، كلما وصلته علبة جديدة ، من العلب اللي صارت تجيه نصف كل شهر ... ! يفتحها ، و يبتسم ، و تشوفه يرتخي فجأة و تنبسط كل عضلاته ، و يسبح في بحر من الشروذ ... تقول ( مخدرات ) و العياذ بالله ! اليوم ، جالس على أعصابه ، ينتظر البريد ، ينتظر ( الفص المخدر ) - وش فيك يا سلطان ما انت على بعضك ؟ - ولا شي ياسر ... خليك بحالك . - يا رجـّـال ! اللي يشوفك يقول عاشق غرقان في الحب ! - ياسر ما لي مزاج لتعليقاتك الساعة ، أجلها شوي ... وش رايك تنقشع عني الحين ؟ وشوي ، و وصل البريد ، و وصل معه الفص الفضي ، و تهلل وجه الرجّال و صار غير اللي كلمني قبل شوي ... ! - ياسر ، وش رايك نروح نتعشى الليلة بمطعم ؟ على حسابي ؟ - سبحان مغير الأحوال ! ابتسم ، و أخذ الفص رقم 30 ، و دخله في السلسلة ... و قال : - باقي ثلاثة ... - سلطان ، أبي أقول لك شي ، تراك مجنون يا أخي ... ما عبرني ، بعده في نشوة المخدر ! - سلطان ، أقول لك تراك جنيت ، و لازم تروح المستشفى ! انتبه لي فجأة ، كأني قلت شي خطير ، و طالعني بنظرة ادراك ، يمكن أوحيت له بفكرة كانت غايبة عن باله ؟ - المستشفى .... قالها ، و ابتسم ، و أخذ نفس طويل ، و رجع لحالته الأولى ، الطبيعية ، انتهى تأثير المخدر .... - و بعد ما تكتمل السبحة ؟ سألته ، بس ما رد علي ... أنا بديت أخاف عليه ، أنا متأكد أن هذه من علامات الجنون المبكرة ، و يا ليتنا نلحق عليه قبل فوات الأوان ... ! - سلطان وش تفكر فيه ؟ بعد ما تخلص السبحة ؟ - يكفيني .. أني أحس بها موجودة حواليني ، في مكان قرب أو بعد ... بس هي حواليني ... - أنت مجنون من جد يا سلطان ، المره يمكن تزوجت واحد ثاني و عشان كذا تبعث لك الفصوص ، مثل ما بعثت السلسلة ليلة زواجها من بسام ، الله يرحمه ... تذكر ؟ يا ليتني ما قلت اللي قلته ، ثار سلطان بوجهي : - اسكت يا ياسر اسكت ، خلني اتهنى لحظة من عمري ، اسكت يا ياسر و اطلع برى لو سمحت ... حتى لو تزوجت عشر مرات ... قمرة عايشة بأنفاسي أنا... روحها هي اللي تحركني ... أنسامها مازالت بصدري من ذاك اليوم ... لما رجعت البيت ، قلت لشوق : - أخوك سلطان مريض ، و رح ينجن ، و لازم تشوفي له طبيب نفساني ... * * * * ثلاثين فص ، في ثلاثين شهر مروا ... و قمر موجودة بمكان ... بس ما بغيت أسأل عنها ... أكيد ردت البلد ... لكني ما ودي أشوفها ... ما أعرف بأي وجه و أي تعابير أقدر ألتقيها ... بعد أكثر من عشر سنين .... من الفاجعة المشؤومة ... إش الهدف ... من أنها ترسل الفصوص ؟ ما أدري ... هل هي بنفسها اللي ترسل الفصوص ؟ بعد مو متأكدة ... اللي متأكدة منه ، أن أخوي سلطان زي ما قال ياسر .... قرّب ينجن ! أظن هذا رح يكون حكمكم عليه لما تعرفوا وش اللي صار .... ! * * * * كان اليوم نصف الشهر ... الواحد و الثلاثين ، و سلطان كالعادة جالس ينتظر (الجرعة) التالية .... انتظر ... و انتظر ... لكن الجرعة تأخرت .... و الرجّال صار ما له حال ... تأخر الوقت بالليل ، و ما وصلتنا العلبة المنتظرة .... أنا بصراحة كنت تعبان ، و قلت له : - يالله أنا ماشي ، ما بتروح ؟ صار يناظر الساعة ... بقلق و ضيق صدر ... و تالي قام وراح بنفسه يتأكد من صندوق البريد ... و ما لقى شي ... اتصلت عليه زوجته بعد شوي تسأل عنه و ليه متأخر ، و سمعته يقول لها إنه يبي يروح مشوار و يرد بعدين ... رجعت أنا البيت ، و قلت لشوق أنه أخوها مو بعلى بعضه ... و أن القمر ما سلم عليه الليلة ! شوق كانت قلقة ، لكنها ما علقت على الموضوع ... يوم ثاني ، كان أسوأ و أسوأ .... أنا قلت يمكن البريد متأخر أو حصل خلل أو شيء ... و أكيد القمر بيوصله اليوم ! اللي صار ... أن اليوم عدى ، و عدت بعده أيام و أيام .... و رحل الهلال ... من غير سلام ... سلطان كان مثل المجنون .... كل شوي يسأل عن البريد ... يدخل يفتح الصندوق ، و يطلع يفتحه ... أعصابه صارت مشدودة و تركيزه متشتت ... و كل اللي بالعمل ، و أكيد بالبيت ، لاحظوا .... كان ينتظر الشهر الجديد ... يمكن القمر نسى الشهر الماضي ، و جل ما لا يسهو ؟ لكن ... اللي صار ... أن البدر اكتمل ... و ما سلم عليه ... في ذاك اليوم أنا كنت مو موجود بالمدينة ، طالع مشوار عمل ... و شوق و حدها مع الأطفال بالبيت ... * * * * كانت الساعة وحدة الليل ... و كنا نايمين ، و رن جرس الباب .... صحيت من النوم مفزوعة ، من يمرنا هالساعة ؟؟؟ زوجي ياسر ما كان موجود ، و مستحيل يكون هو رد و ما معه مفاتيح البيت .... الجرس ظل يقرع باصرار و أنا قمت من سريري متوجسه ... و رحت أبي أطل من النافذة أشوف من يكون ؟ في نفس اللحظة رن الهاتف ، و طلع رقم جوال أخوي بالكاشف ... رفعت السماعة و كلي خوف ... وش صاير ... ؟ الله يستر ... - ألو .. - هلا شوق ، أنا عند الباب ... - عند الباب ؟؟؟ - افتحي شوق .... طليت من النافذة و قدرت أشوف سيارة أخوي ، و أنا أرد عليه .. - طيب تفضل ... ثواني ، و كان أخوي قدامي .... مثله ... مثل شبح ... مثل مومياء ... و الله أني ما أنسى حالته ذي ... طاح قلبي يوم شفته حسبت صار شي بالأولاد أو منال ... بلعت ريقي و همست بصوت مختفي ... - خير ؟؟ تنهد أخوي ، قال يطمني ... - بسم الله ... لا تخافي شوق ما صاير شي .... كلنا بخير ... ما تطمن قلبي ... رديت أسأله : - وش فيه ؟؟ فجأة ، ارتمى على الكنبة ... و سند ظهره عليها بتثاقل ... و رفع راسه و غمض عينه ....و مسح براحه إيده على جبينه و هو يتأوه بألم .... أنا ظليت واقفة مثل التمثال ... مذعورة ... و لساني مو قادر يقول شي .... فتح عينه و قال لي ... بدون أي مقدمات .... - قمر رجعت الديرة ؟ وين هي ؟ انفجر قلبي بنبضة قوة كبيرة ، بعد انحباس .... و سرى دم حار متوهج بجسمي كله ... و ما قدرت ركبتي تشيلني ... جيت و جلست جنبه اجمع شوية أنفاس ... و اهدىء نفسي من الفزعة .... طالعت فيه ، و أنا صامته ... للحين لساني مشلول ... لكن نظراتي كانت تعبر بكل شرح و توضيح .... أخوي ظل يناظرني و يقرأ تعابير وجهي ... طبعا ... الموقف صاير فوق مستوى التبرير ... و أنسب تعليق كان له ... هو شلال من الدموع فاضت من عينه قطّعت قلبي قبل تقطع طريقها على خدينه .... مسكت راسه و قمت أمسح الدموع ... و مد إيده و مسك إيديني ... ونطق ... بالجملة الأخيرة اللي قدر ينطق بها لسانه ذيك..ليلة.. - أرجوك شوق ... شوفي لي وين هي ...؟؟؟ ****************** ~ و تجدد اللقاء ~ الحلقة الثالثة عشر * * * ** * * * * * أخيرا قرر أخوي ثامر أنه يتزوج ، بعد ما مرت سنة و نص من رجعنا البلد و أمي تلح عليه كل يوم ! و الاختيار كان على وحدة من معارفنا القدامى... حفلة الخطوبة رح تكون عقب كم يوم ، و الوالدة ما خلت أحد بالديرة إلا و عزمته ! في الواقع انشغلت كثير أواخر الأيام .... و قررت آخذ أجازة كم يوم ... ولدي بدر ... صار ما بين كل يومين ثلاثة يروح يتغذى أو يتعشى أو حتى يبات في بيت جدته ، أم بسام الله يرحمه ... الولد صار يتعلق بعمينه ، ماجد و رائد كل يوم بعد يوم ... خصوصا بعد ما قرر ثامر أنه يرتبط ... الولدين اثنيهم يدرسوا بالجامعة ، و فارق السن بينهم و بين بدر حول تسع سنين ... بس صاروا عنده أقرب أصحابه... بصراحة ... أنا بديت أقلق ... كبر الولد ... و صار شوي شوي يبتعد عني و يتعلق بأصحابه ... و بالأخص عمينه ... أكيد هذا الشي الطبيعي ... لكن ... أنا اللي وضعي مو طبيعي ...ما أبي ولدي يبتعد عني ... هو كل اللي بقى لي من الدنيا .... بُعد بدر عني أواخر الأيام ... يمكن أعطاني فرصة إني ... إني... أفكر في...سلطان.. آه يا سلطان .... * * * * من ليلتها ... ليلة ما جاني أخوي بذيك الحالة ، و أنا أحاول ... مع أنى و الله ما ودي ، بس ... أحاول أشوف طريقة التقي فيها بقمر ... ودي بس أسألها ... هي ليه تسوي كذا ؟ و إيش قصدها من بعث فصوص السبحة بهذه الطريقة ؟؟؟ الفرصة جتني من الله ، يوم عزمنا بعض معارفنا على حفلة خطوبة بنتهم ، لثامر ... أخو قمر ... و شفتها فرصة ذهبية ... و لازم أحضر الحفلة ... توقعت ... في ذي الحفلة ... طبعا باشوف .... سلمى ! بعد ما تهاوشت معها قبل سنين ... قطعت علاقتي بها ... و في المرات اللي التقينا فيها صدفة بشكل أو بآخر ... كل وحدة منا كانت ... تتجاهل الثانية ... منال بعد كانت معزومة ، بس طبعا ما فكرت تروح ... أخوي لما عرف مني عن الحفلة ، قال لي : -( اتصلي علي أول ما ترجعين لي بالخبر ... ) رحت الحفلة و أنا قلبي مقبوض ، كنت متوترة ... و من أول ما وصلت ، لقيتهم بالاستقبال ! * * * * مبسوطين و مستانسين ، كنا بأمان الله ، أنا و قمر واقفين عند المدخل نرحب بالمعازيم ، و معنا قرايب قمر و العروس ... و فجأة ، ظهرت في الصورة ... شخصية صدمتني ! ... - مساء الخير ... قالت ( شوق ) .... نعم شوق بعينها ... و هي جاية تدخل الصالة .... أنا ... ما تكلمت .... بس ظليت أدقق النظر أتأكد ... هي و إلا غيرها ؟؟؟ و جت وحدة من أهل العروس ترحب بها بحرارة .... ناظرت قمر .... ما شكلها استوعبت ... لأنها كانت واقفة تطالع بنظرة استغراب ! لفت شوق صوب قمر ... ابتسمت ... و ردت تقول : - مساء الخير ... قمر !... مبروك ... و مدت إيدها تبي تصافحها.... قمر ... مدت إيدها ببطء و تردد .... و أخيرا لامست يد شوق ... و سلمت عليها ... - كيف حالك ... يا قمر ؟ -... بخير ... الحمد لله ... تفضلي ... البرود ... اللي ساد الأجواء ذي اللحظة ... خلاني أحس بقشعريرة تسري بجسدي ... التفتت شوق صوبي ... تبي تسلم علي ... صافحتها ... ببرود الثلج ... و بابتسامة مجاملة باهتة ... و لا كأننا كنا في يوم من الأيام ... أقرب الصديقات و أحب الأخوات .... النظرات الصامتة الرهيبة...تبادلناها احنا الثلاث.... ثلاث صديقات ... كانوا يوم من الأيام ... زميلات بالجامعة .... من أعز الناس على بعض ... ياما كنا مع بعض ... نروح و نجي مع بعض ... ناكل و نشرب مع بعض ... نسولف و نضحك مع بعض ... نحزن و نبكي مع بعض ... الحين ... و بعد ما مر على تفرقنا حول 13 سنة ... ردينا اجتمعنا مع بعض في مكان واحد .... كل وحدة تناظر الثانية ... بمنتهى البرود ... كأنها تتعرف عليها للمرة الأولى ... اجتمعنا احنا الثلاث ... للمرة الأولى ... بعد كل ذاك العمر .... الدكتورة قمر.... أخصائية أمراض أورام أطفال .... الدكتورة شوق ... أخصائية أمراض عيون ... و الدكتورة سلمى ... أخصائية ... ... ... طبعا حزرتوا ؟؟؟ أخصائية أمراض و جراحة المخ و الأعصاب ....! من يوم ما صار لقمر ذاك النزيف بالمخ و أنا مهووسة بجراحة الأعصاب زي ما انتوا فاكرين ! - تفضلوا يا جماعة ليش واقفين عند الباب ! جا صوت قريبة العروس .... شتت نظراتنا الباردة ... و بدد الأجواء الصامتة الرهيبة اللي سيطرت علينا .... دخلنا وسط القاعة .... احنا الثلاث و معنا قريبة العروس ... و جلسنا حوالين مائدة وحدة .... بدت قريبة العروس تتكلم بمرح و احنا نتجاوب معها ، بشكل ( شبه طبيعي ) و كل وحدة منا تحاول تتجاهل نظرات الثانية اللي ( من ذاك النوع ! ) و زي ما اقتضى الحال ، عرفنا عن أخبار بعض بشكل ( غير مباشر ) ! * * * * كانت الطريقة اللي استقبلتني بها قمر .... أبرد من الجليد ... حتى ... ما سألتني أي سؤال عن أحوالي ... و أخباري ... تكلمنا و كأننا نشوف بعض للمرة الأولى ... أنا كنت أحاول بين جملة و الثانية اسأل و لو بطريقة غير مباشرة ... عن أخبارها و وين صارت تشتغل و متى ردت البلد ... طلعت في النهاية ببعض المعلومات .... في الواقع ما مداني أجلس معها كثير ، دقايق و قامت تستقبل ضيوف جدد ... و لا ردت جلست معي عند نفس الطاولة .... قمر ... شكلها ما تغير كثير .... نفس الوجه النحيل ... و العيون العميقة النظرات ... و الصوت الدافيء الشجي .... و حتى سلمى ما تغيرت كثير ... و دايما ... تعابير قلبها معكوسة على وجهها زي ما كانت الأول ..... قدرت أشوف تعابير الأستياء ... و المجاملة الباهتة اللي حاولت تخفي بها ذيك التعابير .... مرت ساعة و نصف ... و صار لازم أطلع ، و أنا للآن مو قادرة اجتمع مرة ثانية بقمر ... طبعا لا هو الوقت المناسب و لا المكان المناسب ، عشان أسالها ذاك السؤال ... بس بغيت ... أدبر أي شي ، و لا أطلع بخفي حنين ! انتهزت فرصة عبورها قريب مني ، و قمت و ناديتها ... - قمر .... التفتت لي ، و نظرتها ممزوجة استغراب و نفور و تجاهل ... - نعم .......؟ - أنا باطلع الحين ... بغيت أسلم عليك ... - تو الناس ....... - عندي بعض المشاغل .... - أهلا و سهلا .... - إن شاء الله زواج مبارك و الله يوفق لهم ..... - مشكورة و الله يبارك فيك ....... كل هذا كلام عادي و فاضي بعد ، الحين جاي الكلام المهم ! - بس ... بغيتك تزورينا عاد و نسولف مع بعض شوي ! الحدة اللي ناظرتني بها بغت تخليني اعتذر عن هالطلب ! بلعت ريقي و ابتسمت أبرر : - من زمان ما شفناك و وحشتنا سوالفك ... أتمنى تزوريني أي يوم يناسبك ! وش رايك بالخميس الجاي ؟ رغم أني شفت علامات الرفض على وجهها ، لكني أصريت ... هي حاولت تتعذر بأكثر من عذر ، و مع إصراري أخذت منها وعد بأنها تزورني في أقرب فرصة مناسبة .... الحمد لله ، على الأقل طلعت من هالحفلة بوعد ...... و إن كان .... وعد مجاملة ... لما رديت البيت ... اتصلت على أخوي سلطان و لقيته ينتظرني على نار ... - نعم شفتها و كلمتها ، و عزمتها تجي تزورني قريب ... - متى ؟ - ما ادري يا سلطان زين منها قالت : يصير خير .... سكت أخوي شوي ، و تالي سأل : - هي بخير ؟ -.... نعم ... بخير و مبسوطة لخطوبة أخوها ... رد سكت شوي ، و سألني تالي : -.... تزوجت ؟؟؟ - و الله ما ادري ! ما جا طاري ذا الموضوع ... بس لا جتني باعرف أكيد ... و أنا ببالي ... تزوجت أو ما تزوجت ... بإيش عاد يهمك يا سلطان ...؟؟ و بإيش تفكر ... ؟؟؟ خلها ... للأيام .... * * الأيام تمر ... و أنا انتظر أي اتصال من قمر ... دون فايدة ... و أخيرا اتصلت أنا بها أذكرها بوعد الزيارة ... و اعتذار بعد اعتذار ، لين في النهاية انحرجت و قررت تجيني في يوم معين ... و جا اليوم الموعود ....... * * * * وصلت بيت شوق .... اللي ما جيته من سنين و سنين .... تغيرت فيه أشياء كثيرة و عرفت أنهم يبنون لهم بيت ثاني .... ما كنت أبي اجي و اسمح لذكريات الماضي أنها تظهر من جديد ... بس إصرار شوق أحرجني و خلاني أجيها غصبا علي ، و الله يستر ... ! اللقاء كان طبيعي و عادي جدا طول الوقت .... سألنا عن أخبار بعض ... أخبار البيت و الأطفال و العمل ... و شفت أولادها ... ولدين اثنين ... ما عندها بنات ، و عرفت أن ( منال ) جابت بنت وحدة بعد ( نواف ) الأمور مرت طبيعية لين جيت أبي أتصل على السواق يجيني ، لما قالت لي فجأة ... - قمر ودي أسألك سؤال ... إذا سمحت ...؟؟ - خير ؟؟؟ و من ملامح وجهها عرفت أن الموضوع ... ... ... ؟ - سبحة سلطان لسه عندك ...؟؟؟ تفاجأت ... و وقف قلبي ... حاصرتني بزاوية ما قدرت أهرب منها وقفت و كملت اتصالي و كلمت السواق يجيني ... و حاولت اشغل نفسي بترتيب عبايتي علي .... مسكت الشنطة ، و مدت شوق إيدها و مسكتها ... و طالعتني بنظرات كلها ألم ... كلها رجاء ... كلها عتاب .... - قمر الله يخليك ... سلطان أخوي تعبان ... لا تسوين فيه كذا .... و لا تكلمت بكلمة وحدة ... و شوق ... واصلت كلامها بنبرة حزينة ... - أنتِ أنقذتِ حياته في يوم من الأيام ... أرجوك ... لا تدمريها ... - مع السلامة قلتها ، و طلعت .... أنتظر السواق عند الباب ... ما كنت أبي شوق تشوف دموعي اللي تفجرت بعيني ... اللي تدمرت هي حياتي أنا ... مو حياتك أنت يا سلطان ... الفصوص كانت توصل له ... و تأثر بها أكيد ... سلطان أنت تألمت ؟؟ خلاص .... ما عاد أظهر بحياتك مرة ثانية ... و بقية الفصوص ... باتخلص منها و انتهينا .... * * * * النهاية ذي ما أقنعت أخوي سلطان ، لكنها على الأقل ريحت باله بعد حول سنتين من العذاب ... مع ذيك الفصوص ...الحين صارت الشهور تمر ، و لا يعني له يوم النص منها شيء ... و لا عاد فيه قمر ... يسلم عليه .... القصة بكذا وصلت لـ ((( النهاية ))) أخيرا ، و الحمد لله ............ الشي الجديد اللي شغل بال أخوي و بالنا كلنا هو هبة ... صحتها أواخر الأيام صارت في تدهور ... دوم رافضة الأكل ، دوم خملانة ... دوم تعبانة أو مريضة ... كأنها عين و صابتها ، بعد كل خفة الدم و المرح و الحيوية اللي كانت عليها ... كنت بالمستشفى ، لما وصلتني مكالمة من ( منال ) تقول لي أنها موجودة بقسم الطوارىء و معها هبه ، و الطبيب يقول عندها جفاف و محتاجة تنويم كم يوم ... جيت بنفسي للطوارىء و شفت بنت أخوي ، كانت بالمرة تعبانة ، تقول أمها صار لها يومين ما تاكل شي و عندها (اسهال و تقيؤ) ... أخوي ما كان موجود ، كان بالعمل ... تنومت هبه مع أمها بالمستشفى و بدت حالتها تتحسن شوي شوي ... أخوي طبعا فزع لما عرف أنها بالمستشفى و جا مثل المجنون ... بس الحمد لله حالتها صارت أفضل ... نزلة معوية و تعدي على خير إن شاء الله .... بعد يومين طلعت من المستشفى بصحة طيبة ... و استعادت نشاطها كم يوم ، قبل ما ترجع تتدهور مرة ثانية أسوأ من اللي قبلها ... و تتنوم من جديد ... أخوي عاد ما كان له حال .... ما كان يقدر تصيبها ذرة غبار ... و كل شوي يقول لي توصي بها و وصي عيلها الأطباء ... و هم مو مقصرين ... بعد ما استقرت حالتها ... شاف الطبيب أنه يسوي لها فحوصات أشمل ... اللي خلاني حاطة إيدي على قلبي ... و كاتمة أنفاسي ... لين صرخت بكل قوة ... صرخة هزّت جدران المستشفى ... و كسّرت النوافذ ... و زلزلت الأطوابق ... لما قال لي عقبها بيوم ... - ( سرطان الدم ..).. طحت ... و ما دريت بحالي ... مستحيل ... مستحيل يكون ... صحيح ... فيه خطأ ... هبة بنت أخوي ... البنت الوحيدة ... دلوعة العيلة ... مهجة قلوبنا كلنا ... عندها ... سرطان في الدم ....؟؟؟ !!! * * * * تشخص مرض هبه بنت أخو زوجتي ... على انه ... سرطان في الدم ... و حلت المصيبة على العيلة ... و بغى سلطان يموت يوم عرف ... أخذها لمستشفى ثاني ... و سووا لها نفس التحاليل ... و جت بنفس النتيجة ... و الرجال انهبل ... و العيلة كلها انفجعت ... و لا أقول ... غير إنا لله و إنا إليه راجعون .... أحيلت هبة بتحويل عاجل إلى أكبر مستشفى بالمنطقة ، إلى قسم أورام الأطفال ... ما اقدر أوصف لكم الحال ... اللي كانت هي ، و أمها و أبوها ... و عمتها و كل أهلها عليه ... ما قدروا يتخطوا مرحلة الصدمة ، و يبدأوا مرحلة التصديق إلا بعد فترة ... كانت غمامة سودا عاتمة كبيرة ... استحلت سمانا و أظلمت ديانا ... و ظلت مغطية عنا النور ... شهور ... و شهور ... أمس دخلت هبة المستشفى الكبير ... و اليوم رح يشوفها الأخصائي و يقرر العلاج * * * * الدكتور ( هيثم ) – زميلي في التخصص – كان بأجازة و رح يرد بعد كم أسبوع ... و كنت المسؤولة عن كل المرضى في الوقت الحالي ... كنت أراجع بعض نتايج التحاليل لمريض جديد محول علينا من مستشفى ثاني ... لما سمعت صوت الباب يندق ... - تفضل ... - مرحبا دكتورة ....... هذا والد المريضة الجديدة ... كانت الممرضة ، كنت طلبت منها تجيب والد أو والدة المريضة معها ... رفعت عيني من على الأوراق ... و طالعت صوب الباب ... شخصين اثنين ، غير الممرضة ... كانوا واقفين ... امرأة ... و رجال ... شوق ... و سلطان ... ! تجمدت نظراتي ... ما ادري أنا أتخيل .... ؟؟ أتوهم ...؟؟؟ طاح القلم من إيدي فجأة ... و نزّ لت عيني في الملف بالغصب ... أبى أدور اسم المريضة ... و شفته ... ( هبه سلطان ) ... - تفضلوا ... قالت الممرضة ... و سلـّـم سلطان ، و جا جلس على الكرسي قدام المكتب ... و ظلت شوق ... متجمدة عند الباب ........ التفتت الممرضة لشوق و هي تأشر لها على الكرسي ( تفضلي ؟ ) لكنها ظلت متيبسة بمكانها ... الله لا يوريكم مثل هالموقف ... ما ادري ... أنظاري كانت تطالع في الأوراق اللي بين يديني ... و إلا تخترقها و تخترق الطاولة ... و تطالع برجلي اللي صارت ترتجف مثل يدي ... ؟؟ حاولت ... أرفع عيني صوب شوق ... ودي بس أتأكد ... هي شوق اللي أعرفها أو غيرها ؟ لكن ... - طمنينا يا دكتورة فيه شي جديد بالتحاليل ؟ جا صوت سلطان .... كان يكلمني ؟ أكيد كان يكلمني ... هذا سلطان ؟ طبعا ... هذا سلطان ... أنا مو بحلم ؟ مو خيال ؟ معقول ؟؟؟ معقول ؟؟؟ الاوكسجين خلّص من الغرفة فجأة ، لأني شوي و أختنق ... التكييف انقطع فجأة ... لأني شوي و اخترق ... المطر نزل فجأة ... أحسه يبلل جسمي كله ... و شوي ... و أغرق ..... هذا سلطان ... سلطان نفسه ... العسل ... قدامي الحين ! إنتوا تشوفوا ؟ قولوا لي ... هو و الا مو هو ؟ يشبهه ؟ الصوت ، الشكل ، الهيئة ... الإحساس اللي أحسه لا كان قريب مني ... أنا قلبي مستحيل يتوه عنه ... هذا سلطان أكيد ... شوي و يغمى علي ... أرجوكم امسكوني .... ما أدري كيف ، هزيت رأسي ... ففهم مني أنه ما فيه شي جديد ... - و العلاج ؟ ممكن ؟ موجود هنا أو أسافر برى ؟ الحالة ذي شفتوا زيها قبل ؟ عالجتوا مثلها ؟ ممكن تطيب زي أول ؟؟؟ هزيت راسي ... ما فيني صوت أتكلم ... سلطان كان يتكلم بنبرة هلع ... نبرة فزع ... خوف و قلق ... أمل و يأس ... تصديق و تكذيب ... و الله كل هالمشاعر كانت تنبعث من صوته و كلماته في اللحظة نفسها .... - متى نبدأ العلاج ؟ اليوم ؟ و كم يطول ؟ و رح ترجع طبيعية مثل أول ؟ ترى ما عندي بنت غيرها أرجوكم لا تتأخروا عنها ... لها الحد ... و شوق ما قدرت ... انفجرت بصيحة مكبوتة فجأة ... و التفتنا كلنا صوبها ... و شفتها و هي شوي و تطيح ... و رحت بسرعة ... و بسرعة فتحت ذراعيني و أخذتها بحضني ... بلا شعور ... بلا إدراك ... و صرت أطبطب عليها و أنا أبكي معها ... لا تلوموني ... أنا قبل ما أكون طبيبة ... إنسانة ... و صديقة ... و في ها اللحظة بالذات ... صديقة في وقت محنة ... - عيدوا التحليل يمكن ما يطلع صحيح ... قالت شوق و هي تبكي بمرارة ... أنا ما أذكر وش رديت ... - ما أدري من وين طلعت لنا هالبلوة ... - يكفي شوق ... يكفي ... هل كنت أواسيها أو أواسى نفسي ...؟؟؟ ما أدري ..... - الله يخليك قمر سووا أي شي عشانها أي شي ... - أكيد ... أكيد ... بعد ما هدأت شوق شوي ... قلت : - خلينا نروح نشوفها الحين ... شوق طالعت بسلطان ... اللي كان جالس على الكرسي ... و الله يعلم من فيهم أجمد من الثاني ...؟؟؟ وقف سلطان ببطء ... و وجه نظراته صوبي أنا ... و للمرة الأولى ... تلتقي نظراتنا ... للمرة الأولى .... بعد فراق كل ذيك السنين .... التقت نظراتنا .. في موقف فاجع ... مثل ما افترقت في موقف فاجع ... قبل ... 13 سنة .... كانت نظراته مذهولة ... أنا ... بسرعة طالعت صوب مقبض الباب ... و مديت يدي ... و فتحته ... سلطان ... الحين أدرك أنا من أكون ... بس يمكن ذهول المفاجأة ... أو يمكن هول المصيبة اللي هو فيها ... ما خلاه يقدر يعبر ... بأي كلمة ... طلعنا إحنا الأربعة ... أنا و شوق و الممرضة و سلطان ... و رحنا لغرفة هبه ... رجلي بالكاد كانت تحملني ... ودي أنهار ... ودي أطيح ... ودي أصرخ لا ... لا ... لا ... بس مسكت حالي ... و حركت رجلي غصبا عليها ... و أجبرت نفسي أني أتظاهر بالتماسك ... كطبيبة ... مع مريض و أهله ... الانفعالات الثانية محوتها من الوجود و ما عطيتها أي فرصة أنها تظهر ... دخلنا الغرفة ... و شفت هبة ... الطفلة الصغيرة ... ملمومة بلا حول و لا قوة ... في حضن أمها ... ... منال ... أكثر امرأة كرهتها في هذا الكون .... عيونها ... من فتحة النقاب ... كانت باينة ... حمراء و متورمة ... و أثر الدموع ما برحها .... سلـّـمت ... و سألت عن الأحوال ... و جيت لعند الطفلة أحاول أكلمها و أداعبها شوي ... قبل الفحص ... الطفلة بس شافتني قامت تبكي .... و أشرت على أبوها و جا و شالها بحضنه ... و صار يحضنها و يطبطب عليها ... و يقبلها ..... أنا بشر ... و الله مو قادرة أتحمل ... يا ليتني بحلم و اصحا منه بسرعة ... بعد كذا فحصت عليها ... و أخذت من أمها و من شوق بعض المعلومات ... و منال ... ما تدري ... ... من أكون ... كان كل همها العلاج ... و كل شوي تسأل متى نبدأ و متى تطيب ... و توصيني ببنتها الوحيدة المدللة ... طلعت مع شوق و رحنا المكتب ... تكلمنا كطبيبتين نتناقش بحالة مريض ... و قررت أني أبدأ العلاج بكرة و أعطي لنفسي و لهم فرصة استيعاب أني أنا قمر ... باتولى علاج بنتهم ... و اتفقنا ... أن والد المريضة ... يوقع أوراق الإجراءات الضرورية بكرة ... ما صدقت أني وصلت البيت أخيرا ... كان ولدي بدر جالس ( يبني عشة طيور ) بالحديقة – و على فكرة ذي هواية عنده ، تربية الطيور - و أول ما شافني كالعادة جا يسلم علي و يحضني ... - هلا يمه - هلا حبيبي ... أخذته بحضني بالقوة ... و حبسته بين ذراعيني لفترة ... الولد ... على حس أن فيني شي ... - خير يمه ؟ - خير حبيبي ... ما خلصت العشة ؟ - لا باقي ! ... يمه فيه شي ؟؟ ابتسمت و أكدت ... - لا بدري ... ، تغذيت هنا و إلا عند الجدة ؟ ( أقصد أم بسام ) - عند الجدة ، يمه عمي ماجد بيمرني بعد المغرب باروح معه مشوار ... مشاويره مع عمينه ما تخلص ... أحس أنهم أبعدوه عني ... بس ما فيني قوة أعلـّق الحين ... قلت باستسلام ... - طيب حبيبي ... أباروح أرتاح .... وقبـّـلت جبينه ... و تركته منهمك ببني العشة ... وصلت داري منهارة تماما ... رميت بجسمي على السرير .... و تأوهت بمرارة ... يوم القدر ... بعد كل هالعمر ... كتب أنه يجمعني بسلطان ... جمعني به ... في أسوأ الحالات ... و أسوأ الظروف ........ بكيت بكاء ما بكيت مثله من مدة ... طلعت الفصوص الثلاث اللي بقت لي من سبحة سلطان ....و شديت عليها بين يديني ... و قربتها عند قلبي ... و صحت .... سلطان ... سلطان ... يا رب يكون حلم ... يا رب يكون كابوس ... يا رب ما يكون حقيقة .... شوي ... و اندق الباب ، و جاني صوت ولدي بدر يناديني ... بسرعة مسحت دموعي و جيت و فتحت الباب ... - هلا حبيبي ؟ - يمه بس بغيت منك ... و سكت ... و صار يطالع فيني بقلق ... - نعم بدر وش بغيت ؟ - يمه أنت بخير ؟ - بخير ... بس قل لي وش بغيت ...؟ طبعا ألح علي ، و قلت له أن وحدة من صاحباتي بنت أخوها مرضت و تتعالج عندي ... و أنا متأثرة عشانها ... - إذا بتتأثرين يمه كذا لا تعالجي ناس تعرفيهم ! هو قالها جملة عابرة ، و أنا أخذتها بجد ... هذا اللي لازم يصير ... أبي أحول الحالة على الدكتور هيثم أول ما يرد من أجازته... بس الحين ... ما لي إلا أني أبدأ العلاج ... قبل فوات الأوان .... *********************** |
#2
|
||||
|
||||
رد: فجعت قلبي
~ قريب ٌمن العين و القلب ~
الحلقة الرابعة عشرة * * * * * * * * * * * - تقولين ... قمر ؟؟؟؟ صاحت منال بدهشة و استنكار ... لما قلت لها أن الطبيبة اللي كانت هنا ... هي قمر ... و صارت تنقل نظرها بيني و بين سلطان .... الجالس باستسلام على طرف السرير ... و بحضنه هبه نايمة بكل براءة ... و عينه بس و بس مركزة على بنته ... - لا ! مستحيل .... لما قالت كذا ، رفع سلطان بصره و طالع بها ... و ردت تأكد ... - مستحيل أخلي بنتي تتعالج عندها ... شوف لنا مستشفى ثاني ... سلطان ... منتهي و ما له حال ... بس شال البنت و حطها بسريرها ... و قام يبي يطلع ... - وين ؟؟؟ - بـ أرد البيت باريح شوي ... - و تخلينا هنا ؟ - منال ... رجاءا ... اللي فيني يكفي .... قالها ... و طلع من الغرفة ... و جلست مدة مع منال ...أحاول أهدي فيها ... هدأت في النهاية ... بس ما اقتنعت ... ... و كنت ادري أنها بكرة بالكثير ... بترجع للموضوع مرة ثانية .... صحيح احنا انحطينا بموقف ما ننحسد عليه ... الأقدار لعبت دورها بدهاء ... و كلمة ((( النهاية ))) في القصة و اللي ظنيت أنها انطوت خلاص ... ما شكلنا رح نقولها قريب ..... * * * * رديت من مشاويري مع عمي قرب الساعة عشر الليل ، كنت متأكد أن أمي رح تعاتبني لأني طولت الغيبة ، و استغربت لأنها ما اتصلت علي كالعادة تتطمن ...؟ المهم ، أول ما دخلت البيت شفت خالي ثامر جالس يتكلم بالتلفون بالإنجليزي ! أكيد هذه خطيبته ! صار كله مشغول معها ! رحت أدور أمي ما لقيتها سألت عنها قالوا لي بدارها ... و صعدت الدور الثاني و جيت عند باب غرفتها ... كان النور ظاهر من تحت الباب ، دقيته و ناديتها ، و ما جاني رد ... دقيت مرة ثانية و ما سمعتني ، فتحته شوي شوي ... لقيت أمي نايمة على سريرها ... مو بالعادة أمي تنام هالوقت ، و لا بالعادة تنام قبل ما تتطمن علي ، بس شكلها غفت دون ما تدري ... قربت منها عشان أنا متعود لازم أقبل راسها كل ليلة قبل النوم ، من يوم كنت صغير ... و فيه شي غريب لفت انتباهي ... ! كانت إيدها اليسرى ممدودة و براحتها ثلاث ( خرزات ) فضية .. ! استغربت ... إش هذه ؟ ... بس شلتهم من إيدها دون ما تحس .. و أخذتهم معي ... قبلتها و طلعت من الغرفة .... بعد ما ( انسدحت ) على سريري نمت بسرعة لأني كنت تعبان شوي ... و ما لحقت أشبع نوم ... صحيت على صوت خالي ثامر ينبهني عشان صلاة الفجر ... بسرعة جا وقت الصلاة ! يمكن خالي غلطان بالوقت ؟؟ فتحت عيني و طالعت بالساعة و كانت أربع الفجر ... - يالله بدر انتظرك بالسيارة لا تتأخر ... ما مداني أرفع جسمي أبي أقوم إلا و وصلنا صوت صرخة قوية .... فزعت ... و هبيت جالس ... و جت صرخة ثانية ... - هذه أمي ... ! ! ! قفزت من السرير ... ركضنا أنا و خالي بسرعة إلى غرفة أمي و دخلنا ...و شفناها تصرخ في ذعر و فزع مهول ... ركضنا لها و حضناها ... و صرنا نهدّي فيها و هي ترتجف ... و تردد ... - ( سلطان لا تموت .... سلطان تنفس .... سلطان تماسك .... ) خالي صار يقرأ آيات قرآن يهدّي فيها و أنا أبكي مفزوع عليها ... أمي كانت تطالع فينا و لا كأنها تعرفنا ... ما كانت بوعيها أصلا ... العرق كان يتصبب منها بغزارة ... و أشوفها تتنفس تنفس مو طبيعي .... ظلت أمي على ذي الحالة دقايق ... و بدت تهدا شوي شوي ... رفعت راسها تطالع خالي ثامر و تقول ... - بسام غرق ... و خالي يهدي فيها ... - خلاص قمر ... أعوذ بالله من الشيطان ... خلاص قمر اهدي ... و يكرر آيات قرآنية ... لين هدأت أمي ... و طالعت فيني ... و شكلها توها تنتبه لي أو تعرفني ... ... نادتني و خذتني بحضنها و أنا أبكي و هي تبكي و خالي يهدي فينا ... - خلاص بدر ... خلها تنام ... رفعت بصري له معترض ... - بـ أظل معها ... - لا بدر ، خلنا نروح المسجد ... ما فيها شي راحت النوبة ... تركت أمي نايمة على السرير و الوسايد .... مغمضة عينها و حالتها زينة ... و يوم جينا بنطلع من الغرفة سمعناها تقول : - ( ما أبي أعالج بنته .... ) الجملة الأخيرة اللي سمعناها ، و طلعنا .... كانت الدموع بعدها بعيني ، و قال لي خالي باستنكار : - إش بلاك ؟ رجال و تبكي ؟ - ما شفت كيف كانت ؟ - ما هي أول مرة ... ما تعودت للحين ؟؟ - بس ما صار لها من جينا البلد ... من رجعنا البلد ... هذه أول مرة تجي أمي نوبة الذعر اللي كانت تجيها من فترة لفترة و احنا برى ... خالي يقول أن هذا صار لها بعد ما شافت أبوي و ناس ثانيين يغرقوا في البحر ... قبل ما أنولد أنا .... و كان دايما يحذرني أني أذكر شي عن الموضوع قدامها و إلا بتمرض و تزيد حالتها أكثر .... ... من هو ... سلطان .......؟؟؟ * * * * صحيت من النوم و لقيت نفسي متأخرة شوي ... و حسيت روحي تعبانة و ما لي خلق ... قلت أبي أتصل بالمستشفى و آخذه يوم إجازة ... بس ... بسرعة تذكرت المريض الجديد ... و قفزت من سريري بسرعة ... ... عندي اليوم شيء مهم لازم أسويه ... و أنا عند المراية أسرح شعري تذكرت فصوص السبحة الثلاث ... كانو بإيدي لما نمت ..؟؟؟ و قمت أدور عليهم في السرير و حوله و بكل مكان و لا لقيتهم ... وين اختفوا ؟ بس لأن الوقت متأخر ، تجهزت على عجل و طلعت من الغرفة و نزلت الدور الأرضي ... كان ولدي بدر جالس هناك و أول ما شافني جا يصبح علي و يحضني ... - هلا بدري ... ها حبيبي متى رديت البارح ؟ ابتسم بخجل و اعترف أنه جا متأخر شوي ، و طالع فيني كأنه يبي يقول شي ... بس أنا كنت مستعجلة سلمت عليه و طلعت .... اللحظة اللي طول أمس و أنا قاعدة أعد لها ألف حساب جت أخيرا .... كنت بالمكتب ، أنتظر والد المريضة يجي عشان أشرح له عن المرض و العلاج ... و تفاصيل ثانية ... بالنسبة لي كطبيبة ، صرت متعودة على هذه الأمور ، لكن ... .... .... ؟ جت الممرضة ... مع سلطان .... حاولت بكل الطرق ... إني أنسى أني كنت أعرف هذا الشخص يوم من الأيام و اتصرف معه كأي والد مريضة أعالجها ... صعب ... و الله صعب ... ! إنتوا حاسين فيني ؟؟ بمجرد وصلني صوته أول ما دخل و سلم ... انتفضت أوصالي كلها ... هذا هو صوت سلطان ... ما تغير عن أول ... جهور و رنان ... كأنه لا وصل الطبلة يدغدغها ! و إذا جا للدماغ يخدره ! مع أنه قوي ، بس لا سمعته تتملكني رغبة غريبة في النوم ! رفعت عيني بنظرة خاطفة صوب عينه و رديت السلام ... يا ذيك عيون ... يا ذيك نظرات ... تاخذني فوق في السماء ... أحسها ... أحسها بحيرة ... و ودي أسبح فيها ! أي جنون ... ؟؟؟ إنتوا فاهميني ؟؟ أخذت حول أربعين دقيقة و أنا أتكلم معه و أشرح له بعض التفاصيل و أجاوب على أسئلته ... وجود الممرضة يمكن عطاني شوية دعم ... كنت أبي أعرف ... هل هو راضي أني أنا ... أعالج بنته ؟ .. إش قرر ...؟؟؟ سألت في النهاية : - نبتدي العلاج اليوم ؟ - توكلنا على الله .... اللي كان يكلمني كان أب ... متعلق بأمل ... أي أمل ... لعلاج بنته الوحيدة... مهما يكون .... رحنا لغرفة الصغيرة ... كانت نايمة .. و أمها ( منال ) جالسة جنبها ... و الطريقة اللي كلمتني بها اليوم ... تختلف عن الأمس ... ! أمس ... كان كلامها كله رجاء ... و اليوم ، كله اعتراض ... ! أنا ... تقبلت كل كلامها في كلا الحالتين ... و مصرة أني أعاملها كما تعامل أي طبيبة أم وحدة من المريضات ...و أنسى أنها كانت .. و لا تزال ... أكثر امرأة كرهتها بحياتي ... اللي سرقت مني – و لو بدون قصد - ... حبيب عمري الوحيد ... في نفس اليوم ، بعد كم ساعة جتني شوق المكتب ... و تناقشنا مرة ثانية عن المريضة و العلاج ... شوق ... كانت .. و لو بشكل غير مباشر ... تبي توصل لي رسالة محتواها : ( لا تخلي الأمور الشخصية تأثر على تصرفك كطبيبة ... ) أنا ... قلت بشكل مباشر ... - تطمني يا شوق ... أنا في المستشفى طبيبة و بس ... و أتعامل فقط و فقط على هذا الأساس .... و على هذا الأساس ... بدأنا العلاج المكثف ... و اللي يتطلب شهور ... و شهور ... في نفس اليوم ... بالليل ... جاني ولدي بدر ... و عطاني الفصوص الثلاث اللي قلبت الغرفة فوق تحت أدور عليها... - من وين جبتها ...؟؟؟ - آسف يمه شفتها بايدك و أنت نايمه و شلتها ... أخذت الفصوص .. و رجعتهم بالصندوق ... و ولدي بدر يراقبني ... - يمه ... - نعم ؟ - إش هذه ؟ ما رديت عليه في البداية ... ، تالي قلت له ... - تذكار من شخص عزيز ... - من هو ؟ ما جاوبت ... - سلطان ..... ؟ ؟ انتفضت ... و التفت له فجأة ... و أنا مذهولة ... و طالعت فيه ... أبي استشف من نظراته أي شي يكون عارفنه أو فاهمنه ... - أي ... سلطان ... ؟ - ما أدري .... أنت قولي لي ؟ - بدر ... بدر من وين جبت الاسم ؟؟؟ -... أنت دايما ترددينه لما ... .... .... - خلاص بدر ... ارجع دارك ... - أنا آسف .... - تصبح على خير .... الولد كبر ... و صار يفهم ... الكوابيس اللي طاردتني طول ها لعمر صارت توحي له بشي .... يا رب ... ...أبيه بس ... يتجاهل ها الموضوع ... * * * * ظلت بنت أخوي هبه بالمستشفى فترة طويلة ... بين تحسن و انتكاس ... و احنا ندري أن العلاج يطول و يبهذل ... و ما لنا إلا الصبر ... أخوي سلطان أخذ أجازة طويلة ... تفرغ فيها لعلاج بنته ... اللي ما كان شاغل باله شي غيرها ... أما قمر ... فما أظنها صارت تعني له شي ... لأنه انشغل باللي أهم منها ... علاقتي بقمر بدت تنتعش من جديد ... و بدينا نتقرب من بعضنا اكثر و أكثر ... كصديقات و كزميلات عمل ... هذا الشي ريحني .... منال أخيرا تأقلمت مع الوضع ... و صارت تتعامل مع قمر على و كأنها طبيبة تشوفها لأول مرة ... ... كل شي سار بشكل طبيعي ...و مألوف .... * * * * فاجأتني قمر لما قالت لي قبل فترة أنها صارت تعالج بنت سلطانوه ، بمحض الصدفة ... ! أنا دورت على التعليق المناسب بس ما لقيت ... ما قدرت أتخيل كيف الوضع ... بس الظاهر و الله أعلم أن الأمور تمشي بشكل معقول ... و الله يستر من الجاي ... ! صحيح الدنيا دوارة ... ودي التقي بسلطانوه ... الزفت ... و أقول له : - ( شفت يا سلطان ؟ هذه البنت اللي حطمت قلبها يوم من الأيام ... اللي ترملت عشان تنقذ حياتك أنت ... هذه هي الحين تعالج لك بنتك بعد ...! ) لو أنا مكانها كان رفضت استقبل الحالة و خله يروح يدور على طبيب غيري ... ما ناقص إلا إني أعالج بنت الشخص اللي حطم لي قلبي ! الله يحطم قلبه و ينتقم منه يا رب ! خاطري مرة ... مرة وحدة بس ... أشوفه و أتشمت فيه ... أبرد حرتي فيه من ذيك السنين .. عقب كل اللي سواه بصديقتي قمر ... ... من زمان ... و أنا أتمنى ذي الأمنية الشريرة ... و القدر ... أتاح لي الفرصة ... و حقق لي إياها ... من أوسع الأبواب ! * * * * كل يوم ... أشوف سلطان ... كل يوم أتكلم معه ... كل يوم أسلم عليه ... و اليوم ... آخر يوم من دورة العلاج المبدئية ... و الصغيرة رح تطلع للبيت أخيرا ... كم أسبوع ، و ترجع لمتابعة العلاج بعدين ... من بكرة ما رح أقدر أشوفه ... و لا أسمع صوته ... قمر ... أكيد جنيت ِ؟ إش اللي جالسة تفكرين فيه ...؟؟؟ معقول ......؟؟ و الدكتور هيثم بيرد أول الأسبوع الجاي ... و رح أحول عليه الحالة ذي ... و ابتعد عن سلطان ... و عن منال ... و عن الماضي و ذكرياته ... ذا الإحساس قتلني ... كيف تكون عندي فرصة أي فرصة ... من أي نوع ؟... أني أشوفه ...و أفرط فيها ...؟؟؟ قطع علي حبل أفكاري المجنونة صوت الهاتف ، كانت سلمى تأكد علي عزومة العشاء الليلة في بيتها ... و في نفس الوقت ، جا سلطان يحمل بنته ، و معه زوجته يستفسروا عن آخر التعليمات قبل ما يطلعوا من المستشفى رادين للبيت .... البنت بعد شوي صارت تصيح و أخذتها أمها و طلعت بها تهديها ... و اللي ظل بالمكتب ... أنا و سلطان ... عطيته (كرت) موعد للمتابعة في عيادتي بعد كم يوم ... أخذ الورقة ... و شكرني و سلم ... و راح طالع ... أنا ...... نقلت نظري لشاشة الكمبيوتر اللي قدامي أتظاهر أني أسوي شي ، و في الواقع كنت أراقبه و هو يمشي للباب ... - قمره .... وهو ماسك الباب ، قبل ما يطلع ... فجأة ... و دون سابق إنذار ... ناداني ... قمره ... قمره .. الاسم اللي كان دايما يناديني فيه ... بنبرة تختلف عن اللي كان قبل شوي ... يخاطبني بها ...... حوّلت أنظاري من شاشة الكمبيوتر إلى عيونه مباشرة .... و هناك ... تعلقت ... ما قدرت أبعد عيني عن عينه ... أسرتني غصبا علي ... و هو بعد ... ظل مركز في عيني ... لأول مرة ... من التقينا قبل كم أسبوع ... مرة ثانية ... رن الهاتف و قطع علي لحظة العمر ... و بعد كانت سلمى – الله يسامحها – تأكد علي أجيب بدر معي ! هذا وقته يا سلمى ؟؟؟ لما خلصت المكالمة كان هو ... اختفى ... طالعت صوب الباب ... و استقرت عيني عند نفس الموضع اللي كانت عينه فيه قبل ثواني ... وين راح ... ليه راح ... ارجع يا سلطان .... كان يبي يقول شي ... متأكدة ... بس .... .... رجعت البيت و أنا طايرة من الفرح ... كأني بنت مراهقة تنقال لها كلمة حب لأول مرة ! ما ادري وش صار بي ... يمكن جنيت ...؟ إلا أكيد جنيت ... كانت ليلة الخميس ، تعشينا أنا و ولدي بدر عند سلمى ... و بعد العشاء راح الأولاد يلعبوا كورة بمكان قريب ... و جلسنا أنا و سلمى نسولف ... كنت مبتهجة بشكل ملحوظ ... بس كتمت السر بصدري و إلا كان تقول عني سلمى ... مجنونة من جد .... طبعا جبنا سيرة بنت سلطان ... و عرفت مني سلمى تفاصيل أكثر عن الموضوع ، بس و لا حاولت تثير شي من الماضي .... و زي ما احنا كنا مبسوطين ، كانت عيلة سلطان بعد مبسوطة ... * * * * سوينا عشاء كبير ... و عزمنا خالتي أم منال و بناتها و أولادها ... بالإضافة إلى عيلتنا احنا ... فصار البيت مليان ناس ... و كلنا كنا مبسوطين أن بنت أخوي هبه طلعت من المستششفى بالسلامة .... حالتها احسن بكثير من أول ما مرضت و أول ما أخذت العلاج المكثف ... كلنا كنا فرحانين و أخوي أكثرنا ... أخيرا ارتاح ولو مؤقتا ... و الليلة بتنام بنته بحضنه و عيونهم قريرة و متهنية .... رديت البيت و أنا مرتاحة و صليت لله شكر ... و دعيته أنه يشفيها تماما من المرض ... و يريح بالي و بال أخوي المسكين .... بعدها بكم يوم .... عرفت أن الدنيا كانت ... بس ... تضحك علينا ... قبل ما يحين موعدها بالمستشفى ... بنت أخوي فجأة انتكست حالتها بشكل كبير ... داهمتها نوبة تقيؤ حادة ... و شالها أبوها و راح طاير بها على المستشفى ... كان الوقت نص الليل ... أنا ما دريت إلا يوم ثاني ... لما اتصل علي و قال لي أنها بالعناية المركزة .... يوم وصلت ... شفت البنت مسدوحة على السرير ... و أخوي يبكي ... و منال تنوح ... و بعد شوي وصلت طبيبتها ، الدكتورة قمر ... و معها كانت ... سلمى .... و دكتور ثاني ... سلطان لما شاف قمر قام يقص لها وش صار ، و هو مو قادر يمنع دموعه من أنها تسيل غصبا عنه .... قمر جت تفحص على هبه ... و هي تحاول تكرر عبارات الطمأنة ... لكن من صوتها كان واضح أنها هي بنفسها مو متطمنة ... قلوبنا كانت متعلقة بكل حركة تسويها و كل إشارة ... نبي نعرف ... بنتنا بخير ؟؟ وش صار لها ؟؟ و متى تصحى ...؟؟؟ قمر قالت موجهة خطابها لسلطان : - هي نايمة من تأثير الأدوية بس تصحا رح تكون أفضل إن شاء الله ... - إش صار لها ؟ و ليه ؟ - أنا شرحت لكم أن هذه أشياء ممكن تصير أي لحظة خلال فترة العلاج ... تكلم الحين الدكتور الثاني : - ياجماعة المريضة مستقرة الآن تفضلوا لو سمحتوا هذه غرفة العناية المكزة و ما يصير نتجمع كلنا هنا ... قال كذا و نقل أنظاره بيننا أنا ... و سلطان ... و منال ... كان هدفه أن حنا نطلع من الغرفة و يظل هو و قمر يتناقشوا .... ما أحد منا تحرك ... حتى سلمى ، و اللي جاية دون داعي ظلت واقفة بمكانها ... و عينها كانت على اخوي سلطان ... كأنها ... كأنها ما صدقت تشوفه مكسور عشان تتشفى فيه .... ! قمر بعدها تكلمت ... - تفضلوا معي لو سمحتوا ... منال ما تحركت شبر واحد ... ، سلطان ظل متررد ... و بعدين جا معنا أنا و قمر ... أما سلمى فانشغلت مع مريض ثاني ... في مكتبها ... جلسنا أنا و أخوي المنهار ... مو قادر حتى يفتح فمه يقول شي ... كان الدور الآن كله مرتكز على قمر ... - ما فيها شي ... و ما رح يتكرر مرة ثانية إن شاء الله مع العلاج اللي رح نضيفه لأدويتها ... ... و إن شاء الله بكرة تطلع من العناية المركزة .... رفع أخوي عينه تجاهها متعلق بكلمتها الأخيرة ...... - بكرة تطلع من العانية ؟ صحيح ؟ - ...نعم ... - وش فيها بنتي ؟ صار شي بمخها ؟ سأل أخوي سؤال يائس ... - لا أبدا ... بعد الشر ... - ليه صار لها كذا بالتالي ؟؟؟ قمر ما جاوبت ... القلق تفجر بقلب أخوي و قال ... - أرجوك قمره ... إذا فيه شي علميني ... جا صوت قمر مبحوح ... و هي تقول : - ... ما فيه شي جديد ... لو فيه قلت لكم ... و ... و على كل ... من بكرة الدكتور هيثم رح يتابع علاجها و تقدر تسأله عن كل شي ... تفاجأت ... و أخوي بعد ... و طالعنا في بعض و تالي فيها ... - الدكتور هيثم ؟؟ - هذا اللي كان معنا بغرفة العناية ... أنا حولت الحالة عليه و صار يعرف عنها كل شي ... - ليه ......؟؟؟ فيه شي .....؟؟؟ - لا ... لا ... * * * * كان بودي أصرخ ... لأني ما عدت قادرة أتحمل ... حرام عليكم ... أشوف سلطان قدامي متحطم ... و أظل صامدة و جامدة ؟ تبوني أعالج بنته و هي عندها أخبث الأمراض و ألعنها ... و أشوفه كل يوم يتعذب معها ... ما اقدر ... ما أقدر ... ما أقدر ... اللي اسعفني به لساني ذيك اللحظة كان ... - لأني باخذ أجازة فترة ... و كان جواب مقنع ... سلطان ... قال ... - توصوا فيها يا قمره أرجوك .. و إذا فيه أي علاج أفضل بأي مكان بالعالم قولوا لنا عنه ... مسكت اللي باقي من قلبي بصدري ... و قلت ... - العلاج هنا أو بأي مكان هو نفسه ... ما يحتاج توصية ... هذا واجبنا ... * * * * بعدما طلع سلطان ... انهار القناع اللي كانت قمر مخبية شعورها الحقيقي خلفه ... رمت راسها على طاولة المكتب و تنهدت ... جيت لعندها ... - قمر ؟؟؟ رفعت راسها و طالعتني .... - فيه شي ما تبين تقولينه لنا ...؟؟ - إش أخبي ؟ أنت عارفة إش المرض ذا ... - ليه حولتيها لدكتور ثاني ...؟؟؟ - لأني ... لأني ... ... لأني ما استحمل يا شوق ... ما استحمل .... تأكدت من أن الدكتورة قمر هي قمر زمان ... و أن قلب الدكتورة قمر ... هو قلب قمر زمان ... و أن وجود سلطان و قمر في حياة بعضهم البعض ... رح يفتح جروح الماضي و يسبب جروح جديدة ... لازم الدكتور هيثم هو اللي يتولى العلاج ... و نسد أي باب ممكن يفتح علينا طرق للورا ... * * * * يوم ثاني ... مريت على البنت بالعناية و شفت أوضاعها متحسنة ... و اقترحت على الدكتور هيثم يطلعها من العناية ، و خلال الكم يوم اللي تلوا ... كنت أجي كل يوم اتطمن عليها بنفسي ... و اتطمن ... على ... سلطان .... طلعت بنت سلطان من المستشفى بعد كم يوم ... و جتني في موعدها بالعيادة بعد ها بفترة ، مع أبوها و أمها ... كانت حالتها طيبة و طمنت أهلها عليها ... سلطان فاجأني ... و قال أنه يبي يتابع عندي لأني بديت العلاج معها من البداية ... وبس انا صرت .. أتابع الحالة من بعيد ... مع الدكتور هيثم ... حالة البنت تحسنت كثير ... و آخر مرة جتني بالعيادة كانت مليانة حيوية و نشاط و مرح .. و أبوها يراقبها بكل سرور ... و أنا أراقبه هو ... بكل راحة ... و مرت مدة ... و البنت بين انتكاس و تحسن ... و أهلها بين الرجاء و الخوف ... بين الأمل و اليأس ... ... بين الحياة و الموت ... أخذت أجازة كم يوم عشان زواج أخوي ثامر ... ريحت فيها و انبسطت ، بس ظل بالي مشغول ... إلى حد ما .... بعد العرس بكم ليلة ... زارتنا أم الدكتور هيثم و أخته ... يخطبوني لولدهم ... ! طبعا بالنسبة لي كانت مفاجأة الموسم ، اللي ضحكت منها ضحك ما ضحكته من زمن ... لكن أمي أخذت الموضوع بكل جدية ... و طلبت من أخوالي يسألون عليه ! أنا أصلا حاذفة هذا الموضوع من حياتي نهائيا ... ما أدري وش بلاه الدكتور هيثم ؟ عاد ما لقى غيري ؟ و بعدين وش فيها زوجته الأولى عشان يفكر يتزوج غيرها ؟؟ بصراحة تجاهلت الموضوع ، و رجعت للعمل و لا كأن شي صاير .... اللي صدمني ، هو أن الخبر كان منتشر بالمستشفى ... و صار الكل يعرف أنه الدكتور هيثم متقدم لي ... وضع أزعجني بالمرة ... و صار التجاهل ما ينفع ... تنومت هبه مرة ثانية عشان تبدأ المرحلة الثانية من العلاج ، و في هالمرة رافقها أبوها ، الظاهر أن أمها ما قدرت تاخذ أجازة من عملها ... جينا نمر عليهم الصباح ، و شفت سلطان ... كان وجهه مستبشر خير و معنوياته مرتفعة ... لأن بنته كانت بحالة ممتازة ... كل يوم أمر على البنت .. كل يوم أشوف سلطان ... و أتكلم معه ... كل يوم .. قلبي يتعلق به ... أكثر و أكثر ... كل يوم أنا أنجن ... و أدري أني في خطأ كبير ... بس ... ما أقدر أبتعد ... رغم أن الكلام اللي كان بيننا ... ما يتعدى كلام طبيبة و والد مريضة ... بس كنت ... أحس بانتعاش بقلبي ... و أرتاح كل ما شفته و سمعته ... أما الدكتور هيثم ، عاملته بشكل عادي جدا ... و هو بعد ما حاول يخرج عن النطاق المألوف ... يوم من الأيام ، رجعت البيت و شفت أمي تنتظرني ... حاصرتني بموضوع الزواج و أنا رفضته نهائيا ... و طلبت منها تتصل عليهم و تبلغهم الرد ... و الظاهر أنها ما اقتنعت ، و بدل من كذا اتصلت على صديقتي سلمى و اقنعتها أنها تتكلم معي ... و تحاول فيني ... - فيه شيء مو بزين ؟ - لا يا سلمى مو رفضي للرجال نفسه ، إنما للزواج ذاته ... - اعتقد يا قمر إنها فرصة ممتازة ... طبيب يشتغل معك ... و ما به شي ينعاب ... رح تقضي حياتك بس ... بين العمل و ولدك بدر ؟ بكرة يكبر و يتزوج و ينشغل عنك و تصيري وحيدة ... سلمى لفتت انتباهي لشي ... ما كنت أفكر فيه من قبل ... أن بدر ... في يوم من الأيام رح يتزوج و يرتبط بانسانة غيري ... تصير عنده الأهم ... صحيح الكلام هذا تو الناس عليه ، و هو لسا بالمتوسطة ... لكن .... سمحت لنفسي أنها تاخذ فرصة قصيرة للتفكير ... يمكن يكون كلامها صحيح ... ؟ **************** ~ تتزوّجينني ؟ ~ الحلقة الخامسة عشر * * * * * * * * * * * [ تتزوجيني ؟؟ ] كنت بالمستشفى ، في الصباح ... و كالعادة مرينا أنا و الدكتور هيثم و بقية الفريق على مرضانا ... و من ضمنهم ... هبه ... الصغيرة تعودت علي و تعودت عليها ... و المرات اللي تكون فيها بصحة زينة تكون في قمة المرح و خفة الدم ... يوم جينا نطلع ... ناداني سلطان ... - دكتورة لحظة لو سمحت ِ... البقية طلعوا ... و رجعت أنا للداخل و سألته ... - خير ؟؟ بدا لي متردد ... بس اتخذ القرار ، و سألني فجأة : - صحيح ... بتتزوجين الدكتور هيثم ؟ تفاجأت ... ذهلت ... اندهشت بكل معني الكلمة ! ... كان هذا آخر سؤال أتوقعه من سلطان ... ما رديت ... فقال : - الخبر صحيح إذن ؟ - ... كيف وصلك ؟ - مو مهم ... - ليش تسأل ؟ - صحيح أو لا ؟ بس أبيك تقولين لي ؟ - ... نعم ... صحيح .... قلتها ، ما ادري كيف ، و استأذنت و طلعت بسرعة ... اللي قاهرني ... أن الخبر انتشر في المستشفى ما اعرف من أي مصدر ...و هو حتى للآن بعده ما صار .... لكن ... سلطان ... ليه سألني هذا السؤال ...؟؟؟ * * * * جيت أزور بنت أخوي بدري اليوم ، ما شاء الله صحتها متحسنة كثير ... مع ذلك ... استغربت للشروذ اللي مسيطر على أخوي سلطان ... - بإيش تفكر ؟ أكيد بالشغل ؟ - لا ... أي شغل و أي بلوي ... يكفيني اللي أنا فيه ... نبرته ما أعجبتني ، و سألته بقلق : - خير أخوي ؟ هبه ... صار عليها شي جديد لا سمح الله ؟ - لا الحمد لله ... الحمد لله تطيب كل يوم افضل ... - وش فيك أجل ؟ إذا مو هبه و لا الشركة ... وش شاغل بالك ........؟؟؟ من النظرة اللي طالعني بها ... عرفت ... أن ( قمر ) ... معنية بالموضوع ! - مو كانت الدكتورة تبي تحول هبه للدكتور هيثم ؟ سألته هذا السؤال و قصدي أجيب سيرتها بشكل ( غير مباشر ) ، و جبت الهدف ! قال : - الدكتور هيثم هذا من وين أصله ؟ ما هو من ديرتنا ... - و الله ما أدري ... - هو متزوج و عنده عيال ... - يمكن ... ما عندي أي فكرة ! - منفصل عن زوجته أو شي ؟؟ طالعته باستغراب ... - و أنا إيش دراني ؟ و بعدين وش علينا منه ؟؟؟ تنهد أخوي ، و بعدين ... قال ... ببساطة ... - يبي يتزوج قمره ..... وقفت بمكاني ... أحاول استوعب الموقف ... و عدت الجملة أتأكد من سمعي : - يبي يتزوج قمره ؟؟ قمر ؟؟؟ - نعم .... كنت مندهشة ... بس الموضوع في النهاية ... ما لنا أي دخل فيه ... قلت : - طيب ! الله يهنيه بها ! و كأني رميت شرارة على برميل بنزين ! وقف أخوي سلطان فجأة ... و وجه احمر ... و عض على أسنانه و شد على إيده ... و قال ... - أكون مجنون لو ... تركتها تضيع من إيدي مرة ثانية ... الجملة كانت ... خطيرة ... و خطيرة جدا ... بين التصديق و التكذيب قلت : - سلطان ؟ وش تقصد ؟ - ما اتركها له أبد .... - سلطان ! ! ! أنت ... وش تقول ؟؟؟ ... الظاهر يا أخوي مرض بنتك ... طير عقلك من جد ! في اللحظة ذي جت منال ... و أسرعت صوب بنتها تشيلها بحضنها بفرح و قرة عين ... ...و انقطع الموضوع عند ذي اللحظة ... بس النظرة اللي كانت بعين أخوي ، أنذرتني بشي رهيب ... الله يجيب العواقب سليمة ! * * * * بعد المغرب ، كنت جالسة بغرفتي أتصفح مجلة ودي أشغل نفسي بأي شي ... يبعدني عن التفكير بسؤال سلطان ... ، و دق علي ولدي بدر الباب ، و دخل ... - هلا بدري .... ولدي ظل واقف عند الباب متردد ... يدخل أو يطلع .... اللي خلاني استنتج أنه فيه شي ... - بدر ... تعال إيش فيك ؟؟؟ جا ولدي متردد و جلس جنبي ... و حسم أمره و قالها مباشرة : - يمه أنت ِرح تتزوجين ؟ السؤال كان مصحوب باستياء ... ولدي و أعرفه زين ... - من قال لك ؟ - أدري يمه ، حتى لو حاولتوا أنت ِو جدتي تخبوا عني ... ابتسمت ، و قلت ...( خلني أختبر ردة فعله ) ! ... - طيب بدري ... فرضا هذا صحيح ... أنت وش رايك ؟ طالعني بدر بنظرة غريبة ما عمري شفتها بعينه من قبل ... و قال ... - رايي ممكن يغير شي ؟ - أكيد حبيبي ... ! وش رايك ؟ - إذا أنت تزوجت بتروحين عني ... يعني ... لا أب و لا أم بعد ؟؟ قطع قلبي بالكلمة اللي قالها ... شديته صوبي و ضميته لصدري ... - يا بعد عمري يا وليدي ... بدر حبيبي أنا لا يمكن أروح عنك ... أنا أمك و أنا أبوك و أنا كل اللي تبي ... - إذا تزوجت ... بـ أروح أعيش بيت جدتي مع عميني ... خالي راح ... و أنت بتروحين ... و أظل وحدي بالبيت ؟ الظاهر أن الولد ... مو بس عرف ... إلا و جلس يدبر و يفكر و يصرّف أموره المستقبلية ... - آه ! قول أنك تبيني أتزوج عشان تروح تعيش عندهم !؟ قلت له بمرح ، ورد على طول : - لا ما أبيك تتزوجين .... و استدرك ، و أضاف : - إلا إذا أنت ِتبين كذا ... ابتسمت و قلت له ... - لا حبيبي ، أنا ما أبي أتزوج أصلا ... تطمنت ؟؟؟ و في نفس اليوم ، خليت أمي تتصل بهم و تعتذر .... في اليوم التالي ... الدكتور هيثم و للمرة الأولى انتهز أول فرصة مناسبة و قال لي فجأة : - دكتورة قمر ... أتمنى تعيدي النظر في موضوعنا ... ما رح أعتبره رد نهائي الحين ... ( و الله بلوة ! ناقصتنك أنا بعد ! بعدين ما انت متزوج و خالص ! وش تبي فيني ؟؟ وش شايف فيني ؟ ... على بالك أنا أقدر أشوفك !؟ عاميني العسل عن كل رجال الدنيا إذا ما تدري ! ) لما جينا نمر على هبه ... جا الدكتور هيثم يداعبها شوي ... شالها بحضنه ... ثواني و قامت تبكي ... ... و مدت إيدها صوبي فجيت و أخذتها من عنده أهدّيها ... هي كانت متعودة علي ... و سكتت بحضني ... سلطان كان يراقب ... لما جيت أبي أحطها على سريرها جا هو يبي ياخذها من عندي ... صار قدامي مباشرة ... يفصلني عنه بس هبه ... مد إيده و أخذها ... و همس لي بصوت خافت : - قمرة أبي أتكلم معك ... عطيته البنت ... و ابتعدت للورا .... أو بالأحرى ( انتفضت ) للورا ... معقولة ... ما زال نفس الإحساس اللي كنت أحس به قبل 13 سنة ... ما زال عايش بداخلي ... ؟؟؟ لحظتها الزمن رجع للورا ... عمر طويل ... كأني أشوفه مثل ما كنت أشوفه قبل 13 سنة ... معقول ... أنه ما زال لوجوده ... في الحيز حواليني ... نفس التأثير .... ؟؟؟ - يالله يا دكتورة قمر ... ودّي نراجع مع بعض الملف من أول ... كان الدكتور هيثم هو اللي تكلم ... و طلعنا من الغرفة و سلطان ... يشيعنا بنظراته .... أعدنا أنا و الدكتور هيثم مراجعة ملف هبه الطبي و سوّينا بعض التعديلات في خطة العلاج ... كنا موجودين عند مقر الممرضات ... و كان باب غرفة هبة مفتوح ... و أقدر أشوف سلطان كل شوي يطل من الباب ... بعد ما خلصنا رجعت مكتبي ... و شوي ... و رن الهاتف ... - نعم ؟ - أهلا ... قمره ... تفاجأت ... بلعت ريقي ... كان سلطان ... - أهلا ... رديت باستغراب ... ، و قال : - عسى مو بمشغولة ؟ - لا ... تفضل ؟ بغيت شي .....؟؟؟ - ممكن أجي مكتبك ؟ - خير ؟ فيه شي ؟ - أبي أكلمك بشي خاص ... تسارعت دقات قلبي ... وش يبي مني سلطان ... على الصعيد الخاص ... ؟؟؟ - في الواقع ... ما تقدر تجي مكتبي وحدك ... - بس هذا ... موضوع خاص جدا ... زادت سرعة نبضات قلبي ... و سيطر علي الفضول ... - قول ... خير ... ؟؟؟ - ما ينفع كذا .... - زين ... بأحاول أمر على هبه بعد شوي ... كنت خايفة ... و صابني توتر شديد ... وش يبي سلطان مني ؟؟؟ و اللي صار أني انشغلت ... و لا قدرت أمر عليها لين جا وقت الزيارة ... لما رحت ... كانت شوق و منال موجودين ... و مروري صار ( للتحية ) لا أكثر ... أول ما وصلت ... شفت مشهد هدني ... كان سلطان جالس مع منال على السرير جنبا لجنب .. وبين إيديهم كانت الصغيرة هبه يلاعبوها و يضحكوا بسعادة ... مشهد طبيعي ... أم وأب و طفلتهم ... إيش اللي خلاني اتأثر ...؟؟ ضحكات سلطان كانت توصل قلبي قبل إذني ... و منال مرة تمسك بإيد بنتها و مرة بإيده ... كانوا مبسوطين لدرجة أنهم ما انتبهوا لي مباشرة ... شوق كانت أول من شافني و قامت تسلم علي ... طبعا منال ما قامت من مكانها بس ردت التحية من بعيد ... أما سلطان ... الظاهر أنه نسى الموضوع اللي كان ... يبي يكلمني فيه ...... * * * * ظلت منال مع بنتها ، و طلعنا أنا و أخوي بنرد البيت مع نهاية وقت الزيارة ... كنت أبي أرجع بيتي بس أخوي أخذني معه لبيته يقول فيه موضوع يبيني فيه ... - وش رايك لو ترتاح أنت اليوم ... نام لك شوي ... و نأجل الموضوع لبكرة ؟ قلت له لما شفته يمدد ذراعه و يسترخي على الكنبة ، و شكله مجهد ... لكن رد علي: - لا يا شوق ... أبـ أدخل بالموضوع على طول ... - خير ؟ - أبي ... أتزوج قمره .... طبعا .. ما فيه داعي أشرح لكم كيف كان وقع الجملة علي ... اللي قدرت أطلع به من المفاجأة هي ضحكة طويلة ... غصبا علي ... ضحكت لين عبس وجه أخوي وقال : - شوق أنا جاد ... أبيك تعرفي رايها .... طالعت به الحين بنظرة جدية ... - سلطان ... رح نم ...! ... أنت تعبان كثير ... و محتاج أسبوع نوم ... - شوق - و ما يحتاج توصّلني ... باتصل على ياسر يجيني ... بالفعل رفعت سماعة الهاتف و اتصلت على زوجي ... أخوي ظل جالس بمكانه بنفس الوضع ... ما قال شي ... لما جيت بـ اطلع وقفت عند الباب ... و التفت له و طالعته بتأمل ... ما كان يطالع فيني ... كان شارذ التفكير ... سارح النظرات ... قلت : - مع السلامة ... - مع السلامة .... قالها ببساطة و شرود ... قلقت من ردة فعله ذي ... سألته : - سلطان إش تفكر فيه ؟ أنت مدرك وش قاعد تقول ؟ طالعني بتركيز ... و قال بمرارة ... - ودي أرتاح .... أنا ما صدقت أنها رجعت ... يجي ياخذها ببساطة ؟؟ - و أنت على بالك أنها ... ممكن تفكر فيك ؟ ممكن تقبل بك ؟ بعد كل اللي صار ... ؟؟؟ اصحا يا سلطان ! و إلا أقول ... لا ... نام ! رح نام عشان تنعش عقلك اللي انجن ... سمعت ( هرن ) سيارة ياسر ... و استأذنت و طلعت . * * * * النوم ضل طريقه لعيني هذه الليلة ... سلطان كان شاغل تفكيري ... و صورته و هو جنب منال ... و إيدها بإيده ... يضحكوا سوى ... ما فارقت عيني لحظة وحدة ... ليه ؟ هل ... للآن ... بعدني ... ؟؟؟ بغيت أواجه نفسي ... أنا ... رجعت مثل أول ... حب سلطان استيقظ بقلبي بعد نومه طويلة ... ما لازم أسمح ... لنفسي أنجرف أكثر ... لازم أوقف عند هذا الحد ... لازم أنسى أني ... إمرأة ... و إن اللي ينبض بداخلي .. هو قلب ... ... و مو مثل ... أي قلب ... من بكرة ... رح أنسحب ... و أترك علاج هبه على الدكتور هيثم ... كليا ... الدكتور هيثم ... عنده العلاج ... و عنده الحل ... و جا بكرة ... و سويت اللي ببالي ... بس ... بغيت أمر أسلم على هبه ... بالأحرى ... على أبو هبه ... مجرد سلام ... قبل الرحيل .. و تفاجأت بأن منال هي اللي كانت مرافقة بنتها ... و كرهت الحظ اللي ما خلاني أشوفه للمرة الأخيرة ... و كرهتها هي بعد أكثر ... و صورة إيدها اللي بيد سلطان ما زالت ملازمتني ... أدري أنه مالي أي حق في هذا الشعور ... زوج و زوجته ، رجل و امرأته ... أنا وش دخلني بينهم ؟؟ لكن ... غصبا علي ... اعذروني .... * * * * مر يومين ... ما شفت فيهم سلطان ... حسيت نفسي مضيعة شي ... فاقدة شي ... ناقصني شي ... يوم ثالث ، أنا جالسة بمكتبي ... جتني مكالمة من سلطان ... قال أنه ملاحظ شي بجلد هبه و يبيني أفحص عليها ... عرفت بكذا أنه جا المستشفى بدل منال ... ( كانوا يتناوبوا في مرافقة بنتهم ) و كنت أبى أقول له يبلغ الدكتور هيثم ، و اللي هو المسؤول الوحيد عنه هبة الحين ، بس خفت يحسبني من سلمت ملف البنت لغيري ما عدت مهتمة بالطفلة ... رحت لغرفة هبه ... كنت ... مشتاقة أشوفهم هم الإثنين .... لما وصلت ... شفت البنت نايمة ... سلمت و سألت : - خير ؟ - طفح خفيف بالجلد بس ودي تتأكدوا أنه مو بشي كبير ... و أشّر لي على بقعة صغيرة في ساق البنت ، ما لها أهمية ... - تطمن ... ما هو بشي ... - الحمد لله ... يوم جيت أبى أطلع قال : - وينك ما جيتي مع الفريق اليوم ؟ - ... ما جا الدكتور هيثم ؟ هو اللي مسؤول عن هبه الحين ... - و أنت ِ؟ - أنا ... أنا بامر اتطمن عليها من وقت لوقت ... - و أنا ؟ طالعت بسلطان ... فجأة ... على كلمة ( و أنا ... ) ... و أضاف : - ما تبي تطمني علي ...؟ هم شعورين بغوا يذبحوني لحظتها .... الخوف من أنه يقصد إنه هو ( سلطان ) به شي أنا ما أعرف عنه ، و يبيني اتطمن عليه ... أو أنه يقصد ... إني اسأل عنه ... عن ( العسل ) ... قلت و الكلمة واقفة بحلقي : - خير ...؟ ... فيه شي لا سمح الله ؟ - لا ، الحمد لله ... هو يقصد إذن ... إنه يبيني أسأل عنه ... ؟ ... سلطان يبيني أسأل عنه ...؟ تحركت صوب الباب و أنا أقول : - دام كذا ، و اثنينكم بخير و الحمد لله ... يالله استأذن .... عطيته ظهري و جيت باطلع بس استوقفني ... - قمره ... تجمدت مكاني ... و ببطء ... رديت التفت عليه ... بخوف ... بتردد ... وجت عيني بعينه ... و آه من عينه ... صهرت كل الجليد اللي أجبرته يلف حواليني مثل الحصن ، و غلت الماء اللي سال منه ، و بخرته ، و حرقت البخار بعد ! - ... نعم ... ؟ - ... تتزوجيني ...؟ الكلمة ... ثقبت الطبلة و اخترقتها ... دوت بالراس ... هزت القلب ... زلزلت الجسد ... كهربت الأعصاب ... ما اقدر ... أوصف لكم ... أنا كنت هناك أو لا ؟ ما أدري ... بس شفت نفسي جالسة على الكرسي قدام مكتبي ... و كل شي فيني يهتز ... من أطراف أصابعي ... إلى رموش عيوني ... إلى دموعها .... كيف وصلت ؟ متى وصلت ؟ إيش صار بعد ؟ ما أدري ! * * * * أنا بالي ما كان ما ارتاح ... من يوم قال لي أخوي أنه يبي يتزوج قمر ... انتوا تابعتوا الأحداث اللي صارت .. و عارفين كل شي .... الشي اللي ما تعرفوه ... أنه قبل السنوات اللي راحت ... و بعد الفاجعة المشؤومة ... أخوي سلطان ... ... عقب ما استقرت الأمور معه شوي ... قال أنه يبي يتزوج قمر .... اللي صار أنها سافرت مع أخوها و ولدها و غابوا كل هذه السنين ... منال في ذيك الفترة كانت تقول : ( خله يسوي اللي يبي بس يرتاح ... ) لكن الموضوع ما طلع من بيننا احنا الأربع ... أنا و سلطان ... و منال و ياسر . * * كلمني أخوي ... وقال لي شي ما قدرت أصدقه .... قال لي أنه عرض الزواج على قمر بنفسه في المستشفى ... اليوم الظهر ... ! و طلب مني مرة ثانية أني أكلمها و أشوف رأيها . تهاوشت معه ... و قلت له كم كلمة قاسية .. و ختمت بأني ما لي دخل و لا أبي أتورط في ذا الموضوع أبدا .... بعدها بليلة اتصلت منال علي و هي في حالة سيئة ... تقول لي أن سلطان قال لها أنه يبي يتزوج الدكتورة قمر ... و أنه رايح يخطبها بنفسه من أهلها .... راجعت نفسي و صار لازم على أتدخل ... سلطان بلا تفكير ...و لا عقل ... و يمكن مرض هبه هو اللي مأثر عليه ... يبي يهدم بيته ! * * * * و أنا مشغول في تجديد صبغ ( عشة الطيور ) في الحديقة ، و صاير مبهذل شوي ... جا رجال غريب يسأل عن جدي ( أبو ثامر ) الرجال كان متهندم و كاشخ ... و شكله شخصية مهمة ! أول ما شافني الرجّال صار يطالع فيني بنظرة تفحّص ! و فاجأني لما قال : ( أنت بدر بسام ؟ ) و رد يدقق فيني لدرجة أني حسّيت بشوية خجل ... خصوصا بحالتي ذي ، و صار هو يعتذر عن الجيّة دون موعد ... و دخلته المجلس و ناديت جدّي .... المقابلة كانت مصحوبة بنظرات الدهشة الكبيرة من جدي ... و الارتباك من الرجال الغريب ... بس الظاهر أنهم معارف قدامى و ما التقوا من زمن ...! خليتهم و رحت أستحم و أبدّل ملابسي ... ما طوّلت ... كلها نص ساعة و لما رجعت المجلس شفته فاضي ! رحت أدور على جدي و أنا مستغرب وين راح الضيف ؟ سمعت صوت جدّي جاي من جهة المطبخ .... كان يكلم جدّتي ... و رحت أبي أعرف إيش السالفة ؟ قبل ما أوصل أو أحد ينتبه لي ... سمعت جملة قالها جدي و وقفت بمكاني .... ( جاي يخطب قمر ) تراجعت ... انسحبت من المكان ... ما عجبني اللي سمعته ... أمي قالت لي أنها ما رح تتزوج ... ليه ردوا جوا يخطبوها ...؟؟؟ * * * * - و الله ما أدري وش أقول لك يا بو نواف ... أنت أمورك كلها ملخبطة و مالي شغل فيها . هذا هو ردّي على سلطان لمّا قال لي أنه طلب يد الدكتورة قمر ... سلطان أعرفه من سنين ... عمري كله عشته معه ... و ولو حاولت أقنع فيه لين أموت ما رح يغير رايه ... أنا قلت لشوق أخوك بدأ يفقد عقله ... و تصرفاته لا في البيت و لا في الشركة - قبل ما يهجرها أواخر الأيام- ... كانت طبيعية . - ياسر ... تتوقع تقبل ؟ سالني ببساطة ... يمكن يستهين بي ؟ قلت له : - وين تلقى عريس أفضل منك ؟ متزوج و عنده ولد و بنت ... و ثروة ... كان موجود قدامها و كانت موجودة قدامه من سنين ... تو الناس ؟ - أعرفك تستهزىء يا ياسر ... بس لو داخلك اللي داخلي كان سويت مثلي .... - توّك تكتشف اللي داخلك ... وينه من سين ؟ ؟ تجاهلني ... و طلع السبحة الفضية من جيبه ... و قال ، يكلم روحه بصوت عالي : - لازم تكتمل ... و يلتم الشمل .... سألته : - سلطان .... أنت ... تحبها ... و إلا حاس بواجب تجاهها لازم تأديه ؟؟ سألت نفسك هذا السؤال ؟ رغم أني كنت أعرف ... أنه يحبها من سنين ... و بعدني أذكر كيف كان شكله ... لما عرف أنها انخطبت أول مرة ... في ذاك الزمن .... يوم جت تبلغه بنفسها ، و هو ( صرفها )... شيئين تمنيتهم لسلطان ... و يا ما دعيت الله أنه يحققهم له ... يشفي له بنته ... و يشفي له قلبه ... و نشوف ... أي من الأمنيتين ... يكتب لها الله أنها تتحقق ؟؟؟ * * * * أنا ما استعدت أفكاري المتشتتة ... و لا لملمت مشاعري المضطربة المتبعثرة في كل صوب ... ... من يوم ما سلطان قال لي : ( تتزوجيني ... ؟ ) إلى الآن ... أعيش بحالة شبه وعي ... شبه إدراك ... كأنه حلم ... حلم أخاف أصحا منه بأي لحظة .... معقول ... سلطان بعد كل ذا العمر ...معقول أنه ... يفكر يتزوجني ؟؟ معقول ... الشي اللي ياما و ياما و يا بعد ياما حلمت به و أنا بنت صغيرة بالجامعة ... الحين ... جت الفرصة أنه يتحقق بعد 15 من عرفت سلطان .... ؟ يومين ، الخميس و الجمعة ، ما شفته ... و كنت أنتظر يوم السبت بفارغ الصبر ... أبي بس أتأكد ... صحيح اللي قاله و سمعته ؟ و إلا من زود حلمي بها الشي تخيلته ؟ صحيح أن اللي بذيك الغرفة ... هو سلطان ...؟؟ و إلا من زود تمني أني أشوفه توهمته ؟ ليلة السبت ، كلمتني أمّي ... و قالت لي أن سلطان جا خطبني من أبوي البارحة ! و أمي تكلمني ... و أنا عيني معلقة بعينها ... أبي أقرأ كل ردود فعلها ... أبي أتأكد ... أنا أحلم و إلا صحيح ...؟؟؟ الماضي ما جابت له سيرة أبدا ... عرضت الموضوع بنفس الطريقة اللي عرضت بها موضوع الدكتور هيثم ... كأننا نعرف سلطان تونا ... بغيت أعرف رأيها ... و رأي أبوي ... أذكر كلمتها بالحرف الواحد ، قالت : - إحنا نبي لك السعادة و الستر ... الله يوفقك . الانطباع ... اللي تركته بنفسي أنها ... وأبوي ما عندهم أي اعتراض ... أنا ... شوي و أطير ... أنا طايرة أصلا من زمان ... بس ... أشوفك بكرة يا سلطان ... و أتيقن أنه مو حلم ... هذه الحقيقة ... أنا قمر ... بعد 15 سنة من عذاب الحب و الحرمان ... بـ أحظى أخيرا ... بسلطان ... زوج لي ... سلطان ... لي ... حبيبي ... لي ... اللــــه .... و لا غمضت لي عين ... و جا الصباح ، و طرت للمستشفى ، ما أشوف شي قدامي ... ما أعرف أحد قدامي ... أبي المسافة تقصر بسرعة ... الأرض تنطوي ... و الزمن يمر ... و أجي لغرفة هبة ... و أشوف سلطان ... ينتظرني ... أشوف عينه اللي انحرمت من شوفتها سنين ... و اسمعه و هو يقول لي ... قمره ... غصبا علي ... الدموع أمطرت من عيني و جلست أبكي بعمق ... و أنا بالمكتب ، قبل ما أطلع أشوف هبه ... لا يا فمر مو وقته ... ! شيلي الدموع و حطّي مكانها أوسع ابتسامة ... أكبر بهجة ... أعمق فرحة ... مو هذا الحلم اللي يا طول ما انتظرتيه ؟؟؟ يالله ... سلطان ينتظر ....... حلمك ينتظر ... ورا هذا الباب ... ... الباب يقترب ... كان مسكّر ، مسكت المقبض و أنا أرتجف و أنفاسي تدخل و تطلع من فمي بدون نظام ... و حلقي جاف و ما لي ريق أبلعه ... و رجلي تترنح بي من الربكة ... دقيت على خفيف... و فتحت الباب ... لو أني شايفة شبح ... جني ... وحش ... أي شي ... كان أهون علي ... و لا أني أشوف منال جالسة مع بنتها ... و سلطان مو موجود . كل أبواب البهجة اللي كانت مفتوحة لي تقفلت فجأة بوجهي ... و ظل باب الغرفة هو اللي مفتوح .... حتى لساني ما قدر ينطق .... طالعت فيها و كأني أطالع ... في شبح مرعب ... شي يخوفني و أكرهه ... شي أبيه يختفي من عالم الوجود ... أما النظرات اللي هي طالعتني بها ... فأخلي عليكم أنتم ... تصورها .... - خير ؟ بغيتِ شي ...؟؟ كانت هذه هي جملتها ، و اللي قالتها بحدة و بأسلوب تهديد ... و اللي عنت منها : ( يا متطفلة اطلعي برى أحسن لك ... ) - بـ ... بغيت ... اتطمن على البنت ... - ما بها شي ، شافها الدكتور هيثم . تراجعت خطوة للورا ... بعدها خطوة ثانية ... لازم أنسحب في الحال ... يا رجلي شيليني أرجوك ... يا ليتني طحت بحفرة و تكسرت قبل أوصل لهذا الباب ... ما عرفت أقول أي شي ... مسكت الباب ... و جيت أصكه ببطء ... مو لأني أبي أطيل التفرج على الشبح المخيف ... و التأمل بنظراته المهددة ... لكن ... قوتي اللي انهارت لحظة ما شفتها ، ما سمحت لي بسرعة أكثر من كذا ... - لحظة يا ... دكتورة قمر .... الحين ... وصلت لنقطة الهلاك .... وقفت بنص الطريق ... نصفي داخل الغرفة و نصفي برى ... انتظر نزول الكلمات السامة على قلبي ... منال تقربت مني عشان تتأكد أن كلامها يوصلني و ما يتبعثر يمين و شمال ... كانت النظرات اللي بعينها كلها تهديد و توعد ... - ابعدي عن زوجي ... اللي فينا كافينا ... هذه هي الصفعة اللي وجهتها لقلبي الحالم ، قبل ما تصفع الباب بوجهي و هي تدفني برى الغرفة ... و برى حياتهم ... و برى قلب سلطان ... و برى الدنيا كلها .... * * * * لما طلعت أمي الصباح ... كانت مبسوطة و مبتهجة كثير ... ! الحين لما ردت العصر ... ضايقة الصدر ... و كأن هموم الدنيا كلها على راسها ... حاولت أعرف منها شي ، بس خلتني و راحت غرفتها . رحت لجدتي ، وقلت لها فجأة : - الرجال اللي زارنا هو الدكتور اللي خطب أمي من قبل أسبوعين ؟ طبعا جدتي استغربت ، واصلت : - بس أنتِ مو اتصلتِ عليهم و قلتِ أنها مو موافقة ؟ ليه رد جا ؟ - بدر ! أولا ذا واحد غيره و ثانيا لا تدخل نفسك بذي الأمور ... قلت معترض : - أمي قالت لي أنها ما رح تتزوج ... و أكيد رح ترفضه مثل الأول ... - بس هي موافقة ... تفاجات ... - أمي موافقة ؟ - نعم ، ما قالت بالصريح ، بس أكيد موافقة .... ********************* |
#3
|
||||
|
||||
رد: فجعت قلبي
*********************
~ القمر يقولك : الوداع ~ الحلقة السادسة عشر * * * * * * * * * * * قالت لي جدتي أن أمي قابلة تتزوج العريس الجديد اللي خطبها قبل يومين ... أنا الموضوع ذا شغل بالي ... و بغيت أسأل أمي و أتأكد منها بس لأنها توها رادة من العمل و شكلها متضايقة ... قلت أسألها بعدين . خالي جانا ذاك اليوم ... و صاروا ثلاثتهم ، جدي و جدتي و خالي ثامر ... يتناقشوا ( بموضوع سري ) بالمجلس و أنا مبعديني عنهم ... أدري أنهم يتكلموا عن العريس الجديد ... كان ودي أجلس معهم ... هذه أمي أنا أو أمهم هم ؟؟؟ و بعدين من الأهم عندها ... أنا أو هم ؟؟ من التعابير اللي كانت على وجيههم ، بين لي رضاهم ... أو كذا تخيلت ... انا انقهرت ... لما شفتهم مطلعيني برى الموضوع و هامليني ... و طلعت من البيت غضبان و رحت بيت جدتي أم أبوي .... كان واضح علي الضيق ، سألوني كلهم عن السبب ، و ما ترددت كثير لين قلت لهم أنه في رجال اسمه بو نوّاف جا خطب أمي و الظاهر انها هي و البقية موافقين عليه . ماجد و رائد بس سمعوا اسم بو نوّاف تفاجأوا ، و صاروا يسألوني و يحققون معي ، و أنا أسلأهم و أحقق معهم ... لين عرفت أشياء خطيرة ... صدمتني و طيّرت لي مخي .... ما أدري وش اللي صار عند أمي لين رديت البيت و أنا مقهور أكثر و أكثر ... من اللي عرفته .... * * * * تعبانة و مو قادرة حتى أرفع راسي ... الدنيا كلها تدور من حولي ... أسمع صوت طرق على الباب بس ما ودي أقوم أفتحه ، و لا فيني قوة عشان أقوم ... الساعة يمكن كانت تسع بالليل ... من رديت من العمل و أنا على فراشي ... أبكي ... بحرقة وألم ... بحسرة و ندم ... بكاء اليائسين من الدنيا ... جفوني تورمت و ما عدت قادرة أفتحها .... طرق الباب زاد ... أرغمني علي فتح عيني شوي ... كأني إذا فتحتها باشوف من عند الباب ... و إيش يبي ... - قمر لسه نايمة ؟ كان صوت الوالدة .... لو كانت أي أحد ثاني تجاهلته ... بس رديت على أمي ... - خير يمه ؟ - ودي أتكلم معك ! جبرت نفسي أقوم ... و فتحت الباب و أنا أواري نظراتي بعيد عنها ... بس ما أسرع ما انتبهت لها ... و كان اول ما قالت : -... خير ؟ ... كنت تبكين ؟ جيت و جلست على السرير ... و أنا منتهية ... شبه كائن حي به روح .... ما كنت أبي أمي تسألني أي شي أو تقول أي كلمة .... بس هي ... جابتها مباشرة ... - موضوع بو نوّاف ؟ رفعت نظري لها ... جت عيني بعينها لأول مرة من فتحت الباب ... و سالت دمعتي المحبوسة ... يا ترى كم بقى بعد غيرها ؟ ما خلّصت ها الدموع ؟ أمي جت جلست جنبي .. و مسكت إيدي ... و ظلت ساكتة ... قلت ... بعد تنهيدة قوية ... - ما أبيه ... لساني ... غصبا عليه طلع الكلمة ... ما أعرف من فين جاب القوة اللي بها نطق بالكلمة ... كأنها سم ... كأنها خنجر ... كأنها الموت ... هي الموت ... هي الموت ... أنا ما أبي سلطان ؟ أنا ... أنا كل ذرة من جسمي تتمناه و تبيه ... و لو تفحصون أي خلية مني تلقون العسل داخل النواه ... أنا روحي و جسمين مليانين من سلطان حد التشبع ... حد الفيضان .... حد الطوفان ... أقول ( ما أبيه ) ؟؟ - خير يا قمر ... إن شاء الله خير ... أي شي تبينه يصير ... المهم راحتك ... حطيت راسي على كتف أمي ... و بكيت ... ودي أرتاح ... خلوني أرتاح ... منال دفتني برى الغرفة ... كأني أشوفها مثل أول مرة شفتها فيها قبل 13 سنة ... يوم كانت عند الباب ... منال حطمتني مثل ما حطمتني قبل 13 سنة ... هالمرة سلطان يبي يتزوجني ... و أنا أرفضه ... أنا سلطان يجي لعندي ... و أرفضه ؟؟ معقول ؟؟؟ إنتوا تصدقوا ؟؟ بعد كل هالحب و الشوق ... و سنين العذاب و الفراق ... و الأحلام ... و الحسرة ... يجيني لعندي و أرفضه ؟ يا ليتني مت مع بسام ذك اليوم ... يا ليتني أموت هذه اللحظة ، و لا أعيش أتمناه و أرفضه ... أبيه و لا أقدر آخذه ... أحبه و لا أرضى أتزوجه ... إش بيصير فيني بكرة ...؟؟ لسه باقي لي بكرة ؟ خلاص ... أبي أنتهي ... ما أبي أعيش لحظة وحدة زود ، و أذكر فيها أن حبيبي كان جاي لحد عند قلبي ... و أنا اللي طردته .... أنا ما ظليت عايشة بهاالدنيا إلا لأن بدر اضطرني إني أعيش ... أنا روحي طلعت ... يوم شفت سلطان يغرق بالبحر ذاك اليوم ... و ردت لي ... يوم رجع ظهر بحياتي ... يمه أنا أبيه ! تفهمي دموعي ؟ تشوفي الحقيقة الصارخة من نظراتي ؟ آه يا يمه ... ما اقدر ابتعد ... و لا أقدر أقترب ... يمه أنا انتهيت ... انتهيت ... انتهيت ... بعد شوي ، يوم جت أمي تبي تطلع من الغرفة ... وصل ولدي بدر ... أنا كنت تايهة و شارذة بعيد .... وصلني صوته و هو يكلمني : - يمه ، صحيح أنك تبين تتزوجين بو نواف ؟؟ كأن الجملة خلتني أصحصح فجأة بعد سبات عميق ... طالعت أمي ببدر و قالت له بصوت حاد : - بدر و بعدين معك ؟ مو قلت لك لا تتدخل ؟ يالله رح غرفتك ... الولد كاني طالع فيني بنظرة قوية ... كلها غضب ... كلها استنكار ... كلها لوم ... - يمه بو نواف هو نفسه سلطان ؟ ارتجفت ... كأنها حقيقة توني أكتشفها ! بو نواف هو سلطان أكيد ! هو العسل ... ودي أوصف لكم ملامح وجه ولدي بس ... خاينني التعبير .... - بدر ؟؟؟ صرخت عليه أمي ، بس الولد و لا انتبه لها ... و ظل يحدق فيني أنا ... - عمي قال لي على كل شي ... هذا هو سلطان اللي تركت ِأبوي يغرق عشان تنقذينه ؟ الحين تبين تتزوجينه ؟ أصير أنا يتيم و أنت تتزوجينه ؟ - ... بدر ! ! ! كانت الكلمة الوحيدة اللي قدرت أنطق بها هذه اللحظة .... بعدها انهرت في بكاء قوي ... طلعت فيها كل الآهات المكتومة بصدري ... ألف آه و آه ... تلف العالم ... و تزلزل الكون ... و تدوي السماء ... منال ... أنا أكرهك ... أكرهك .... أكرهك .... * * * * أنا وقفة وسط قارب بقلب البحر .... سلطان واقف معي ... تفصلني عنه خطوات ... الأمواج ترتفع و تنخفض بقوة ... بسام جا مع الأمواج ... بسام يصرخ : ( قمر انزلي ... ) القارب يتأرجح ... الماء يتسرب داخل القارب من كل مكان .... القارب يغرق ... يغرق ... يغرق ... سلطان واقف بمكانه ... أنا أمد يدي أنادي : ( سلطان تعال معي ... ) موجة كبيرة ... كبيرة ... كبر الدنيا .... ابتلعتنا بالقارب .... في قلب البحر ... وسط التيارات المتضاربة ... أشوف سلطان يغرق ... يحاول يتشبث ببقايا القارب ... و يغرق ... يغرق ... يغرق ... صرخت ... لا ... لا ... لا ... كأني مسكته ؟ أحس شي بيدي ... هذه أكيد يد سلطان ... أحس بذراع تحيطني ... معقولة ذي ذراع سلطان ... ؟ كأنه فيه حضن ضمني ... هذا حضن سلطان ... ؟؟ سلطان أنت حي ؟؟ سلطان حبيبي لا تموت ... لا تموت سلطان أرجوك لا يا سلطان لا ... لا ... ما عاد أذكر شي ... * * * * أنا ما كنت نايم .. ما جاني النوم بعد موضوع بو نواف هذا ... ظليت أفكر و أفكر ... كان ودي أتكلم مع أمي بس جدتي ( طردتني ) من غرفة الوالدة لما شافتها منهارة ... أمي كانت منهارة ... أنا مو متطمن ... ظليت أفكر و أقلب الحقائق اللي عرفتها براسي طول الليل ... لين فجأة سمعت صرخة ( لا ) هذه أمي ! أنا كنت أول واحد يوصل لأن غرفتي هي اقرب غرفة لغرفة الوالدة بعدها جت جدتي ... و بعدها جدي ... كانت أمي تصرخ و ترتجف في حالة من الذعر الشديد ، اللي يصيبها من وقت لوقت بنص الليل ... و كانت تردد : ( سلطان لا تموت ) ، و العرق يتصبب منها مثل الشلال ... و بإيدها ماسكة ثلاث فصوص فضية تشد عليها بقوة ... الفصوص نفسها اللي تذكرون ! جيت و حضنتها و انا احاول أصحيها من الكابوس ... و صارت تمسكني بالقوة و تشد علي و هي تصرخ دون وعي : - ( سلطان لا تموت ) ! لما جا جدي و جدتي و شافوها كذا بغوا يموتوا من الخوف ... و حتى بعد ما هدأت نسبيا ، أصروا يودوها المستشفى لأنها كانت بحالة مخيفة ... طبعا أنا خفت عليها ... بس قلت ... أكيد مثل المرة اللي طافت ، زي ما يقول خالي : نوبة و تعدي ... بس هالمرة طوّلت معها كثير ... الطبيب قال أن ضغطها كان مرتفع و أعطاها أدوية و مهدئات خلتها تنام لين الصبح و أنا و جديني ظلينا معها بالمستشفى ... * * * * فتحت عيني ... و طالعت من حولي ... و اكشفت أني مو بغرفتي ... أنا بمستشفى ... حاولت أرفع راسي لكن صداع شديد منعني ... إش صار لي ... ؟ تذكرت ... كان كابوس ... بدأت الأمور تتضح لي أكثر ... وصلني صوت ولدي بدر : - يمه أنت بخير ؟ توني الحين انتبه الى أنه مع أمي و أبوي موجودين ... تذكرت الكلام اللي قاله لي البارح بالليل ... آه ... زاد الألم ... بكل جسمي ... براسي ... بقلبي ... بروحي ... بكل مكان ... - نادي الطبيب ... كانت أول كلمة نطقت بها و راح ولدي بسرعة و جا مع الطبيب ... طلبت منه يعطيني مسكن قوي .. لأني مو بقادرة حتى أفتح عيني ... بعدها بمدة تحسنت و قلت : - يالله نرد البيت ... أخذت أجازة اليوم ... و انعزلت بغرفتي ... و طلبت منهم أنهم ما يزعجوني ... ما كنت أبي أتكلم مع أي أحد عن أي شي ... أنا ... أو بالأحرى اللي باقي مني ... منهار و أي نسمة هوا تبعثره ... أنا ... لازم أمحي اسم سلطان من قاموس حياتي ... للأبد ... و لازم اتخلص من هذه الكوابيس نهائيا ... كان جنوني إني رديت تعلقت به و فتحت جروح الماضي ... ليت الذكرى ما جابت لي يا سلطان ... أنا ردّيت للصفر ... و يبي لي سنين و سنين لين تبرى جروحي .... لا ظلّت فيني روح ... بعدك يا عسل ... سلطان ... لازم أودعك للأبد .... * * * * * * * سلطان يا حلما يداعب جفني حال منامي سلطان يا أملا يخاطب قلبي حال قيامي سلطان يا ذكرى ... و يا جرحا ... عميقا دامي ... سلطان يا نارا ... و بركانا ... سعيرا حامي ... أنت يا سحر القلوب ِ أنت يا شمس الغروب ِ أنت يا أجلى عيوبي أنت يا أدهى ذنوبي نفسي يا خطـــاءة توبي عن هوى سلطان ... توبي .... أنت يا عشقا تمادى في الوجود ... راح ينمو بلا حدود ... عابرا كل السدود ... كاسرا طوق القيود ... أنت يا حرفا تطفـّـل بين كل الكلمات ... غيـّـر المعنى ... و بات ... بين جفني ّ... فمات ... أنت يا سيلا تمرّد ... رغم أنف الطرقات ... شقّ نهر العشق قهرا ... بين دجلة و الفرات ... يا نعيم الأمسيات ... يا جحيم الذكريات ... هل تبقى من جبال العشق صخرة ؟ هل تبقى من بحور الحب قطرة ؟ هل تبقى من سحاب التيم مطرة ؟ هل تبقى لي مكان بين حشد الفاتنات ؟ جرعة من مر حبك ... اسقني قبل الممات ... هل تبقى لي نصيب ٌ... بعد توزيع الهبات ... ؟ ما تبقى من عطايا الحب يكفيني ... فهات .... * * * * * * * نصيبي من اللوم و التوبيخ كان وافر ... من جدتي و جدي ... و بعد من خالي لما عرف باللي صار ... كلهم صاروا يتهموني بأنني السبب اللي خلى أمي تنهار ... لكن أنا أبي أعرف ... وش قصة سلطان هذا ؟ و ليه أمي صار لها اللي صار بسسبه ؟ و إش سالفة الفصوص الفضية ذيك ؟ حاولت أكلمها بس جدتي منعتني أقرب من غرفتها هذا اليوم ... و حذرتني مئة مرة من أني أفتح سيرة الموضوع قدامها مرة ثانية .... و ما كان قدّامي إلا أني أروح لأعمامي و اسألهم عن القصة الكاملة ... قصة الحادث قالوها لي مثل ما شافوها قبل 12 سنة ... أبوي اللي مات قبل ما يعرفني و لا أعرفه ... و الوحيد اللي مات ذاك اليوم ... كان ينادي أمي عشان تساعده و هي خلته و راحت تنقذ سلطان ... ! عميني ماجد و رائد ... صاروا يكرهوا سلطان و حتى أمي من ذاك الحادث ... عمي ماجد يقول : ( لو كنت أنا من بطن أمي أشوف اللي صار وقتها ... كنت كرهته أنا بعد و ما سمحت لأمي أنها تتزوج منه أبدا ... ) الأفكار ذي كبرت براسي ... و خلتني أعترض أكثر و أكثر على زواج أمي منه ... و اتخذ منها و منه موقف معادي ... بالليل ، و أنا جالس بغرفتي وصلني صوت أمي تناديني ... و بسرعة طرت لغرفتها ... كان شكلها يقلق ، أعصابها مشدودة و حركتها متوترة ، و وجهها متوهج و أحمر .... و كانت الغرفة مبهدلة ! يوم وصلت سألتني بعصبية : - بدر شفت الفصوص ؟ - أي فصوص ؟ - اللي شلتها ذيك المرة ، الفصوص الفضية ، أنت أخذتها ؟ - لا ! طالعت فيني بغضب ، و قالت بحدة : - بدر إذا ماخذنها طلعها بسرعة ... الحين ... قلت بدفاع : - لا ما شلتها يمه ! لو أخذتها كان قلت . صرخت بعصبية أكبر : - وين راحت يعني ؟ طارت ؟ و رجعت لعند السرير ، و شالت البطانية و الشراشف و الفراش ... قلبت الدنيا فوق تحت مثل المجنونة ... و هي تصرخ : - وين راحوا بعصبية ... كنت أنا أراقبها بذهول ... - وينكم ... طلعوا بسرعة ... أنا خفت من شكل أمي و تصرفها الغريب ... و لما قلت : - يمه يمكن ... ما لحقت كملت جملتي ، قاطعتني بحدة و بصراخ و عصبية : - اسكت ! رد غرفتك ... تراجعت للوراء .... أمي ما أدري وش صابها .... خوفتني حالتها ذي ، و هي تقلب في اغراض الغرفة فوق تحت تدور على الفصوص ... أنا ما طلعت ، أذكر أنها كانت بيدها البارحة ، بس ما أدري وين تركتهم ؟ قلت : - بادوّر معك ... و خطيت صوبها شوي شوي و بتردد ، خايف تصرخ علي ! دورت معها ، و لقيت الفصوص على طاولة بالغرفة ... - هذه هي يمه ! لفّت أمي صوبي و جتني بسرعة ، و أخذتهم مني و شدت عليهم بإيدها مثل البارح ... كأنها خايفة يضيعوا منها مرة ثانية ... راحت على السرير و استلقت و غمضت عينها و شفت الدموع تهل منها ... - يمه ...؟ ناديتها بقلق ، بس هي ردت علي : - رد غرفتك يا بدر ... وقفت ثواني أطالع بها بقلق ، أمي صار لها شي ؟؟ لها الدرجة هالفصوص عندها غاليين ؟ إش سالفتهم ؟ ودي أعرف ... طلعت و صكيت الباب ، و لأني ما أبي أسبب لها أي قلق و ازعاج ، ما تعمدت أسألها عنهم بعد كذا . * * * * مر يوم الأجازة ... و ما أحد تجرأ و تكلم معي في أي موضوع ... و هذا اللي كنت أنا أبيه ... يوم ضيعت فصوص مسبحة سلطان الفضية ، بغت روحي تضيع معهم ... هذه آخر ما بقى لي منك يا العسل ... و إذا ظلوا معي ... ما بتطلع من بالي ... لازم أتخلص منهم ! لازم أتخلص من كل ذكراك ، و أي شي يذكرني بك ، و أي شي له علاقة بك ... و للأبد ... اليوم بارجع للعمل ... و أبدأ صفحة جديدة ... و انسى نهائيا وجود مخلوق اسمه سلطان على وجه الأرض ... بنت سلطان ... لا عاد أسأل عنها و لا أهتم لها و لا تجيني على بال بعد الآن . اتصل علي سلطان قبل نهاية الدوام ... عرفت أنه موجود مع بنته ... أكيد كان يبي يعرف ردي على طلب الزواج ... انهيت المكالمة في ثواني بكلمة : ( أنا مشغولة ) كلمة غصبت لساني أنه يقولها قهر ... و كانت هذه هذه بداية النجاح ... مر اليوم بسلام ... تجاهلت كل الناس حتى ولدي بدر ... ما تكلمت معه هذا اليوم ... في اليوم الثاني تجرأ بدر أخيرا و سألني : - يمه أنت رح تتزوجين بو نواف ؟ و للمرة الثانية بحياتي - عقب البارحة - صرخت بعنف بوجه ولدي و قلت له : - إياك تتجرأ و تتكلم في ذا الموضوع مرة ثانية .. فاهم ؟ ولدي من علامات الذهول اللي طلعت على وجهه عرفت أنه مصدوم ... و قال يتأتىء : - يمه أنا ... قاطعته ، و بنفس العنف قلت له : - بدر ... ارجع غرفتك الحين . الولد فجأة انفجر : - زين يمه أنا باطلع من غرفتك الحين لكن لو تتزوجينه ما عاد تشوفيني مرة ثانية . قالها بسرعة و طلع بسرعة ... و بنفس السرعة ... قفزت دموعي من عيوني ... خلاص ... ما عاد أفكر فيه ... إش تبون أكثر ... خلوني أرتاح ... في الليل ... جتني أمي الغرفة ... و قالت : - بو نواف اتصل يسأل ... الدنيا كلها انتفضت قدامي ... و بهلع و بصوت شبه معدوم قلت : - وش قلتوا له ؟ أمي كأنها ترددت شوي ، لكن نظراتي حاصرتها ... و قالت مستسلمة : - ما فيه نصيب ... ما قدرت ... و الله ما قدرت ... ما حسيت الا و بنفسي مرتمية على أمي و اتأوه ... آه .. - يمه ... آه ... أي كلمة بتنقال .. ما كانت بتعطي أي مقدار من المواساه ... اللي خلانا ساكتين ... و مستسلمين لبقاياالدموع ... و الآهات ... [ القمر يقول لك : الوداع ] جملة مكتوبة على قصاصة الورق اللي مع الفص الـ واحد و ثلاثين ... اللي بعثته لسلطان ... في الصباح ... بعدها بدقايق ... رن التهاتف .. و استنتجت أنه سلطان ... تجاهلته ... مرة و مرتين و خمس ... ما كنت أبي أسمع صوته و لا تعليقه ... سكت التلفون أخيرا ... و ظل ساكت فترة تؤكد أنه قطع الرجاء ... تنهدت بقوة ... باسترخاء ... انقطع الأمل ... و ارتحنا اخيرا ... سلطان ... ما عاد أعرفك بعد اليوم ... انتبهت من أفكاري على طرق على باب الغرفة ... قبل ما أجاوب ... كان هو واقف قدامي ... بشحمه و لحمه ... مو بس في الخيال ! انتفضت ... ما قدرت اوقف ... دققت فيه كأني أبي اتأكد ... حقيقة و إلا خيال ؟؟؟ أنا كثير ... كثير اللي اتخيل العسل قدامي ... و لا أدري ... هالمرة حقيقة و الا وهم ؟؟ - صباح الخير ... قمره ... دخت ... تبعثرت ... تشتتت ... اعتقد أن الكلمة اللي المفروض يرودن بها ( صباح النور ) ... بس كأني سمعت لساني يقول : - و عليكم السلام ! ما ادري ... مو متأكدة ... ! - كيف أحوالك ؟ أحوالي ؟ تسأل عن أحوالي يا سلطان ؟يعني ما تشوف ؟ ليش بعد تسأل ؟؟ - الحمد لله - مشغولة ؟ أو ممكن آخذ كم دقيقة من وقتك ؟ بلعت ريقي ... حبالي الصوتية جفت وانقطعت و ما عادت تقدر ترد ... صوتي مبحوح ... مرت ثواني ما قلت فيها أي شي ... - دقايق بس ... رجاءا ؟ أكد علي مرة ثانية ... قلت أخيرا : - خير ؟ اقترب سلطان ... و مع كل خطوة يمشيها تزيد نبضات قلبي عشر ... و ترتفع حرارتي درجة ... و تتسارع انفاسي أكثر و أكثر ... لين جلس على الكرسي اللي قدام طاولة المكتب مباشرة ... إش فيني تبهذلت ؟ سلطان أنت شـ تسوي فيني ؟ سلطان أنت ساحرني ؟؟ سحبت ايدي من فوق الطاولة و خبيتها تحت الدرج ... ما كنت أبيه يشوف الرعشة الفاضحة اللي كانت مسيطره عليها ... - خير ؟ قلتها أبي أتظاهر بالقوة ، لكنها طلعت ضعيفة مبحوحة و متلعثمة ... كأنها أنة واحد يحتضر ... - قمره ... ممكن ... أعرف ليه ... ؟ كأن الباب تحرك شوي ؟ معقولة أنفاسي وصلته و حركته ؟ أكيد أتخيل ؟ فقدت الذاكرة لحظتها ... دورت بقاموس الكلمات اللي تعلمتها من طفولتي لليوم ... ما حصلت شي ... إش صار فيني ؟؟ - فيه سبب ؟ و أخيرا طلعت كلمة – أي كلمة – على لساني و قلت : - نصيب ... توتر ... رغم الحالة اللي كنت أنا فيها لاحظت هالتوتر ... قال بسؤال أقرب للجواب : - نصيب غيري ... ؟ جت عيني بعينه ... و بعدتها بسرعة ... و نزلت راسي صوب الأرض ... ابي أخبيها تحت سابع أرض ... مو عارفة إش أسوي ... - قمره .... ناداني ... و ليته يدري أي تأثير تتركه هالكلمة بجسمي ؟ كأنها مخدر ! رفعت عيني من تحت سابع أرض مرة ثانية لعينه ... و أنا أحس إني شوي ... و أنام من تأثير المخدر ... لو يفتحو راسي ذي اللحظة ما حسيت ! كأنه كان يبي يقول شي ... بس ... تراجع ... و وقف فجأة ... و قال : - ... يصير خير ... و طلع ... و هو يبتعد و أنا عيوني تبتعد معاه ... كأنه سرقها و راح ... طلعت إيدي من تحت الدرج ... كانت زرقاء ... باردة ... حطيتها على وجهي .. تبرد النار اللي شعللها ... سلطان راح ... سلطان انتهى ... سلطان جاني لحد عندي ... و أنا اللي رفضته ... سلطان ... أنا أتمناك ... أنا بعدني أحبك ... سلطان ... رجـّـع عيوني ... سلطان ... لا تروح ! * * * * من طريقة كلامه عرفت أن فيه شيء مضايقه ... و لا استغربت لما قال لي : - قمره ردتني ... بصراحة ... أنا كنت متوقعة كذا و كنت أتمناه ... حمدت ربي في داخلي ، بس رثيت لحال أخوي و هو ضايق الصدر ... بغيت أقول له أي كلمة مواساة ... قلت : - نصيب ! و كأني قلت شي محظور أو كلمة سب أو شتم ! لأن أخوي بس سمعها ثار علي و صرخ : - نصيب ؟ أي نصيب ؟؟ الدكتور هيثم ؟ هذا نصيبها ؟ هي نصيبه ؟ و الله ما يستاهلها ... - سلطان ! - و لا حتى بسام ... ما كان يستاهلها ... طالعت بأخوي و أنا مصعوقة بكلامه .. أكيد جن !؟ اللي أكد لي كذا الكلام اللي قاله لي تكمله : - شوق ... شوق أبيك تكلميها ... - نعم أخوي ؟؟؟ كأني سمعت غلط ؟ - سمعت زين يا شوق ... اعرفي منها ليه ردتني ؟ عشان الدكتور سبقني و الا إيش السبب . هي ناوية تتزوجه و إلا إش الموضوع ؟ هالامرة انا اللي ثرت بوجه سلطان و قلت : - لا أبدا .. و لا أسألها و لا لي دخل أصلا بالموضع ... سلطان طلعني نهائيا برى جنونك هذا كأني كنت قاسة بزيادة ؟ لأنه أخوي شكله زعل ... و طالعني بنظره خيبة أمل ... و من غير ما يقول أي شي عطاني ظهره و طلع ... و النهاية مع ها القصة ؟؟ ما خلصنا ... ؟؟؟ في اليوم نفسه شفت منال و انفتحت سيرة الموضوع و طبعا كانت مرتاحة لأنه انتهى على خير ... لكن ... و أنا أتذكر نظرة أخوي الأخيرة ... أكاد أجزم ... أن الموضوع لسه فيه مفاجآت ثانية ... و انتوا موعودين !! ********************* |
![]() |
مشاركة الموضوع: |
|
![]() |
||||
الموضوع | الكاتب | القسم | ردود | آخر مشاركة |
قلبي يحن .... | دعاء | دعاء ومناجاة | 3 | 26/10/2011 11:05 AM |
اين قلبي ....اين قلبي | شدوى | قصص حقيقية | 7 | 08/09/2011 06:43 PM |
هذا قلبي | العزيزة | شعر و أدب | 5 | 31/03/2007 04:01 PM |
عاكسها فدعت عليه فاستجاب الله دعائها !!! | عاشق الحق | قصص حقيقية | 3 | 08/06/2006 02:54 PM |
|